الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤسسة الذاكرة العراقية - مقترحات لإغناء المشروع

كامل السعدون

2005 / 4 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حقيقة ...أبهجني للغاية هذا الجهد الشريف الرائع المتميز الذي قام ويقوم به السيد كنعان مكية ورفاقه من واشنطن في تجميع شظايا الذاكرة العراقية ولّمّ نتف النسيج الذي أوشك أن يضيع بسبب الفوضى التي ضربت أطنابها في العراق عقب التحرير ، ثم لاحقا تدفق الإرهابيين العربان السلفيين على بلدي وتلاقح مشروعهم مع مشروع البعث المقبور ، وجهدهما المشترك لتزييف الذاكرة العراقية وأستنزاف الحسرات الذليلة من بعض العراقيين على زمن القهر الذي ولى .
جهدٌ مبارك تجلى في أستئجار ساحة الأحتفالات لأقامة نصب الشهيد العراقي ومتحف الذاكرة العراقية ، والحقيقة لا أعرف بالضبط ماذا سيقام ، وكيف سيكون العرض وتفاصيل المتحف ، إنما لي ملاحظات في هذا الباب ، أود أن أدلي بها عسى أن تجد الأهتمام من لدن المنظمين للعمل كما والحكومة العراقية الشرعية القادمة ، هذا إن لم يكن هذا الذي أقوله أو بعضه ، واردٌ في صلب برنامجهم ، إنما هو رأي سبق أن طرحته قبل التحرير بفترة وأكرره هنا :

1- يجب أن يكون المشهد بأكمله بانوراميا حيا بأقصى قدر من الحيوية ، بمعنى أن تصنع تماثيل شمعية وأجواء مسرحية بانورامية لكافة تفاصيل المشهد ، فمثلا ركن لسجن معتم مظلم بكافة تفاصيل السجون الصدامية السرية وبكامل أجوائها ، مع تماثيل شمعية لبعض السجناء وحبذا أن يكونوا حقيقيون وممن لا زالوا أحياء بيننا ( هذا إن وُجد مثل هؤلاء ) ، كذلك أجواء ساحات الإعدام مع تماثيل للقتلة الذين كانوا يمارسون إعدام العراقيين ، مع تماثيل شمعية لبعض من أعدموا حقا .
كذلك يجب أن تكون هناك أماكن خاصة ، لمتحف الأدوات التي أستعملت في تعذيب العراقيين ، وحبذا أن تكون تلك حقيقية مما وُجد في سجون النظام عقب سقوطه ، ويستحسن أن توضع ضمن المشهد البانورامي الحي ، أي مع بقية أجواء التعذيب وبوجود تماثيل شمعية لوجوه حية لأناس من الجنسين تعرضوا للتعذيب الصدامي ، لا أن تعلق أو توضع في ( فاترينات ) عرض كأي تحفة ذات قيمة تاريخية .

2- بانوراما لحياة أسرة عراقية من الجنوب أو الشمال ، بكامل تفاصيلها وأجوائها في ظل البؤس الذي كانت الأغلبية تعاني منه أيام صدام حسين ، مجمل تفاصيل مشهد البيت العراقي الريفي البائس في البصرة أو الناصرية أو العمارة أو حلبجة أو بنجوين ، أدوات الطهي العتيقة البالية ، الأنارة البدائية ، كيفية جلب الماء من النهر القذر ، كيف تبكي الأم ليلها ونهارها على الغائب أو المعدوم ، مشهد لحظة الأعتقال وكيف دخل كلاب البعث على البيت البائس وأخذوا الصبي ، وكيف تشبثت أمه به وضربها رجل الأمن بعقب البندقية ، جميع هذا في بانوراما حية بالشمع والأدوات والمواد الطبيعية ، وبكامل الأجواء التي كانت فعلا قائمة في أغلب البيوت العراقية .

3- ركن آخر فسيح من بناية الذاكرة يخصص لأزلام النظام ، مستوى حياتهم ، فسادهم ، الأجواء التي كانوا يعيشون بها ، نمط اللهو السادي الذي كانوا يمارسونه ، كيف يغتصبون العراقيات ( مع الأحتشام في المشهد وأقتصاره على بكاء الصبية العراقية والفجرة يجرجرونها صوب العاهر عدي أو شقيقه أو الأب ذاته ) ، تماثيل شمعية لأزلام النظام مع التركيز في الملامح على جوانب القسوة والفسق التي كانوا عليها ، ثم وضعهم بالكامل في أجواء فسقهم وقسوتهم .
يحبذ أن تجمع بعض قطع الأثاث الحقيقية والمجوهرات التي كانت تمتلكها العائلة الفاسدة ، ووضعهم بتماثيل شمعية في أجواء فجورهم وترفهم الملوكي الفاسق .

4- طبعا هناك الوثائق التي وجدت وهي بالملايين من الصفحات ، في تصوري تلك الوثائق يجب أن تحفظ بطريقة إبداعية ، بحيث تدخل ضمن المشهد الدرامي ، كيف ...؟
يجب أن تصنف الوثائق على أساس المجرم الذي أصدرها او الذي وُجهت له ، فوثائق المجرم صدام وهي الرئيسية في مجمل الوثائق ، توضع في حجرة خاصة تسمى مكتب الرئيس المقبور ، وفي هذا المكتب يطالع الزائر ، صدام حسين ( تمثال شمعي ) وهو جالس إلى مكتبه وخلفه على الحائط صور أبرز الشهداء الذين أمر بإعدامهم ( محمد باقر الصدر ، طالب السهيل ، بنت الهدى ، مهدي الحكيم ، راجي التكريتي ، مظلوم الدليمي ، وغيرهم من الزعماء العراقيون من مختلف أثنيات الشعب العراقي ) ، على المكتب ، مصباح وبضعة أوراق ومسدسه الشخصي ، أمامه وحوله صور ضحاياه ، وفي بقية أركان المكتب أكداس الملفات التي تتعلق بجرائم صدام حسين .
كذلك الأمر مع بقية عناصر النظام الأساسية من قائمة الخمسة وخمسون .

5- بانوراما قصف حلبجة بالأسلحة الكيماوية ، وبانوراما للمقاومة في الأهوار وكيف قمعها النظام بقصفه لها بالأسلحة الكيمائية ، كذلك عمليات تجفيف الأهوار .
جميع هذا في مشاهد بانورامية حية بالكامل ، كذلك بانوراما الحرب العراقية الإيرانية وغزو الكويت ، مع مشاهد خاصة من جرائم هذين الحربين ، من قبيل عملية جلب الأسرى المدنيين الكويتيين وإعدامهم ، أو عمليات قصف المدن الإيرانية بالصواريخ بعيدة المدى .
طبعا في بانورامات جرائم الخارج ، يمكن للقائمين بهذا العمل طلب المساعدة من الدول المذكورة ( إيران والكويت وغيرها ) .
أخيرا بانوراما إنتفاضة آذار المجيدة وكيف رد النظام عليها ، ومشهد قصف النجف ومراقد الأئمة بالصواريخ ، جميع هذا يجب أن يوثق بشكل بانورامي كامل .

6- بانوراما عملية تحرير العراق ، الفوضى التي حصلت ، الحرائق ، جرائم الأغتيالات التي قام بها البعثيون ، تماثيل حية لأبرز الشهداء الذين سقطوا ، عقيلة الهاشمي ، الحكيم ، عز الدين سليم ...الخ .
بانوراما للجرائم الإرهابية التي حصلت عقب التحرير ، جريمة كربلاء ، أربيل ، الحلة ، حي العامل ...الخ .
مشاهد قطع الرؤوس ، الأختطافات ، المخدرات والخمور التي وُجدت في أقبية الإرهابيين ...الخ .

7- قوائم وصور الرموز الصدامية العربية والأجنبية التي شاركت في ذبح العراقيين إبان حكم صدام حسين وما بعد سقوط صدام حسين ، مثل القرضاوي وبن لادن والزرقاوي وصحفيوا ومحاموا الأردن ومصر وغيرهم ، مثل عطوان والخصاونه و...الخ ، كذلك يحبذ أن توضع صور وتفاصيل عمليات الأرتشاء وسرقة الثروات العراقية التي قام بها المئات من العرب والأجانب من برلمانييون ورؤساء وزارات ووزراء وقادة أحزاب وغيرهم .

8- متحف تكريم الشهداء وضحايا التعذيب والقهر :
في هذا المتحف ، أرى أن توضع صور كافة الشهداء والذين يتجاوزون النصف مليون شهيد ، بشكل كريم أنيق مع باقة ورد أمام كل شهيد أو معذب وكذلك شموع ملونة وأجواء قداسة أخرى من بخور وغيره ، وحبذا لو توظف في هذه المهمات بعض المتطوعات من السيدات العراقيات من المتخصصات بالمتاحف ، فليس كالسيدة العراقية جدارة في إدارة أجواء القداسة لشهداء الوطن ، لأنها هي ذاتها من لم يجف دمعها ولم تنسى الشهداء ابدا .
وكذلك أرى أن يصار لحفظ بقايا الشهداء من ملابسهم أو أحب أشيائهم التي تخلفت بعدهم ، في فاترينات زجاجية أنيقة توضع على مقربة من صورهم ، وإن كان ذلك مستحيلا قياسا للعدد الكبير من الشهداء ، فيكفي أن نأخذ جمهره خاصة من أبرز الشهداء ، كالحكيم وعارف البصري ومظلوم الدليمي والشيخ السهيل و...و...و...الخ .


ما الجدوى من متحف وبانوراما المشهد الصدامي المرعب :

_____________________________________

1- هناك الملايين من العراقيين ، لم يكونوا يعرفون ما كان يفعله النظام الصدامي ، اوإنهم لم يكونوا يريدون أن يعرفوا ، وأظن أن الفرصة الآن سانحة جدا لهم للتعرف على حقائق كانت مغيبة عنهم أو كانت تفسر لهم بشكل مستساغ ، من باب الهوية الوطنية وعروبة العراق و..و...الخ .
جميع هؤلاء يجب أن يعرفوا الآن بشكل لا لبس فيه وبمنتهى الوضوح والجلاء والحيوية ، تلك الجرائم التي كانت خافية عليهم ، بل ولا زالت خافية عليهم ، لأن التحرير حصل بأيد غير عراقية ، وبالتالي الحضور الأمريكي في الشارع العراقي ، أفسد فرصة التعريف بحقيقة النظام ووجد البعثيون والسلفيون فرصة وضع أنفسهم ونظامهم المنهار ونمط حياتهم وحياة العراقيين في زمن هذا النظام وكأنها كانت حياة طبيعية لا ظلم فيها ، أو حتى كان ظلمها مبررا ، بدليل هذه الفوضى وهذا الحضور الأجنبي الكثيف في الشارع والحياة والسلطة في العراق .
مثل هذا التعريف مهم جدا لشد لحمة النسيج الوطني العراقي التي كادت تتمزق ليس بسبب صدام حسب ، بل وبسبب من كان صدام يحتضنهم من فقهاء الإرهاب والذين نشطوا بقوة عقب سقوط النظام تحت ذريعة الإحتلال الأمريكي ، متناسين جرائم صدام ، بل وساعين للتعتيم عليها .
من الضروري أن يعرف كل العراقيين حجم الظلم الذي كان واقعا على بعضهم وهم جاهلين أو متجاهلين .

2- الكثير جدا من العرب والأجانب ، لا يعرفون أبدا ما كان يفعله صدام حسين ، ولا زالوا وسيبقون كذلك ، طالما أن إعلام ما بعد التحرير لم يكن قويا متماسكا ، وطالما لا زال الأمريكان عندنا وهم بعرف العالم والقانون الدولي محتلين لا محررين .
...كيف نعرف الناس بحقيقة النظام الذي تواطؤ معه دهرا ضدنا ؟
من خلال هذا المتحف وتلك المساحة البانارامية الهائلة التي نحلم أن نوثق بها حقبة الخمس وثلاثون عاما العجفاء التي عشناها .

3- أجيالنا القادمة ، أبنائنا ، بناتنا ، ذوو الشهداء والمعذبين ، يجب أن يروا صور أبناءهم ومشاهد تعذيبهم ، ثم مشاهد تكريمهم من خلال تعليق صورهم بشكل كريم في قاعة خاصة وأمام كل واحد منهم باقة ورد وشموع .
يجب أن لا تموت الجريمة لكي لا ننسى ولكي يعرف من لم يكن يعرف حجم وهول الجريمة التي أرتكبها النظام الفاشي عبر عشرات السنين من حكمه .

4- هناك جانب إستثماري في البانوراما وقاعات حفظ الذاكرة ، الأسرار والصور والرموز والوثائق ، ستستقطب السياح من كل مكان في العالم ، ومثل هذا سيعود على الخزينة العراقية بمال وفير جدا ، إذا ما تدفق السياح من كل مكان من العالم لرؤية بانوراما الرعب الفاشي الصدامي .
في تصوري أن ريع هذه البانوراما وذلك المتحف وتلك الأبنية التي ستخصص للذاكرة العراقية ، ينبغي أن يذهب بالعدل والقسطاس لذوي الشهداء وضحايا القمع الصدامي ، وبشكل دوري كل عام ، وحبذا لو تؤسس شركة أستثمارية لإدارة المشروع بإشراف وزارة حقوق الإنسان ووزارة العدل العراقية ونقابة المحامين .

5- أود بذات الآن أن أشير إلى أن من الضروري جدا التمييز والفصل التام بين صدام حسين وخلفيته الطائفية ، بحيث لا يشار من قريب أو بعيد إلى مسألة سنة وشيعة في أي من المعروضات ، لأن صدام حسين مجرمٌ متفرد مستقل في خصوصيته الإجرامية وإنتماءه الحقيقي هو لذاته أولا ، وإذا كان قد قرب السنة أو كان يبدو عروبيا ، فهذا ليس جوهره الحقيقي أبدا ، ولا ينبغي أن يخلط بين الطاغية وعصابته وحزبه من جهة وبين إنتماءات بعضهم القومية أو الطائفية ، مما يعزز بالتالي الكراهية بين بعض العراقيين وأشقائهم في الوطن من الطوائف الأخرى أو مع أشقائهم في العروبة .
صدام وقف معه بعض السنة ووقف معه بعض العرب ، ولا يصح التعميم أبدا ، كما ولا يصح أن يتحول مثل هذا المشروع إلى حائط مبكى أو عاشوراء جديدة .

ختاما ...تحية كبيرة للسيد مكيه وكل من ساهم معه في هذا المشروع الكبير وأملي أن ينظر في هذه الآراء وينتفع في ما يمكن الإنتفاع به منها ، بذات الآن أود أن ألفت عناية الأخوة الأعزاء في كافة القوى والتنظيمات ومنظمات المجتمع المدني إلى ضرورة دعم السيد مكية بقوة ورفده بما تمتلك من وثائق يمكن أن تغني المشروع ، كما أتمنى على الحكومة والمستثمرين العراقيين أن يقوموا بدورهم الوطني برفد هذا المشروع بالمال والدعم الأدبي ليرى النور بأسرع وأبهى ما يمكن .
هذا المشروع العظيم يجب أن يشمخ في وسط بغداد بأقرب وقت ممكن ، ونتمنى له أن يكون حيا غاية الحيوية ، لكي يكون تذكرة وعبرة ومهمازا يحث على الأستمرار في طريق الديموقراطية التي لا بديل عنها أبدا لمن يريد لهذا البلد الخير والأستقرار ولهذا الشعب المظلوم سعادة ورفاه دائم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يتظاهر المعارضون لخدمة التاكسي الطائر في باريس؟ • فران


.. إسرائيل - حزب الله: أخطار الحسابات الخاطئة • فرانس 24




.. أحدها انفجر فوق شاطىء مكتظ.. لحظة هجوم صاروخي أوكراني على جز


.. بوريل يحذر من أن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع م




.. روسيا تستدعي سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على استخدام القو