الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سليمان علي فنان و مفكر لحضارة سوف تنهض من جديد
سيروان شاكر
2013 / 3 / 5الادب والفن
((أشكالي مجردة من واقعها ولكنها لها هدف مجالي معبر))
سليمان عالم يعرف ذاته ويعرف قيمة الشكل الذي رسمه في بداية مشواره الفني فهو انسان ملتزم بقيمته الاخلاقية تجاه كل خطوة في عالم الانسانية وعالم الجمال فالانسان يجب ان يكون انسانا لان جوهر كل فنان يحتوي على حقيقة مطلقة – روحية – مادية – خير- جمال ويختلف به من شخص الى آخر ، فجوهر سليمان علي هذا الفنان المبدع ليس مجرد يتسم به فرد بعينه انما هو في واقعه مجموعة من العلاقات الانسانية، فهو حصيلة تطور فكري ونتيجة لدراساته المتعمقة في مجال الفن وفلسفته .
نقاط لونية وأشكال اشبه ما تكون بحديقة من الازهار الملونة وكأنها تفوح من اعماله عطور النرجس والزنبق والخ .... فلديه من العطاء الفني تفوق غابة من الازهار والاعشاب الجميلة ، خيال في عصر يفتقد الى هذه الجمالية الروحية ، تنوعت الاعمال من شكل الى اخر ومن فلسفة لوحة الى فلسفة اخرى ولكن جذورها واحدة وواضحة المعالم وهي بشتى التيارات والاتجاهات، وايضا المصاعب التي واجهت هذا الفنان الا ان سليمان باق في عالمه دون تأرجح ولو بشكل بسيط ولم يتنازل بتاتا عن اهدافه السامية ، ففلسفته ثابتة لا تقبل الشك في المفاهيم ، صورة واضحة تحكي قصص كثيرة كالذي في اليس وبلاد العجائب او في افلام الخيال او عالم الجمال الذاتي ، عاش الفنان في ظل حضارة لا تقبل النزعة الفردية في طرح المفاهيم وانما بناء دولة مستقلة وعاصمتها الحرية الذاتية .
لقد بلغ الصلة الوثيقة بين سليمان علي وفلسفته في التعبير عن هذه الاشكال مذهب فلسفي خاص كما كان لدى بعض الفلاسفة الاخرين عندما قرروا بعرض نظريتهم رغم كل الظروف المناهضة لهم الا انهم لم يتنازلوا عن رغبتهم في حقيقة العالم بالشكل الذي يرونه ، فهذا الفنان وصل الى اعلى درجات السمو في بحثه عن المطلق السامي ، صورة الهية يبحث عنه في كل مكان كي يرضي وجدانه بالإضافة الى انه ضرورة فكرية في قاموس سليمان علي يجب انجازه للوصول الى عقائد جديدة في فكره وفلسفته الجميلة النابعة عن أحاسيس ومنطق هذا الفنان في ضرورة البحث عن الحياة والجمال او الوجود الجمالي في منهج تأملي جدلي ذاتي .
يقول سليمان صاحب اجمل قضية انسانية معبرة بألوان لا يمكن وصفها بسهولة جرأته تفوق طاقة الفكر في تحليل اللون او تحليل الشكل بصيغته المعبرة ، لقد حلل اللون ببراعة الفنانين الانطباعيين ولكن بطريقته التمازجية والحسية التعبيرية فهدم كل نظام تقليدي وكل خط حدد بين شكل واخر ليقيم نظاما اخرا لا تبقى فيها الفواصل او الحدود الذاتية فجعل له منطقة حرة تمرح فيها الأحاسيس بدون أي تدخل لا يؤمن له الذات فدمج الرؤية والشكل من جهة وحرية الذات من جهة اخرى ليحصل في الاخير على فلسفة لا تقارن بأي شئ اخر انه هو ذاته – تأريخه – حاضره – فكره وحتى نقيضه عن الحقيقة الموضوعية المطلقة ، لم يكن هذا المبدع ذا مذهب فني واضح ولكن كان هذا اسلوبه ولم يخلف لنا فكرا جديدا بقدر ما قدم لنا منهجا جماليا يصنع فيها الحضارة بشكل خفي وفي حوار صوري وصل الى حقيقة ذاتيه فحدد تحديدا دقيقا قد بين مدى دقة احاسيسه التي تتفق في الاخير على ماهية اطروحته في معنى الانسانية فقد سجل الرؤية لحظات جميلة قد لا يستوعبها الكثير او القليل منهم الا انها مهمة شاقة في فهم هذه العملية الجريئة بكل المعاني الروحية ، ومرة اخرى يغادر سليمان جمهوريته بشكل حوار فلسفي مع خياله الفني فينقل من مرحلة الى اخرى اكثر تجردا من واقعه الفني فيجعل من عمله الفني اكثر جمالية وقيمة اخلاقية ذات اسلوب رفيع فيخوض في بحر الأحاسيس ليخرج في النهاية وهو منتصر بكل فخر ليصنع حضارة جديدة مرة اخرى له روافده في جمال التغيرية الواسعة الرؤى فيكتب تأليفه الشخصي الاخر بمحاورات تعذر افكاره في مناقشتها ، حيث اصول اسلوبه تجمع فيه كل الأحاسيس الخارجة عن نطاق المعقول وحتى اللامعقول ليعرض فلسفته الجديدة في اللوحة الواحدة وكل على حدة في الوجود المعرفي – مذهبه شكلي مثالي – عالمه واقعي حسي – حقيقة جرده من خياله لم يكن له وجود سابق ، اصيل في إطاره ، وفي اعماله صمت رهيب رغم احساسنا بان هناك عاصفة قد تهب في أي لحظة تدمر كل الاشكال الجميلة الملونة بصدق لا تضاهيه شكل اخر جمع مشاعره وعالمه الوردي في وثيقة كلاهما يستند الى قوانين فعلية تثير من وهن الانسان في فعل الخير وإثارة العواطف والوصول الى شئ من الحقيقة النسبية خلال الرؤيةالواحدة لكل عمل فني وهي حقيقة الذات في مرحلة ما بعد الانعكاس الرؤيوي ومدى تأثيره على المتذوق الفني ، فإذا وصلنا الى منطق سليمان الفني فهو ليس خارجا عن الخبرة الذاتية اوغير منفصل عنها وانما محتوى فيها ومستمر معها يحق للمشاهد ان يتساءل عن المفهوم الذي يعطيه هذا الفنان للمنطق الذاتي ، وقبل ذلك يجب ان ننظر الى سليمان من حيث اعماله الفنية المختلفة على اعتبار ان فكر الفنان لا ينطق من لا شئ بل معبرة من افكار مختلفة ونظريات انسانية معاصرة له ارضية خصبة ومناسبة لعرض كل عمل فني على حدة ، وفي اتجاهات معينة يمكن تثبيت حدثه التاريخي بفلسفة جديدة تبحث عن الخلفيات التي بلورت وجهة نظر هذا الفنان حدسا وتأثيرا ، ليس من السهل تحديد مفهوم دقيق لاعمال هذا الفنان المبدع او اعطاء تصور عام وشامل لافكاره الابداعية الذي به يخاطب فيه اجمل المشاهد الحسية في تعريف الذات شكلا وهدفا ، نشأت هذه اللوحات ليس وضع منطق لها بقدر ما تكون هدف مفهومي لها ودورها الفعال في التأثير على العملية الفنية مستقبلا ، على اعتبار ان ثقافة سليمان الفنية محكوم عليها بالمنطق الحسي ومحفوظا فيه غموض اغترابي يحتاج اليه الفنان لغرض تنظيم عملياته الحسية بين حين واخر ليسلك فلسفته في الحياة شكلا جديدا واصلاحا في منطق الفن .
ليست فلسفة هذا الفنان اضافة تعاريف جديدة في عالم الفن بقدر ما تكون طرح انساني تختلف فيه الرؤية بين طبقات المجتمع فمن يفهم فيه شكلا ومن يفهمه بشكل اخر ، فهذا التباين في الرؤية دليل قاطع على احتواء لوحات الفنان على جوهر موضوعي وعالم مختلف في سابقتها بحكم تفكير البشر وبمقتضى تكوين عالم اصيل وجديد ، فلسفة سليمان هي سمة التفكير العظمى او بعبارة اخرى هي نقطة البداية في فكر هذه الاعمال عليه ينبغي ان يحكم رؤيتنا وتفكيرنا فمن هذا المنطلق مثل الفنان منظومته الدراسية في شكل الانسجام اللوني واستنادا الى هذا التعريف الموضوعي تبعا لفلسفة سليمان المثالية في منحاه الميتافيزيقي فقد كشف عن مكامن وأسرار الطبيعة المخفية ذات جمالية احادية الرؤية فيحاول هذا الفنان في تأليفه الجديد تحليل وكشف هذه الرؤية بمذهب مثالي جوهري وجعله شكل التركيب النهائي في تكوين الذات قد يفهمه البعض او قد لا يفهمه بعض اخر لقوانين الصور المنطقية الذي يملكه هذا الفنان في اتصال وهمي مع عالم وطبيعة اخرى ، فيرى سليمان علي فنان الخيال المطلق ان هناك نقاط هامة في تصورات الفن اولا ان يمتلك عالما قوامه الامكانيات الخاصة بذاته وثانيا له هدف معين في الطبيعة وثالثا وهو الاخير ان ينظر الى الواقع بوضعية منطقية ذاتية وبناء هذا الواقع حسب رؤيته ، فهذه الاراء الفنية في فلسفة الفنان لا يمكن اهمالها بأي شكل من الاشكال او التغاضي عنها ، فهي عملية تحتاج الى عصر ليس بقصير في سبيل تحديد ماهية فلسفة الانسان الانساني ، حيث يقول سليمان مع ذاته متحدثا على أي حال فالفن له اصل اولي وهو فرع مشتق من المذهب الذاتي بحيث تجيء وجهات النظر المختلفة الى موضوعاته الفنية معبرة في النهاية بأساطير مختلفة .
لقد كان مسعى هذا الفنان معالجة موضوع الذات ليخلو من التناقضات على اساس منطق جمالي تعبيري ، فرؤية ذوبان ألوانه على قطعة من القماش بهذا التقدير والتقديس هو نتاج خصوبة وعطاء الفنان ليجعل من فصول روايات عصر لا يمكن ان يعوضه بسهولة في عصر يتزاحم فيه الماديات والرؤية الخالية من أي مفهوم حسي صادق ، منطق واحد يصبح شكلا حقيقيا بالمفهوم المطلق وهو الوجود الفعلي للذات في عملية الخلق لا فصل ولا استقلال بين الصور والذات ، بذلك استطاع فنان العصر سليمان بان يتحقق هذه العملية في ذاته وان إدراكه الحسي الجمالي امتد عبر معطى حسي لينتقل عبر الحس المشترك الى سائر الجسد ، فتظهر على المشاهد اعراض المتعة والسرور والمعرفة كالشعور بين شخصين في علاقة عاطفية وهذا ما اراده ان يقول هذا الفنان في محاكاة الذات .
لقد ادرك هذا الفنان الفكر الفني للفلسفات السابقة في الفن فأراد بناء أساليب جديدة على هذا الغرار لتتخطى الحكم الجمالي في فهم الشكل وطبيعتها المعرفية ، حيث حدد المعرفة الفنية الى ثلاث نقاط هامة وهي فهم الشكل وتتعلق اساسا بالمعرفة حول الشكل المذكور وثانيا الرؤية ومدى استيعابه للعقل البشري وثالثا التغير الجذري لمفهوم الاصالة والذات والتعبير عنها بطريقة جديدة خارج الانظمة التقليدية ، هذه كانت النقاط الهامة الذي تميز عن الكثير من الفنانين بالاضافة الى صدقه في التعامل اللون والخط والشكل ، جميل ان نرى هذا الفنان بهذه الخصوصية المستقلة الذي خضع الى قوانين انسانية خلق انسانية جديد في هذا العالم الملئ بالافكار الجامدة والمادية ، فأعماله جميلة في الاصل هو ما يجعلنا نحس بالامان فوق هذه الارض ، اعماله جميلة بحد ذاته لا غبار على اصالته مادام حرا طليقا في غابته وجنته فكل عمل فني انما هي قصة بطولية تحكى فيها الاساطير في خيال المبدع سليمان حيث تنبع فيه الروح الانسانية وليس الرغبة يربط الفنان بالعمل الفني ، لقد اعتبر سليمان الخيال الفني اسمى من الخيال الطبيعي مادام ينطلق منه الانسانية ، هذا ما يملكه في خياله الواسع لتصل الى حجم صحراء في استيعابها .
لقد كان هدف هذا الفنان هو اقامة قوانين الطبيعة على اساس تعبيري جمالي وعاطفي ، بحيث تكون هذه القوانين اجابات واضحة لمدى ما يحس به هذا الفنان من تحولات ذاتية وموضوعية وتتعلق بمعرفة التسلسلات الزمنية بتغير الوجود الفكري بمعناها الكامل ، وايضا خلق صورة منطقية تتبع مراحل التاريخ الطبيعي لاستمرارية التطور الفكري والمعرفي بمعناها الحقيقي ، فما هو موجود عند هذا الفنان هو وجود وانعكاس حقيقي لا يطرأ عليه أي غبار ولهذا كان عمله الاشبه بامطار من الورد تتساقط على ارض يابسة لتجعلها ارضا صالحة للعيش فيها وارضا تتلألأ فيه الالوان المتنوعة واحيانا اخرى ترى احادية اللون في التعبير عن مدركات هذا الفنان ولكن لها ايضا جماليته الخاصة كمشهد غروب عندما تغيب بلون وهو واحد الاحمر وتدرجاته ولكن لها جماليتها التي لا تغيب عن الاذهان مهما كان ، فلوحات سليمان مشهد عملاق في عالم التغير الذهني وعالم صنع الخيال ومن ثم تحويله الى عملية وجودية مرئية يعوض نقص الموجود في الطبيعة والطبيعة الذاتية فيجعل من الوجود عالما متغيرا تسعى اليها الذات لكشف المعرفة اللاوجودية في اشكال لونية كأنها صخور سجلت عليها اجمل القصائد الجاهلية ، طموحاته كثيرة في عالم الالوان تتعدى طموحات الذات في البحث عن الماهية الحياتية ، حدوده غير معلومة بمعنى اخر لها تركيبة ولها صورة بالمعنى الموضوعي لم يحدد بداياته ولا نهاياته ، كلما فعله هذا المبدع استطاع ان يعرف ذاته في قياس معرفي حيث عرف ذاته ووجوده ضمن عالم الانسانية .
ولما كانت فلسفة سليمان المعاصرة مرتبطة في بحثها عن المتغير واللاثابت في الوجود من خلال اعماله الاولية وحتى الاخيرة هو تعريف موضوعي في صفاته الجوهرية مثلما حدث مع فنانين مبدعين من قبله امثال العديدين منهم ماتيس وكلي – وغيرهم الذين اعطوا للجوهر اهمية كبيرة ليس فقط الشكل البصري او الرؤيوي ، وايضا بحثه عن المفاهيم الجديدة جعل رصيده من فكره يتغير عن الحقائق الثابتة وبسبب هذه الحقائق اصبحت الفكرة التي تشبث بها في الطبيعة الصورية هي ان الصورة او الاعمال الفنية هي صورة منطقية للذات بالمعنى الواسع لانها مستقلة كل الاستقلال عن القيود المفروضة في الطبيعة وذات عالم شكلي خاص في عالم البصريات ، وله متذوقه الخاص ليكون في الاخير صورة منطقية يكشف هذا الاختراع الحسي ضمن منطقه ، منطق يصور المضمون على حقيقته حين ترى تنظيم هذا الشكل اللامحدود من الماهية الانسانية والتعبيرية ، باختصار اذا كان الفن في العصور الماضية تحوير الاشكال او التعبير عنها فأن عند سليمان توجيه اعمق واعظم ما يتصوره البعض شكلا ومضمونا وان كان لا ترى العمق فيها بشكل مباشر الا ان يحتاج هذا الى رؤية اكثر دقة من ان يكون مشاهدا عاديا ، للخروج من السلسلة التقليدية الى السلسلة اللامتناهية لابد من الاستمرارية في بناء اسس مبدأية لا تحتاج الى برهنة وتكون منبع اليقين في استخلاص الذات من هذه المبادئ ليصل الذات الانسانية الى العالم الطبيعي في وضوح القوانين الاساسية للعملية الفنية وهذا يتم وفق تصور العملية الحديثة والمعاصرة لجوهر الاصالة والحقيقة.
يعتبر اسلوب سليمان الفني النموذج المثالي في عصر تتزاحم فيه الاساليب الفنية ، لقد قام بتأليف جديد في عملية التصور الذاتي وجمع عدة لغات من انحاء العالم ليضعه في لغة معاصرة يعجز الصفحات نشرها بسهولة حيث تحتاج الى فلسفة خاصة يحرز مكانه فكرة كبيرة ، فقد كان هذا الفنان من الماهرين في اقناع العالم لعصره الجيد بأسلوبه المتميز فصنع مشهدا جديدا في تاريخ الانسانية المعاصرة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أنجلينا جولي تكشف عن رأيها فى تقديم فيلم سيرة ذاتية عن حياته
.. اسم أم كلثوم الحقيقي إيه؟.. لعبة مع أبطال كاستنج
.. تستعيد ذكرياتها.. فردوس عبد الحميد تتا?لق على خشبه المسرح ال
.. نافذة جديدة على العالم.. مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة ا
.. الحكي سوري | فنان يجسد مآسي اللاجئين السوريين في تركيا.. وذك