الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ممكن تحقيق المطالب الإصلاحية دون تحقيق اللحمة االوطنية

يعقوب يوسف الجناحي

2013 / 3 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


منذ سنتين والبحرين للأسف تعيش أزمة ثقة مجتمعية حقيقية بعد أحداث فبراير - مارس 2011 وما رافق تلك الأحداث المأساوية من ضحايا بشرية وتلفيات مادية كبيرة وضرر بالغ باقتصاد البلد. ولا اعتقد ان باستطاعة أحد إنكار هذا الشرخ الطائفي العميق الحاصل في نسيج مجتمعنا البحريني والذي ليس له مثيل في تاريخ هذا الوطن الغالي علينا جميعا.
فبالمقارنة مع الفتنة الكبرى في عاشورا 1953 والتي كان سببها الاستعمار الذي كان يسعى دائما إلى سياسة «فرق تسد» لإضعاف نضال شعبنا من أجل الاستقلال، فان الاحتقان الطائفي هذا فاق تلك الفتنة ليس بالمدة فقط، بل وبعمق وتأثير هذا الاحتقان الذي شق المجتمع عموديا وأفقيا ولم تسلم منه حتى الجمعيات السياسية وفئات اجتماعية كانت تعد فوق أو عابرة للطائفية.
ونتيجة ذلك تحول، ولأول مرة، الحراك السياسي من مطلبي إصلاحي وطني إلى حراك طائفي وأدى إلى تمزيق اللحمة الوطنية لشعبنا. وطبعا كان للوضع العربي والإقليمي دور كبير في تأجيج هذه الفتنة الطائفية. وتجلى ذلك في تصريحات مسؤولي بعض القوى السياسية في بعض دول المنطقة ومنها إيران وكذلك وسائل الإعلام والقنوات الفضائية الطائفية العديدة، خاصة الإقليمية المنفلتة من عقالها، والتي تتحمل جزءا مهما من مسؤولية هذا التأجيج. وبصراحة كان على الجمعيات السياسية المعارضة، وبخاصة ذات الفكر والانتماء غير الطائفي، التوقف منذ البداية عند هذه الظاهرة الخطرة والعمل بحزم وجرأة لصدها بموقف وطني متميز قبل فوات الأوان. إلا ان ذلك لم يحصل للأسف وتعمقت الأزمة.
في ظل هذه الأجواء كان لدعوة جلالة الملك للحوار الوطني وتوجيه معالي وزير العدل لإعداد الحوار بحضور الأطراف المعنية، بالغ الأثر في خلق أجواء ايجابية وهي التي جعلت الأطراف المشاركة في الجلسات الأولى للحوار أن تتفق على أن يطرح كل طرف مرئياته ومناقشتها في جو سليم دون تشنجات. وقد استبشرنا خيرا وتفاءلنا بنجاح الحوار.
إلا ان طرح جمعيات المعارضة في لقاء الأحد 24/2/2013 بضرورة وجود ممثل للحكم، أي لجلالة الملك، كان مدعاة للتعجب والتساؤل. أولا، لأنه لا يغيب عن معرفة الجمعيات، ان الدعوة للحوار دعوة ملكية، وان وزير العدل مسؤول عن الجمعيات السياسية قانونا. وان جلالة الملك رأس الدولة وله صلاحيات تشريعية وتنفيذية وقضائية دستوريا وان جلالته من يعين رئيس الوزراء والوزراء.
وبناء على ما ذكر أعلاه فمن يمثل اذا الوزراء الأفاضل المشاركين في الحوا ر إن لم يكن جلالة الملك؟
باعتقادي ان الجمعيات المعارضة في طرحها هذا جانبها الصواب هذه المرة. وحسنا عملت بعدم تمسكها بطلبها هذا في جلسة الأربعاء الأخيرة مما ساهم في إنجاح أعمال الجلسة.
ثانيا، وكما ذكرت في مطلع المقال، فإن البحرين بعد فبراير 2011 ليست هي البحرين قبل ذلك التاريخ. ولهذا السبب بالذات تقع مسؤولية كبيرة على الحراك السياسي، وبخاصة على الجمعيات السياسية كلها بأن تكف عن محاولة إقصاء بعضها البعض بتهمة كل طرف للاخر بالموالاة أو باللا وطنية، وأن تسعى أولا إلى إعادة اللحمة الوطنية لشعبنا. فمن الواضح انه لا المعارضة ولا الجمعيات الأخرى يمثلون كل الشعب، بل كل مجموعة للأسف تمثل مكونا من الشعب، مهما صغر أم كبر ومهما كانت مطالبها عالية أو متدنية.
هذا هو الواقع المر والذي يجب مواجهته ووضع حلول صحيحة له. وليس هناك حل إلا عبر الحوار، وقبل كل شيء، حوار بين مكونات المجتمع التي تتمثل في الجمعيات السياسية بغض النظر عن مسمياتها - معارضة أو موالاة، وذلك لخلق أرضية مشتركة من المطالب الإصلاحية المتفق عليها، وهي عديدة وتعبر عن حاجات المواطنين الملحة، وصولا إلى إزالة الاحتقان الطائفي ولم شمل شعبنا.
ولتحقيق ذلك لا يمكن لأي طرف الإصرار على كل مطالبه مهما كانت محقة، بل يجب البحث عن المشترك الجامع بينهم في الوقت الحاضر وتأجيل المختلف عليه لوقت أخر. وخلق أجواء الثقة المتبادلة عبر الحوار المتزن والمستمر في مختلف المجالات المعيشية والسياسية والتشريعية والحقوقية والاقتصادية والخدمية الخ... فقط المطالب المشتركة لكل مكونات المجتمع هي وحدها تعطي قوة الشرعية للادعاء بالتعبير عن وبتمثيل شعبنا كل شعبنا. ولنا في تجربة هيئة الاتحاد الوطني خير مثال ودرس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بيسان إسماعيل ومحمود ماهر.. تفاصيل وأسرار قصة حبهما وبكاء مف


.. إسرائيل تتوغل في جباليا شمالا.. وتوسع هجماتها في رفح جنوبا |




.. واشنطن: هناك فجوة بين نوايا إسرائيل بشأن رفح والنتيجة | #راد


.. الكويت ومجلس الأمة.. هل أسيء -ممارسة الديمقراطية-؟ | #رادار




.. -تكوين- مؤسسة مصرية متهمة -بهدم ثوابت الإسلام-..ما القصة؟ |