الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب رجعية على الشّعب العربي في سوريا

حزب الكادحين في تونس

2013 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



قام الشعب العربي السوري قبل عامين بانتفاضة مشروعة تنادي بالتحرر والديمقراطية غير أن الامبريالية الأمريكية والأوربية سرعان ما اقتنصت الفرصة فحولتها بسرعة إلى حرب رجعية خدمة لمصالحها ومصالح الكيان الصهيوني والرجعية العربية و اليوم فإن ما يجرى في سوريا لا علاقة له بالانتفاضة و إنما هو حرب رجعية تستهدف السيطرة على سوريا وعموم الوطن العربي .
و في المقابل قامت روسيا بتوظيف كامل قوتها لمجابهة المخطط الأمريكي الأوربي و جرت إلى جانبها الصين لإدراكها أن تلك الحرب تستهدف مصالحها الجيوإستراتيجية و قد استعرضت قوتها و نظمت مناورات ضخمة غير مسبوقة في البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل السورية و أبقت قطعا حربية بشكل دائم هناك و لا تزال تدعم النظام السوري سياسيا و عسكريا وهي تعتبر انه لا حل للازمة بدون موافقتها و يتمسك الروس و الصينيون بإعلان جنيف و يرفضون كل تدخل عسكري غربي و في الأيام الأخيرة قامت روسيا بمحاولة جدية لتحييد الأردن الذي أصبح ينظر بحذر إلى قطر التي تدعم الجماعات الدينية في المملكة الهاشمية و هناك حديث عن إقامة مصنع روسي ضخم للأسلحة في الصحراء الأردنية .
إن القوى الامبريالية التي اتحدت إلى حد كبير خلال الحرب في العراق و ليبيا أصبحت منقسمة أكثر فأكثر في علاقة بسوريا و هذا ما يصح حتى على فرنسا وأمريكا فبينما تدعم الولايات المتحدة "الجيش الحر " دون تحفظ و تركز بطاريات صواريخ باتريوت في تركيا فإن فرنسا تعيد النظر في حساباتها و تقترب أكثر فأكثر من الموقف الروسي و الصيني.
وغدا واضحا اليوم أن ما يجري في سوريا حرب تشترك فيها عديد الدول التي تتسابق من أجل إعادة التموقع والانتشار على الخارطة العالمية وهو ما لا ينفيه مثلا وزير خارجية السعودية الذي اعتبر المعركة في سوريا معركة عالمية فإمارات الخليج وأمريكا و الاتحاد الأوربي و الكيان الصهيوني و تركيا وروسيا والصين أطراف فعلية في هذه الحرب التي تنتشر مراكز تدريب مرتزقتها في بلدان عديدة مثل ليبيا و مصر و أفغانستان وباكستان و مالي و الجزائر و اندونيسيا وتونس و إمارات الخليج و في مرحلة ثانية يتم تجميع هؤلاء في بلدان مثل تركيا ولبنان و الأردن و من هناك يتم إدخالهم إلى سوريا و تصرف لهم رواتب ضخمة و يتم تسهيل دخولهم و خروجهم خاصة عبر الأراضي التركية و بالتالي فإن ما يجرى في سوريا ليس حربا أهلية بل حرب رجعية عدوانية خارجية ممولة من قبل قوى إقليمية و دولية و هي تعتمد بشكل خاص على المرتزقة القادمين من مختلف البلدان و قد اعترفت وزارة الخارجية الاسترالية بأن حوالي مائة مقاتل من استراليا يحاربون في سوريا منذ 2011 وعندما يتطلب الأمر تدخلا مباشرا و معلنا فإن الطائرات التركية أو الصهيونية لا تتردد في قصف المواقع السورية و هو ما حدث عديد المرات .
وهناك محاولات متكررة لتوسيع نطاق الحرب لكي تشمل المقاومة الفلسطينية واللبنانية و قوات الدفاع الشعبي التابعة لحزب العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي الكردي و قد جرت معارك طاحنة في مخيم اليرموك و المناطق الكردية .
و تحاول الامبرياليات الغربية و الرجعية الخليجية ترجيح كفة " الجيش الحر " لذلك تدعمه بالمال و السلاح و توفر له غطاء سياسيا فقد أرسلت السعودية كميات كبيرة من الأسلحة الموردة من كرواتيا و قامت قطر بتوفير عربات عسكرية متطورة ومولت تدريب و نقل المرتزقة بينما شحن الأمريكيون صواريخ مضادة للطائرات وعربات مدرّعة و رصدوا أموالا ضخمة ويعقد هؤلاء بين الفينة و الأخرى مؤتمرات دولية تحت مسمّى " أصدقاء سوريا " لمزيد تنسيق جهودهم و غلق الملف السوري الذي ظل إلى حد الآن و بعد عامين من بدء الحرب مفتوحا .
وعلى صعيد العمليات العسكرية فإن المحاولات المتكررة لاقتحام العاصمة دمشق و الوصول إلى ساحة العباسيين باءت حتى الآن بالفشل لذلك يحاول المخططون الإستراتيجيون الامبرياليون تشتيت الجيش السوري و إبعاده عن العاصمة بتركيز انتباهه على محافظات بعيدة مثل ادلب و دير الزور و حمص ودرعا حتى تسهل السيطرة على العاصمة و قد اكتفى الجيش السوري بالتمركز في الأماكن الاستراتيجية و توجيه ضربات مركزة للقوات المعادية في الأرياف مما منعها من احتلال مراكز المحافظات وإقامة قواعد ارتكاز دائمة رغم سيطرتها على بعض المواقع و تهديدها لخطوط الإمداد و التموين .
و كرد فعل تلجأ تلك القوات المعادية إلى عمليات التفجير الانتحارية ومهاجمة الحواجز الأمنية و تصفية الكفاءات السورية من ضباط و مهندسين و أطباء وصحفيين و فنانين و تدمير المصانع والجامعات والمستشفيات و المطارات واقتراف مذابح مروعة و إعدامات عشوائية و ضرب البنية التحتية بما في ذلك تفكيك المصانع و بيعها في تركيا و تهريب الثروة البترولية .
و قد أدى ذلك إلى تفاقم معاناة اللاجئين الذين بلغ عددهم مليون لاجئ ثلثهم من النساء و الأطفال يعيشون في ظروف مزرية منها غرق الخيام في المياه بفعل الأمطار و الثلوج و أحيانا نشوب الحرائق وتعاني النساء من استغلال مهين حيث تتفشى الاعتداءات الجنسية و في معظم المدن السورية تزداد أوضاع المدنيين سوءا جراء المعارك الطاحنة وهناك اضطراب كبير في التزود بالماء و الكهرباء و الدواء والمواد الغذائية و المحروقات .
واليوم يتزايد نفوذ الجماعات الدينية المرتبطة بالقاعدة في سوريا وتجد أمريكا والاتحاد الأوربي نفسيهما في ورطة بينما يحاول الجناح الاخواني المرتبط أكثر من غيره بالولايات المتحدة وإمارات الخليج إنقاذ الموقف و الدخول في مفاوضات سلمية و أصبح الصراع بين "الجيش الحر" و جبهة النصرة مكشوفا فإذا كان الإخوان المسلمون و حلفاؤهم الليبراليون وأداتهم العسكرية "الجيش الحر " يريدون بناء سورية مشابهة لمصر و تونس و ليبيا فإن جبهة النصرة تريد إمارة دينية شبيهة بإمارة طالبان الأفغانية و هي الجبهة التي وضعتها أمريكا في قائمة المنظمات الإرهابية .
إن الحرب الرجعية في سوريا جزء من حرب أشمل تشنها الامبريالية و عملاؤها ضد الأمة العربية و هي مرشحة للتصاعد ففي أقطار مختلفة تدق طبول الحرب فلا شيء حسم بعد اندلاع الانتفاضات العربية وفي النهاية فإن المستعمرين سيتركون الوطن العربي مدحورين فهكذا كان الأمر بالأمس و هكذا سيكون أيضا في الغد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تقتحم حشدًا من محتجين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة أمري


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. سيناتور أمريكي يعلق على احتجاجات جا




.. الولايات المتحدة.. التحركات الطلابية | #الظهيرة


.. قصف مدفعي إسرائيلي على منطقة جبل بلاط عند أطراف بلدة رامية ج




.. مصدر مصري: القاهرة تصل لصيغة توافقية حول الكثير من نقاط الخل