الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات من الديمقراطية ام الديمقراطية من الانتخابات..؟

علي عرمش شوكت

2013 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


دعونا ندوش رؤوسكم بهذه المسألة الجدلية لعلنا نتمكن من تفكيك هذا التماهي المسلم به تاريخياً، كون المنظومة الديمقراطية عادة ما تعلن بيانها الاول عن قدومها وانتصارها بممارسة {الانتخابات } . فهل حصل في تاريخ السياسة ان تم تبادل الادوار بين الديمقراطية والانتخابات.؟، اي بمعنى، هل الانتخابات صنعت يوماً ديمقراطية متميزة ؟، نعم .. الا انها لولا صواب وعقلانية ممارستها فلم يضمن تطور الحياة الديمقراطية. وقد حصل ذلك بعدد من البلدان المتحضرة، حينما احسنت ممارستها، وكانت نتائجها لصالح القوى الديمقراطية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر. اتت بـ "سلفادور الندي" في شيلي، و"ولسن مانديلا" في جنوب افريقيا، وفي اسبانيا عند انتصار"الجمهوريين"، عام 1936 وغيرها.
ان العملية الانتخابية عندما تأتي نتائجها بديمقراطيين، حينها تظهر حقول ديمقراطية مزدهرة جديدة، لانه لا ديمقراطية من دون ديمقراطيين، وبالتالي يكون مستقبل الانتخابات اللاحقة بلا قيود او تلاعب، ولن تُلبد مناخاتها بالعُسف والاقصاء و التجاوزات، وسوف يُصان التبادل السلمي للسلطة من اية تدابير غادرة تحاك في الشوارع الخلفية، و مثل هذه الصورة الجميلة لابد ان تنبعث اساساً من قوى انتخابية واعية، بعيدة عن القيود الدينية او القومية او الفئوية، التي لا معيار لها في اختيار المرشح غير ذي الولاء الضيّق المطلق. والحقيقة لا بد ان تقال بان كافة الاوساط السياسية بما فيها القوى الديمقراطية، لا تبتعد عن معيار الولاء، ولكنها تعتمد مضموناً مختلفاً تماماً، بمعنى ان الولاء اولاً الى من يؤمن بكافة سياقات المنضومة الديمقراطية، وبلا ريب هم من الكفاءات الوطنية المدنية التي تشكل هياكل الحياة الديمقراطية .
ان نتائج الانتخابات عادة ما تكون هي التي تمنح من يحصل على اغلبيتها زمام سلطة القرار. وهذه قاعدة متبعة ومعترف بها، ولكن في مرحلة التحول من نظام دكتاتوري الى حياة ديمقراطية، حينذاك تنتصب امام قوى الحراك السياسي استثناءات مرحلية لابد من ادراك اهميتها. فبسبب انعتاق فئات اجتماعية عديدة، وبالاخص الهامشية منها،والتي كانت لا حول لها، تتحول الى قوى انتخابية متوفرة ولكنها غير محصنة، وبالتالي تكون عرضة الى الاستدراج، والى الاستغفال في حالات معينة، من قبل دوائر سياسية عديدة، وتحديداً تلك التي تمتلك ما يسمى بالاسلحة الناعمة " الاعلام والمال " المتدفق عبر الحدود في الاغلب. وعند ذلك تتشكل الاغلبية البرلمانية ليس على اسس التمثيل الحقيقي لمصالح تلك الفئات الاجتماعية، التي يكون همها الاول و قبل كل شيء تلمس طريق يُحسن اوضاعها الاقتصادية باية صورة، نتيجة كون تردي الحياتي والاجتماعي الذي تعيشه والمتلازم مع الاضطهاد السياسي.
والاستثناءات المشار اليها آنفاً تفرضها ضرورة الحذر من العودة الى الهيمنة على سلطة القرار من طرف واحد خلال مرحلة التحول المضطربة، بمعنى ان لا يتم لي عنق الديمقراطية بذريعة " الاغلبية البرلمانية " لكونها غير معبرة في هذه المرحلة عن جوهر الارادة المدركة والحقيقية للجماهير، هذا من جانب، كما انها لن تتمكن من حشد الامكانات والارادات المطلوبة، من جانب اخر، والتي من دونها يصعب تحيقيق مهام مرحلة التحول الديمقراطي، التي اول واخطر ما تواجهه هي دسائس واحابيل قوى الردة، وتخريب فلول الانظمة الدكتاتورية المنهارة. وان ذلك ما يلقي على عاتق من يحصل على مرتبة الاغلبية، التي تفرزها الانتخابات مسؤولية الشعور بحق الاخر الذي شاركه باسقاط النظام الدكتاتوري، وشاركه بالحصول على الديمقراطية التي اتاحت له ان يكون بموقع القرار، ان يشارك ايضاً بالقرار، واعادة البناء في مرحلة التحول على اقل تقدير.
وبعدالة الانتخابات ومشاركة كافة الاطراف التي ناضلت وضحت في سبيل الاتيان بالديمقراطية، ستزدهر الحياة وستكون الديمقراطية الجديدة الواعدة قد تمخضت عن الانتخابات النزيهة وذات النتائج العادلة، وهنا يصبح هذا الترابط الجدلي عن تشابك وتزامن الوجود بين الديمقراطية والانتخابات، بالرغم من ان الاخيرة هي مفرة من مفردات الديمقراطية، الا انها تأثر تأثيراً حاسماً في مستقبل الديمقراطية، سواء كان ذلك سلباً او ايجاباً، والتاريخ خير شاهد على ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناتور أمريكي لنتنياهو: نقف بجانب إسرائيل في حربها ضد حماس


.. نحو نصف الديمقراطيين يدعمون استبدال الرئيس الأمريكي جو بايدن




.. ناشط يوثق اشتعال النيران في مستوطنة -كفار عتصيون- شمال الخلي


.. فوضى في شوارع العاصمة الهندية جراء سقوط أمطار قياسية




.. منافسو الرئيس الموريتاني يتهمونه باستغلال موارد الدولة لتحقي