الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم الأرض .. أيام الأرض

محمد أيوب

2005 / 4 / 3
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


تعرضت الأراضي الفلسطينية منذ فترة طويلة لعملية سلب منظمة ، حيث دأبت الحركة الصهيونية على ابتلاع الأراضي الفلسطينية بالتدريج ، فمنذ وعد بلفور الذي أعطى فيه من لا يملك وعدا لمن لا يستحق بغير سند من الطبيعة او التاريخ ، ظلت الحركة الصهيونية وضمن برنامج مدروس تعمل جاهدة على وضع يدها على الأرض الفلسطينية بدعم ومساندة من حكومة الاحتلال البريطاني ، فقد حصلت هذه الحركة على الأراضي التي بنت فوقها المسوطنات اليهودية من الأراضي الأميرية الخاضعة للمندوب السامي البريطاني ، كما قامت هذه الحركة بشراء بعض الأراضي عن طريق بعض السماسرة من غير الفلسطينيين ، ولعل أولى المستوطنات التي أنشئت في فلسطين هي مستوطنة نخلات يهودا في عام 1878 م وقد تلتها مستوطنة ريشون ليتسيون " رواد صهيون "* ، وتوالى إنشاء المستوطنات بالتدريج من خلال قضم الأرض الفلسطينية قطعة قطعة قبل الاحتلال البريطاني بفترة طويلة زمن الحكم العثماني ، ولكن وتيرة الاستيلاء على الأراضي تزايدت بشكل لا فت للنظر في عهد الانتداب البريطاني ، واستطاع الصهاينة إرساء قواعد دولتهم عن طريق إنشاء مؤسسات البنية التحتية مثل الجامعة العبرية ومؤسسة الكهرباء "روتنبرغ " ومؤسسة المياه القطرية ، كما أنشأت هذه الحركة الصنوق القومي " الكيرن كاييمت " والصندوق التاسيسي " الكيرن هايسود " .

ومع انلاع حرب عام 1948 بعد صدور قرار التقسيم الذي نص على قيام دولتين في فلسطين ، دولة لليهود وأخرى للفلسطينيين ، ولكن القيادات الإقطاعية وقتها رفضت القرار في وقت لم تكن فيه هذه القيادات قادرة على فرض شروطها ضمن المعادلة الدولية وظروف الضعف العربي وخضوع الدول العربية لرغبات ومشيئة بريطانيا وفرنسا ، فقد بلع الفلسطينيون الطعم ورفضوا قرار الأمم المتحدة مما شجع العصابات الصهيونية على الاستيلاء على أكثر من نصف الأراضي التي خصصتها الأمم المتحدة في قرارها للدولة الفلسطينية ، وبذلك حرمت الأراضي التي لم تقع تحت سيطرة اليهود من التواصل الجغرافي ، حيث خضع قطاع غزة لرقابة القوات المصرية في فلسطين ، بينما خضعت الضفة الغربية للسيطرة الأ ردنية إلى أن تم ضمها رسميا عام 1948 إلى المملكة الأردنية .

وفي عام 1949 م صدر قرار جديد حول تقسيم فلسطين ، وقد اغتيل الكونت فولك برنادوت على أثر ذلك ، فقد تمسك اليهود بالأراضي التي اغتصبوها خارج قرار الأمم المتحدة ورفضوا التنازل عنها ، وقد ساهمت اتفاقيات الهدنة التي وقعتها إسرائيل مع الدول العربية المجاورة على ترسيخ الواقع الجديد على الأرض ، وبقي قطاع غزة المنطقة الوحيدة التي تحمل اسم فلسطين ويحمل سكانها الجنسية الفلسطينية ، وبقيام ثورة يوليو في مصر انتعشت آمال الفلسطينيين في العودة وتحرير أراضيهم ، وبعد عدوان فبراير سنة 1955م على محطة السكة الحديد في غزة اندلعت مظاهرات تحالف فيها الشيوعيون مع الأخوان المسلمين تطالب بالتسليح والتجنيد وترفض مشروع التوطين ، وقد اطلق الجيش المصري النار على المتظاهرين في خان يونس وغزة مما أدى إلى مقتل بعض الأشخاص وإصابة آخرين ، وفي العدوان الثلاثي سقطت سيناء وقطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي حيث ارتكب الإسرائيليون مجزرة رهيبة في خان يونس قتلوا خلالها حوالي ثمانمائة شاب من خيرة الشباب ، كما سقطت بورسعيد تحت الاحتلال البريطاني الفرنسي على أثر التحالف الذي فرضته المصالح الاستعمارية بين إيدن وموليه وبن جوريون ، وقد ارتكب الإسرائيليون مجزرة كفر قاسم عشية العدوان الثلاثي لإرهاب عرب فلسطين داخل الخط الأخضر ، وبتدخل روسيا وصدور إنذار بولجانين الشهير الموجه ضد دول العدوان الثلاثي وضغط الجنرال دوايت ايزنهاور على كل من بريطانيا وفرنسا تم الانسحاب من بورسعيد في ديسمبر 1956 ومن سيناء في يناير 1957 ومن غزة في مارس 1957 ، لكن أحلام إسرائيل بالاستيلاء على كل الأراضي الفسطينية ظلت تراودها إلى أن وقعت حرب حزيران وهزيمة الدول العربية في هذه الحرب ، وبذلك نشأ واقع جديد في المنطقة حيث أصبحت فلسطين التاريخية خاضعة بكاملها للاحتلال الإسرائيلي ، ليبدأ مسلسل جديد من قضم الأراضي الفلسطينية عن طريق إنشاء المستوطنات بعد حرب أكتوبر التي حققت فيها الجيوش العربية نصرا عسكريا تم إجهاضه سياسيا ولم يتم استثمار هذا النصر بما يتناسب مع حجمه .

وفي عام 1976 م ، وفي الثلاثين من مارس منه اندلعت مظاهرات ضخمة في سخنين وغيرها من قرى ومدن الداخل احتجاجا على مصادرة الأراضي العربية ، وقد أطلق الجيش الإسرائيلي النار على المتظاهرين مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء ، ومنذ ذلك الحين أصبح الاحتفال بيوم الأرض تقليدا وطنيا فلسطينيا ، ولكن هل توقفت سياسة مصادرة الأراضي لبناء المستوطنات عليها داخل الخط الأخضر وفي غزة التي لا تتسع لسكانها وكذلك في الضفة الغربية ، حتى أن ما تمت مصادرته من الأراضي الفلسطينية بعد قيام السلطة الفلسطينية فاق كل ما تمت مصادرته طيلة فترة الاحتلال التي سبقت قيام السلطة ، ولعل جدار الفصل العنصري خير دليل على مدى نهم الحركة الصهيونية ورغبتها في ابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية ، وقد حصلت السلطة الوطنية الفلسطينية على قرار من محكمة العدل الدولية ، هذا القرار له قيمة معنوية كبرى ، ولكننا لم نحسن استثماره ، وربما تم إهماله بوضعه على الرف ضمن جملة القرارات التي صدرت عن محافل دولية مختلفة لصالح الفلسطينيين في العقود السابقة ، ترى هل يكفي أن نحصل على قرارات لا نحسن تفعيلها أو الاستفادة منها ، لقد أصبحت أيامنا كلها أيام الأرض ، لأن الأرض تسلب بصورة شبه يومية ونحن نتصرف وكأن الأمر لا يعنينا ، أو كأننا فقدنا البوصلة ولم نعد نستطيع أن نحدد اتجاهاتنا أو أن نحدد ما نريده بالضبط ، يجب علينا أن نحدد ما نريده بوضوح ، وأن نحدد الوسائل الملائمة لتحقيق ما نريده بطريقة نستميل بها العالم إلى جانب تبني مطالبنا ، وليس عيبا أن نستفيد من تجربة الطرف الآخر الذي أجاد فن اللعب على جميع الحبال واستفاد من التناقضات الدولية ليسخرها لخدمة مخططاته على الرغم من قناعاته بأنه أخذ ما لاحق له فيه ، وعلى الرغم من قناعتنا وقناعة العالم بأننا على حق ، لكننا في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء ، لأن الحقوق تؤخذ ولا تمنح .

* " المختصر في جغرافية فلسطين ، للأستاذ حسين روحي مفتش المعارف بفلسطين ، سنة 1923 م "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر