الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عش الحياة

زيد الجرجفجي

2013 / 3 / 1
الادب والفن


يترنح تحت سماء أحزانه مجرجراً أشلاء افكاره نحو حجره القاتم المندثر بين طيات ذلك المنعطف الاخير فعساه ان يثمل بفكرة اخرى او ان يموت منتظراً ان يبعث من رحم يوم جديد بين احضان الصفيح التي يسميها " عش الحياة " ...
هكذا تسير به الحياة نحو كل شيء ولا شيء في كل يوم يعيشه و ساعة ، لكنه يعود من جديد ليفرغ أساه حبراً و افكاراً على اوراق سنينه المتساقطة كخريف ابدي لا يرضى الزوال ...
صباحٌ جميل جديد اغرقته انوار الشمس و وشته بنسيجها الذهبي الذي ستر عيوب يوم آخر من خريف عمره القاتم ... طلب كوب شاي من صبي القهوة الشعبية التي يرتادها كل صباح ليرطب آبار جوفه بكوب شاي او ربما قهوة اذا توافرت لديه النقود ... تلفاز القهوة الصغير كان يعرض انواء السماء التي اكدت على ان هذا اليوم المشمس سيتزين بلآلئ الخير على بلادنا ...
ناظر السماء من النافذة الصغيرة بجانبه متمنياً ان تهطل الامطار عسى ان تجلي شيئا من هموم ايامه الداكنة ... بدء يفكر بكيفية الاستفادة من مياه الامطار، اخرج قلما من جيبه و زاد من الخربشات التي فاضت بها الطاولة التي امامه و كما العادة قاطعه صبي القهوة طالبا ثمن الشاي ... و قبل ان يعيد ما تبقى من فكة النقود الى جيبه سمع صوتا يناديه من خارج القهوة ... خرج مسرعاً و اخذ بنظرة خاطفة صورة للسماء التي بدأت تتلبد بالغيوم شيئاً فشيئا ...
حياه الصديق و قال بعد تحيته :
- ان تمطر في هذا اليوم المشمس ... هذا اخر ما توقعته !!
رفع يديه الى السماء و قال بعد ان اخذ نفسا عميقا :
- سنرتاح قليلا من هذه الشمس المحرقة ...
- هذا ما يبدو ، لك عندي خبر يسرك
رمقه بنظرة اعياها التلهف ثم قال :
- و ما هذا الخبر ؟
فأجابه الصديق بنوع من الصراخ المهموس :
- لقد وافق مديري على تنفيذ فكرة مشروعك ... ( يقترب منه و يخفض صوته ) و يريد منك ان تحضر ملف المشروع و تأتي الى الشركة للاتفاق على اليه التنفيذ ...
تمادى الصمت في سطوته على الاثنين قبل ان يكسره صوت " تكتكة " المطر على زجاج نوافذ القهوة ... تنهد قليلا ثم همس يقول :
- أ أنت جاد ؟
قال مبتسماً :
- اذهب و احضر الملف سأنتضرك في الشركة بعد ساعة ..
نظر اليه لبرهة ثم بدأ يركض مسابقاً الامطار التي بدأت تنهمر كشلالات من بين ابواب السماء .. سيارات الاجرة لا تقله فالامطار غزيرة و الكل يريد العودة لمنزله إلا هو فقد استمر يعدو و يعدو ... تزايدت الامطار مع تزايد دقات قلبه المنهك لكنه يجب ان يصل انه حلمه سيتحقق بعد سنوات و سنوات من العمل ... اجل انه المنعطف الاخير قبل ان يصل لعش حياته المتناثرة ... كان يركض بشدةٍ و تفاني يسابق روحه التي تسبق الجسد و الامطار لكنه فجأة توقف كما تقف الساعة عن العمل ... جثى على ركبتيه و بدا كأن الرياح العاتية اسقطته من اعلى السماء مع المطر المنهمر...
امتزجت دموعه بدموع السماء و هو يشاهد حفنة من الاوراق تطوف فوق ماء المطر المتراكم و تنسل من داخل كومة من الصفيح المتهالك بين احضان المطر ...
انقشعت الغيوم و بدا قوس المطر جليا فوق ركام احلامه المهدمة ... رفع بصره الى السماء متعجبا و كأنه يشاهدها لأول مرةٍ بلونها الحقيقي ...
__________________________________________________

فبراير 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?