الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعيني أرتاح

خديجة يكن

2013 / 3 / 5
كتابات ساخرة


دعيني أرتاح، هكذا قلت لصديقتي وأنا أشعر ذاك الشعور الغريب في هدوءه، والغريب في صمته، ذاك الشعور الذي أعرفه جيدا، والذي ينتابني في لحظات معينة، أكون فيها تلك المرأة التي أخافها، والتي إذا ما نظرت فيها إلى المرآة لا أعرفني، خليط من الغضب والحزن والقسوة، تتعطل الحواس ، فلا أقدر على الأكل أو الشرب، لا على النوم ولا اليقظة، تهرب القصيدة مني، لأن القصيدة تحتاج إلى الحب، والحب في نفسي، أرخى شراعه وأبحر بعيدا، وتركني لهذه القوة التي تحسن جلدي، وألمي صامت.
أقفل النوافذ وأسدل الستارالكثيف حتى لايتسرب الضوء إلى عتمتي، ثم أشعل التلفاز، أتجول في قنوات العالم أبحث عن شئ ما، ولاأبحث عن شئ، أتوقف عند فيلم هندي ترقص فيه الراقصة الجميلة، أشاهد بعيون ذابلة وبروح ضائعة أبحث عنها في كل مكان، دون جدوى، أعرف أني لن أجدها الآن، لأن الآن هو هكذا، حالة علي تقبلها ومنحها لحظاتها حتى تستطيع اجتيازألمها، أحيانا بدون سبب، وأحيانا أخرى تكون أسباب وجيهة، وحينما قلت لصديقتي بأني أريد أن أرتاح، فلأني كنت متعبة، ليس من وسائل النقل وضجيجها صباح مساء، وليس من نرفزات السائقين، وليس من السارق الذي سرق محفظتي، وليس من الشرطي الذي أنبني لأني لم أنتبه، وليس من مديرالعمل وعصبيته، وليس من الشبان الذين لم يعودوا يمدون يدهم لعجوز حتى تجتاز الطريق، وليس من السباب للنساء والرجال من مدمني القرقوبي، ...أنا فعلا متعبة من كل ذلك، ولكن التعب يكاد يدمرني منذ ذاك اليوم الذي رأيت فيه الشعر يختلس نظرات الرجاء من تلابيب أشباه الشعراء الذين يتخذون منه مطية لهدف غير شاعري، يريد منا الشعر أن نحرره من قيود غير أدبية، ومن أهداف غير القوافي والقصيدة، رأيت الشعر يلقيه أشخاص اتخذوه طريقا لحزب ما أو لكرسي في موقع ما، رأيت الشعر تلقيه أفواه اعتادت النطق بأفظع ألفاظ القاموس المنحط في لغة الدرجة السفلى، رأيت الشعر يمدح من أفواه بعدما تنزل من المنصة تسب الدين وتحتقر العباد، وتسمح لنفسها بسوء الخلق، مثل هؤلاء الشعر عندهم مجرد كلمات يتلاعبون بها، لا تتجاوز أفواههم، أما صدورهم فمليئة بشئ آخر غير الشعر، رأيت كل ذلك، فشعرت بذاك المكان الذي كان يمنحني الجمال والإيمان بمستقبل جميل وقد أخذ يتهاوى، خفت على شاعريتي من شعرهم، فوليت إلى مكان غير مكانهم، وريثما تنتهي لحظاتي القاسية في صمت، ظلت حروفي حبيسة ذاك الملجأ الذي وجد في عتمتها مكانا ليزهر بعيدا عن ذاك الضوء العكر.
فدعيني أرتاح صديقتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال


.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب




.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان