الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات ما بين الإخوان والمعارضة في مصر

شهدي عطية

2013 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


دأب أعضاء جماعة الإخوان المسلمون ومن والهم في الفترة الأخيرة على عدة مبررات وحجج يواجهون بها معارضيهم من باقي التيارات تبدو تلك الحجج منطقية إذا انتزعت من سياقها التاريخي وبمعزل عن أي تحليلات للموقف والأحداث الجارية لذا فإن تفنيد تلك الحجج سيبظهر مدى الديماجوجية التي تعانيها تلك الجماعة ومؤيديهم .

أولى تلك المبررات التي تخرج في وجه أي معارض لمحمد مرسي هى أنه الرئيس المنتخب ولا يجوز المطالبة بإسقاطه وتتوالى الأحاديث عن شرعية الصناديق وهذا حديث مصاب بعوار شديد ذلك لأن الشرعية لا تُستمد من فترة حكم وولاية بالسنوات .. الشرعية هى إسلوب حكم وسياسات . فالصندوق والإنتخابات لا تعطي شرعية مطلقة وملزمة بمدة الولاية المنصوص عليها لأنه ببساطة الناخب عندما يختار مرشح ما فإنه ينتخبه وفق عقد اجتماعي وسياسي معين فإذ أخل المرشح بعد فوزه بهذا العقد أصبح فاقداً للشرعية . ومحمد مرسي جاء بعد ثورة شعبية استشهد من أجلها المئات لهدف واحد وهو اسقاط النظام بسياساته وبدء عقد جديد للحرية والعيش والعدالة الإجتماعية وعندما لا نجد اي شئ تحقق بل ليست هناك في الأفق إشارات تنبئ بشئ اللهم إلا محاولات دؤوبة لتمكين الجماعة في شتى الوظائف في الدولة ، لذا فنحن أمام رئيس دولة انتخبه الشعب ونقض كل وعوده إضافة إلى حوادث القتل والسحل وهى بحد ذاتها كفيلة بإسقاط شرعيته وحدها فما الذي تبقى من الشرعية المزعومة ؟ وما الذي جناه المواطن المصري البسيط الذي توسّم خيرا في ثورة تقضى على نظام مستبد جثم على قلوب المصريين ثلاثة عقود فإذا به يجد أن الذي تغير من النظام هو شخص الرئيس وبعض الشكليات .

ثاني المبررات التي يسوقها مؤيدي محمد مرسي هى مقارنته بحكام دول أخرى كأنهم يقولون هل يستطيع الأمريكان أن يطالبون بإسقاط رئيسهم قبل مدة الأربع سنوات وهل يستطيع الإنجليز إسقاط رئيس الحكومة قبل إنتهاء مدته الرسمية متناسين تماما أن تلك الدول عريقة في تجربة الديمقراطية وتداول السلطة يتم في ظروف طبيعية وليست ثورات شعبية تزيل طغاة فرئيس أمريكا مثلا يأتي بشكل طبيعي بعد انتهاء مدة طبيعية لرئيس آخر لم يخالف قوانين ويفصل دساتير وينتهك حريات ويتعدى على كافة مؤسسات الدولة لصالح أسرته وحزبه لهذا فالمقارنات معيبة وهى نفس المقارنات الساذجة التي كانوا يبررون بها فرق النصف بالمئة بين محمد مرسي وأحمد شفيق متناسين أن منافس مرسي هو أحد من قامت الثورة ضدهم وضد النظام الذي يتبعه لذلك فالنصف بالمئة تصبح مهزلة في حالتنا وليست مدعاة للتباهي والمقارنة بدول أخرى خارج سياق واقعنا الحالي .

ثالث المبررات هى الحرية المزعومة حتى وصل الأمر بهم للمقارنة بين عهد مرسي وعهد مبارك وكأننا قمنا بثورة حتى يأتي الحاكم بعد الثورة وأقصى أمانيه مقارنة نفسه بسلفه الديكتاتور وكأن أيضا الحرية المزعومة من إنتاج محمد مرسي وليست حقا أصيلا للشعب انتزعه بدمائه وتضحيات شهداؤه ونتيجتها جاء محمد مرسي وسيأتي غيره وليست هبة ومنحة يهبها الحاكم للشعب بل حق أصيل وسيظل هكذا .

...............

...............

تبقى هناك ملاحظات على الطرف الآخر المعارض لحكم الإخوان أولى هذه الملاحظات التشبيه الدائم لمناصري الإخوان بأعضاء الحزب الوطني في عهد مبارك لكنهم تناسوا أو لم يتطرق أحد إلى خلاف كبير في مضمون وبنية الحزبين وهو أن الحزب الوطني لم يكن حزبا بالمعنى السياسي السليم ولكنه كان شكلا فقط وكيان فقط يسمى حزب وهذا الكيان خارج من رحم سلطة وغير مبنيا على أساس أيديولوجي وفكري كما باقي الأحزاب ومن ينضم إليه ينضم ليستظل بظل السلطة ظنا منه أنه لا ظل إلا ظلها وليس على أسس فكرية أو سياسية لذلك فهو استمد قوته من القبضة الأمنية التابعة للسلطة وليس من أعضائه وكوادره فكان أشبه بطبقة أوليجاركية صعدت للحكم استنادا لقبضة أمنية وليس عن طريق أغلبية حقيقية ولذلك فوجود الحزب كان مرتبطا بالسلطة وعندما انهارت السلطة تلاشى الحزب حتى قبل قرار حله رسميا وهنا الفرق والخطورة فحزب الحرية والعدالة حزب سياسي خرج من رحم جماعة عتيقة سياسياً وخارج السلطة والإنتماء إليه انتماءاً فكرياً عقائديا مبنياً على السمع والطاعة لذلك فنحن أمام حزب حقيقي بغض النظر عن الإتفاق والإختلاف معه ولو خرجت السلطة منه سيظل أعضاؤه متمسكون يدافعون عن الأفكار والتعليمات التي تأتيهم فسابقا كنا نعيش حالة الحزب المرتبط بسلطة أما الآن فالسلطة هى المرتبطة بحزب وهذا هو الفرق الأقوى والأخطر بين الحزبين لأن من ينتمي سلطويا فقط لحزب فإنه يهرول هارباً عند انهيار هذه السلطة فقد انتفت منفعته من الحزب ولكن من ينضم إيديولوجيا وعقائديا فإنه قد يضحي بنفسه في سبيل بقاء حزبه وكيانه السياسي ومن أجل ذلك فاتوقعات بزوال حكم الإخوان ستكلف هذا الوطن مزيداً من الدم ومزيداً من التضحيات لحياة مدنية أفضل .

والملاحظة الثانية وهى الكارثية تتمثل في دعاوي البعض لعودة حكم المجلس العسكري مرة أخرى متناسيين بوعي أو بدون وعي مدى الدور الذي لعبه هذا المجلس مع مبارك ومع الإخوان أيضا ومتناسيين أيضا أن الخطأ الأكبر للثورة المصرية هى تسليمها زمام الامور للمجلس العسكري وما تلاه من سيناريوهات معروفة للجميع فلماذا يعود البعض ليكرر نفس أخطاء الماضي القريب جدا والكارثة أن بعضهم لا يراها أخطاء من الأساس.


الخلاصة أن الثورة لن تنجح ويجني الشعب ثمارها إلا بوعي حقيقي لماهية الثورة ولماذا إندلعت وبتحقيق حقيقي لكافة شعاراتها وأهدافها بشكل فعلي وليس سطحي ونظري .



شهدي عطية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ساعة مع الكتب: نسخة غير مطابقة للأصل (إيمان السافي)


.. نازح من غزة يدعو الدول العربية لاتخاذ موقف كالجامعات الأمريك




.. 3 مراحل خلال 10 سنوات.. خطة نتنياهو لما بعد حرب غزة


.. جامعة كاليفورنيا: بدء تطبيق إجراءات عقابية ضد مرتكبي أعمال ا




.. حملة بايدن تنتهج استراتيجية جديدة وتقلل من ظهوره العلني