الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع سني شيعي نحو شرق أوسط جديد

هشام محمد علي

2013 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تدخل حزب الله وايران وبعض الجهات العراقية من الشيعة عسكرياً في سوريا، ووصول مقاتلين سنة من الدول العربية وبقاع اخرى من العالم، مؤشر على أن الحل السياسي للصراع الشيعي السني في سوريا اصبح بعيداً عن اي وقتٍ مضى، وأن ملامح الصراع العقائدي بدا اكثر وضوحاً اليوم، وسيؤثر على جميع دول الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص لبنان والعراق اللذان بدأت فيهما الطوائف بالتعبئة الجماهيرية والعسكرية، وفي اي لحظةٍ قد يحدثُ الصِدام المسلح.

اثبت التاريخ بأن الصراعات العقائدية هي الأكثر دموية، وفي الحالة التي عليها الأطراف اليوم، سواء الرئيسية، السنة والشيعة، او الثانوية وهما ينقسمان إلى داعمي الثورة السورية ومناهضيها، لا تبشر بأمكانية الحل لتشبث الأطراف بمطالبها المتضاربة مع بعضها البعض، وعدم قبولهم التسوية الضامنة لنفوذ الطرفين.
بذلك يبقى لدينا امكانية تحويل الصراع او إدارة الصراع لكسب الوقت لحين التوصل إلى نقاط مشتركة يمكن الإنتقال منها نحو محاولات إيجاد الحل، ولا مؤشرات جيدة على امكانية حدوث ذلك في الوقت الحالي.

لأن الذي يجري هو محاولات كسب الوقت للتجييش، وإذا استمر الحال على ماهو عليه فالصِدام قادمٌ لا محال، وإن حدث فسيكون فتاكاً، لإمتلاك الصراع للجذور التاريخية، وبروزه الأن سببه إختلاف موازين القوة بعد وصول شيعة العراق إلى مواقع الحكم بعد قرابة 1400 سنة من اصل الصراع، وتعاظم القوة العسكرية والنووية لإيران التي أصبحت ذات ثقل أقليمي ورأي دولي.

هذه القوة غيرت من نمطية التفكير الشيعي نحو المواجهة والإستحواذ، بعدما كانت تفضل التجنب أو التقية والتأني. وهي نفسها التي دقت عند السنة اجراس الخطر، ودعتهم إلى الإستعداد والتحدي.

ويعتقد الشيعة ان ماهم عليه من قوةٍ في ايران او العراق مؤخراً، وحتى في لبنان، هو حقٌ الهي وأن أي محاولة لتغيير المعادلة في إحدى هذه الدول، هو ضربٌ للحق الإلهي، ومواجهة مثل هذه المحاولات واجبٌ شرعي، وفريضة على كل ابناء الطائفة التي تعرضت لشتى انواع التنكيل طوال القرون الماضية على يد الحكومات السنية.

في حين يعتبر السنة تلك القوة تهديداً لوجودهم وسيادتهم التي كانت منذ اوائل ظهور الإسلام، وتصريحات القيادات الشيعية هي التي تغذي مخاوفهم تلك، عندما يقولون "البحرين محافظة ايرانية" أو "العراق وايران جسدان في روحٍ واحدة" والعرب السنة ينظرون إلى العراق كخط اول للدفاع، وطالما اسموه حارس البوابة الشرقية. او ان يزور الرئيس الأيراني جزراً متنازع عليها مع الإمارات، او ان يكون لها اليد الطولى في نصب الحكام ووضع السياسات في العراق، وامور اخرى كثيرة، كل ذلك ادى إلى التخندق الطائفي الكبير في العراق ولبنان وسوريا التي بات الشيعة يعتبرونها خطهم الدفاعي الأول، وبالمقابل يعتبرها السنة نقطة الهجوم الأولى.

ربما أخذ الصراع شكلاً اخر لو كانت لإدارة باراك اوباما موقفاً اكثر تشدداً من الذي هو عليه الأن، والنابع بأعتقادي من الدرس الأفغاني الذي علمهم اياه بن لادن، حينما تسبب بأحداث 11 سبتمبر، وهم الذين دعموه واصحابه في حربهم ضد الأتحاد السوفيتي السابق.
وربما لأن من مصلحتها ومصلحة معارضيها كروسيا والصين، إستنزاف اطراف الصراع بأن يشتد لدرجة التحول من صراع قويين إلى ضعيفين، وهذا يتطلب الحفاظ على توازن القوة الموجود حالياً بين طرفي الصراع في سوريا، أي أن لايتم تسليح الجيش الحر بأسلحة ثقيلة تضمن له النصر، ولا ان يترك بما يضمن لقوات الجيش النظامي النصر عليه.

والأهم من هذا كله، فقد تكون هذه الحرب بداية ظهور الشرق الأوسط الجديد، والذي سيضم دولاً تحوي شعوباً اكثر تجانساً من شعوبها اليوم. ولن يكون هذا الجديد يقيادةٍ خليجية كما يتوهم بعض قياداتهم، لأنهم ببساطة لا يملكون مقومات القيادة الأقليمية التي تمتلكها ايران الأن او تركيا.

ولماذا لا اتكلم عن حل هذا الصراع؟ لأن الحل الحقيقي والدائم للصراع السني الشيعي في الشرق الأوسط، ليس بيد القيادات السنية الشيعية الحالية، فتركيبتهم الشخصية وطبيعة عقولهم تهيء ظروف الإقتتال لا السلم، والحقيقة المرة هو ان جميعهم مدعومون من جماهير واسعة في دولهم، أي ان الموضوع ليس صراع حكوماتٍ او قيادات، بل هو صراع شعوب وايدلوجيات، وثقافات قديمة فيها الموت جزءٌ من الرجولة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح 300 ألف من رفح.. واشتباكات ضارية بين القوات الإسرائيلية


.. لا تنسيق مع إسرائيل بمعبر رفح.. القاهرة تعتبر اتفاقية السلام




.. السير نحو المجهول.. مأساة تهجير جديدة تنتظر نازحي رفح الفلسط


.. الخلافات تشعل إسرائيل..غضب داخل الجيش الإسرائيلي من نتنياهو




.. موكب أمني لحماية المغنية الإسرائيلية -إيدن جولان-.. والسبب -