الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يخرج مدعي العلمنة والحرص على السلم الأهلي من مستنقع العجز والتضليل؟

حسن عماشا

2013 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


ليست الموضوعية في النظر إلى حالة الانشطار المذهبي في لبنان، وخصوصا بين السنة والشيعة. بتجهيل الفاعل في التعبئة والتحريض واعتبار أن الطرفين متساويان بالفعل ورد الفعل.
إن هذا الادعاء لا يمنح مدعيه موقع الرصانة والعقلانية في مقاربة هذا الموضوع بل بالعكس تماما هو يساهم في التضليل خدمة لأصحاب المصلحة في تعميق الشروخ والتشجيع على المضي قدما في مسار التعبة والتحريض المذهبي. بما يتوافق تماما مع المخططات الرجعية والأمريكية_ الصهيونية.
وقبل تلطي أصحاب هذا المقاربات خلف الشعار الزائف بأن ما نقوله هو منطق "تخوين" نقول سلفا نعم انتم خونة أولا: للحقيقة الموضوعية.
وثانيا: خونة للواجب الوطني الذي يملي على كل متدخل بالشأن العام أن يكون واضحا في موقفه تجاه التحديات الوطنية.
لم تبدأ حملة التحريض المذهبي ضد الشيعة في لبنان عبر حزب الله مع بداية "الأزمة السورية" بل سبقتها بأعوام كثيرة وان كانت المحطة الأبرز في تحويل هذا التحريض الى منهج يومي إبتداء من العام ألفين عام الانتصار وفرض الانسحاب على العدو الصهيوني من الجنوب اللبناني دون قيد او شرط بل كان هروبا ذليلا من أمام الحشود الشعبية المظللة بالمقاومين الشرفاء والتي أجتاحة الشريط المحتل.
هذا الانتصار الذي شكل المسمار الأخير في نعش التسوية الاستسلامية لخيار الغالبية الساحقة من الانظمة العربية وحتى الدول الاسلامية وكشف عن عجزها وإفلاسها بمواجهة العدو الصهيوني في حين أن حفنة صغيرة نجحت في كسر شوكة وهيبة هذا العدو. فتكشف بالتالي نفاق وتآمر الحكام العرب وتبعيتهم العمياء للمستعمر الأمريكي ضد مصالح وحقوق شعوبهم.
وأما في الداخل اللبناني كان لمفاعيل هذا الانتصار أن حطمت الوهم وأسقطت الرهان على التسوية الذي نشأة عليه "الظاهرة الحريرية". وإذا كان الحريري الأب حاول التكيف مع الظروف الجديدة وعمل على خلق أوضاع لديمومته كلاعب رئيسي في الحياة السياسية اللبنانية عبر إزاحة مناوئيه في البيئة الطائفية السنية أولا. والتلطي بالتقارب مع سوريا وحزب الله في علاقة ملتبسة تقوم على ادعاء التماهي معهما في الخطاب العلني العام، وتشجيع ودعم القوى المعادية لسوريا وحزب الله مثل "قرنة شهوان" و"لقاء البريستول" من جهة، ومشايخ في الطائفة السنية من جهة اخرى. كما شرع الى تعزيز سيطرته على مفاصل الدولة في الادارة العامة والأجهزة الأمنية والاتصالات وغيرها. وكل هذا كا يجري بدعم ورعاية رجعية عربية وأمريكية غربية.
من هنا بدأ فعل التحريض ضد المقاومة مترافقا مع محاولات بائسة لإحتوائها تحت سقف ما يسمى الاجماع العربي في خيار التسوية للصراع العربي الصهيوني. ومع تطور الأحداث في فلسطين ولبنان كما في العراق. والتي كانت تشير الى الموت المحتم لمشروع التسوية وتزايد قوة وفعالية المقاومة في كل من فلسطين ولبنان كان يقابله نمو واتساع دائرة التحريض المذهبي والتشكيك بخلفيات قوى المقاومة لناحية خيارتها الوطنية والقومية. والحديث عن "مشروع توسعي إيراني" (...) دون أي دليل يستند الى معطيات ملموسة أبعد مما تطمح الية أي دولة في المنطقة ("تركيا" على سبيل المثال) تأمينا لمجال مصالحها الحيوية والطبيعية. لجعل إيران الدولة المتحررة من الهيمنة الاستعمارية الأمريكية والغربية والداعمة للشعوب العربية والاسلامية المناضلة للتحرر من تلك الهيمنة. عدوا للعرب والمسلمين بدل العدو الحقيقي المغتصب للأرض والناهب لثرواتها.
فكانت الانطلاقة بتنظيم حملة التحريض المذهبي والطائفي على المستوى العام في المنطقة بدأت مع اعلان الملك الاردني عبد لله الثاني. في باكورة مواقفه الاقليمية بعد وراثته الحكم عن أبيه بالحديث عن "هلال شيعي" يمتد من ايران إلى سوريا ولبنان مرورا بالعراق.
لتنطلق في كل مكان عدة التحريض والتعبة ضد إيران والشيعة وبفجور قل نظره من اختراع الرويات التي لا تستند الى دليل. والمترافقة مع سلسلة من العمليات الارهابية التي تستهدف الشيعة خصوصا في العراق وباكستان وغيرها دون أن يسجل أي رد فعل من قبل الشيعة يوازي ما يستهدفهم من أعمال إجرامية. وكل ذلك براعية أمريكية – صهيونية وسعودية.
وفي لبنان بدأت تتزايد عمليات التعبئة والتحريض ضد الشيعة وحزب الله بعد إغتيال الحريري الأب وكان بداية الاتهام موجها الى سوريا ثم تحول الى حزب الله وكرت سبحة الاغتيالات لتشكل مادة تحريض ضد محور الممناعة ممثلا بمثلت إيران سوريا والمقاومة.
ومنذ تاريخ الرابع عشر من شباط من العام 2005. لم يصدر بيان عن الفريق السياسي التابع لأل الحريري بكل ألوانه. من تهمة ما توجه الى حزب الله وان لم يكن هناك حادث ما يلصق التهمة بحزب الله كان يتهم افتراضيا بأنه ينوي كذا ويخطط لكذا. ومن ناحية أخرى ما من إمام مسجد تابع لأل الحرير الى وكانت خطبته في يوم الجمعة تنطوي على تحريض مباشر مرات ضد الشيعة بعامة ومرارا وإستمرارا ضد حزب الله إما بوقائع محرفة أو بفجور مخترع.
وعلى مدى كل هذه السنوات لم تفلح كل محاولات حزب الله وممثلي الغالبية الشيعية في تقديم التنازلات لهذا الفريق بزعامة آل الحريري سواء على حساب تحالفاتهم وخصوصا في الأوساط السنية أو على حساب عموم الشعب اللبناني عبر السكوت بوجه النهب المنظم والاستئثار بموارد وبمواقع الدولة من قبل آل الحريري وموظفيهم. عن التخفيف من حدة التحريض المذهبي. بل العكس تماما كانوا في كل مرة تتزايد حدة التحريض والتلفيق والاستهداف للمقاومة وجمهورها.
ومع انفجار الازمة في سوريا اتخذ التحريض طابعا خطيرا يهدد السلم الأهلي دون رادع من عقل أو وعي لحقيقة موازين القوى ومدى هشاشة القوة التي تستمر بالاستفزاز رغم الدرس اللأليم الذي تلقته في السابع من أيار.
اذا كان التضليل والنفاق يؤدي الى أوهام لدى البعض بانهم قادرون على تغيير موازين القوى لصالح الخيارات الرجعية المتماهية مع المشاريع الأمريكية الصهيونية. إلإ ان أي فعل مادي ملموس سوف يكشف مدى هشاشة وضحالة هذه الفعاليات. التي تضخم أعمالها اعلاميا وتستمد العزم على الاستمرار بإستفزازاتها من ضعف وعجز السلطة السياسية – إن لم نقل تواطئ من بعض مفاصلها الرئيسية – فان تحفظ و حذر المقاومة وحزب الله من الرد المباشر على هذه الاستفزازات مردة إلى أن الحزب يعي تماما وجهة أهدافه ولن ينزلق الى متاهات إستهادفه الغير مباشرة وهذا من الناحية التكتيكية يمنح هذه الفعاليات هامشا للحركة تظهر معها أن تملك قوة لا يجرؤ على مواجهتها حزب الله. وهذا وهم يدرك المحركين لهذه الفعاليات أنها لن تصمد لساعات قليلة لو قرر حزب الله التصدي لها الا انها تراهن بالنتائج على انتاج معطيات جديدة ترفع من شأنها وتعيدها الى مواقع فقدتها في السلطة.
ان هذه الفعاليات الناتجة عن التحريض المذهبي والتي لم تجد من يرد عليها من قبل ما يسمى العقلاء في بيئتها الطائفية لأسباب شتى منها: الانتهازية والابتزاز ومنها الاتكالية والشعور بالعجز والافلاس. يمكن ان تضمحل لو انها لا تحظى بالتغطية الاعلامية والتبرير لوجودها من قبل بعض الكتبة المأجورين وتقاعص ما يسمى قوى ديمقراطية وعلمانية ومجتمع مدني عن مقاربتها لهذه الظواهر بتعميم مضلل للحقيقة تساوي بين فعلها وتحريضها وفجورها مع الباقي من الهيئات والقوى الطائفية الأخرى لمجرد كون هذه الأخيرة قوى ذات طابع طائفي.
ان التصدي لهذه الظواهر ومواجهتها بحقيقتها هي فعل وطني ديمقراطي ولا يمكن التنصل من هذه المسؤولية بحجة عدم التموضع مع طائفة ضد أخرى فهذا تضليل لا يستقيم مع الادعاء بالحرص على السلم الأهلي والقيم الوطنية والروح المدنية. ليكن التصدي والفضح لكل محرض طائفي ومذهبي لأي طائفة انتمى مع العلم اننا نحتاج الى مئات الصفحات لتسمية المحرضين الذين يزعمون بأنهم يعبرون عن السنة ولا نجد بالمقابل شخصا واحدا يعتمد التحريض المذهبي (وللدقة نقول) ذو شأن مؤثر ولو بحدود عائلة من الطائفة الشيعية. هنا نحن لسنا في معرض تحديد موقف من الدين أو المذاهب الطائفية سواء كنا علمانيين او متدينين انما نحن بصدد تحديد الدور المناط بكل من يزعم انه عامل بالحقل العام ويحرص على السلم الأهلي سواء كان جزءا من منظومة حزبية أو مؤسساتية في المجتمع الأهلي أو كان فردا في ميدان عمل ثقافي- اجتماعي.
الطحالب تذوب مع شروق الشمس فلا يستظلها أحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حزب الله وحزب الشيطان.
أحمد حسن البغدادي ( 2013 / 3 / 4 - 01:07 )
عزيزي الكاتب.
أنت تقول( اذا كان التضليل والنفاق يؤدي الى أوهام لدى البعض بانهم قادرون على تغيير موازين القوى لصالح الخيارات الرجعية المتماهية مع المشاريع الأمريكية الصهيونية ).
وكذلك تقول إن حزب الله هو حزب المقومة.
نقول ;
إن المقومة هو عمل وطني شريف، يشترك فيه كل أبناء الوطن، بغض النظر عن الدين والمذهب والقومية.
إن ّ إسم حزبكم هو حزب الله، أي حزب المسلمين فقط، وهذه قمة الرجعية والعنصرية، وزعيم الحزب كان دائما ًشيعيا معمما ً، وجميع قيادات الحزب شيعية، وهذه ضد الوطنية وقمة الطائفية وقمة الرجعية.
أما محاربة إسرائيل، فأنتم لا تنطلقون من موقف وطني أبدا ً، بل من عقيدة إسلامية راسخة تدعوا لأبادة غير المسلمين طبقا ً لسورة التوبة آية ٥ و٢٩ ، وإليك هذا الرابط لموقع إسلامي يشرح فيه من أين جاءت تسمية حزب الله من القرآن، وإن ّ القرآن يسمي غير المسلمين بحزب الشيطان.
الرابط;

http://forum.sedty.com/t9191.html

نرجوا الأجابة بدون تقية، أي الكذب فب الأسلام.

اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة