الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول الدستور العراقي (4 / 7 )

ماجد جمال الدين

2013 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


((( ملاحظات نقدية مقتضبة حول مسودة ألدستور " ألدائم ؟" { 2 }

أود أن أشير أولا إلى أن ما سيرد في حديثي أللاحق لا يعبر عن رؤيتي الشخصية وتطلعاتي لشكل نظام الحكم الدستوري الإتحادي ألذي أعتبره أمثل لوطننا ألحبيب ، هذه الرؤية التي عبرت عنها بإختصار قبل حوالي عامين في رسالة مفتوحة إلى مجلس ألحكم آنذاك ونشرت في ألإنترنت . في الملاحظات التالية أناقش فقط ما جاء من مواد في مسودة الدستور أي مُنطلقاً من شكل نظام الحكم ألذي إرتضته القوى السياسية العراقية ألتي ساهمت في إعداد المسودة ولا أجادلها في إختياراتها عن أفضليات طبيعة نظام الحكم المقترح وأنواع ومهام ألسلطات فيه .
1. قرأت الباب الأول عن المبادى الأساسية للدستور ثم الباب الثاني حول الحقوق والحريات ثم بدأت الباب الثالث وإذا إسمه " السلطات الإتحادية " وتبدأ المادة 46 ألأولى فيه بعبارة " تتكون السلطات ألإتحادية " بينما لم يرد مفهوم السلطات الإتحادية وأي تعريف له فيما سبق . بالطبع أنا إنسان نصف مثقف لذا حين حين قرأت الباب الثالث بكل مواده فهمت بشك كبير من مضمونها أن المقصود هو السلطات ألمركزية في نظام ألدولة ، وإنتهت ريبتي بعد قراءة الباب الرابع ألمعنون " إختصاصات السلطات الإتحادية " ، وحين بدأت بالباب الخامس " سلطات الأقاليم" صعقت بألمادة الأولى فيه والتي تنص : ( ألمادة 112 : يتكون النظام الإتحادي في جمهورية ألعراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية ) .
مجرد وجود مادة بهذا الشكل والنص تحت هذا الرقم و في هذا الباب سبب وجيه كافي لإرجاع مسودة الدستور إلى كاتبيها لإعادة الصياغة على الأقل، وإذا لا تصدقونني إسألوا الخبير القانوني د. طارق حرب. !
وللأسباب ألتالية :
أـ ألنظام الإتحادي هو للعراق ككل وتعريفه يحدد كل ملامح نظام ألدولة ، سلطاتها وأجهزتها لذلك يجب أن يأتي في الباب الأول في مبادىْ الدستور وليس في الباب المخصص لسلطات ألأقاليم .
ب ـ في النص لا يوجد أي ترابط ولو شكلي بين ما سُميَّ مكونات "النظام الإتحادي" ، وكأن الإدارات المحلية في محافظة أو إقليم ما وهذه المحافظة ذاتها أو ألإقليم هي كلها معاً دول متجاورة قائمة بذاتها أو حتى غير متجاورة .
ج ـ لا يوجد كما في هذا النص كما في كل مسودة ألدستور ما يدل بوضوح على تراتبية السلطات وتبعياتها القانونية ووحدة نظام الدولة الإتحادي . ومن الطريف هنا وجود نكتة دستورية تسمى الفقرة خامساً من ألمادة 119 وتنص على أن : ( لا يخضع مجلس المحافظة لسيطرة أو إشراف أية وزارة أو أية جهة غير مرتبطة بوزارة ، وله مالية مستقلة) .. كما أذكرمن طفولتي في العهد الملكي مختار ألطرف و مختار المحلة أيضا لم يكن يخضع لسيطرة أي وزارة وله مالية مستقلة ولكن المسألة كيف يرتبط عمله بكل ألوزارات وكيف تتكون موارد ماليته وكيف تصرف وتحت أي رقابة.

وأقرأ الفصل الثالث من الباب الخامس : ( ألمادة 121 : بغداد بحدودها ألبلدية عاصمة جمهورية ألعراق وتمثل بحدودها الإدارية محافظة بغداد وينظم وضع ألعاصمة بقانون ولا يجوز للعاصمة أن تنضم لإقليم. )
يا سادتي أعضاء أللجنة ألدستورية ما هكذا تورد يا سعد ألإبل . ألعاصمة مكانها ووضعها القانوني يجب أن يُعرَّف في ألباب ألأول من ألدستور وقد جاء في ( ألمادة 11 : بغداد عاصمة جمهورية ألعراق ) وليس هنالك مبرر لتجزئة الموضوع وتكرار النص . أما كونها كمحافظة تنتظم أو لا تنتظم مع محافظات أخرى في إقليم ، أو تشكل بذاتها إقليما (مع مجلس وزراء ومجلس تشريعي كمدينة موسكو مثلا ) ، فوفق روح مسودة الدستور ونص المواد السابقة فهذا حق لسكان أو لنقل شعب هذه المحافظة ولا يمكن سحبه من خمسة ملايين مواطن إعتباطاً بجرة قلم .
لا أريد أن أنجر هنا لمناقشة البابين الرابع والخامس وما فيها من تناقضات بؤس قانوني إتحادي لذا أرجع لصراطي المستقيم وأبحث في باب السلطات ألإتحادية .
2. تحدد ألمادة 47 السطة التشريعية بمجلسين ـ مجلس ألنواب ومجلس ألإتحاد ثم تأتي ( ألمادة 63 : يتم إنشاء مجلس تشريعي يدعى " مجلس ألإتحاد" .. ) ، وهذا يعني :
أولاً ـ أن مجلس ألنواب أي ألجمعية الوطنية القادمة ستتولى مهام الجمعية التأسيسية كما هو حال ألمجلس ألوطني الحالي والدستور ألذي سنبصم عليه ليس دائمأً بل إنتقالي .
ثانياً ـ "مجلس ألإتحاد" ألذي " سيتم إنشاْئه " بدءأً من التسمية والمهام والإختصاصات والتكوين لن يكون دستوريأ أو حتى بقانون دستوري ( تعريف خاص : القانون ألدستوري هو ألقانون ألذي يتم إقراره بأغلبية ألثلثين في كِلا مجلسي ألسلطة ألتشريعية أو بإستفتاء عام ويكون فعل أحكامه كأحكام الدستور فيعتبر جزءاً متمماً له ) ، فمن غير المنطقي أن يصدر مجلس النواب لوحده ولو بأغلبية الثلثين قانوناً لتحديد مهام مجلس الإتحاد ألذي هو عادة يتمتع بصلاحيات أكبر بكثير من مجلس النواب في كل النظم الإتحادية .
ثالثا ـ ألتناقضات السياسية حول مسألة الفيدرالية في العراق والتي تشكل هذه المسألة عنوانها الحقيقي ، ( كما تشكل تناقضات المواد في مسودة الدستور التي تحدد أجزاءأ من هيكلية الفيدرالية المقترحة والتي سأتطرق لها لاحقاً بتفصيل أكثر) سوف تبقى تعكر إستقرار نظام الحكم ككل عدا عن صفاء الأجواء السياسية والأمنية . فما الفائدة من وشم المسودة بكلمة ألدائم ما دامت لا تعطي الحلول الجذرية والأجوبة الوافية عن شكل نظام الحكم ومهام الأجهزة الأساسية في الدولة وتبين بوضوح الطريق العام لمسيرة وطننا وشعبنا في أهم وأشمل عقد إجتماعي يصادق عليه ؟


3. ملاحظات قصيرة عن
أولاً ـ ( ألمادة 52 : أولاً ـ تكون جلسات مجلس النواب علنية إلا إذا إرتأى لضرورةٍ خلاف ذلك ..) ، إذا إلتزمنا بمبادى الديموقراطية فيجب أن تقر سرية ألجلسات بالتصويت العلني بنسبة معينة من أعضاء المجلس مع تبيان الأسباب الموجبة لضرورة سرية الجلسة كي يتسنى للشعب مراقبة ممثليه بصورة أفضل .
ثانياً ـ (ألمادة 60 ثانيا آ ـ يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء في إثناء دورة ألإنعقاد ولا يتعرض للمقاضاة أمام المحاكم بشأن ذلك) ـ هذه المادة متناقضة . حرية التعبير عن الرأي مضمونة لكل مواطن في كل مكان ولا يتعرض للمقاضاة أمام المحاكم ، أما إذا أخلَّ النائب بالنظام أو بالآداب إثناء الجلسة فالنظام الداخلي لمجلس ألنواب كفيل بحل مثل هذه الأمور والخلافات . أقترح أن تبدل إلى ألصيغة ألتالية :
( ألمادة 60 ثانيا آ ـ يتمتع عضو ألبرلمان بالحصانة البرلمانية ، ومن حقه الدخول في أي وقت في كل مرافق أجهزة ألدولة التنفيذية للإطلاع ومراقبة سير عملها فيما عدا ألمرافق ألتي تحدد بقانون أسرار ألدولة فيكون الدخول إليها بقرار من مجلس النواب أو رئاسته . )

ثالثا ـ ألفقرة ثالثاً من المادة 65 تشترط في رئيس جمهورية العراق أن يكون سيْ الصيت والسمعة في عيون البعض والخ إيمانأً بمبدأ التعددية . لا أعرف من ذا ألذي سيشهد على الرئيس الذي إنتخبه البرلمان بعدم النزاهة والنظافة الجنسية ورحم ألله بيل كلينتون والنظام ألأميركي ، ومن ذا ألذي سيشهد للمرشح بألنزاهة وألإستقامة . .. ألمسألة سـياسية وتحل بألتصويت فلذا هذه الفقرة العاطفية يجب أن تحذف من القانون الأساس ففي القانون يُكتب ما يمكن إثباته وتوثيقه كأن يكون غير محكوم بجناية مخلة بالشرف كما جاء في الفقرة ألتي تليها.


4. وملاحظات عن ألسلطة ألقضائية :
أولاً ـ رغم أن ألمواد 84ـ 86 تعلن وتحدد إستقلالية وتركيبة ودرجات سلطات ألقضاء ( "ألإتحادي" ) فهي تتجاهل بشكل صارخ ألتعبير عن وحدة السلطة القضائية في جمهورية ألعراق ككل من حيث التكوين وألإشارة إلى وحدة النظام القضائي من حيث وحدة ألأصول القانونية وسيادة قوانين الدولة المركزية وتبعية ألمحاكم وأجهزة ألإدعاء ألعام . من ألمفهوم أن وحدة النظام ألقضائي في البلدان الفيدرالية خصوصا ، حيث هنالك عدة درجات من التشريع هي من أعسر المشاكل ألتي تواجه ليس أجهزة السلطة القضائية فحسب بل نظام الدولة الإتحادي بأكمله ولا بد من إيجاد مبادىْ وأسس قانونية واضحة لتثبيت وحدة ألقضاء . مع هذا التجاهل الدستوري لموضوعة وحدة النظام القضائي والسيادة ألعليا للقوانين الإتحادية ليس من ألغريب أن نلاحظ في المسودة هذا الشرخ الدستوري ألمتمثل بألفقرة ثانيا من ألمادة 117 وألتي تنص : ( يحق لسلطة ألإقليم تعديل تطبيق ألإتحادي في ألإقليم ، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الإتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الإختصاصات الحصرية للسلطات ألإتحادية).
أي أن سلطة الإقليم هي ألتي تقرر لوحدها بدون الرجوع مسبقا للقضاء ألإتحادي لحل الخلاف القانوني ما إذا كانت المسألة المعنية تدخل أو لا تدخل ضمن الإختصاصات الحصرية للسلطات الإتحادية وهي ألتي تختار كيفما شاءت سيادة القانون الإتحادي أو قانون الإقليم . في روسيا ألإتحادية حيث قضيت فترة طويلة من حياتي في المهجر هنالك جمهوريات بحجمها السكاني والإقتصادي وإمكانيتها البشرية بمختلف المجالات وبفترة تكونها كنظام دولة ، بهذا كله تفوق ما ندعوه إقليم كردستان بعدة مرات ، ورغم هذا فلا يمكن لأي سلطة هنالك تنفيذية أو تشريعية أو أي محكمة وجهاز قضائي أن يتجاوز على القانون الإتحادي في أي من حيثياته حتى لو إستمر حل الخلاف القانوني في المحكمة الدستورية أو عن طريق التوافقات مع المجلس التشريعي ألإتحادي لتعديل ألقانون الإتحادي بما يرضي الجميع لعدة سنين . فالقانون الأقليمي أدنى مستوىً ويعتبر باطلاً أساساً بمجرد تعارضه مع القانون الإتحادي .
ثانيا ـ حول (ألمادة 90 ) :
أـ عدد أعضاء المحكمة الدستورية الإتحادية وطريقة ترشيحهم وإنتخابهم وتعيينهم أو إقصائهم للأسباب الموجبة المحددة يجب أن يحدد في الدستور ولا يترك لتقدير مجلس ألنواب ألذي تهزه ألسجالات ألسياسية.. ناهيك أن هذا يعتبرا تجاوزا من سلطة من سلطات الدولة على أخرى بما يفقدها إستقلاليتها.
ب ـ ألقاضي في أي محكمة بدائية جزائية اومدنية شرعية او تجارية الخ من حقه أن يستدعي و يستعين بخبرأء سواء في الفقه ألإسلامي أو القانوني بتفرعاته العديدة أو بفقه النظم والأجهزة الألكترونية أو بفقه الطب الجراحي والتجميلي (مثلا لتحديد التعويضات للمجني عليه بلكمة في الوجه ) ولكن لا يمكن لغير ألقاضي مهما كانت درجته العلمية والفقهية أن يحكم ، فالقاضي وحده عليه أن يصدر الأحكام القضائية وفقاً للقانون كما يفهمه ويدركه هو روحاً ونصاُ إستناداُ لمعلوماته الإختصاصية كقاض ولتجربته وضميره هو ألذي أقسم على أن يحكم بين ألناس بحيادية بعيدة عن الهوى . ألأكاديميون القانونيون ليسوا قضاة ولا فقهاء الإسلام بقضاة دستوريون ( وخصوصا حين ترشحهم ألأحزاب السياسية كخبراء في هذا ألمجال او ذاك) .
( ألمادة 124 : تصدر القوانين والأحكام القضائية بإسم الشعب) ، كنت أتصور أن هذه ألمادة يجب أن تأتي في باب السلطة القضائية وليس الأحكام الختامية وبعد التمعن وجدت أن موقعها صحيح تماما ولكن ما أثارني الآن لإدراجها هنا هو شكي في أن خبراء الفقه الإسلامي في المحكمة الدستورية الإتحادية قد يناقضون ألدستور و يصدروا الأحكام بإسم الله لا بإسم الشعب . ورحم ألله قاضي محكمة الشعب ألمغفور له فاضل عباس ألمهداوي حيث كان يفتتح جلسات المحكمة ويصدر ألأحكام ألقضائية بإسم ألله وبإسم ألشعب .


5. عن ألهيئات ألمستقلة
تشرع مسودة ألدستور في ألمواد 103 و 104 و 105 تأسيس " هيئات مستقلة " جديدة يجب أن تقر القوانين التي تبعاً يجب أن يصدرها مجلس النواب كيفية إنشاءها وتركيبها الداخلي ونظام وطبيعة عملها لتخدم الأهداف المعلنة لها في المواد المذكورة من المسودة . من الواضح ما يلي
أولا ـ لم يحدد طبيعة إرتباط وتبعية هذه الهيئات من جهة الرقابة والإشراف بالسلطات الإتحادية العليا المنتخبة كرئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء او النواب كما حدد إرتباط الهيئات المستقلة الموجودة فعليا والمذكورة في ألمواد 99 ـ 101 . فهل هذه ألهيئات ستعمل لحسابها الخاص في الفراغ الطلق .
ثانيا ـ بحكم طريقة تأسيسها هذه "ألهيئات ألمستقلة حديثا " ليست دستورية بالمعنى ألأخص فهي تؤسس بقوانين يصدرها مجلس النواب، ومجلس النواب من حقه التشريعي الطبيعي أن يؤسس أي هيئات أو أجهزة تنفيذية أو رقابية أوقضائية يحتاج لها نظام ألدولة لتسيير عمله .
ثالثا ـ ألأهداف المعلنة لهذه الهيئات تتشابك أو تتعارض مع صلاحيات مجلس ألنواب نفسه وصلاحيات السلطة ألتنفيذية .

رابعا ـ وهذا الأهم هذه " الهيئات المستقلة حديثا" ليست دائمة الوجود بل هي أجهزة للمرحلة الإنتقالية اللاحقة بدليل أننا حين سنكتب ونصادق على الدستور الجديد الدائم بالفعل ويكون هنالك بالفعل مجلس الإتحاد في السلطة التشريعية ، فإن تقريبا كل أهداف ومهام هذه ألهيئات ستنتقل إليه أو إلى الجهاز التنفيذي أو الأجهزة الرقابية تحت إشراف مجلس النواب ، كهيئة النزاهة مثلاً وبذلك تنتفي الغاية من تأسيس هذه الهيئات .

كنت أتمنى أن يحوي الدستور بنوداً تمنع أو تحد من البيروقراطية وتضخم جهاز الدولة !. ))) .

ألبقية تتبع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -