الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى لا تخسر القضية الفلسطينية شعب مصر بسبب حماس

مصطفى مجدي الجمال

2013 / 2 / 27
القضية الفلسطينية


لم أجد مفرًا من التحدث في هذا الموضوع الشائك جدًا.

وأبدأ بأن أحدد المنطلقات الأساسية التالية:

(1) هناك وعي قوي لدى المصريين عمومًا بأن فلسطين قضية أمن قومي مصري بالدرجة الأولى. وعداء المصريين للدولة العنصرية الاستيطانية ليس محل نقاش، وبمستويات أزعم أنها لا توجد في أي بلد عربي آخر. وفي كل عائلة مصرية إما شهيد وإما من خاض تجربة القتال ضد العدو الصهيوني. والموقف من التطبيع مع العدو واضح.

(2) إن القوى الرجعية والعميلة للإمبريالية العالمية قد اعتمدت أساسًا في دعايتها الانعزالية على أخطاء القيادات الفلسطينية. فإذا كانت النظم العربية قد أمعنت التدخل في الشأن الفلسطيني بدعاوى مختلفة، فإن تدخلات فلسطينية معينة في الصراعات السياسية الداخلية بالبلدان العربية- لأسباب حزبية أو أيديولوجية أو براجماتية- لم ينتج إلا الكوارث على قضية الشعب الفلسطيني ذاته.

(3) لقد اشترك نظام مبارك الإجرامي في حصار وتجويع الشعب الفلسطيني في غزة، هذا أمر لا نقاش فيه، لكنه كان محل سخط ساحق من الشعب المصري الذي عبر عن تضامنه بكل الصور الممكنة رغم الاستبداد والقمع.. وكانت الأنفاق بين غزة وسيناء حلاً لتنفيث هذه الأزمة، غير أنها كانت في الوقت نفسه وسيلة لتهريب المخدرات والسلاح والسلع المدعمة والمسروقة والبشر، وأنتجت اقتصادًا سياسيًا مشوهًا أثرى عصابات وجماعات على الجانبين. وبعد ثورة 25 يناير، أصبح من الممكن تخفيف الحصار، وإن بشكل غير كافٍ طبعًا. إلا أن الوضع الأمني الرخو في سيناء، وفي مصر عامة، لا يبرر أبدًا محاولة فرض أوضاع معينة على الأرض تثير حفيظة الجيش والمواطنين في سيناء ومصر عامة، خاصة فيما يتعلق بفوضى السلاح، ونشاط العصابات الإجرامية منها والإرهابية الظلامية..

(4) ليس المقصود بالتدخل إبداء الرأي أو النقد أو حتى التضامن مع هذا الفصيل أو ذاك في البلد العربي المعني- وإن كان هذا أيضًا يجب أن يخضع لمعايير ومحاذير معينة- وإنما أقصد أساسًا التورط في أنشطة على الأرض، خاصة إذا كانت مسلحة.

أما عن الموضوع.. فهو في عجالة أن الثورة المصرية تمر بحالة استعصاء وقتي إثر استيلاء جماعة الإخوان على السلطة في مصر، بعد صراعات معقدة، وبمباركة صريحة من الإدارة الأمريكية وقبول إسرائيلي. ومن أهم أوراق الاعتماد التي قدمها مكتب الإرشاد في هذا الصدد أنه الوحيد القادر على "ضبط" تصرفات حكومة حماس في غزة، بما يضمن أمن إسرائيل في النهاية مقابل هدنة ضمنية لعشرة أو عشرين عامًا. وهو فيما أعتقد المطلب ذاته الذي تسعى إليه حماس.

يقوم التصور الإخواني- في مصر أو فلسطين سيان- على أن قيام الخلافة الإسلامية يحتاج إلى إلى فترة معقولة نسبيًا من أجل التمكين في السلطة وعلى الأرض.. وبعدها يكون لكل حادث حديث.. ولكن عقلية الهدنة أو المهادنة هذه تحتاج إلى تحقيق شيء على الأرض لإخراج غزة من أزمتها البنيوية الاقتصادية والسكانية.

وقد وجدت القوى المتآمرة على الشعبين الفلسطيني والمصري الحل الشيطاني في استدراج حماس وإخوان مصر عمليًا نحو فكرة وطن بديل للفلسطينيين على أرض سيناء.. مستفيدة في هذا من القيود المفروضة على حجم وتسليح وتحركات الجيش المصري فيها، ومن أيديولوجية الإخوان التي لا تعترف فعليًا بالدولة الوطنية، وتتحرك في أفق الأمة الإسلامية.

أما "الملاط" المستخدم في هذا المشروع التصفوي للقضية الفلسطينية فيتمثل في فكرة "السلام الاقتصادي" لأبيها الروحي شيمون بيريز، والتي كُلِّف المال القطري بتنفيذها في صورة "منطقة اقتصادية حرة" لتشغيل الفلسطينيين، والتي يمكن أن تتواصل مع منطقة أخرى بدأ التخطيط لها فعليًا حول قناة السويس، والتي تعتبر عنوان الشرف الوطني في جغرافية وتاريخ وثقافة الشعب المصري..

يتلهف مكتب الإرشاد، والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، على تنفيذ هذا المخطط بأسرع ما يمكن، كما تتصور قيادات حماس أن هذا هو السبيل لإخراجها من ورطتها التاريخية الحالية، خاصة أنه سيعفيها من دعوات المصالحة وصداعها.

يريد زعماء الإخوان في مصر من حركة حماس أن تقف معها بكل قوة وعند الحاجة ضد المقاومين لبرنامج الأخونة في مصر، خاصة أن هذا المخطط مازال يتعثر في مجال السيطرة على المؤسسة العسكرية، والمؤسسة الأمنية بدرجة أقل.. وبالفعل تتواتر المعلومات عن هذا التدخل، فلا أسرار في مصر، لكننا لا نحب إشاعتها بتوسع حتى لا تؤتي آثارًا سلبية على نفسية وتعاطف المصريين عامة، والقوى السياسية الوطنية بشكل خاص.

غير أن الأخطر يكمن في احتمالات المستقبل.. فمن المؤكد أن سلطة الإخوان ستتعرض في غضون عام لتهديد حقيقي، سلمي أم عنيف، مدني أم عسكري، منظم أم فوضوي.. ومن المؤكد أن الإخوان لن يقبلوا بالمرة التنازل سلميًا عن أي قطعة من السلطة استولوا عليها في ظروف خاصة.. ومن هنا تأتي خطورة التدخلات الخارجية..

ومن نافلة القول إن المصريين حساسون- ربما بشكل يراه البعض مبالغًا فيه- تجاه أي تدخل خارجي، حتى لو كان من أشقاء. وبوضوح أكثر فإن إقدام حماس على تغليب انتمائها الحزبي للإخوان على القواعد الرفاقية الثابتة للعلاقات بين الثورات والشعوب.. ستكون نتائجه وخيمة جدًا ليس على حماس فحسب، وإنما للأسف على مشاعر التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية.

لا أوجه حديثي هنا لقيادات حركة حماس، لأن الظن أغلب الظن أنها لا تستطيع التملص من أوامر مكتب الإرشاد والتنظيم الدولي، ولأن الصفقة المطروحة عليها يسيل لها اللعاب، ولأن تمكين الإخوان في مصر يفتح أمامها آفاقًا أوسع من محدودية غزة..

إنما أوجه حديثي لسائر أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، ولطلائعه السياسية المسئولة كي يتنصلوا من نزق حركة حماس في التعامل مع الشأن المصري، وخاصة الاشتراك في المقامرة الكبرى التي تقوم بها جماعة الإخوان في مصر الآن.. وإلا فإن الخسارة على مستوى تضامن الشعب المصري ستكون كبيرة، ولن يمكن استعاضتها قبل فترة غير قصيرة من الزمن..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المغامرات الحمساوية
عتريس المدح ( 2013 / 2 / 27 - 04:55 )
على مر عمر حماس كان الانماء الاخواني هو المتسيد في استراتيجياتها وتكتيكاتها، حيث كانت دائما تشكل قطبا مضادا خارجا عن الاجماع الفلسطيني، حتى في تلك اللحظات الحالكة في كلا الانتفاضتين الاولى والثانية اتبعت حماس نهجا عملاتيا في العمل السياسي والثوري كان يسير في الاتجاه المضاد لباقي القوى الوطنية والتقدمية في ساحة النضال الفلسطيني ضد الاحتلال، وساهم هذا في نتائج كارثية أدت إلى انقسام حاد في صفوف الجماهير الفلسطينية وحيث كان هنالك وجوب للقمع المباشر ضد حماس ولكنه لم يمارس ضدها إلا بطريقة ناعمة من قبل أطراف في السلطة الفلسطينية وليس من جميع أطرافها، حماس منذ النشأة كانت كالمسافر في سفينة مع آخرين و ارتأت أن تخرق أرضية السفينة في المكان الذي يخصها لتعم الكارثة على جميع الركاب، وكان من ضمن التكتيكات الاسرائيلية إبان الاحتلال المباشر للضفة الغربية وقطاع غزة هو غض النظر عن الاموال التي تتدفق إلى الجماعات الاسلامية لتقويها في وجه القوى والفصائل الوطنية، لن تخرج حماس عن الخضوع لتوجيهات الاخوان المسلمين حتى لو دمر الشعبان الفلسطيني والمصري فستبرر ذلك بمصلحة الاسلام والامة الكلي


2 - الامر مربك حقيقة
وافي محمد ( 2013 / 2 / 27 - 12:13 )
آسف يا عزيزي الكاتب و لكن ماذا تتوقع من الشعب الفلسطيني الذي تعرض لسنوات طويلة من الاضطهاد و مجازر لتطهير العرقي لأكثر من ستين عاما... آسف جدا عندما ارى أن القضية الفلسطينية انزلقت في هذا المنحنى السياسي الايديولوجي الذي يرتبط ببعض القوى المؤيدة الاسلامية في الدول العربية .لا أعتقد أن الشعب الفلسطيني يريد أن يتعلم ، و لهذا اختار حماس منذ سنين طويلة و انزلق في المازق و قد يحتاج هذا الشعب سنينا طويلة حتى يستطيع أن يخرج و يبتعد عن هذه الثقافة الكئيبة التي احاطت بوجوه القضية الفلسطينية.. ما أزعجني أكثر من هذا ان مصر الثورة .. مصر ام كلثوم اختارت الاخوان المسلمون و فاز رئيسهم الذي لا يعرف الفرق بين الغاز و الكحول .. نحن للاسف شعوبا عربية مازوشية بدلا من التمرد ضد الظلم نروح للظلم للاخر.. و لا نصرخ حتى يحترق أجيال أجيالنا .. و أحفاد أحفادنا..يا خسارة علينا و بس .. لا أعلم ماذا اقول و لكن الوجع و الألم و الاحباطات اصبحت بنظري كلها عربية و دون اي غضب أقولها.. أو دعني اقول صوت غضبي مكتوم..


3 - توسيع الرؤية لتطال الجذور الصهيونية
محمد البدري ( 2013 / 2 / 27 - 21:32 )
لو تاملنا في معني الصهيونية لاكتشفنا اننا في مصر نكافحها منذ الاف السنوات. فالهكسوس الذي اتت القبيلة العبرانية في ركابها (حسب اعترافهم في كتبهم التي ادعوةا بانها كتب الههم الذي اوحي لهم بها) كانوا صهاينة وكل من غزا مصر كان صهيونيا استيطانيا لا يحترم شعب مصر بل كان ينهب ويسرق شعبها وكان علي راسهم العرب. اؤكد لك يا استاذ مصطفي ان المصريين لم يكونوا اطلاقا عدوانيين علي احد بقدر ما كان جيرانهم معتدين عليهم وهادفين لنهب ثرواتهم. فالقضية الفلسطينية اصبحت اليوم وبسبب سلوك اهلها والعرب والعروبيين والمستعربين من امثال عبد الناصر قضية خاسرة لهذا خرج من رحمها من يحاول ممارسة الصهيونية القديمة مرة اخري، انقاذا لها وعودة الي جذورها، علي الشعب المصري الذي عاني اكثر ما عاني من الصهيونية اسرائيلية كانت أم عربية.


4 - المشكله أكبر من خسارة التعاطف
كنعان الكنعاني ( 2013 / 2 / 27 - 21:45 )
المشكله أكبر من خسارة التعاطف يا عزيزي الكاتب، إنها التيه في طريق حلزوني يودي بالمصريين والفلسطينيين وغيرهم إلى قعر من الرمال المتحركه سيمر زمن غير قصير قبل إدراك طبيعته. الجماهير العربيه بشكل عام لم تقرر بعد أن تلوي عنق تاريخها الممعن في التخلف، وهي لا زالت تراهن على سذاجة عواطفها الميتافيزيقيه في تقرير شؤونها الفيزيقيه. أخشى ما أخشى أن يخرج علينا قريبا نسل من دعاة العصر الربيعي الصحراوي ليقرؤوا علينا سورة تفضيل إسرائيل على العالمين ويأمروننا بالتوضأ ببول العجل المقدس، فهؤلاء قوم لا يجدي معهم التناصح بالعقل، وسيكون على جماهيرنا المنكوبه أن تأكل كثيرا من خبز أفران الإستبداد المقدس قبل أن تسفيق على تلوي أمعائها من الخبث المكدس.


5 - الي الاستاذ كنعان الكنعاني
محمد البدري ( 2013 / 2 / 27 - 22:55 )
اؤكد لك ان ما تتوقعه سيكون متحققا وسيكون العلاج ببول العجل بديلا لبول الابل كلاهما مستخرج من الكتب السماوية طالما الاخوان المسلمين والسلفيين وحزب شاس وولاية الفقية يتحكمون في المنطقة برعاية الصهوينية ورضا جميع الاطراف ودعائهم بتوفيق الله لها. آخر الاخبار ان السورة رقم 115 قد نزلت ويراجعها مشايخ الجماعة السلفية في مكة و قصر الاتحادية و قم من اجل صلاحيتها وعدم نسخها لما نزل قبلها.

اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-