الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معابر الهوان في فلسطين

محمد أيوب

2005 / 4 / 4
القضية الفلسطينية


يتعرض المسافرون من محافظات غزة إلى إجراءات مهينة تمس بكرامتهم بحجة الحفاظ على الأمن ، تلك البقرة الإسرائيلية المقدسة ، وكأن من يريد القيام بعمل معاد للإسرائيليين يأتي إلى المعبر طواعية ليسلم نفسه لأجهزة الأمن الإسرائيلية ، والغريب في الأمر أن هذه الإجراءات بدأ تنفيذها بعد الإعلان عن الهدنة وتوقف العمليات المسلحة ، وكأنهم يريدون أن يظهروا استهانتهم بالشعب الفلسطيني ويستمرئون إذلال أفراده مهما كان موقعهم الاجتماعي أو السياسي أو الأمني ، فلا قيمة لأي فلسطيني أمام الإجراءات الأمنية الإسرائيلية .
يستعد الإنسان للسفر ، يجهز أمتعته ، وينتظر في سيارة الأجرة إلى أن يسمح الجانب الإسرائيلي لهذه السيارات بالدخول ، ينزل ركاب سيارة الأجرة من الأبواب اليمنى فقط ، ويصطفون في طابور واحد ليدخلوا إلى ممر ضيق ، ينزعون من جيوبهم كل الأشياء المعدنية ، ويضعها كل منهم على طاولة معدنية معدة لهذا الغرض ، ليدخل الفرد منهم من خلال بوابة إلكترونية تصدر صوتا لأقل كمية من المعادن قد ينساها الإنسان في أحد جيوبه ، حتى ولو كان ما نسيه شريط دواء هو بحاجة ماسة إليه، يطلب الموظف العربي منه أن يخرج ما نسيه في جيبه ، أو يفتشون حذاءه، وقد يكون سبب إصدار الصوت قطعة من البلاتين وضعها الأطباء أثناء عملية تجبير أحد الكسور ، بعد ذلك يقوم أحد الموظفين بالمناداة على ركاب السيارة واحدا بعد الآخر ليصعدوا إلى الحافلة ، وهكذا تتكرر العملية مع ركاب السيارات التالية حتى تكتمل حمولة الأتوبيس الذي يتحرك نحو الصالة ليقف على مسافة محددة من غرفة مربعة تقريبا ،وفي داخل الحافلة يوزعون أكياسا بلاستيكية على الركاب ليضع كل منهم جميع حاجياته فيها ، مهما كانت هذه الحاجيات ، معدنية أو ورقية ، وينبه السائق على الركاب بأن يتوجهوا الواحد بعد الآخر إلى تلك الغرفة ، تنظر إلى الغرفة الصغيرة فترى بصمتين لقدمين باللون الأحمر ، يطلب منك الموظف العربي أن تفتح ما بين ساقيك وذلك بوضع قدميك على بصمتي القدمين الحمراوين ، يطلب منك أن ترفع يديك إلى أعلى لتعمل الماكينة المخصصة فتجوس خلال جسدك من الأمام ، يعطي الموظف الإسرائيلي إشارة للموظف العربي بأن يدير المتواجد في الغرفة نفسه إلى الخلف ويعاودون الكرة مرة أخرى ، ثم يدير الإنسان نفسه إلى اليمين وإلى اليسار ، يطلبون منه بعد ذلك أن ينزل ذراعيه وأن يخرج من الغرفة ويتوجه إلى الصالة من خلال بوابة إلكترونية أخرى ويسلم الأشياء الموجود في كيس البلاستيك لفحصها للمرة الأخيرة ، ترى هل يحتاج الأمن إلى مثل كل هذه الإجراءات ، أم أن المقصود من هذه الإجراءات هو إهانة كرامة الإنسان الفلسطيني ، ومتى ؟ بعد أن ساد الهدوء المناطق الفلسطينية وبعد أن توقفت العمليات العسكرية ، وكأنهم لا يريدون لمثل هذه العمليات أن تتوقف ، لأن توقف مثل هذه العمليات يعني أن تلتزم إسرائيل بما عليها من استحقاقات لا تريد الالتزام بها .
لقد حاولت الإدارة الأمريكية استخدام مثل هذا الجهاز لتفتيش مواطني الولايات المتحدة من المسلمين ، وقد احتج هؤلاء على مثل هذا العمل العنصري البشع فتراجعت إدارة بوش عن تطبيق هذا الإجراء ، وقد نقلت إسرائيل الفكرة وطبقتها على مواطني شعب آخر ، ليس شعبها على أية حال ، ولم تسمع كلمة احتجاج من أية جهة كانت ، لم يحتج أحد من المسئولين في السلطة الوطنية الفلسطينية ولا من الدول العربية المجاورة ، ولا حتى ممن يدعون حمل راية نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط ، ومن المؤكد ان مثل هذا الجهاز يسبب أضرارا صحية لمن يتعرض لأشعته ، ولذك يمنع الإسرايليون الأطفال الصغار من دخول غرفة الفحص هذه ، ويقال إن هذا الجهاز يظهر الإنسان عاريا ، ويكشف حتى الأوراق البسيطة التي قد ينساها الإنسان في ملابسه ، فقد كشف هذا الجهاز ورقة من فئة المائة دولار وضعتها إحدى السيدات تحت الصدرية عند ثديها ، كما كشف الجهاز عن حفاضات أولويز التي تستخدمها النساء أثناء العادة الشهرية ، أية مهانة تلك التي يتعرض لها المسافر الفلسطيني دون مبرر أخلاقي أو منطقي ؟ !
المطلوب من السلطة الوطنية ومن الدول العربية أن تطرح أمر هذا الجهاز على بساط البحث وأن تعلن عن موقف حازم وحاسم ضد مثل هذه الإجراءات العنصرية ، ومن حق المواطن الفلسطيني أن يتساءل : ما ذا يمكن أن يحدث لو أن مثل هذا الإجراء تم تطبيقه على مواطني الدول العربية من اليهود سيرا على مبدأ المعاملة بالمثل ؟ هل كانت الولايات المتحدة حامية الديمقراطية في العالم ستسكت على ذلك أم أنها ستقيم الدنيا ولا تقعدها ، عندما يرتكب حلفاء أمريكا الحماقات والجرائم ضد الإنسانية لا يرف للمسئولين الأمريكان جفن ، وحينما تبسط أمريكا حمايتها على أشخاص موالين لها تستدعي مجلس الأمن للانعقاد لاستصدار قرارات بفرض العقوبات على الحكومات والأفراد الذي تتهمهم بارتكاب مخالفات ضد الإنسانية ، فقد أصدر مجلس الأمن الأمريكي قرارا يقضي بانسحاب سوريا من لبنان وأوجدت أمريكا المبررات لإجبار سوريا على الانسحاب ، نحن مع انسحاب سوريا من لبنان بطريقة مشرفة ، وفي الوقت ذاته مع تحقيق الوحدة العربية طواعية بين الشعوب العربية ، لأن الوحدة والديمقراطية يشكلان السياج الواقي للعرب من أطماع الطامعين وعدوان المعتدين ، وليس هناك تعارض بين مبادئ الإسلام وبين تحقيق الوحدة العربية كما قد يتوهم البعض ، فقد أعز الله العرب بالإسلام وكرمهم بأن أنزل القرآن بلغتهم " إنا أنزلناه قرآنا عربيا " ، ولأن هناك علاقة جدلية بين العرب والإسلام ، فإذا عز الإسلام عز العرب ، وإذا عز العرب عز الإسلام .
لقد افترى الأمريكان على العراق بادعائهم بأنه يمتلك أسلحة دمار شامل ليعودوا إلى اختلاق مبررات أخرى تبرر احتلالهم للعراق ، إنهم يخططون لخلق عراق طائفي كما هو الحال في لبنان في الوقت الذي ثبت فيه عجز الطائفية في لبنان عن مسايرة متطلبات العصر الحديث ، وهم يستصدرون قرارا بمحاكمة مواطني السودان الذين ارتكبوا أعمال عنف في دارفور في الوقت الذي تتحفظ فيه أمريكا ضد تطبيق هذا القرار على جنودها الذين قد يرتكبون مثل هذه الأعمال ، وكأنها تريد ان تقول للسودان وللعالم بأنها بصدد إرسال جنودها لاحتلال اقليم دارفور الغني بالثروات المعدنية وعلى رأسها اليورانيوم ، لقد سبق لأمريكا وان استثنت جنودها في يوغسلافيا من تطبيق القرار الخاص بجرائم الحرب ، فهل يمكن لأمريكا وحلفائها أن ينتجوا ديمقراطية سليمة بهذه الطريقة العرجاء ؟ وهل يمكن لشعوب العالم أن تصبر على الغطرسة الأمريكية إلى الأبد ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحرس الثوري لا يريد رئيسا متشددا -دينيا- يفاقم المشاكل مع ا


.. هاجس الأيديولوجيا ليس الحقيقة بل المصلحة | #جلستنا




.. مراسل الجزيرة يرصد استعدادات حجاج بيت الله الحرام للوقوف بص


.. عبر الخريطة التفاعلية.. جيش الاحتلال يكثف يركز عملياته في ال




.. تقديرات أمنية إسرائيلية تشير إلى أن العملية العسكرية في رفح