الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية الدرس اللبناني

سامر خير احمد

2005 / 4 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يقول حسن نصرالله أنه لا يجيد السياسة. لكن الحقيقة أنه نجح في أداء لعبة سياسية مبهرة قادت –عملياً- إلى شق المعارضة اللبنانية التي "كانت" متحدة خلف القرار 1559، رغم أنها لم تقل سوى أن سقفها هو اتفاق الطائف.
الأساس الذي انطلق منه حزب الله، الذي يستمد شرعيته من هزيمته لإسرائيل، يتمحور حول أن "الذين حاربوا إسرائيل لا يمكن أن يضعوا أيديهم في أيدي الذين وقعوا يوماً اتفاقاً مع إسرائيل". هكذا فإن حسن نصرالله كان يقول ويذكر بأنه وأياً كانت الأسباب والأهداف فإن حزبه لا يمكن أن يتحالف مع الذين وقعوا اتفاق 17أيار. ومن تلك القاعدة انطلق مذكراً حلفاء سوريا السابقين: المسلمين السنة ثم الدروز، بأن الأساس في اللعبة السياسية هو نوعية العلاقة مع إسرائيل (وأميركا) لا مع سوريا.
حسن نصرالله إذاً، والذي لا يحب الطائفية كما يقول، اخترق المعارضة على أساس طائفي معلناً أن المارونية السياسية التي في المعارضة (وهي المتشكلة أساساً من مجموعة ورثة بشير الجميل) ليست مأمونة، وأن لديه معلومات كان نقلها له المرحوم الحريري عن مجموعة تُجري حوارات في أميركا على أساس إمكانية الاتفاق مع إسرائيل، بمعنى أنها لا تمانع في عقد اتفاق ما مع إسرائيل من جديد، ما لا يجوز معه استمرار تحالف "بعض" أعداء إسرائيل معها.
المعارضة اللبنانية لم تعد موحدة عملياً، وهي مرشحة للانقسام في اللحظة التي يأتي فيها الدور على قضية سلاح حزب الله، والتي هي بالنسبة للسنة وبالنسبة لوليد جنبلاط لم تعد محل جدل ولا مطروحة للنقاش طالما ظلت مزارع شبعا محتلة وطالما ظلت للبنان قضية مع إسرائيل. قضية سلاح حزب الله آتية دون شك، خاصة وأن سوريا تستعجل الرحيل –نظرياً- من لبنان، والمعنى أن الطريق لإعادة ترتيب الاصطفاف السياسي في لبنان باتت معبدة بالنسبة لحلفاء سوريا، فإذا كان الخلاف حول الوجود السوري بات غير ذي موضوع، والاصطفاف تجاه طلب الحقيقة حول اغتيال الحريري لم يعد له أساس لاتفاق الجميع عليه، وقضية تشكيل الحكومة وإقالة قادة الأجهزة الأمنية باتت غير مرفوضة تماماً من الرئيس اللبناني من جهة ولن تعود مطروحة إذا ما كتب للانتخابات أن تتم من جهة ثانية، فما الذي سيجمع تيارات سياسية ترفض نزع سلاح حزب الله ولا تمانع في تحسين ظروف حياة الفلسطينيين في لبنان مع تيارات سياسية تطلب عكس ذلك تماماً؟!
ما يمكن فهمه بالنسبة لنا نحن العرب، أن الدرس اللبناني انتهى أوانه في اليوم الذي نجحت فيه المعارضة وقاعدتها الشعبية في إسقاط حكومة عمر كرامي وإجبار سوريا على تطبيق اتفاق الطائف. ما يحدث الآن ليس درساً يستحق التعلم، إذ ليس مقبولاً أن يُستبدل الوجود السوري وظله الاستبدادي على اللبنانيين باحتلال أميركي أو بتوفير شروط أفضل لإسرائيل في علاقتها مع لبنان (ومع سوريا) عبر تجريد لبنان من مقاومته وجعله ساحة مباحة للعدوان الإسرائيلي في أي وقت يشاء، وهو ما يبدو أن القوى التي لم تتورع يوماً عن عقد اتفاق مع إسرائيل تريده اليوم وتسعى إليه، كما يبدو أن مهادنتها مع قوى المعارضة الأخرى التي لا تطلب أكثر من تطبيق الطائف ليست إلا مسألة مرحلية وبيع كلام معسول للحلفاء "المؤقتين".
هذا الدرس ليس مقبولاً لنتعلمه ليس لأن الاستبداد أفضل من الاستعمار، بل لأنهما –كما نقول دائماً- وجهين لعملة واحدة ولأن استبدال أحدهما بالآخر يعني أننا سنظل ندور في حلقة مفرغة هي حلقة التخلف والهزيمة والعيش خارج التاريخ.
حسن نصرالله نجح في مهمته فعلاً، سواء كانت لمصلحة إبقاء السلاح في أيدي حزبه أم لمصلحة حلفائه السوريين، لكن ذلك لن يكون بالضرورة شيئاً طيباً إذا كان همه فقط مقاومة الاحتلال والاستعمار والعدوان ولم يمتد لمقاومة الاستبداد والعمل لإقامة الحريات والديمقراطية الكاملة. والواضح أن حزب الله يفكر بالأولى (ونجح فيها دائماً) لكنه لا يفكر بالثانية، ولهذا فإن لبنان لن يعود مجالاً للدرس والتعلم بالنسبة للعرب إلا إذا كان الاصطفاف السياسي القادم والمتوقع على أساس عداء إسرائيل هذه المرة (لا سوريا) سيضع في حسبانه مسألة التخلص من الاستبداد كما التخلص من الاستعمار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا قررت مصر الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا في هذا التوقيت؟ |


.. بيسان ومحمود.. أجوبة صريحة في فقرة نعم أم لا ??????




.. دول أوروبية ستعترف بالدولة الفلسطينية في 21 مايو/أيار


.. -مطبخ مريم-.. مطعم مجاني ومفتوح للجميع في العاصمة اللبنانية




.. فيديو مرعب يظهر لحظة اجتياح فيضانات مدمرة شمال أفغانستان