الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث الاستقالة

جمال الهنداوي

2013 / 3 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رغم النفس الاستعراضي الواضح, وافتقادها الى القيمة القانونية, الا انه يمكننا وضع الاستقالة التي تقدم بها السيد رافع العيساوي من منصبه كوزير للمالية أمام حشد من المتظاهرين في الرمادي على انها الحالة الوحيدة التي قد تصنف قي خانة المنطقية ضمن السلسلة المتعاظمة من الهفوات التي طبعت الاداء السياسي للقائمة العراقية منذ اعلان نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة وحتى تخليها عن مواقعها السياسية ضمن المؤسسات الدستورية وانتقالها الى التخابئ خلف الخطابات التحريضية المؤججة للتقاطعات الطائفية والمناطقية..
فهذه الاستقالة قد تكون الفعل الوحيد المتماهي مع التاريخ الطويل من العويل الذي تبنته القائمة كاستراتيجية لادارة صراعاتها السياسية والممارسة الوحيدة التي قد تفسر التناقض الصارخ ما بين تمددها على طول وعرض ثمانية وزارات مهمة ومنصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات, وتبنيها الثابت لشعار"التهميش والاقصاء والتمييز" والاستهداف السياسي والطائفي.
"لا يشرفني أن أكون جزءا من حكومة طائفية"يقول السيد العيساوي معلنا بقاءه"مع الشعب",وهذا ما نعده من صميم حقوقه السياسية,ولكن هذا لا يمنع من ان يكون مطالبا باجوبة مقنعة حول تأخره الكبير في التوصل الى هذه القناعة والذي ياناقض مع تعجله في تقديم استقالته وسط الجموع وعبر الاثير ودون انتظار الطرق الاصولية المتبعة في مثل هذه الظروف, وهل سيكون من سوء الظن لو اعتبرنا الاستقالة انسحاب تكتيكي مرحلي من استحقاقات لطالما ترتبت على قادة القائمة واضرت –وبجمهور القائمة-مع الممارسات المربكة والمشوشة التي طبعت الاداء السياسي طوال الفترة السابقة.
ان المساحة التي تموضعت عليها القائمة العراقية ضمن الخارطة السياسية تعود اصلا الى الناخب العراقي البطل الذي اختارها كممثل عن اماله وتطلعاته وكعنصر فاعل لادامة وتطوير المسيرة الواعدة لعمليتنا السياسية الرائدة..وهذا المواطن العراقي وتشاركنا معه في اختيار الديمقراطية كاسلوب وحيد للتعبير عن الخيارات السياسية الحرة هو ما يدفعنا الى التساؤل عن مصلحة هذا الناخب في الانتهاج المنظم من قبل بعض –او جل-قيادات القائمة في سياسة اسقاط الجهد الوطني التراكمي للعملية السياسية الجارية في العراق والتبشير باعادة انتاج متكررة لمرحلة التأسيس الرخوة حد التقاطع مع الدولة نفسها,من خلال التهوين المستمر لنضالات ومنجزات القوى السياسية وعدم البناء على المنجز النضالي لمجمل القوى السياسية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني ومساهمتها في تعبيد درب ومسيرة التحول نحو الغد المشرق المستقل..
نتفق في ان الهشاشة السائدة في مجمل المشهد السياسي العراقي قد تدفع البعض الى ممارسة الاسراف في إطلاق الوعود والعهود وتعمية الشعارات كسبيل لتحقيق أهدافاً تكتيكية على المدى القصير والسهل, ولكنه ليس من الحكمة التغافل عن التبعات الثقيلة التي يمكن ان تؤدي لها مثل هذه المواقف الانتهازية..وان التلهف نحو الفوز اللحظوي السهل والمرتجل لا يمكن ان يفقد المرء البصيرة تجاه امكانية الفشل الذي يجرد أكثر الشعارات اتقانا وصياغة وخطابية من مصداقيتها..وان الوعي الجماهيري مهما كان مغيبا..ومهما كانت امكانيات التملص من المحاسبة الآنية لاصحاب المواقف المزيفة.. لن يعدم وسيلة ما لمحاسبة من تلاعبوا به وبصوته..
كما ان الحياة لن تكن سهلة مع قوى سياسية تناقش التشريعات الدستورية حسب الروايات التاريخية وتتبرر انكفائها عن الممارسة السياسية السليمة بجنايات مفترضة لابن العلقمي وتتملص من الالتزام بالدستور والضوابط القانونية بسبب اتولية التحشيد ضد الحوثيين..فان عبارات الفرس والمجوس والعداء التاريخي والبوابة الشرقية قد تكون ملائمة لاستدرار الهتاف وصيحات الرضا في الميادين الضاجة ولكنها بالتأكيد ليست الوسيلة الملائمة لادارة البلدان الساعية الى اعلاء مباديء الحرية والعدالة وحقوق الانسان.
ان الشعب العراقي العظيم ما زال يرنو –ولكن بلا كثير امل-الى نخبه السياسية..ويأمل بهم التسامي على الخلافات والتقاطعات والعمل على ضبط الواجهات الاعلامية والتصريحات المفخخة التي قد تدفع ببلدنا الجريح نحو المزيد من الاحتقان والتوتر والتعامل مع المنعطفات السياسية حسب حقائق وقواعد الحراك السياسي المبني على اسس التعددية والدستور وقيم الديمقراطية ونبذ الآليات والممارسات الشمولية الموروثة من ثقافات القمع والاستبداد والاقصاء والتهميش وتغييب الآخر..
وكخاتمة ..ودون ان نسقط في فخ التنظير والاملاء..نجرؤ ان نذكر الائمة العراقية ان المكانة التاريخية للقوى والتنظيمات السياسية تتجلى من خلال الالتزام بالمواقف المبدئية الراسخة وخصوصا في المتبنيات والشعارات المركزية التي تؤطر صورة وعمل التنظيم..اما اللجوء الى الاساليب الانتهازية..وتقديم التنافس السياسي على المبادئ –او المعلن منها على الاقل-والنظر الى العملية السياسية من زاوية المكاسب الانانية السهلة..فانها تسف بالتجمع السياسي الى درك التفكك, والى فقدان احترام قاعدته الجماهيرية التي منحته صوتها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام