الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكثرنا استعجالاً للموت

نصيف الناصري

2013 / 2 / 26
الادب والفن



صلاتنا على القتلى


ندى عظيم نعبره خفْية مع خلايا النحل ، وننحدر مع قرابيننا
صوب شهامات الموتى . تحت كلّ صخرة تفصح عنها شجرة
كستناء ، ينتصب إرث لميت ، ويجهض الصمت في الآبار ،
وإرثنا الضائع في المخازن التي كرهت قضمها للأسرار ،
يحافظ على بؤسه ويكافح الفظاظة . ذهبوا يتحدثون مع مّن
غزوهم في سنوات التعدّي ، وخلّفوا لنا هذه هذه النفاية المتكلّفة
والمبذورة للثارات . أعمالهم انتهت في رقابة الجروح لحيواتهم ،
ولا بد لنا الآن أن نقوم بتغطية وجوههم بالزنابق . عوداتهم
المرعبة في ليل زرائبنا ، وتلويحهم بحروب غير متوقعة ،
وقلاقل ، فوق أسوارنا الصدئة ، تمنعنا من اتخاذ أيّ قرار
بالمعركة . حثالة تُجهز نفسها بالضعة ، وتقْدم على الأفعال
الخسيسة دائماً ، ونحن لم يبق لنا أيّ رصيد . يدنو الفجر من
مقابض أبوابنا ويغرق المراكب ، ويكمن الهلع الأدهم لنا بين
سلالم المعبد ، والذوبان المرّ للزمن . خواء أشدّ عراكاً من
ما نحاول نسيانه في صلاتنا على القتلى .





أكثرنا استعجالاً للموت






تتهدّمُ في الثمرة المتصدّعة لعمل الخليقة ، الإرادة
وتتهامس حشرات فظَّة في ماهية الانسان .
يُسلط العدم علينا رعايته الشاذّة ، ويغرس حول
مصائرنا ، تهكماته بخشوع . حكاية مليئة بمغريات
وأمثال نتمثّلها ولا ننزعج في يأسنا مع المحتضرين .
غنائم الصيف التي ننقلها بالمراكب من قبر الى آخر ،
تفضحُ كلّ مسعى لنا في اندفاعتنا صوب فضيلة ما .
يُهزمنا الأمل في الظلمة الوافرة للوجود ، وأكثرنا
استعجالاً للموت ، هم العشّاق الذين يعفون أنفسهم
من الواجب . عدالة تتهاون في سهرها بين الصليات
الدقّاقة للندى في سرير عوالم الفوضى . لا علامات
هادية في ظهيرتنا المضطرمة ، ولا نيران تنبثق منها
أحلامنا في الوصول الى أرض عبير مُعيّن ، وأولئك
الذين يتألمون في الندم الهزيل لشيخوختهم ، يتحرّكون
بعنف ضدّنا جائلين الليل كلّه ، وينصبون استرحام
موتهم في الجادّات التي تدفعنا الى وميض الشواطىء .






الأشياء الخسيسة




جفاف ثقيل يضرب حقولنا المغرمة بما يتعذَّر الهُيام بهِ ،
وشواطئنا المحتشمة ، يهدمها الشظف في الظهيرة القائظة .
لا عسل عندنا الآن ولا نبيذ ، وآفاقنا محجوبة بأشياء تُطيل
الفحش المُتْلف للجنائز . النحلة المتوقفة في تعفّن العافية
المدخنة لسنابلنا ، تغوص في برك ، تتسمّم فيها عصافير
النجوم ، وصلاتنا المتصلبة الى مَن نظنهم شفعاء ، نطلقها
بلا شفقة ، أو نبضات مأهولة بالحمّى . أسقام مترعة بنداوة
الموت ، تطوقنا بحماس ، وتلوّث الرذيلة أصيافنا السوداء
الجامدة . حصدنا في هبوب الكراهية والأشياء الخسيسة
ضدّنا ، عبّاد شمس كثير ، وقدّمناه تعزية الى إلهنا الوحيد ،
لكنّه خذلنا ولم يكن معواناً لنا في مواجهتنا لخشونة العظام .
أشجارنا تُبلى تحت الاحسانات المُغفّلة للحرّ الهائل ، ولا شيء
يحرّرنا من الشقاء المتلاف للوعد أو الحلم .







26 / 2 / 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب