الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المعايير الدولية لحقوق الانسان وعمل الشرطة في النظم الديمقراطية
حسن محمد طوالبة
2013 / 3 / 4حقوق الانسان
المعايير الدولية لحقوق الانسان
وعمل الشرطة في النظم الديمقراطية
اعداد
حسن محمد الطوالبه
محاضر في الدراسات الدولية وحقوق الانسان
ورقة عمل اعدت لبرنامج حقوق الانسان الخاص بضباط الامن العام التي نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية بالتعاون مع الاكاديمية الملكية للشرطة في البحرين للفترة من 18-20 فبراير 2013م
أحقر الناس هم الذين ساعدوني على احتلال اوطانهم
"هتلر "
خونة اوطانهم لايستحقون مصافحتي
"نابليون
مقدمه:
أي استعراض للاعلانات والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية الخاصة بحقوق الانسان تعطينا فكرة عن حرص الانسان المتحضر وكذلك الدول والامم ومن يمثلها من مفكرين وفلاسفة على صياغة قوانين تحفظ للانسان كرامته , وتمنحه حقه الطبيعي في ان يعيش بحرية وأمان . وقد جاء هذا الحرص بعد ان عانت البشرية من ويلات الحروب وما جرته عليهم من مأسي وأحزان .
الهدف من هذا البحث هو توعية المواطن بحقه الذي منحه له الله تعالى والرسالات السماوية والاديان الاخرى والحضارات القديمة والحديثة , لكي يحكم فيما اذا كانت الدول تراعي هذه الحقوق و وتطبق الاعلانات والاتفاقيات الدولية والاقليمية المعنية بحقوق الانسان , تلك الاعلانات التي من المفروض ان لا تتعارض مع دساتير وقوانين الدول القومية . ويهدف كذلك الى توضيح المعنى الدقيق للديمقراطية الحقة , كونها منهج حياة يقود الى رعاية حقوق الانسان وصون كرامته , وكيف تنفذ الدول اغراضها السيئة من خلال رفع شعار الديمقراطية , مثل التدخل الانساني وحق تقرير المصير . من اجل الايفاء بهذا الغرض اتناول البحث في ثلاثة محاور :
المحور الاول .. يتناول حقوق الانسان في الديانات والحضارات وفي القوانين الدولية وفي المواثيق التي توافقت عليها الدول بشكل جماعي وصارت تشكل معيارا لتقيد الدول القومية بها .
المحور الثاني .. يتناول المعنى المصطلحي للديمقراطية ومقدار تلاقيها مع حقوق الانسان , بل وخدمة هذه الحقوق .
المحور الثالث .. الجانب العملي في تطبيق حقوق الانسان .
ترابط مضمون الديمقراطية وحقوق الانسان :
منذ القديم نظر الى الديمقراطية وحقوق الانسان كمفهومين منفصلين ,
ومؤخرا تم اعادة النظر في العلاقة بينهما , واقتران احدهما بالأخر . ولاسيما بعد ان توسعت مفاهيم الديمقراطية لتشمل الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية .
كذلك الامر بالنسبة لحقوق الانسان،الذي صار علما من العلوم الانسانية والقانونية ،وأنقسم الى قسمين الاول : القانون الدولي الانساني. والثاني : القانون الدولي لحقوق الانسان _ كما سنوضحه لاحقا _ .
هذه التطورات المحدثة على كل من الديمقراطية وحقوق الانسان , زادت من الرأي القائل بالعلاقة الوثيقة بينهما . وضرورة الاعتراف بالعلاقة بين الديمقراطية وحقوق الانسان. فالديمقراطية بمفهومها العا م تتضمن احترام حقوق الانسان وبناء المجتمع المدني، كذلك يشكلان اطاراً جديدا في واقع وفكرالمجتمع المعاصر،الامرالذي يتطلب لنجاح واستدامة التحول الديمقراطي ان تحدث تحولا ت بنيوية شاملة في مجالات السياسة والثقافة والاقتصاد والاجتماع وفي سلوك الافراد بعامة . ومعنى ذلك ان الديمقراطية وحقوق الانسان يحتاجان الى تأسيس وعي لدى افراد المجتمع ومؤسساته ،والى غرس منظومة ثقافية لديهم وتنشأتهم اجتماعيا من خلال مؤسسات تعليمية واعلامية وثقافية، بحيث تترسخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان في السلوك اليومي لجميع الافراد . والديمقراطية هي الاطارالذي يتوافق مع احترام حقوق الانسان المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وهذه الحقوق غير قابلة للتجزئة بل تكمل بعضها البعض . ذلك ان غياب الحقوق المدنية والسياسية يمكن ان يعوق الحقوق الاجتماعية والاقتصادية وان تجاهل هذه الاخيرة يمكن ان يقوض الحريات المدنية والسياسية، فالفقريقيد حريات الانسان ويضعف مشاركته في الحياة العامة .
ان تنمية الوعي بحقوق الانسان اصبحت من اهم مجالات البحث والدراسة في علم الاجتماع السياسي علاوة على كونه من اهم مجالات التنمية والتحديث في اي مجتمع من المجتمعات خاصة مجتمعاتنا التي تتصف بارتفاع معدلات الامية وتدني مستويات التعليم والثقافة وضعف مستويات التحديث والتحضر , مقابل تزايد فاعلية القوى الطائفية والعشائرية والدينية والقومية الشوفينية التي تشكل نقيضا للوعي الوطني والولاء للوطن , ويضعف الانتماء المشترك الى الوطن الصغيروالوطن العربي الكبير .
الديمقراطية وحقوق الانسان:
الديمقراطية هي الاطار الذي يتوافق مع احترام جميع حقوق الانسان المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وهذه الحقوق غير قابلة للتجزئة وهي تكمل وتعزز بعضهاالبعض . فالحقوق المدنية والسياسية تضمن نيل حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.. ذلك ان غياب الحقوق المدنية والسياسية يمكن ان يعوق الحقوق الاجتماعية والاقتصادية وان تجاهل هذه الاخيرة يمكن ان يقوض الحريات المدنية والسياسية ،فالفقر يقيد حريات الانسان ويضعف مشاركته في الحياة العامة .
تميزوضع الديمقراطية في الوطن العربي في الماضي والحاضر برفض الاخر السياسي . أي رفض المعارضة للحكم القائم . لذلك فان تجديد الفكرالعربي ومكوناته المعرفية يكون اليوم اكثر من اي وقت مضى ضرورة وطنية وحضارية ليس من اجل التقد موحسب ولكن من اجل الحفاظ على وجود الامة . فالديمقراطية بمفهومها العام تتضمن احترام حقوق الانسان وبناء المجتمع المدني، كلذلك يشكل اطاراًجديداً في واقع وفكر المجتمع المعاصر ،الامر الذي يتطلب لنجاح واستدامة التحول الديمقراطي ان تحدث تحولات بنائية وهيكلية شاملة في مجالات السياسة والثقافة والاقتصاد والاجتماع بل وفي السيكولوجية الفردية والجماعية معا، ومعنى ذلك ان الديمقراطية وحقوق الانسان يحتاج الى تأسيس وعي لدى الافراد والجماعات ،والى تأسيس منظومة ثقافية واساليب وطرق تنشئة اجتماعية ومؤسسات تعليم واعلام وثقافة ،بما يرسخهما في السلوك اليومي لجميع الافراد والتدرب عليها من خلال ممارساتهم اليومية .
ان تنمية الوعي بحقوق الانسان اصبحت من اهم مجالات البحث والدراسة في علم الاجتماع السياسي علاوة على كونه من اهم مجالات التنمية والتحديث في اي مجتمع من المجتمعات خاصة مجتمعاتنا التي تتصف بارتفاع معدلات الامية وتدني مستويات لتعليم والثقافة وضعف مستويات التحديث والتحضر مقابل تزايد فاعلية القوى الطائفية والعشائرية التي تشكل نقيضا للوعي الوطني ويضعف الانتماء المشترك الى الوطن الصغير والوطن الكبير . .
ان الديمقراطية تجربة انسانية تتطور باستمرار . وقد جاءت من اجل المحافظة على كرامة الانسان وحقوقه ،وهي وليدة تحول اجتماعي اقتصادي سياسي . فهي تجربة انسانيةعالمية يمكن الاستفادة منها حسب ظروف ومعطيات كل مجتمع ولابد من خوض معترك الديمقراطية لانها اسلوب حياة لمجتمع ناهض ولتحسين رصيدنا في مجال حقوقالانسان . ولتعميق عمليات الاندماج الوطني وحشد الجهود والطاقات لتحقيق التنمية الشاملة .
المحور الاول : القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان
مصطلحان متداخلان يعنيان بالإنسان وكرامته , سواء في الحرب اوالسلم . وقد ثارجدل واسع بين رجال القانون الدولي لانساني ,فاجمعوا أن القانون الدولي الانساني خاص بالدول , وطالبها ان ترعى حقوق الانسان المقاتل عندما يجرح في الحرب ا ويؤسر . اما الحقوق الاخرى التي عنيت بالإنسان وبكرامته الانسانية , فيرعاها القانون الدولي لحقوق الانسان .
ما يعنينا في هذه الدورة هوالقانون الدولي لحقوق الانسان , لان تعاملنا مع الانسان الفرد في الشارع وفي الوطن ككل .وتعود العناية بالإنسان الفرد الى قرون عديدة , وتطورت العناية به مع التطورالاجتماعي الذي عاشته المجموعة البشرية من الزمان والمكان . وقد كانت التقاليد هي التي تحدد نمط الحريات والحقوق الممنوحة للإنسان وخاصة المرأة .ولكن هذه الحقوق لم تدون كما هوحال الاعلانات والمعاهدات التي تبرم حديثا , ومع ذلك فقد ارتبطت حقوق الانسان بالمبادئ القيمية والاخلاقية أكثر من ارتباطها بالقوانين، اذ ما قيمة القوانين اذا لم يحترمها الفرد طواعية وبدون رقيب . .
ومع نشؤ الحضارات المعروفة في وادي النيل وبلاد ما بين النهرين _ مثل الحضارة الفرعونية وحضارات بابل واشور وسومر وأكد , شرعت القوانين الخاصة بحقوق الانسان , وعندما نشأت الدول القومية , وتشابكت علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية , ومع تطور وسائل الاتصال والاعلام , صارأي انتهاك لحقوق الانسان مكشوفا امام الرأي العام العالمي , ولذلك تداعت الدول ومعها المفكرون الى صياغة قوانين تحفظ حقوق الانسان . .
وأولت الديانات السماوية الانسان العناية التي يستحقها والتي منحها الله له ,وتضمنت التوراة والانجيل والقرآن الكثير من الحقوق التي تضمن انسانية الانسان وكرامته .كونه من اعز مخلوقات الله ولهذا بات احترام حقوق الانسان وحرياته احد اهم مقاييس الدولة الديمقراطية وسيادة القانون , وهي التي توفر الضمانات الكافية لها . وتتجلى هذه الضمانات في مجال العدالة الجنائية عندما يكون الفرد معرضا لاجراءات استثنائية تمس بكرامته ولاسيما اثناء التحقيق والاستجواب .
تطور حقوق الانسان عبر التاريخ :
1 . المرحلة العرفية ..لقد خضعت تلك الحقوق للعادات والتقاليد , حيث سادت حياة الرق والعبودية . وتحكم السادة من الملوك والامراء في باقي ابناء الشعب .
2 . المرحلة القانونية .. وتمثل هذه المرحلة الحضارات القديمة مثل حضارة وادي الرافدين وبالذات الحضارة البابلية , حيث كانت مسلة حمورابي التي تضمنت الدستور البابلي الذي فصل حقوق الانسان الرجل والمرأة . كذلك قوانين الحضارة المصرية زمن حكم الفراعنة . وقانون صولون اليوناني , والارواح الرومانية .
3 . المرحلة الدستورية و وهي التي شهدت تدوين الدساتير مثل قوانين الملك الفارسية , وقانون المشروطية للدولة العثمانية .
حقوق الانسان في الشريعة الاسلامية:
جاء الاسلام ليبين ان الله أصطفى أدم من بين خلقه ليكون هو وذريته خلفاءه على الارض , ومنحه من التكريم ما لم يمنحه لباقي مخلوقاته , لقوله تعالى ( ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر . ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) _الاسراء 70 . كما سخر الله للإنسان ما فوق الارض وما تحتها وما تحويه البحار والانهار لقوله ( الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون . وسخر لكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه . ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) الجاثية _12 ، 13 .
ان هذه الآيات وغيرها الكثير تدل على الحرص من الله العلي القدير على حق الحياة المادية والروحية , وبالمقابل حرم الله قتل الغير بدون حق , كما منع النفس من الانتحار , واعتبرت الشريعة الاسلامية القتل من افات المجتمع الخطيرة لقوله تعالى ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق . ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا ) الاسراء _33 .
وقد سبقت الشريعة الاسلامية كل الصكوك الدولية في ضمان حرمة المسكن , لقوله تعالى ( يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها . ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون . فان لم تجدوا فيها احدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم . وان قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم . والله بما تعملون عليم ) النور _27 و28 .
واولت الشريعة الاسلامية صحة الانسان عناية كبيرة لان سلامة العقول من سلامة الابدان , وبسلامة الابدان يتمكن الانسان من اداء واجباته ازاء ربه وازاء نفسه وازاء المجتمع الذي يعيش فيه . فالإنسان السليم القوي خير من الضعيف المستكين , فهو عون لنفسه في كسب قوته وقوت عياله , وعون لأهله وقومه يحميهم من عوادي الزمن , وعون لوطنه لقول الرسول محمد _ صلى الله عليه وسلم _ " المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير " سنن ابن ماجه .
والشريعة مع الملكية الخاصة الفردية ما دام صاحبها يخرج ما عليها من زكاة للفقراء والمساكين والمحتاجين من ابناء المجتمع , لان ما يملكه الفرد هو من عند الله لقوله ( والله يرزق من يشاء بغير حساب ) النور _38 . وفرض الله الزكاة لتطهر هذه الاموال وتفيد الفقراء لقوله تعالى ( والذين في اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) المعارج _24و 25 .
وكرم الله العمل كقيمة اجتماعية , ونهى عن الكسل والخمول لقوله تعالى ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) التوبة _105 . لكون العمل هو العنصر الفعال للكسب الذي اباحه الله .
أما المرأة التي افردت لها المواثيق الدولية مواد في دساتيرها , وأكدت على ضرورة منحها حقها في الحياة العملية , فان الاسلام سن مساواة المرأة مع الرجل في الخلق والجنس وفي العقيدة والتكليف والمسؤولية . والمساواة في اجراء عقد الزواج بالرضا والاختيار والمساواة في الاهلية القانونية .لقوله تعالى ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسألون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا ) النساء _1 .
وتتساوى المرأة والرجل في العقيدة والتكليف والمسؤولية لقوله تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم ) التوبة _ 71 . وهذه المساواة وردت في عشرات الآيات التي خاطب الله الناس كافة رجالا ونساء , فخاطبهم بالمؤمنين والصالحين والساجدين , كما قرنت الآيات الرجل والانثى في الاعمال وفي الثواب والعقاب لقوله تعالى ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) النساء _ 124 .
حقوق الانسان في القوانين الدولية القومية:
1.القوانين البريطانية .. صدرت عدة وثائق في تاريخ بريطانيا خاصة بحقوق الانسان منها :
أ. وثيقة العهد عام 1215 وقد صدرت اثر صراع بين الملك واللوردات بهدف الحد من سلطة الملك .
ب. عريضة الحقوق عام 1229
ج . قائمة الحقوق عام 1689 . وهذان القانونان صدرا اثر صراع بين البرلمان وبين الملك , افضى الى تحديد صلاحيات الملك وحصرها في نطاق بروتوكولي .
د. قانون الحرية الشخصية 1679 وعدل عام 1816
2.الاعلانات الامريكية .. شكلت شرعة فرجينيا 1776 ,اول قانون ينظم حقوق الانسان . وعقب الثورة الامريكية ضد الاستعمار البريطاني في 13 ولاية امريكية و صدرت وثيقة الاستقلال 1776 وعدلت عام 1868 التي اكدتحق المواطن في محاكمة عادلة وعلنية . وصدر قانون حق المرأة عام 1920 , وصدر الدستور الاتحادي عام 1776 وجاء فيه " يحق لمرتكب الجريمة ان يطالب بالاسراع في محاكمته .. وان يعرف بجريمته , وان يقابل الشهود ويسمع اقوالهم . وله الحق في الحصول على شهود يشهدون لمصلحته و وان يعين من يدافع عنه .
3 . الثورة الفرنسية 1789 .. وقد اعلنت الثورة الفرنسية حقوق الانسان , وصدر الدستور عام 1791 الذي ركز على المبادئ التي صارت فيما بعد مصدرا للدساتير العالمية ( الحياة , الحرية , المساواة ) . وهدف المجتمع السياسي يتمثل في الحفاظ على حقوق الانسان ,اذ ان الانسان هو الغاية .ولا توجد حدود تقيد حرية الانسان الا الحدود الناجمة عن ممارسة الغيرلحقوق الطبيعة . واقرارالمساواة المدنية بين المواطنين امام القانون , وعدم التمييز بين الافراد من حيث الخدمات التي تقدمها الدولة . وغيرها من المواد التي تؤكد الكرامة الانسانية .
حقوق الانسان في المواثيق الاممية والمنظمات الدولية:
1.عصبة الامم وهي المنظمة الدولية التي انشأت عقب الحرب العالمية الاولى ( 1914-1918) وقد تركزت في موادها على منع المانيا من القيام بعدوان اخر.
2.منظمة الامم المتحدة 1945 التي انشأت عقب الحرب العالمية الثانية للحيلولة دون نشوب حرب مدمرة اخرى مثل الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها قرابة 40 مليون انسان , اضافة الى الدمار الذي حل بالدول التي دخلت الحرب من الجانبين , الحلفاء والمحور . وقد صدر عن اجتماع سان فرانسيكو ميثاق ينظم علاقات الامم والدول , وقد وردت حقوق الانسان في متن الديباجة والمادتين 55 و56 . وتضمنت مواد الميثاق نصوصا واضحة في الحفاظ على حقوق الانسان , وجعلتها من احدى اهداف الامم المتحدة , وهذه المواد تلزم الدول الاعضاء والمنظمة بالعمل على احترام حقوق الانسان كافة . وطالبت دول العالم اشاعة الحريات الاساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين , ولا تفريق بين الرجال والنساء .
تعد ديباجة ميثاق الامم المتحدة مهمة جدا , فقد تضمنت حقوق الانسان من خلال المقدمة التي جاء فيها " نحن شعوب الامم المتحدة , وقد ألينا على انفسنا أن ننقذ الاجيال المقبلة من ويلات الحرب .. وان نؤكد من جديد ايماننا بالحقوق الاساسية للانسان وبكرامة الفرد وقدره , وبما للرجال والنساء والامم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية ,. وان تدفع بالرقي الاجتماعي قدما وان ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح وان ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح .
ومن المؤسسات التابعة للامم المتحدة : الجمعية العامة التي تكون قراراتها بمثابة التوصيات غير الملزمة للدول , في حين تكون قرارات مجلس الامن ملزمة ولاسيما قراراته على الفصل السابع ( من المادة 39 -42 ) . وياتي المجلس الاقتصادي والاجتماعي , ومجلس حقوق الانسان من المؤسسات المعنية بحقوق الانسان , وتراقب اداء الدول وتنفيذها للاعلانات والقوانين الصادرة عن مؤسسات الامم المتحدة .
الاعلانات الدولية :
أ . الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 يتكون من مقدمة وثلاثين ماده , وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 كانون الاول /نوفمبر 1948 . ويعد الاعلان من اكثر الاعلانات الدولية شهرة واثارة للجدل , ويبدو ان مواد الاعلان شبيهة بالإعلانات الامريكية والفرنسية , فقد عد الاعلان جميع الناس يولدون احرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق . كما نص الاعلان على الحقوق والحريات الشخصية مثل حق الحياة والحرية والامن الشخصي والحرية من العبودية والرق , وعدم الخضوع الى التعذيب او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او الماسة بالكرامة الانسانية .
ونص الاعلان على ان الناس متساوون امام القانون , ويمكن لأي انسان ان يلجأ الى القضاء او الى المحاكم الوطنية , كما نص على عدم تعرض الافراد الى الاعتقال او الحجز او النفي بشكل تعسفي , ونص على حق التمتع بالجنسية والحق في الزواج وتأسيس أسرة , وكذلك نص على حرية الفكر والدين والتملك والرأي والتعبير , وحرية الاشتراك في الاجتماعات والمشاركة في الشؤون العامة .تضمنت مواده مبائ اساسية : الحياة . الحرية . الامن الشخصي . التحرر من الرق . نبذ العنف او العقوبة اللاانسانية او الماسة بالكرامة. الناس متساوون امام القانون. وعدم تعرضهم للاعتقال او النفي التعسفي . حق الزواج وتأسيس اسرة . حرية الفكر والضمير والدين . حق التملك . حرية الرأي والتعبير . الاشتراك في الاجتماعات العامة . الحق في الضمان الاجتماعي . اختيار العمل . الانضمام للنقابات . وضمن الاعلان حرية التجمع وفق القوانين القومية للدول , بما يضمن الامن وحماية حقوق الغير وحرياتهم , اي الدعوة الى احترام قوانين الدول المحلية الداعية الى الحفاظ على البيئة ومراعاة الاداب العامة , وعدم الاضرار بالغير او خدش الحياء . ونص الاعلان على ان يكون التجمع سلميا , واية مخالفة لما ورد اعلاه هو مخالفة لنص المادتين 20و21 من الاعلان العالمي .
ب. العهدان الدوليان لحقوق الانسان 1966 :
المقصود بالعهدين الدوليين هما :
1 . الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
2 . الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية .
لقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هاتين الاتفاقيتين عام 1966 كتذكير للدول بالتزاماتها طبقا لميثاقها فيما يتعلق بحقوق الانسان . وقد عالجت الاتفاقيتان معظم المسائل المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية , ومعظمها ورد في الاعلانات الدولية وفي ميثاق الامم المتحدة .
وقد تضمنت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وحقوق مدنية وسياسية .
ورد في الحقوق المدنية والسياسية " لا يجوز تعذيب اي انسان بما يمس كرامته ( المادة 7 ) . و " جميع الاشخاص متساوون امام القضاء وحقه في محاكمة عادلة وعلانية بواسطة محكمة مختصة وصدور الحكم علنا "( المادة14).
ومن الحقوق المدنية والسياسية حق الحياة والحرية والامن وعدم الاسترقاق , وعدم الخضوع للتعذيب , والمساواة امام القضاء , وحقه في الحماية القانونية .كما ضمنت للشخص حقه الاجتماعي والاقتصادي كحقه في التملك والتنقل ونيل الجنسية والزواج وتكوين اسرة . وفي المجال السياسي له الحق في الانتماء الى الجمعيات والاحزاب , وحق التظاهر وتقديم الشكاوى , وحق الرأي والتعبير , وحق الاختيار .
حماية حقوق الانسان واغراض التدخل الانسان:
عندما حصل تدخل الولايات المتحدة ودول حلف الناتو في كل من الصومال والبوسنة وكوسوفو لأغراض انسانية . اثارذاك التدخل جدلا بين القانونيين والسياسيين , لان ذاك التدخل انحصرفي حالات محددة ولم يحصل في حالات اخرى , كان المطلوب ان تنتصر هذه الدول للإنسان فيها , رغم انه عانى من الحروب والويلات مثل رواندا وبوروندي وسيراليون , والان يصم الغرب أذانهم عما يجري لمسلمي الروهينغا في مينمار على يد البوذيين , والان تحث الدول الغربية الدول الافريقية للتدخل في مالي لمواجهة تنظيم القاعدة في شمال البلاد , ولاسيما بعد مقتل السفير الامريكي في بنغازي هذا العام .
ومن لاشكالات التي اثارتها فكرة التدخل الانساني كونها تتعارض مع مفهوم السيادة التي نص عليها ميثاق الامم المتحدة المادتان ( 1_2) , وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول , وعليه فقد استبدلت الامم المتحدة مصطلح " التدخل لأغراض انسانية " بمصطلح اخر هو " الحمايةالبشرية " في أي بلد يشهد مواطنوه اضطهادا وعنفا يفضي الى القتل الجماعي . وتظل فكرة التدخل العسكري لأغراض انسانية مرهونة بإيمان الدول العظمى بضرورة حماية الانسان فقط بعيدا عن أي غرض اخر , وبغض النظر عن الجنس واللون والدين والمذهب وبعيدا عن المصالح والاستراتيجيات التي تحكم اعمال وتصرفات هذه الدول . ,
التدخل الانساني بغرض حماية الانسان من الهلاك , يحتاج الى نظرة تسودها المساواة والقصد الاخلاقي , واعتبار كل البشر سواسية دونما أي اعتباراخر , اذ لا يجوز التدخل لحماية انسان في بلد ما وتركه يهلك في بلد اخر , أي لا يجوز الكيل بمكيالين .
المحور الثاني : الديمقراطية والنظم الديمقراطية :
نشأة الديمقراطية ومضمونها :
ان كل اشكال الديمقراطية ، تعتمد الى حدما على المفهوم اليوناني القديم " وتعني " حكم الشعب " المشتق من الكلمتين " ديموس " " شعب " وكراتس " " حكم " . هذه الجزء المركزي من المفهوم ،لايزال يشكل نقطة اساسية في تعريفات الديمقراطية الحديثة ، ويتضمن ذلك اعلان فينا سنة 1993. الذي جاء فيه أن:
"الديمقراطية ترتكزعلى تعبير رغبة الشعب في تقرير نظامه السياسي ، الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ،ومشاركته الكاملة في جميع نواحي الحياه.
اما الحكومات الديمقراطية فهي التي تمارس السلطة المدنية بواسطة المواطنين من خلال مندوبين يتم انتخابهم بحرية بعيدا عن الاحتواء والاغراء بالمال السياسي .
والحكم الديمقراطي لا يغفل الحقوق الفردية للانسان , ويحول دون قيام نظام مركزي يمتلك السلطة كلها , ,
تميز وضع الديمقراطية في الوطن العربي في الماضي والحاضر برفض الاخرالسياسي . أي رفض المعارضة للحكم القائم . لذلك فان تجديد الفكر العربي ومكوناته المعرفية يكون اليوم اكثرمن اي وقت مضى ضرورة وطنية وحضارية ليس من اجل التقد وحسب ولكن من اجل الحفاظ على وجود الامة . .
ان الديمقراطية تجربة انسانية تتطور باستمرار وقد جاءت من اجل المحافظة على كرامة الانسان وحقوقه، وهي وليدة تحول اجتماعي اقتصادي سياسي . فهي تجربة انسانية عالمية يمكن الاستفادة منها حسب ظروف ومعطيات كل مجتمع .ولابد من خوض معترك الديمقراطية لأنها اسلوب حياة لمجتمع ناهض , وسبيل للتقدم وتحسين رصيد بلادنا في مجال حقوق الانسان في العالم . وسوف تبقى الديمقراطية من اكثر المسائل التي تشغل الفكر الانساني والفكر السياسي والصيغ الدستورية الان وفي المستقبل القريب والبعيد لان مسألة الديمقراطية هي مسألة انسانية , لان الانسان كائن حي متطور , ولذلك فان أية نظرية تعالج قضايا الانسان لابد ان تكون متطورة ايضا , عكس النظريات العلمية التي تتعامل مع الجماد , وهي مسألة مركزية في نهج الانظمة التي ترعى الديمقراطية . حيث لايكفي ان نعتني بها نظريا فحسب بل لا بد ان نخضعها الى الممارسة العملية , فبالممارسة العملية نختبر النظرية ونعرف مقدار سلامتها وصحتها , والاختبار العملي يعتمد على مقدار رقي القائمين على تطبيقها , ومستوى ثقافة ابناء المجتمع وقبولهم فكرة التجديد . وهي القادرة على تفجير طاقات المواطنين وتحرر مكنونانتهم الدفينة التي سحقها الخوف والحرمان والتردد , اما ابقاء شبح الخوف والفزع في حياة المواطنين يهدد حياتهم ومستقبلهم فيعني اختزال قوتهم واضعافها . .
والديمقراطية لا تأتي من ممر واحد بل من ممرين , أي المواطن وعلاقته بالسلطة , وكذلك علاقة السلطة بالمواطن . الديمقراطية هذه المسألة مثيرة للجدل وقد طرحت لها تفسيرات عديدة ونعني بالديمقراطية مصدر قوة للفرد والمجتمع حيث تتضمن منافسة فعالة بين الأحزاب السياسية على مراكز في السلطة .
وعندما ترتج مفاهيم المسؤول في الممارسة الديمقراطية وعلاقته مع المواطنين ,فانه يصبح عرضة للنقد من شرائح المجتمع , ويتجرأ المواطنون على المطالبة بإسقاطه , او مطالبته بإصلاحات جذرية تحد من سلطته .ومن اجل ان يبعد المسؤول عن نفسه غضب الجماهيرعليه ان يتبادل معهم الموقع , أي ان يصبح مواطنا من القاعدة الشعبية , ويتمثل معاناة المواطن البسيط الفقير اوالعاطل عن العمل . ومع ذلك فالديمقراطية لا تلغي دور القائد ومسؤولياته المحددة بقانون , ولاتلغي ثقله الاستثنائي في الاوقات الحرجة او الاستثنائية , وفي مثل هكذا حالات لايجو زتحويل الحالة الاستثنائية الىقانون عام بديل عن الممارسة الديمقراطية المشروعة , وان ضعاف القدرة وضعاف المعرفة هم الذين يتصورون وجود تناقض بين الديمقراطية وبين مركزية القرار , وبي المحافظة على الدور والموقع القيادي . .
ان الديمقراطية تقوي العلاقات بين المواطنين عندما يسود الاحترام للقوانين , وعندما يكون الالتزام في تنفيذ الاوامر عاليا , وعندها لا تكون القوة في هذه الحالة قوة شخصية , بل هي تعبيرعن قدرة مبدئية وموضوعية .
انني اجزم انه لا تناقض بين الديمقراطية وبين القوة المشروعة بقوانين , فلا يتصور احد ان ا لديمقراطية تفقد المسؤول هيبته وسيطرته المركزية .
كما ان حق ممارسة الديمقراطية لاتحدد بكفاءات خاصة , وان عدم كفاءة الجهة المعنية بممارسة الديمقراطية لا توجب تعطيل الممارسة الديمقراطية , بل يستوجب زيادة الاهتمام بالمنهج اوالطريق الذي يوصل ا لى المستوى الصحيح الذي يؤهل المسؤول لقيادة الجماعية . ولا يجوز للكفاءة ان تتفرد بصنع القرارات بمعزل عنا لشعب من خلال ممثليه في السلطة التشريعية . وعلى الرغم من وجود فوارق بين النظم الديمقراطية في ا لعالم ،فإن هناك مبادئ وممارسات محددة تميز الحكومات الديمقراطية عن غيرها من نظم الحكم . والحكومةا لديمقراطية هي تلك التي تمارَس فيها السلطة والمسؤوليات المدنية بواسطة كل المواطنين بصورة مباشرة أوعبر مندوبين عنهم يتم انتخابهم بحرية . .
والديمقراطية في جانبها العملي هي مجموعة من المبادئ والممارسات التي تحمي حرية الإنسان ؛ إنها بمعنى آخر مؤسسة للحرية . وتقوم الديمقراطية على أساس حكم الأغلبية المقرون بحقوق الفرد والأقليات. فجميع الديمقراطيات ،التي تحترم إرادة الأغلبية ،تحمي في الآن ذاته وبالحماس ذاته الحقوق الأساسية للفرد وللأقليات . وتُخضع الديمقراطية الحكومات لحكم القانون وتؤكد على أن كل مواطنيها يلقون الحماية بدرجة متساوية في ظل القانون وأن حقوقه يحميها النظام القانوني تلتزم المجتمعات الديمقراطية بقيم التسامح والتعاون والتوصل إلى الحلول الوسط. فالديمقراطيات تدرك أن الوصول إلى اتفاق عام على قضية خلافية يتطلب الوصول إلىالحلول الوسط التي قد لاتكون سهلة المنال دائما. وكما قال المهاتما غاندي "فإن عدم التسامح في حد ذاته يمثل صورة من صور العنف وعقبة أمام نمو الروح الديمقراطية الحقة " .
الديمقراطية والسيادة الوطنية:
الديمقراطية مطلب عام لدى كل الامم والشعوب ,وهي مصدرقوة للفرد والمجتمع , وضرورة مبدئية وعملية , كما انها نظرة شمولية للحياة ,ومع ذلك قد يطرح تطبيق الديمقراطية في ظروف تتعرض البلاد الى تهديدات خطيرة تنذر بزوال الهوية الوطنية والاستقلال الوطني . .
عندما يطالب الشعب اوتطالب فئات معارضة لنظام الحكم القائم بتطبيق الديمقراطية , ولديها ولاءات خارجية تهدد سلامة البلاد وهوية المواطنين , قد يبدو هذاالمطلب طبيعيا ومنطقيا في المنظور النظري .فاين هي المشكلة ؟ . انها تكمن في التقاطع الفاضح بين الديمقراطية وبين السيادة والاستقلال الوطني , والولاء الحقيقي للوطن , وانتماء الوطن الصغيرللوطن الكبير . .
عندما يتوفر الولاء الوطني لدىالجميع ولديهم ايمان كبير باستقلال وطنهم , وحرص اكيد على الهوية الوطنية العربية والقومية , أي الانتماء الى الوطن العربي والى الامة العربية .عندها لاضير ان يحصل التغيير الديمقراطي في القيادات العليا وضمن خيمة الديمقراطية . ولكن عندما يكون البلد مهددا في وجوده وكيانه , فان المعيار الديمقراطي الذي تنادي به الدول الغربية وقوى المعارضة في الداخل , لايصلح وحده للإصلاح , ولاب من ربطه بالتحدي الخارجي , وتحديد أي الخيارين له الاسبقية في التطبيق . واذا ما تم استخدام الخيار الديمقراطي وحده على حساب الخيارالوطني والاستقلال , واهمال التهديد الخارجي , فان هذا الطرح يخدم انصار التبعية الخارجية , وسيكون على حساب الولاء الوطني . فالخيار الديمقراطي المعزول عن التحدي الخارجي , يقود الى نفق مظلم , وكارثة محققة وله نتائج وخيمة على الكيان الوطني المستقل .
الخيار الوطني ليس ابتكارا من عندنا وليس جديدا في السياسة الدولية , بل سارت عليه معظم شعوب العالم , وبالذات اثناء الازمات والحروب , فقد سارت عليه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا والصين .وكما كانت هذه الحالة صالحة في الماضي فإنها صالحة الان , وكما كانت صالحة لأمم اخرى إنها صالحة للامة العربية في كل اقطارها . ونذكر ان هذه الدول قدمت قوانين الطوارئ على حساب مستلزمات الديمقراطية في حالات وجود تهديد خارجي .
الديمقراطية وحق تقرير المصير:
يبدو لاول وهلة أن حق تقرير المصير مطلب واقعي وانساني , وعندما يتعرض شعب ما او قومية او اصحاب دين معين او طائفة الى الاضطهاد والظلم والتهميش والاقصاء السياسي , فمن المنطقي ان تسعى هذه الفئات الى النضال السلمي للمطالبة بحقوقها المشروعة التي ضمنتها الاديان السماوية والقوانين الوضعية , وتناشد الهيئات الدولية المعنية بحقوق الانسان , وتطلب مساعدتها لنيل هذه الحقوق وعندما لا تجدي الاساليب السلمية نفعا قد تلجأ الى استخدام السلاحأي العنف المسلح ضد نظام الحكم الذي اغتصب حقوقها وحرمها من ممارسة حياتها الكريمة .ومن ثم تطالب بحق تقرير المصير , هذا الحق الذي طالما انتهى الى الانفصال عن الوطن الام .
ومهما كانت درجة الظلم الذي يطال فئة من الفئات الانف ذكرها , فإنها لاتستطيع تحقيق مطالبها بدون دعم خارجي . وبات واضحا ان الدول الغربية الاستعمارية تتحين مثل هذه الفرص لكي تتدخل لصالح الفئات المظلومة وتشجعها على الانفصال عن الوطن الام وهذا ما حصل في انفصال تيمور الشرقية عن اندونيسيا ,وكوسوفو عن صربيا , وجنوب السودان عن السودان الام .وبمقدار ما يكون مطلب الاقليات الدينية او العرقية او الطائفية مشروعا , فان حق تقرير المصير في مثل هذه الحالات لن يعود بالخير والفائدة عليها .نظرا لكثرة المشكلات التي تعترضها بعد الانفصال . وترى الجماعة الدولية أن حق تقرير المصير يمارس عموماًعن طريق الوسائل السلمية والديمقراطية التي يُعد الاقتراع العام أهمها , أما إذا رفضت السلطة التي يعيش الشعب فيها أوالقوى الاستعمارية تطبيق هذا السبيل السلمي وأنكرت على الشعوب حقها في تقريرمصيرها , فإن لهذه الشعوب أن تمارس الكفاح المسلح ،وهو ما يسمى تقرير المصير الثوري .والكفاح الوطني المسلح ضد الاستعمار أمر أقرته الأمم المتحدة بقراراتها وإعلاناتها والمواثيق التي أقرتها وممارستها. وهو ليس إرهاباً. الإرهاب هوفي التصدي للكفاح الوطني المسلح وفي العدوان والاحتلال.
بدأت بعض الشعوب التي كانت أقليات في وحدة سياسية واحدة تتحلل من تلك الوحدة وتؤلف دولا خاصة بها. وهذا ماحصل للاتحاد السوفييتي , وكذلك ما حصل للاتحاد اليوغسلافي سابقاً ،وقد تم ذلك باسم حق تقرير المصير،ولكن في بعض الحالات تبين أن التعاون الاثني أو الديني يحمل أقلية ما على التمرد والانفصال باسم تقريرالمصير كصرب البوسنة في جمهورية البوسنة والأكراد في العراق وجنوب السودان وغيرهم.
وهكذا عاد تقريرالمصيرالقومي للانبعاث أو يكاد. وهولوأطلق على غاربه سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في العلاقات الدولية .
حقوق الانسان في مواثيق البحرين:
جاء دستور البحرين استجابة لتطلع ابناء البحرين الى رسم صورة لمستقبلهم ومستقبل بلادهم , يقوم على مبدأي الشورى والعدل , ويضمن الحريات العامة والشخصية ويحقق المساواة . وهذه المبادئ النابعة من الشريعة الاسلامية , لم تفرق بين الناس على اساس الجنس او الدين او اللغة , بل الكل متساوون امام العدالة وامام القضاء , واضافة الى الحقوق والواجبات فقد اشتمل الدستورالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية .
وأكد ميثاق العمل الوطني في مقدمته على حقوق الانسان , واكد في الفصل الاول تحت عنوان " المقومات الاساسية للمجتمع " على استقرار المجتمع , بحيث يتصف بمجموعة من القيم الاساسية الي تضمن تماسكه وتدفعه الى الامام , وتعمل على رفعته ونهضته وتقدمه , انطلاقا من الشريعة الاسلامية .
واوضح الميثاق ان المجتمع يقوم على عدة اعمدة اساسية لا يجوز اغفالها وهي : العدالة والمساواة وسيادة القانون والحرية والامن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين وحريةالمرأة والطفل " .
واكد الدستور في تعديله عام 2002 على مبادئ مهمة اخرى مثل : الحق في التنمية , والحق في السلام , والحق في العيش في بيئة خالية من التلوث , والحق في حرية المرأة والطفل " .
المحور الثالث : المعايير الدولية لاحترام حقوق الانسان (الجانب العملي):
اولا : حقوق الانسان الشخصية :
لقد ضمنت الديانات السماوية والحضارات القديمة والصكوك المدنية حقوق الانسان في الحياة والعيش الكريم والمساواة في التقاضي امام محاكم مختصة , وعدم تعرضه للاذى والتعذيب وعدم تعرض اسرته ومنزله وممتلكاته للاذى ايضا .
المساواة امام القضاء :
اهتم الاعلان العالمي لحقوق الانسان بهذا الموضوع , فقد نصت المادة 10 منه " لكل انسان الحق في ان تنظر في قضيته بانصاف وعلانية محكمة مستقلة تفصل في الحقوق والواجبات . اما المادة 11 من الاعلان " كل انسان متهم بجريمة يعد بريئا الى ان تثبت ادانته .له ضمانات للدفاع عن نفسه وله حق :
- ابلاغه فورا بتفاصيل التهمة الموجهة اليه
- منحه الوقت الكافي لاعداد دفاعه عن نفسه والاتصال بمحاميه .
- محاكمته بدون تأثير مادي او معنوي .
- ضمان حضور شهوده .
- توفير مترجم لمن لا يجيد لغة المحقق .
- لا يلتزم بالشهادة ضد نفسه او الاعتراف انه مذنب .
- الحق في اعادة محاكمته من محكمة اعلى .
- الحق في تعويضه اذا الغي الحكم .
- اما في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .. نصت المادة 7 " لا يجوز تعذيب اي انسان بما يمس كرامته . والمادة 14 " جميع الاشخاص متساوون امام القضاء .. وله الحق في محاكمة عادلة وعلانية بواسطة محكمة مختصة وصدور الحكم علنا .
- ثانيا : حرية التجمع والاجتماع :
- اقر الاعلان العالمي حرية التجمع وفق القوانين القومية للدول , بما يضمن الامن العام , وحماية حقوق الغير وحرياتهم . اي الدعوة الى احترام قوانين الدول الوطنية الداعية الى الحفاظ على البيئة ومراعاة الاداب العامة وعدم الاضرار بالغير او خدش الحياء .
- ان الاصل في الاجتماع ان يكون سلميا , واي مخالفة لما ورد اعلاه هو مخالفة لنص المادتين 20و21 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان .
ثالثا : حقوق المعتقل والسجين :
1 . الحق في السلامة البدنية والاخلاقية .( عدم التعذيب او الاعتداء الجنسي )
2 . الحق في مستوى معيشي مناسب . ( النوم الامن , الغذاء الصحي , الماء الصالح للشرب , الكساء الملائم في الحر والبرد , النظافة ) .
3 . ضمان الامن للسجين والعناية بصحته . ( الفحص الطبي , مراجعة طبيب نفسي , وطبيب اسنان , قرز المختلين عقليا عن الاسوياء , مراعاة عدم الاضرار بالسجناء عن طريق الاطباء ) .
4 . حق السجين الاتصال بالخارج ,( اي مع الاهل , ومع السلك الدبلوماسي بالنسبة للاجانب , الاطلاع على ما يجري في الخارج . ) .
5 . حق تقديم الشكاوى ضد اية اجراءات قهرية ضدهم . ( له الحق في عرض شكواء الى سلطة قضائية اذا اهملت شكواه , اجراء تحقيق عاجل في الشكوى , )
6 . بيئة أمنة في السجون : ( السجن اصلاح قبل ان يكون عقوبة , توفير فرص عمل لاعالة عائلاتهم , هل يسمح للسجين بالعمل خارج السجن بحرية وعودته بنفسه ؟ , تعليم الاميين منهم , منح المؤهلين من السجناء تعليم زملائهم , توفير الانشطة الثقافية والاجتماعية , واشراك المجتمع الخارجي في هذه الانشطة , )
7 . الحق في ممارسة الفكر والدين للاشخاص المنتمين الى ديانات او طوائف او ثقافات , عدم التمييز بين الرجال والنساء في الحقوق , بل حمايتهن من العنف او الاعتداء الجنسي , الفصل بينهما . الاشراف عليهن من قبل موظفات اناث , عدم تعرض الاحداث الى اية انتهاكات جسدية او معنوية ,
8 . المحجوز برئ حتى تثبت ادانته , ويبجب تقديمه الى المحاكمة بالسرعة الممكنة
9 . عدم عزل السجين بدواعي الاذلال او التطويع ( السؤال هو : هل العزلة الكاملة تؤدي الى الاصلاح ام الى الجنون ؟ ).
10 . هل يسمح بالسجون الخاصة ؟ .
رابعا : حقوق المتهم بمحاكمة عادلة :
1 . حق المتهم في محاكمة عادلة , اي محاكمته امام محكمة مستقلة , لان القضاء الحر هو قضاء مستقل وعلني ومجاني . وقد ورد هذا الحق في الاعلان العالمي لحقوق الانسان ( 10 ,11 ) .
2. علنية اجراءات المحاكمة , اي ان تكون بصوت مسموع , وهو ما نص عليه النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية , والاعلان العالمي .
3 . المواجهة بين الخصوم لكي يقدم كل منهم ادلته بكل حرية وبلا اكراه .
4 . المساواة بين الخصوم , اي دون تمييز بين غني وفقير او ابن مسؤول وابن فلاح .
5 . عدم تأخير المحاكمة اذا لم يكن مبرر للتاخير .
6 . عدم اكراه المتهم على الادلاء بشهادته تحت العنف او التعذيب .
7 . حق المتهم في استئناف الحكم الصادر بحقه .
8 . حق المتهم الاجنبي ان يستعين بمترجم ليمكنه من الدفاع عن نفسه .
9 . حق المتهم في استبدال الادلة التي انتزعت منه بالاكراه .
10 . حق المتهم بالاستعانة بمحام .
المراجع :
1.د . محمد الطراونه , قاضي محكمة استئناف عمان , الاردن , بوابة فلسطين القانونية , انترنت
2. مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان , سلسلة التدريب المهني رقم 11 , حقوق الانسان في السجون , جنيف 2004
3 . رائد العطار , الحوار المتمدن , 2011 , عن ندوة في المجلس الثقافي البريطاني , دمشق
4 . د . حسن طوالبه ,و د . علي ظوالبه , حقوق الانسان بين الشريعة والقانون , جامعة العلوم التطبيقية , البحرين , 2010 5 . د . عامر الزمالي , الفئات المحمية بموجب احكام القانون الدولي الانساني . ورقة مقدمة الى مؤتمر القاهرة 1999 .
6. محمد يوسف علوان , حقوق الانسان في ضؤ القوانين الوطنية والمواثيق الدولية , الكويت , 1989
7 . د . غازي صباريني , الوجيز في حقوق الانسان وحرياته الاساسية , عمان , 1997 .
.
9 . قانون تنظيم السجون واعادة تأهيل المسجونين , الجزائر , 2005 .
10 . مايكل اي هارتمان , مرصد مدربي حقوق الانسان في العالم العربي , التدريب على حقوق الانسان .
- اهم وثائق الدولية لحقوق الانسان:
1 . ميثاق الامم المتحدة
2 . الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948
3 . اتفاقيات جنيف 1949 . والبروتوكولات لعام 1977 ..
4. العهد الدولي لحقوق الانسان المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية 1966 . والبروتوكول الاختياري الملحق بهما خاص بالحقوق المدنية والسياسية 1989 .
5. الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان 1950
6 . الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان 1969 .
7. الميثاق الافريقي لحقوق الانسان 1981 .
8 . الميثاق العربي لحقوق الانسان 1989
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رسالة #الجولاني لـ #بشار_الأسد ورؤيته لمستقبل #سوريا ووضع ال
.. مندوب العراق في الأمم المتحدة: أحكمنا السيطرة على حدودنا مع
.. مسلحون يقتحمون سجن السويداء المركزي جنوب شرق سوريا ويطلقون س
.. لحظة خروج معتقلين من سجن السويداء المركزي بعد سيطرة فصائل مس
.. #شاهد -نتنياهو مطلوب للعدالة-.. لوحة جدارية في مدينة برمنغها