الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الدّعوة الى العصيان المدني في تونس ...تعريفه ..جذوره ...وهل يمكن أن تنجح التّجربة في تونس

سيدة عشتار بن علي

2013 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


على شبكات التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" دعت العديد من الصّفحات الى اعلان العصيان المدني بداية من يوم 16 مارس 2013 الموافق لأربعينية الشهيد شكري بلعيد وبما أن هذه الظّاهرة او هذا المفهوم يمثل نقطة استفهام في أذهان العديد من أفراد هذا الشعب فانّي سأحاول من خلال هذا المقال رفع اللّبس عن الظّاهرة بما تيسّر لدي من معلومات ومطالعات فما هو العصيان المدني؟ وما هي وسائله وغاياته؟ وهل يمكن ان يكون فعّالا في خضم ّما تعيشه تونس اليوم من احداث صادمة للمجتمع التّونسي
يذكر بعض المؤرّخين أنّ العصيان هو شكل من أشكال الرّفض الموغلة في القدم حيث التّاريخ يروي تعمّد بعض النساء الى هجر ازواجهن وفراش الزّوجية كوسيلة للضغط عليهم لترك حروبهم وقيل ان دائرة العصيان هذه اتسعت لتشمل كلّ النساء ممّا اجبر الأزواج على رفع الرّاية البيضاء وهجر الحروب ...قد يكون هذا المثال للعصيان المستمدّ من التّاريخ مثيرا للضحك أو استهجان البعض ممّن سيقرؤون هذا المقال لكن هههههه لا اعتقد أن حال المواطن التّونسي اليوم يختلف عن حال الزّوجات اللّاتي أجبرتهن محنتهن على التمرّد واعلان العصيان
كان هذا المثال فقط لتوضيح الجذور التّاريخية لظاهرة العصيان أمّا العصيان المدني بالمعنى الحديث للمصطلح فيمكن تعريفه بأنّه وسيلة عبّرت بها الشعوب وتعبّر عن رفضها لقوانين أو ممارسات جائرة بطريقة سلمية فهو سلاح من ضمن الأسلحة الّتي يمكن أن تواجه بها الشعوب المضطهدة الاحتلال أو الأنظمة الدكتاتورية وينسب هذا المصطلح للكاتب هنري دافيد ثورومن امريكا اللّلاتينية حيث استخدمه في بحث له نشر عام1849 في أعقاب رفضه دفع ضريبة مخصصة لتمويل الحرب ضد المكسيكو بعنوان «مقاومة الحكومة المدنية يقول الكاتب تورو في هذا الاطار" رفضت أن أدفع ضرائبي الشخصية لمدة 6 سنوات "وسبب رفضه دفع الضرائب هو علمه بان أموال الضرائب كانت توظف لقمع الهنود الحمر وتمويل الحملة الأمريكية على المكسيك ثم انتقلت فكرة العصيان المدني فيما لعد من تورو الامريكي الى اوروبا فهو شكل من أشكال الإبداع الجماهيري يختلط فيه فن التظاهر مع الإضراب العام مع الامتناع عن الضّرائب وهو ردّفعل سلمي بموجبه يتوقف كل مواطن عن كافة أشكال التعامل مع كل السلطات القائمة وأجهزتها ومؤسساتها ودوائرها ومسؤوليتهاوقد لجأت اليه الشعوب في الماضي حين ضاقت بها السّبل لم تجد في الطّرق السلمية على غرار المسيرات والاعتصامات حلّا لمشاكلها ومطالبها
أمّا عن الهدف من وراء العصيان المدني فهو القيام بالترويج الاعلامي باستعمال وسائل سلمية من خلال الدعوة الى القيام بحوارات عامة بعيدا عن العنف وهذا ما يميزه عن الثّورة التي عادة ما يقع فيها اللجوء الى العنف لبلوغ غاياتها ويمكن لنا هنا ان نذكر أمثلة من التاريخ عن العصيان او المقاومة السلمية فقد لجأ المهاتما غاندي الى المقاومة السلمية عن طرق العصيان المدني فى 12 مارس عام 1930، عندما قرر المستعمر البريطانى للهند رفع ضريبة الملح اذ قرر الزعيم الوطنى غاندى إعلان عصيان مدنى عام للتوقف عن انتاج الملح أو شرائه، وهو المنتج الأول الذى كان الاحتلال البريطانى يعتمد على تصديره بصورة كبيرة فى تمويل جيشه وخزانته ونجحت مسيرة الملح الشهيرة في كسر الهنود قانون الاستعمار البريطاني .....حين سأل أحد الصّحفيّين غاندي ماذا سيعمل لو أنّ السلطات لم تعر أهمية لمطالبه ومطالب شعبه عبر العصيان السلمي فاجاب " عندئذ ساصعد من الحملة "فتجاهل الحكومة للمطالب الشعبية امر غير مستبعد ومتوقّع جدا خاصة بالنسبة للحكومات الدكتاتورية التي لا تهتم للافتات مرفوعة ومطالب مكتوبة لكنها تنتبه جيدا وتهتم لمن يرفع في وجهها السّلاح او يستعمل العنف بأنواعه ولذلك فلا يجب ان يتسرب اليأس للنفوس اذا ما جوبهت المطالب بالتّجاهل و العنف وكل شخص مطروح عليه ان يتحلى بروح المسؤولية الشخصية لا ان يعوّل فقط على المجموعة ,و لا يكون العصيان المدني مؤثرّا وفعاّلا الّا عند ما يبدو للاخرين اخلاقيا ولذلك لا يجب استغلاله لاغراض غير اخلاقية او بصورة ادق لاغراض يراها الاخرون غير صحيحة .
يشير الكاتب هنري ثورو الى أن الخطر لا يكمن في الحكومات وانما في تعاون النّاس معها وطاعتهم لها بحجّة الانصياع للقانون فهؤلاء الناس حسب ثورو لو تأمّلوا في الأمر وأعادوا النظر في مصدر قوتهم ورفضوا الإذعان إلى القوانين الفاسدة التي تملى عليهم من فوق لتوقفت الحروب على سبيل المثال ولاختفى الرق . ولكن المشكلة هي إننا في الأعم الأغلب نميل إلى الطاعة وقبول الأمر الواقع في حين ينبغي علينا تحمل المسؤوليات والنتائج والامتناع عن تنفيذ القوانين والأوامر الجائرة والفاسدة . والانتصار على مخاوفنا من تحمل النتائج وقد اشار غاندي أيضا الى هذه الطّاعة العمياء بقوله " لو أن الناس فهموا أنه ما من الإنسانية بشيء إطاعة قوانين جائرة وغير مبررة لما استطاع أية طاغية أن يضطهدهم "
وتلخيصاً لما تقدم يمكن تعريف العصيان المدني على انه عبارة عن :
1. فعل عام ومكشوف
2. مستند على مبدأ اللاعنف
3. مناهض لقانون أو أمر أو قرار
4. أهدافه اجتماعية وتضامنية وأخلاقية
5. يكون لتحمل النتائج الشخصية دور أساس فيه

فهل يمكن أن تجد الدّعوة الى العصيان المدني في تونس صدى واستجابة شعبية أم انه سيقع التعامل مع الدّعوة من طرف البعض على أنّه اضرار بالدّولة وباملاك الأخرين وكيف يمكن ان تتعامل حكومة اليوم التونسية مع الحدث ?










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل