الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داء الكبر والمتكبرون

شمسان دبوان سعيد

2013 / 3 / 4
حقوق الانسان


يغمط الناس .... يحتقرهم ويزدريهم ... يترفع عن الثناء بفضائلهم .. لا يعترف بحقوقهم وصفاتهم الفاضلة . ... يزداد طغيانه فيهدم فضائلهم ويطمس كمالهم .... يحتقرهم ويستصغرهم بالكذب والبهتان .. بغية احتفاظه بالمكانة العالية لنفسه دون الاخرين . فلا يستطيع ان يعتلي مكانة المجد بجهوده لكنه يطمح اليه من خلال حطام جهود الاخرين والحط من مكانتهم .... فيشعر بالاستعلاء الذاتي على الاخرين ... وبالرغبة الجامحة بعدم الخضوع لاحد . الكبر اثر من اثار العجب والبغي من قلب قد امتلأ بالجهل والظلم ... ترحلت منه العبودية وكل قيم الانسانية ونزل عليه المقت ... فنظره الى الناس مقت و اشمئزاز ومشيه كبرا وتبختر .. ومعاملته لهم معاملة استهتار واحتقار .... لا يبدأ من لقى بالسلام وان رد عليه رأى انه قد بالغ في الانعام عليه ... لا يرى لاحد عليه حقا ... لكنه يرى حقوقه على الناس ولا يرى فضلهم عليه ... فلا يزداد من الله الا بعدا ومن الناس الا استصغارا وبغضا .

الكبر .. داء خطير يمثل انحرافا خلقيا للإنسان .. يجنح به عن سبيل الهدى والحق الى سبيل الردى والضلال . فما هو الكبر ؟ وما هي اسبابه ؟ وكيف يمكن التخلي عنه ؟

يطلق مصطلح الكبر على التعالي والعظمة والتكبر . وقد ورد تعريف الكبر في حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر . قال رجل : ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال " ان الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس " . فعجبا لأمر الذكي المغرور! يرفعه الناس بأيديهم تشجيعاً له فيأبى إلا أن يئد نفسه بيده خرقاً منه! وعجبا لامرأة غزال يظن أن قرونه تغني عنه غناء أنياب الأسد. والمرأة المتكبرة المغرورة: مرض للزوج لا يشفى منه إلا بطلاقها أو الزواج عليها وكلا الأمرين مر بغيض . فالمغرور إنسان نفخ الشيطان في دماغه، وطمس على بصره، وأضعف من ذوقه، فهو مخلوق مشوَّه يتوهم لنفسه من الفضائل ما يذهب بفضائله الحقيقية. ولهذا كان التواضع هو المقياس الحقيقي للمتعلم والعالم. وما من عالم او متعلم يسلك سلوك المغرور فثق ان عنده من الجهل بقدر ما عنده من الكبر والغرور ... فانظر الى الشجرة وقد اثقل حملها بالثمر الناضج فاذا بها تزداد تواضعا للأخرين ليأكلوا من ثمارها وانظر الى النخلة ترميها فتعطيك اطيب الثمر . ولو عقل هذا المتكبر لعلم ان مكانته ومنزلته هي في اتباع الحق لا في التمادي والتالي والغرور . فلماذا الكبر ؟

يشعر المتكبر برغبة جامحة في عدم الخضوع لاحد فتتنامى هذه الرغبة حتى يصل به الحال الى التمادي على الاله مولدا الطغيان ، قال تعالى " كلا ان الانسان ليطغى ، ان راه استغنى " قال البغوي " تجاوز حده واستكبر على ربه لأنه رأى نفسه غنيا . ايضا هناك سببا رئيسيا للكبر يتمثل في الرغبة في تعويض ما يشعر به الفرد من نقص في ذاته او عمله . فهو حريص على ان يكون في اعين الناس كبيرا ورجلا مهما وقيمة موجودة يشعر بها المجتمع فيحاول لفت انظار الناس بالتكبر والغرور فلم يزده الا مقتا واحتقارا واستصغار . فكان الاولى ان يستر عيوبه ونقصه بالتواضع ولين الجانب والصمت عن الجهل والاعتذار عن الاخطاء . ايضا من اسباب الكبر اختلال القيم ومعايير التفاضل بين الناس فيقدمون الغني عن الفقير والقوي عن الضعيف فيقع في الكبر ولنا في رسول الله اسوة حسنة عندما مر رجل فقير عليه فسأل اصحابه " ما تقولون في هذا ؟ فقالو حري ان خطب ان لا ينكح ، وان شفع ان لا يشفع ، وان قال الا يستمع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذا خير من ملئ الارض مثل هذا ".... الحديث . من ايضا من الوسائل التي تقود الانسان الى الكبر منها المال قال تعالى عن صاحب الجنتين " انا اكثر منك مالا واعز نفرا " وقال ايضا " وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك ولا تبغ الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين " . و من الممكن ان يحصل الكبر بتحصيل العلم فيستشعر الانسان في نفسه كمال العلم فيستعظم نفسه ويحتقر الاخرين . وهذا ليس بعالم ولا متعلم . كذلك يتظاهر بعض العلماء والمتعلمين على حد سواء بلباس الطبيب ليقوم بتشخيص الواقع بالقول بهلاك الناس لسبب ما يغرس في نفوسهم اليأس والقلق مدعيا بذلك العلم . ففي الحديث " اذا قال الرجل هلك الناس فهو اهلكهم " . كذلك يحصل الكبر في الانساب ولنا في قصة الاعرابي الذي شكا الى امير المؤمنين من ابنه عندما تطاول عليه بالقول " انا ابن الاكرمين " لكن الامير العادل العالم الزاهد انصفه بالقول " اضرب ابن الاكرمين كما ضربك " .

الحديث عن الكبر والمتكبرين طويل ومتشعب لكننا نختصر القول الى نتائج الكبر في اخذ العبرة والعظة ممن سبقونا من المتكبرين وما ال اليهم من الخزي والعذاب امثالهم امثال ابليس لعنه الله ، فرعون وجنوده ، ثمود قوم صالح ، قوم شعيب ، قوم نوح ومشركي الجاهلية .

نختتم الحديث عن الكبر في ذكر بعض الحكم والمواعظ في القران الكريم والحديث الشريف وبعض حكم الصالحين والعلماء . قال تعالى " ان الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ، كذلك نجزي المجرمين " فآيات الله لم تحرض الناس ان يصعروا خدهم ويمشون كبرا ، فمن وصايا لقمان الحكيم لابنه " ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الارض مرحا ان الله لا يحب كل مختال فخور " وقال تعالى في سياق اخر " ولا تمش في الارض مرحا انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا " وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " صدق الله العظيم . وفي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان من احبكم الي واقربكم مني مجلسا يوم القيامة احاسنكم اخلاقا ، وان ابغضكم الي وابعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ، قالوا يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون " . اضف الى مقت الناس واحتقارهم الى المتكبر فانه المتكبر يلقى ربه يوم القيامة وهو عليه غاضب . ولنا في حديث " يطلع عليكم رجل من اهل الجنة " اروع الدروس والعبر في التعامل بالقيم الانسانية . فالرجل لم يكن من كبار المتعبدين والمقيمين الصلاة آناء الليل واطراف النهار ، ولم يكن من الذين ينفقون اموالهم في السراء والضراء اكثر ، ولم يكن ممن يعتلون المنابر بالخواطر والعبر .... لكنه كان انسانا بسيطا يعمل حطّابا بجهوده وينام ولم يحمل في قلبه مثقال ذرة من كبر وحقد .................؟؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 


.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال




.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني


.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط




.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق