الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلس حكماء.. غيّبوا فيه النساء

امال قرامي

2013 / 2 / 26
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي


تخوض النساء في بلدان الربيع العربي معارك متعدّدة لعلّ أهمّها إكتساب الحقّ في المواطنيّة الكاملة لاسيما بعد ظهور مؤشرات تثبت مسلكا نكوصيا يريد الحدّ من مكتسبات النساء، والعودة بهنّ إلى مؤسسة الحريم. ولئن اعتبرت المرأة التونسيّة أنموذجا يقتدى فإنّ ما جرى خلال السنتين، يُقيم الدليل على أنّ السعي إلى التراجع بمنزلة النساء سمة مشتركة بين جميع المسؤولين عن المسار الانتقالي.
فبعد تهميش حضور النساء في تشكيل الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة ، واستبعادهن من وسائل الإعلام والحوارات السياسية ، فوجئ الرأي العامّ بتشكيل السيّد حمّادي الجبالي مجلس حكماء لا وجود فيه للنساء. وهو أمر يثير أكثر من تساؤل حول النظرة إلى النساء فهل نحن إزاء مواطنين يتمتّعون بكامل حقوقهم، ومواطنات في مرتبة أدنى ؟ هل أنّ إدارة الشأن السياسي في هذه المرحلة الدقيقة والمتأزمة التي تمرّ بها البلاد، أضحى شأنا ذكوريّا لا تستشار فيه النساء عملا بقول ابن المقفع"إياك ومشاورة النساء، فإنّ رأيهن إلى أفن ؟ ولئن كنّا واعين بعودة التمثلات الاجتماعية والدينيّة فإنّ رئيس حكومة ادّعت أنّها حكومة جميع التونسيين والتونسيات قد برهن بتشكيله هذا المجلس ،على تصوّر تقليديّ لمفهوم السياسة ولموقع النساء في المجتمع يتعارض مع بناء الديمقراطية.
فبالرغم من دخول التونسيات معترك الفعل السياسي وسعيهن إلى أن يكنّ في مواطن صنع القرار إلاّ أنّ التجربة أثبتت رفض القيادات السياسية في أغلب الأحزاب، أن تكون المرأة في الصدارة، وإن أقرّ بعضهم بأنّ صياغة رؤية سياسية لابدّ أن يشترك في وضعها الرجل والمرأة.
وبيّن أنّ البنى الذهنية لا تنظر إلى النساء على أساس أنّهن مؤهلات لإبداء الرأي في الشأن السياسي واقتراح الحلول الملائمة، والحال أنّ التاريخ يثبت دور كاهنات العرب ، وحكيمات العرب في تغيير مجرى الحروب ، فضلا عن تولّي عدد من النساء إدارة الشأن السياسي لعلّ أهمّهم بلقيس، وشجرة الدرّ والملكة أروى وغيرهن .
غير أنّنا نعيش اليوم انتعاشة المؤسسة البطريكية التي تروّج لنقصان عقل المرأة ، وللفصل بين معارف الرجال ومعارف النساء، وهندسة الفضاءات وفق معيار التمييز بين الداخل والخارج، العمومي والخاص... ونذهب إلى أنّ وراء إقصاء النساء من إبداء الرأي في إدارة الشأن السياسي تصوّرا يسترجع آراء السلف حين اعتبروا أنّ النساء خلقن من الضلع الأعوج ومن صفاتهن ركاكة العقل أمّا الرجل قد تميّز ب"الذكورية وهو مظنة الشرف والكمال ولهذا تختص الذكور بالولايات في السياسات والشهادات والأقضية والأموال دون النساء. فإنّهن ربات حجر وخيارهن ناقصات عقل ودين . (القرطبي،الجامع لأحكام القرآن)
لقد تعالت أصوات النساء بعد الحراك العربي، وقررن خوض معارك متعدّدة إيمانا منهن بأنّ تغيير منزلتهن هو جزء من معادلة التغيير، ولكن بموازاة تلك المعارك كان لابد على القوى السياسية والاجتماعية الداعية إلى تحرّر المرأة والداعمة لمبدأ المساواة بين الجنسين، أن تسعى إلى التأثير في الواقع الاجتماعي الذكوري بغية تغييره.
ولعلّ تعبير التونسيات عن غضبهن وإصرارهن على تغيير هذه المواقف التي تستهزئ بمواطنيتهن وكفاءتهن يكشف عن وعي جديد بدأ يتشكل عند أغلبهن، وعن يقظة.لقد أخذت التونسيات يُلفتن النظر إلى طبيعة ما طرحنه من أفكار وتصورات ووجهات نظر، وبرهن على قيمة ما يمكن أن يضفنه في هذا المجال، وبالشكل الذي يثري ويدفع نحو نقاشات جادة، تدار بطريقة جديدة ومختلفة عن السابق.
ولكن تبدو معركة تحرير الإنسان، وترسيخ قيم الثورات (الكرامة، المساواة، العدالة..) صعبة طالما أنّ المسؤولين عن إدارة الانتقال الديمقراطي يصدرون عن عقليّة ماضويّة. فأنّى لمن آمن ب"خالفوا النساء فإنّ في خلافهن البركة أن يصغي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
وليد حنا بيداويد ( 2013 / 3 / 28 - 13:47 )
تحية، هؤلاء غيبواالنسوة لانهم ارادوا ان يمنحوها الامان والحقوق، هاهاهاها ارادوا ان يحقق لها حقوقها الاسلامية ، مهزلة ما بعدها مهزلة، هناك من يطلع علينا بلسان طويل و يقول لنا ان الاسلام منح المراءة حقوقها، نعم عندما ساواها بالكلبة والحمار وانها تقطع الصلاة عندما تكون حائض وما شابه من هذه الامور، اما عن حقوقها عندما ساوى امراتتين برجل واحد فى الشهادة والميراث، يا عظمة الاسلام وكتابه المنزل والمحفوظ.
يا اختاه انهم ينتقدون الاخرين وفى عيونهم خشبة .

اخر الافلام

.. خارج الصندوق | عشية الانتخابات.. ماذا لو فاز ترمب أو هاريس؟


.. ترمب يحشد أنصاره: قولوا لكامالا إنكم مللتم.. أنتِ مطرودة




.. مسيرة للمثليين في بوينوس آيرس تظاهر المشاركون فيها ضد سياسات


.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق




.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م