الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كنت من المتحرشين لفظياً ج1

محمد الحداد

2013 / 3 / 2
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي


هذا العنوان قد يفاجئ كثيرون، خاصة المقربين مني أو أفراد عائلتي، ولكني كي أكون صادقاً مع الجميع، ومع نفسي أولاً، فأني لن ألبس قناع الكهنة ورجال الدين، الذين يصورون أنفسهم لنا وكأنهم لا يخطئون، وأنهم ولدوا بعصمة كاملة عن الخطأ، مع أن الوباء كله ينبع منهم ومن قيمهم الشاذة، التي انحدرت بمجتمعاتنا من قيم جميلة، الى قيم الشذوذ والخوف والعزل وبول البعير وتفخيذ الصغيرة.
لا أريد أن أغير صيغة وطبيعة الموضوع قيد النقاش، ولكن هكذا نحن دائماً مثقفي وكتاب العربية، فواحدنا مشغول ومهموم بأحداث وأفعال عديدة لا يستطيع معها أن يكون كامل الحيادية مهما حاول، وتجد أن تلك المواضيع تقفز دون إرادة منا أو توجيه بوعي، لتدخل في كل موضوع نناقشه.
أعود لموضوع التحرش الجنسي وأقول، حتى نفهم ظاهرة التحرش الجنسي، وسبب استفحالها حالياً وبكثرة، وجب دراسة الحالة بصورة تحليلية وتشريحية، وأن لا يكون هذا التحليل نظرياً فقط، دون أن يرافقه استبيان تطبيقي، ونزول للشارع بأخذ عينات من المتحرشين، ودراسة الأسباب والدوافع التي أدت بهم لتصرفهم الشاذ هذا.
وبما أن هذه الدراسة الميدانية تحتاج لباحثين اجتماعيين ونفسيين، وأن تتصدى لها مؤسسة مجتمع مدني، تتبنى الدراسة، ووضع الاستبيان، وجمع النتائج وتحليلها، ووضع الحلول الناجعة لها، والتي أرى أنها لن ترضي أكثر نخبنا الحاكمة بكل بلداننا العربية، ولن يرضى عنها خاصة رجال الدين، وذلك ومن تجربتي الخاصة التي سأرويها لكم، أجد أن أول المشاكل المؤدية لهذه الظاهرة، هي العزل بين البنات والأولاد في المدارس، وما يترتب عليه من بعده من عزل تام في بعض المجتمعات كالسعودية مثلاً، أو شبه تام كمصر، من استفحال لهذه الظاهرة.
بما أني لا أملك أدوات الاستبيان، ولا أملك الطاقة والقدرة على أخذ عينة من تلك الشعوب وأضعها تحت الدراسة، لذا فأني سأضع نفسي شخصياً تحت هذه الدراسة، وأسرد لكم ما مررت به في حياتي، حتى أني أصبحا يوماً من المتحرشين لفظياً، ولكني لم أزيد على ذلك، وتوقفت عندي تلك الممارسة بعد فترة بسبب موقف سأسرده أيضاً.
أبدأ قصتي منذ كنت صغيراً، فقد ولدت لعائلة متوسطة الحال مادياً، تنحدر عائلتي من مدينة متزمتة دينياً في ظاهرها، ولا أعلم ببواطنها، ولكني وجدت وسمعت بحالات لا تؤيد ما يوحى للمرء من تزمتها.
عشت حياتي كلها في مدينة بغداد، متنقلاً بين أحياء عديدة، منها شعبية في شارع الكفاح، وجيدة نوعاً ما مثل الكرادة، أو بين هذا وذاك مثل الشعب.
بدأت حياتي التعليمية بمدرسة ابتدائية للبنين فقط، وكنت طفلاً خجولاً، قليل اللعب والمشاكسة، مجتهد بدراستي، حيث كنت الأول دائماً في مرحلتي.
في المرحلة الثالثة الابتدائية انتقلت لمدرسة مختلطة بسبب أن أختي التي تصغرني بسنتين قد بدأت حينها بالمدرسة، وهناك وجدت أن تصرف الأولاد أكثر هدوء ممن كانوا بمدرسة البنين دون اختلاط.
وكان دائما هناك أكثر من معلمة ومراقبة في ساحة اللعب أثناء الاستراحات ما بين الساعات الدراسية، هذه المراقبة تمنع اللعب الخشن، الضرب والتعدي، التلفظ بألفاظ نابية، وغيرها من التصرفات.
طبعاً هكذا مراقبة لم تكن بمدارس البنين لوحدهم، حيث كنا نترك لوحدنا، وكثيراً ما يتم الايقاع بأحد الاولاد من قبل مجموعة أولاد للاستحواذ على ما لديه مثلاً من طعام أو مصروف جيب، وهذا ما أدى لانعزالي لوحدي، حيث لم أك من ضمن تلك المجاميع، بل كنت دائماً ضحية لهم.
ولكن بالمدرسة المختلطة وجدت امكانية أكبر للتعبير عن نفسي، فكنت مشاركاً نشطاً بكثير من الفعاليات، كالإنشاد المدرسي وقراءة الخطب بأيام رفع العلم أيام الخميس.
كانت علاقتي طبيعية جداً مع بنات صفي، وأذكر مثلاً أن أبنة مديرة مدرستنا كانت تشاركني بنفس الرحلة ( مقعد المدرسة )، وكانت تلبس ملابس على حسب المودة حينها، حيث كل ملابسها ميني جوب، بحيث أن أولاد كثر من صفوف أخرى كانوا يحسدونني لأنها تجلس معي، ولكن هذا الأمر لم يكن يثير عندي أي فضول أو تمييز، عدى أني كنت أحب مجالستها بقربي لطيب عطرها، ولنظافتها، وأدبها، ولكني بنفس الوقت كنت شديداً معها، حيث كانت تطلب مني أن تنقل عني حلول الواجبات المدرسية، أو حتى الغش بالامتحان، فكنت أرفض، فنقلت ذلك لوالدتها المديرة بأني لا أساعدها بالدروس، ولم تقل بأنها تريد فقط النقل عني، فقلت للمديرة حينها بأني مستعد لمساعدتها وأن تنقل عني ما تحب، ولكن من ذا الذي سيساعدها بامتحان البكلوريا، فحضنتني المديرة شاكرة.
كل هذه السنين وأنا لا أرى فرقاً بين الأولاد والبنات إلا ما أسمعه من الأهل والناس بأن هذا عيب، وذاك لا يصح، وما أراه على شاشات التلفزيون، وخاصة الافلام المصرية من قُبل وأحضان بين المحبين، فعرفت منها أن علاقة الصداقة تكون بين أفراد الجنس الواحد، ذكور مع بعض، و أناث مع بعض، وعلاقة الحب والقبل على الفم تكون بين الجنسين المختلفين، ذكر وأنثى.
والمدرسة لم تكن تشجع مثلاً أن نقوم بأعمال مشتركة بيننا جميعاً برغم انها كانت مختلطة، فعندما تقوم بتقسيم مجموعات، كانت تضع مجموعة من البنات مع بعض، ومجموعة من البنين مع بعض، أي أن الاختلاط لم يكن كاملاً.
فكنا ندخل من باب مدرسة واحدة، ونجلس بصف واحد، ولكن يجلس البنين مع بعض والبنات مع بعض، عدا تلك السنة الأخيرة في المرحلة السادسة التي جلست فيها مع بنت المديرة بسبب أني كنت الولد الوحيد بين مجموعة البنات.
أجد أني تعلمت التالي من مدرستي الابتدائية:
• المدرسة المختلطة أفضل من المدرسة الغير مختلطة
• في المدرسة المختلطة هناك عزل بين البنات والبنين، أي أنها ليست مختلطة بالكامل
• قلة حالات المشاكسة والضرب في المدارس المختلطة عن الغير
• التنافس الدراسي أقوى، خاصة بين الجنسين
• لم أعرف الصداقة الحقيقية مع بنت، كما عرفتها مع الولد حتى لو كانت المدرسة مختلطة
• عرفت أن الصداقة تكون فقط بين الأولاد أو بين البنات وليست مشتركة
• عرفت أن الحب والقبل والأحضان تكون بين الولد والبنت وليست بين الأولاد لوحدهم أو البنات لوحدهم وهذا بسبب أفلام مصر
من هذا أقترح التالي:
• المدارس المختلطة أفضل من غير المختلطة
• المراقبة المدرسية خارج الفصول ضرورية
• ضرورة اشتراك البنات والبنين مع بعض في الفعاليات المدرسية
• ضرورة اشتراك البنت مع الولد في مقاعد الدراسة وان لا يتم العزل داخل الفصل
• ضرورة افهام البنت والولد أنه يمكن ان تكون بينهما علاقة صداقة بهذا العمر الصغير
أنتهى الجزء الاول
محمد الحداد
02 . 03 . 2012














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا