الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهذه الأسباب قرّرت أن أتوقّف عن الكتابة

سعيد ناشيد

2013 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


رسالة إلى قرّائي وأَصدقائي :

لهذه الأسباب قرّرت أن أتوقّف عن الكتابة

ليس سهلا أن يتخذ الكاتب قراره بالتوقف عن الكتابة وهو في أوج عطائه. وها أنا أفعلها الآن بعد أن ضاق بي الخناق وطفح الكيل وبلغ السيل الزبى، وقد أحاطت بي المكائد وحاصرتني مصائد الخبث من كل جانب ومن جانب من يُفترض أنهم حماة الديار.

هائل هو حجم المكر المجاني الذي جابهني بلا سبب وجيه أو بلا وجه سبب. بل، أوصدت في وجهي كل الأبواب بلا استثناء، وسُرقت مني نجاحات كثيرة بلا حياء. بل، حتى ذلك التعيين البسيط الذي أمضاه لي وزير من الوزراء لأعمل صالحاً في إدارة إحدى الإصلاحيات اختفى فجأة من سراديب الوزارة بلا مبرر. بل، حُرمتُ من أكثر من منصب مستحق بشهادة المعنيين بالأمر، ولم أصرخ حتى لا أبدو صغير النفْس قصير النفَس. بل، منذ زهاء خمس سنوات لم تعد أي وسيلة إعلام مغربية تستضيفني، وقد كنت ضيفاً عزيزاً عليها ذات يوم. بل، حتى نسخ الكتب التي نشرتها خارج المغرب والأبحاث التي شاركت في إنجازها لم أعد أتوصل بها؛ إذ هناك من يحجزها لأسباب خافية. ومرّة بعد كل مرّة أنسى أو أتناسى لغاية أن أستمر في الكتابة، وأمني نفسي بأن قدر الكاتب أن يكتب حتى في أسوأ الظروف.

كل ذلك تحملته مسترشداً بالحكمة القائلة، "الضربة التي لا تقتلني تزيدني قوّة". لكن ما لا يمكنني أن أتحمله ولا أن أصبر عليه أو أن أكابده هو ما وقع مؤخراً حين نجح عميل استخبارت مغربي معروف ( م- خ ) في رفع دعوى كيدية ضدي. ورغم تخلفه عن كل الجلسات بلا استثناء وعدم تقديمه لأي شاهد أو دليل، إلا أن المحكمة حكمت عليّ بغرامة قدرها حوالي أربعة آلاف دولار. الأنكى والأدهى والأدعى للأسى أن إجراءات الحجز على حسابي المصرفي قد تبدأ قريباً أو بسرعة قياسية، ولا غرابة ! فقد صدق من قال : ما دمتَ في المغرب فلا تستغرب.

ولأن رصيدي، حتى في أوج ازدهاره، لا يتخطى عتبة ست مئة دولار، فمعنى ذلك أنهم قد يحجزون مداخيلي من كتابة المقالات لمّدة عامين أو يزيد. ما يعني حرباً قذرة ليس فقط على قلمي وإنما على قوت عيالي. وهذا ما لا يمكنني تحمله.

صحيح أني وطّنت نفسي على مواجهة كل الاحتمالات. وهذا ما أكدته أكثر من مرّة على صفحتي بالفايسبوك. غير أني لم أكن أتوقع أن تمتدّ بعض الأيادي إلى قوت العيال. هذا مؤلم وبكل المقاييس.

أعرف أن الكثير من الدوائر التكفيرية ستبتهج لقراري بالتوقف عن الكتابة مصدقة بأن الله قد استجاب لأدعيتها وصلواتها ولَعناتها أيضاً، وسيبتهج كل من ضاق درعا بقلمي الصغير عن سوء نية أو سوء تقدير. أي نعم وألف نعم، ليهنؤوا ما شاؤوا؛ فإن الذي فعل كل هذا قد أفلح في شلّ قدرتي على الكتابة. وهكذا كان قراري : لن أعود إلى الكتابة قبل أن أجد بلداً بديلا أو ملاذاً آمنا أو يقضي الله أمره.

في انتظار ذلك، سيبقى آخر مقال كتبته هو "إنهم يذبحون الإسلام"، وسيبقى آخر كتاب ألّفته هو "الحداثة والقرآن"، وهو الآن عند منشورات الجمل بألمانيا قبل صدوره المنتظر.

ليس بعد القول الأخير من قول آخر سوى أن أشكر كل دور النشر ومراكز البحث ومؤسسات الإعلام التي فتحت لي أحضانها وسط تقلبات مرحلة حافلة بالمخاوف والآمال : دار الطليعة في بيروت، منشورات الجمل في ألمانيا، موقع الأوان في تونس، صحيفة السفير في لبنان، صحيفة الحياة في لندن، موقع المصلح في بريطانيا، وأخيراً موقع 24 الإماراتي الرّائد صدقاً وحقاً في مجابهة الإعلام الظلامي لكل من قطر والسعودية وأخواتهما. والشكر موصول لكم يا كل أصدقائي الأعزاء وقرائي الأوفياء على عطفكم النبيل وتعاطفكم الجميل. لن أنساكم.

قد نلتقي يوماً وقد لا نلتقي.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحدث الفكري الكبير
طه بن شيخة ( 2013 / 3 / 7 - 03:34 )
ليس من العجب ان يقرر كاتب ذكي ومستنير مثل سعيد نشيد التوقف عن الكتابة، في فضاء ثقافي ولغوي لا يريد ان يطور وعيه اتجاه التراث والوجود
اظن ان التوقف عن الكتابة يجب ان يشمل اللغة العربية فقط لان المخاطبين بها قد
تكلس عندهم الفكر الى الحد الذي لم تعد الزيادة في العرض تنفعهم
أقصد ان العقل العربي الدوغمائي قد اصبح لا يطيق سماع الفكر المستنير
او ان ما قد طرحه المفكرون في الساحة اصبح كافي وزيادة
بالفعل إن المخاطبين بالفكر قد يدفعون المفكر الى التوقف عن توجيه أي نوع من الاستراتيجية الكتابية
أنا قرات لك كثيرا وقد احسست أن الخط الفكري الذي تنتهجه قد توضح واستبان لكل صادق في الاستنارة والاستفادة
من الأفضل للباحث المستنير ان يتوجه بفكره الى المجتمع الانساني الشامل
اظن انه لا فائدة من استنهاظ الفكر العربي، فهو قد مات وانتهى الأمر
الأمل كل الأمل في البشرية الحديثة الناهضة في المشارق والمغارب
الانسان الكوكبي الذي يتكلم اللغات الحية الحاملة للفلسفة والعلوم
ومع كل ذلك فانا اعتبر توقف صديقنا عن الكتابة لهذه الأسباب او لغيرها يعتبر حدثا فكريا كبيرا
على كل باحث ان يتامل فيه طويلا
شكرا


2 - العبيد
عدلي جندي ( 2013 / 3 / 7 - 15:28 )
قلبي معك ...لو كان يعبدون خالق عادل لكانوا قبل الذبح بحثوا عن تداعيات إجرامهم بحق العوائل ولكنهم عبيد مأجورون يهمهم قبض الثمن أيا أن كانت إدعاءاتهم


3 - اصمد يا رجل اصمد
ميس اومازيغ ( 2013 / 3 / 7 - 19:08 )
عزيزي تقبل تحياتي/انني لن اخفيك ما ينتابني من شعور بالحزن والأسى كلما تقدم احد المتنورين بنشر مقال يعلن فيه عن التوقف عن الكتابة الهذه الدرجة وصل الأحباط؟ الا يعلم كتابنا المذكرين مسبقا انهم سوف يتعرضون للأظطهاد من قبل اعداء اخينا الأنسان؟ الا يلاحظون كم كاتبا اضطر الى استعمال اسم مستعار لتبليغ رسالته بالرغم من انه يعلم ان ذلك يحرم عليه ابراز شخصه امام اقرانه ونخب وطنه اليس ذلك بسبب الأضطهاد؟.
عزيزي هل تعتقد ان موقفك هذا سيصحح وضعك؟ لا عزيزي لأن اعدائك واعداء كل المتنورين قد طبع على بصيرتهم وابصارهم انهم وحوش لا يزيدهم الأيقاع بالضحية الا ايمانا بكونهم الأقوى والأحق بالبقاء.لا عزيزي لن نسمح لهم بالبقاء الا اذا اثبتوا انهم لخير اخينا الأنسان ومحاولاتهم اسكات الأفواه والأقلام المخلصة المناضلة من اجل انسانية اخينا الأنسان انما هي محاولات الضعفاء وسكاكين سترجع الى نحورهم بصمود هذه الأفواه والأقلام وانا عزيزي اعلم انك تدرك ذلك وما اوردته في تعليقي ما هو الا تذكير لك واخبار لك بان امثالك كثيرين لكن لن ينالوا مرادهم.
اصمد عزيزي اصمد


4 - تابع
ميس اومازيغ ( 2013 / 3 / 7 - 19:46 )
عزيزي سعيد لقد فاتني عدم سؤالك عن المتابعة التي كانت سبب الحكم القاضي بتغريمك المبلغ المذكور الا يمكن ان توافي قرائك واصدقائك بكل ما يتعلق بهذه المتابعة والوقائع التي استندت عليها؟ ثم هل انهيت كل مراحل التقاضي واصبح الحكم حائزا لحجية الأمر المقضي به ليكون خوفك من الحجز على رصيدك مبررا وهل الغرامة المحكوم بها مشمولة بالنفاذ المعجل؟
اتمنى ان اجد جوابا منك عزيزي سعيد لأن من قرائك من لهم المام بالقانون في بلدك سيساعدونك ولو بتقديم استشارات قد تنفعك

اصمد وواصل الكتابة انسيت ان وقع الكلمة اشد من وقع الرصاصة؟ انا لأعداء اخينا الأنسان لبالمرصاد.


5 - لا تطلق الكتابة
ابولؤلؤة ( 2013 / 3 / 7 - 19:58 )
الاستاذ المحترم انصحك الا تطلق الكتابة لانها هي التحدي وهي المتنفس وهي المخرج وهي الحياة .
لا تطلق الكتابة التي اضحت من الخوارق في هذا الزمن الرديء الذي جفت فيه الاقلام ، وتكلست العقول ، واضحى الحلال حراما والحرام حلال .
لا تطلق الكتابة لانها نعمة حباها الله لمن احب واراد ، وهي ليست في متناول اي كان من الثعالب المنافقة التي تكتفي اليوم بالقشور وتترك المضمون
لا تطلق الكتابة لانه ما ضاع حق وراءه طالب
لا تطلق الكتابة لانه مهما علا الظلم سياتي يوم سيسقط فيه وستتضح الحقيقة التي قد تقلب المعادلة وتغير المسار
فلا تستسلم واظب وواصل بدون ملل ولا كلل الله معك
تحياتي لك

اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا