الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة والتنمية (المغرب): حزب التماسيح

حسن أحراث

2013 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الخريطة السياسية المغربية مكشوفة، ولا تخفى على المتتبعين للحياة السياسية المغربية. ولعل أكبر العارفين بحقيقة هذه الخريطة (أصحاب الذاكرة القوية، الذين اكتووا بنارها) هم الجماهير الشعبية المضطهدة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة. فمنذ الخمسينات من القرن الماضي، وبالضبط منذ الاستقلال المزعوم (طبخة إيكس- لي- بان الخيانية)، وشعبنا يعاني مرارة الخرائط السياسية المختلفة، الخرائط المصنوعة التي تناوبت على تعميق جراحه بدل صنع خلاصه.
إنه منطق الصراع الطبقي، تاريخيا، شئنا أم أبينا. ولا يمكن أن ينتظر الكادحون، والطبقة العاملة بالخصوص، الهدايا من بورجوازيتنا المتعفنة!!
نعم، إن الخريطة السياسية المغربية مكشوفة. لكن، لابد من الإشارة الى ثلاث مراحل في التاريخ السياسي المغربي، من شأن التوقف المتأني عندها استخلاص مجموعة من الدروس السياسية، وعلى رأسها غياب الأداة السياسية الثورية. وتحديد هذه المراحل محكوم بخلفية إبراز تعدد مصادر التواطؤ والخيانة والغدر. فإذا كان النظام القائم، منسقا ثابتا لمختلف مصادر الخريطة السياسية المغربية، مصادر التواطؤ والخيانة والغدر، فإن هذه المصادر توالت على الشكل التالي:
* القوى الرجعية:
ساهمت هذه القوى بالمكشوف في عمليات تثبيت أركان النظام القائم، خاصة بعد تصفية المقاومة وجيش التحرير وإزاحتها/هزمها لما يسمى ب"القوى الوطنية" (الأحزاب المنحدرة من ما يسمى بالحركة الوطنية، خاصة حزب الاستقلال أو فيما بعد الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب الشورى والاستقلال والحزب الشيوعي المغربي، حزب التحرر/التقدم والاشتراكية)، في المنتصف الثاني للخمسينات من القرن الماضي. وتجلى ذلك بالواضح من خلال ما عرف سنة 1963 ب"جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية، "الفديك". وقد تعززت قوة هذه القوى بدور المؤسسة العسكرية المحلية المخترقة والمتعاونة مع مختلف المخابرات الأجنبية ومنها الموساد الصهيونية وبتحالفات النظام مع الامبريالية/الخارج (فرنسا، أمريكا...).
وقد استمر دعم هذه القوى للنظام القائم حتى يومنا هذا، رغم كل الضربات التي تلقاها هذا الأخير، ومن أخطرها ضربة الانقلابين العسكريين في بداية السبعينات من القرن الماضي. ولم تكن هذه القوى"المتجددة" (الأحزاب الإدارية...) لوحدها في تثبيت أركان النظام من خلال استماتتها في الدفاع عنه، نظرا للمصالح المشتركة سياسيا واقتصاديا، بل كان إلى جانبها القوى الإصلاحية الخبيثة، التي نظرت ودافعت عن شعاري "المسلسل الديمقراطي" و"القضية الوطنية" اللذين أطرا مرحلة طويلة من تاريخ بلادنا، وتصدت للمد النضالي حينذاك، وخاصة منه المؤطر من طرف الحركة الماركسية اللينينية المغربية التي قدم مناضلوها تضحيات مشهودة...
* القوى الإصلاحية:
رغم كل خرجات هذه القوى في مواجهة النظام القائم، ورغم كل ما تعرضت له من مضايقات وقمع، إلا أنها، وبالخصوص قياداتها، قد ساهمت في ضمان استمراره بكل بشاعته وضدا على مصالح الجماهير الشعبية المضطهدة التي تدعي تمثيلها أو الدفاع عن مصالحها، في ظل تفاقم فظيع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وقد توجت كل ذلك بانخراطها في ما سمي ب"التناوب الديمقراطي" في المنتصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، بقيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتحت جناح الزعيم التاريخي عبد الرحمان اليوسفي (الوزير الأول آنذاك)، "رفيق" المهدي بنبركة، الشهيد الذي لم تعرف الحقيقة بشأن اغتياله حتى الآن، رغم توالي "مناضلي" الاتحاد على رأس وزارة العدل (محمد بوزبع، عبد الواحد الراضي)...
وقد قامت هذه القوى من خلال ذلك بتصفية كل ما تبقى من رصيدها النضالي، وأجهضت الدينامية النضالية التي انطلقت مع بداية التسعينات، وأتاحت الفرصة للنظام لتجديد ذاته وترميمها (الانتقال السلس للسلطة) واستقطاب النخب الجديدة، خاصة في مجال حقوق الإنسان، لتعزيز قوته وإضعاف معارضيه على كافة الجبهات، السياسية والنقابية...
وباختصار، فقد صنعت هذه القوى "إكس- لي- بان" ثانية.
* القوى الظلامية:
لقد عمل النظام المغربي منذ سنوات الرصاص، وهي سنوات ممتدة في الماضي والحاضر، على خلق قوة سياسية مناهضة للمد النضالي اليساري الذي يعتمد الفكر الماركسي، والماركسي اللينيني بالخصوص، سواء في الساحة السياسية أو في صفوف الحركة الطلابية، كرافد قوي لتغذية الحياة السياسية.
وقد انكشفت الخيوط الأولى لهذه المؤامرة مع اغتيال الشهيد عمر بنجلون سنة 1975. ولأن موازين القوى السياسية كانت في حاجة الى مواصلة هذه الخطة، فلم يتردد النظام المغربي في رفع كل القيود عن القوى الظلامية، كقوى رجعية، وهو ما كان فيما بعد وراء اغتيال الشهيدين المعطي بوملي وأيت الجيد بنعيسى.
ولأن للقوى الظلامية، بتعدد حساسياتها، حساباتها الخاصة، في علاقة ذلك بالداخل والخارج، فلم ينج النظام من "تحرشاتها"، والمقصود خاصة، إشارات وتسخينات "جماعة العدل والإحسان". وقد أهلها ذلك (القوى الظلامية عموما) لاحتلال مواقع مهمة في الحياة السياسية المغربية، وعلى حساب اليسار بالدرجة الأولى.
وإذا كانت العوامل الداخلية بالخصوص وراء انخراط القوى الإصلاحية في "إيكس- لي- بان" الثانية، فإن إشراك/إقحام القوى الظلامية (حزب العدالة والتنمية) في مؤامرة ما قد أسميه ب"إيكس- لي- بان" الثالثة محكوم بالعوامل الإقليمية، وخاصة ما حصل بتونس ومصر. دون أن ننسى، طبعا، تجاوب الشعب المغربي في نفس السياق، منذ انطلاق انتفاضة 20 فبراير 2011، لمواصلة النضال من أجل التحرر والانعتاق...
والخطير بالنسبة لهذه المرحلة هو كون العراب بدون منازع لكل العمليات السياسية في مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو الامبريالية. وهو تأكيد للهيمنة الامبريالية والصهيونية والرجعية في كافة مناطق العالم، في صيغ قد تبدو جديدة، إلا أنها استمرارية للأنظمة القديمة التي لم تفقد سوى رؤوسها المتلاشية. وإنه، في آخر المطاف، تأكيد على استمرار معاناة الشعوب وقمعها ونهب خيراتها...
ومن أجل ذلك، فقد نصبت أحزاب "النهضة" في تونس و"الإخوان المسلمين" في مصر و"العدالة والتنمية" في المغرب، والمسلسل متواصل (ليبيا، سوريا...).
إنها أحزاب التماسيح...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات متزايدة لوقف فوري لإطلاق النار في غزة بعد سقوط أكثر من


.. فرنسا: ماكرون يستعد لقبول استقالة حكومة أتال.. وماذا بعد؟




.. القناة 12 الإسرائيلية: المعارك مع حماس تدور فقط في حي تل الس


.. تراجع آمال الديمقراطيين بالفوز في الانتخابات الرئاسية بعد مح




.. شاهد | تفجير عبوة ناسفة واشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال