الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزيرة من احتكار المشاهد إلى احتقار عقله

مجدى خليل

2013 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


عندما بدأت قناة الجزيرة بثها فى 1 نوفمبر 1996 كانت تكلفة الإنشاء هى 150 مليون دولار قدمها أمير قطر لمحطته الوليدة مستفيدا من غلق القسم العربى لتليفزيون هيئة الاذاعة البريطانية، حيث وفر له التليفزيون المغلق الكفاءات المهنية المتميزة التى بدأ بها محطته الجديدة.وخلال سنوات قليلة استحوذت الجزيرة على عقل المشاهد العربى ووصل مشاهدى بعض برامجها إلى 100 مليون مشاهد. اليوم بعد أن اصبحت الجزيرة شبكة إعلامية عملاقة بالعربية والإنجليزية استثمر فيها أمير قطر مليارات من الدولارات ،واشترت محطة كرينت الأمريكية مؤخرا ب 500 مليون دولار، هبط مشاهدي برامجها إلى مستوى برنامج ساخر يعرض على اليوتيوب. فوفقا لدراسة مسحية قامت بها شركة أمريكية لصالح الجزيرة وتم تسريبها إلى موقع " لكم" المغربى هبط مشاهدى قناة الجزيرة يوميا من 43 مليون مشاهد إلى 6 مليون مشاهد يوميا، ووفقا للدراسة فأن اغلب هؤلاء المشاهدين مركزين فى حصاد اليوم الأخبارى وبرنامج الشريعة والحياة الدينى،أى أن برامج الجزيرة السياسية فقدت مشاهديها بدرجة مذهلة.
فى18 سبتمبر 2001 كنت ضيفا على قناة الجزيرة فى أول برنامج عربى سياسى يناقش أحداث 11 سبتمر بعنوان " هل تستحق أمريكا ما جرى لها" فى برنامج " الاتجاه المعاكس الشهير"،شاهده وقتها معظم المشاهدين العرب كما قيل لى، وعند عودتى إلى أمريكا عرفت أن شبكة أى بى سى الأمريكية الشهيرة قد أذاعت مقتطفات مطولة من البرنامج مترجمة نقلا عن الجزيرة.فى تلك الفترة وصف الرئيس السابق حسنى مبارك قناة الجزيرة بعلبة كبريت يطلع منها كله ده، حيث كانت مكتسحة بالفعل للمنطقة العربية، والسؤال لماذا تدهور مشاهدى قناة الجزيرة إلى هذا المستوى؟:-
اول واهم الأسباب فى رأيى هو التحول الكبير فى خط تحرير الجزيرة من الانحياز للمشاهد إلى الانحياز للسلطة، فبعد ما يسمى الربيع العربى بات انحياز الجزيرة للحكومات الإسلامية مسألة واضحة حتى اصبحت وكأنها المنبر الرسمى لجماعة الاخوان المسلمين وحلفاءها.وقد بدأ خط تحول الجزيرة منذ تولى وضاح خنفر عام 2003 حيث كان خنفر عضوا بجماعة الاخوان المسلمين بالأردن، كما نشط بحركة حماس، وكان أحد أبرز قيادييها في مكتب الحركة بالسودان ، فتحول تدريجيا خط الجزيرة التحريرى لدعم التيار الإسلامى وخاصة حماس والاخوان،وأيضا تم استبدال تدرييجى للعاملين فيها، وعندما تتجول فى مكاتب الجزيرة حاليا تحس أنك تتجول فى قطاع غزة، فترك الجزيرة العديد من كوادرها المهمة مثل حافظ الميرازى، وسامى حداد، ويسرى فودة،وغسان بن جدو، وحسين عبد الغنى، وجومانة نمور...الخ. ويمكن اعتبار ال 6 مليون مشاهد يومى حاليا هم جماهير الإسلام السياسى فى المنطقة.وبهذا تحولت الجزيرة من احتكار المشاهد إلى احتقار عقله دفاعا عن السلطة الإسلامية.هل كانت الجزيرة تخطط لهذا التحول على مدى سنوات طويلة؟ ربما، هل جاء التحول نتيجة رئاسة وضاح خنفر؟ ربما، هل هو بأتفاق مرتب مع أمريكا؟ ربما... النتيجة واحدة اصبحت الجزيرة منفرة للنخب وللمشاهد المسلم الوسطى المعتدل وطبعا للأقليات غير المسلمة.
ومع تسارع الانحياز تراجعت المهنية بشكل كبير جدا من كافة الزوايا والنواحى، وجاءت الأزمة الليبية ثم السورية فتحولت الجزيرة طرفا رئيسيا فى المعارك وأدى ذلك بالطبع إلى مسألة أخطر من تراجع المهنية وهى تأكل المصداقية.وعند هذه النقطة تبدأ وسيلة الإعلام فى الترنح،فلا قيمة لوسيلة إعلام تفقد مصداقيتها، وخاصة عند المشاهد الواعى المدرك، ولا ننسى أن الجزيرة ذاتها فى تألقها ساهمت فى رفع هذا الوعى ليكون خصما لها بعد ذلك.
يضاف إلى ذلك تزايد حدة المنافسة جدا فى سوق الإعلام السياسى والأخبارى، فبعد 11 سبتمبر ادرك العالم كله أن منطقة الشرق الأوسط ستكون محركا للأحداث العالمية لعقودا طويلة، وربما تنطلق منها الحرب العالمية الثالثة ، فهذه المنطقة تمتلئ بالكراهية والحروب الاهلية و والتعصب والصراعات الدينية، وتعوم على مخزون هائل من النفط، وبها أقدم واطول الصراعات الدولية بين العرب وإسرائيل، ومنها انطلق الإرهاب الدولى، علاوة على الاحباط وضياع الأمل والدكتاتورية والإنغلاق على الذات، فسعت الكثير من الدول لمخاطبة هذه الكتلة البشرية الهائجة فى محاولة للتأثير عليها وترويضها، وافتتحت أمريكا مزاد سلسلة الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية بتدشين قناة الحرة عام 2004، ثم جاءت فرنسا بقناة فرانس 24 عام 2006، ثم روسيا اليوم عام 2007، ثم البى بى سى عام 2008، ثم اليورونيوز عام 2008، ثم قناة الصين العربية سى سى تى فى عام 2009، وحتى تركيا الطامعة فى الشرق العربى فتحت قناتها تى ار تى عام 2010، بالإضافة إلى العديد من وسائل الإعلام الصغيرة الناطقة بالعربية جاءت من العديد من دول العالم الأخرى. وبالتوازى تسارعت المنافسة العربية مع قناة الجزيرة فكانت قناة العربية عام 2003 ثم قناة العالم الإيرانية دعما للهلال الشيعى العربى عام 2003 ثم توالت بعد ذلك الفضائيات السياسية الدولية والمحلية حتى بات من الصعب احصائها.وكان تأثير القنوات القطرية هاما فى اضعاف قناة الجزيرة وخاصة فى دول ما يسمى بالربيع العربى فبرزت اون تى فى فى مصر، وليبيا الحرة فى ليبيا والوطنية وهانبعل فى تونس والميادين فى سوريا والنهار فى الجزائر لمحاصرة مد الربيع العربى إلى الجزائر.
سبب آخر أدى إلى هذا التراجع الكبير وهو ترهل الإدارة والثقة الزائدة فى الذات، فمع التوسع الكبير فى الشبكة وحجم الاستثمارات القطرى الضخم بدون خطة للربح أو المساءلة، ترهلت الإدارة وارتفعت نبرة أن الجزيرة هى التى تصنع النجوم،فحلت كفاءات ضعيفة ومؤدلجة محل الكفاءات المهنية القديمة ولم تصنع منهم الجزيرة نجوما كما تصورت بل هم من هبطوا بمستوى الجزيرة، وكان من نتائج هذه السياسة التحريرية والانحياز السافر للفاشية الدينية الجديدة تحول الاعجاب الكبير عند المشاهد العربى العادى تجاه الجزيرة إلى كراهية كبيرة تجسدت فى حرق الثوار لمقر قناة الجزيرة فى مصر ومطاردة مراسليها باللعنات فى معظم دول المنطقة.
فى عام 1999 كتبت مقالة طويلة على نصف صفحة فى جريدة القدس العربى اللندنية بعنوان " الجزيرة تعرى الإعلام العربى الرسمى"، وبعد كل هذه السنيين الطويلة اعود للكتابة مرة أخرى عن الجزيرة ولكن هذه المرة عن تعرى الجزيرة ذاتها.. وسبحان من له الدوام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سقوط الجزيرة وسقوط الاسلام السياسي
ابو داود المحبوب ( 2013 / 3 / 7 - 07:48 )
أشكرك استاذ مجدي على هذا التشخيص الرائع لسقوط بوق شرير من أبواق قوى الظلام والاسلام السياسي الظلامي في العالم. في الواقع ان الجزيرة في قمة مجدها كانت تسارع الى نشر وتضخيم اي خبر يتعلق بالاسلام، وكانت البوق الناعق في تحريض المسلمين للمظاهرات الغوغائية. ولكن حبل الكذب قصير وعدالة الله القدوس بالمرصاد لكل كذاب وداعية للكراهية مثل قناة الجزيرة.

ولعل من الامور اللافتة التي ما تزال الجزيرة تعملها هي التحريض السافر ضد المسيحية، ودليل ذلك التقارير الكثيرة التي بثتها الجزيرة ضد ما اطلقت عليه التنصير في الجزائر والمغرب وقرقيزيا واندونيسيا وقارة أفريقيا، وبذلك تستحق الجزبرة لقب قناة الظلام الاسلامي والتحريض الطائفي والديني.


2 - الجزيرة قناة ظلامية
محمد بن عبد الله ( 2013 / 3 / 7 - 09:33 )
منذ سنوات وأنا أعرّف قناة الجزيرة على أنها (صوت بن لادن) واعجب من كل من يرهنون عقولهم لأمثال أحمد محصور والقرداوي والقومجي صاحب برنامج الشريك المخالف
كنت أعجب لوجود أمثال سامي حداد لكنك تخبرنا أنه ترك الجمل بما حمل ..ترى هل مازال جميل عازر يشارك في هذه الكوميديا؟ عموما لا يهم..
الجزيرة اصبحت قناة الأميين المتعصبين بامتياز
شكرا على المقال المفيد وأوافق الأستاذ المحبوب على كل كلمة في تعليقه


3 - رد للكاتب
احمد صالح سلوم ( 2013 / 3 / 7 - 16:26 )
اتفق والكاتب تماما ولكن الم تكن احد الابواق اللتي نعقت كثيرا عليها ولسنوات وعند اماطة اللثام ان الجزيره قناة تساند الاخوان والقاعده لم يعود لك اي ظهور او بالاحرى طنشوك فصحي ضميرك غريب امركم يا عربان


4 - قناة وبلد وجدا لفبركة الأهداف الصهيونية
يوحنا مالوم ( 2013 / 3 / 8 - 00:14 )
لقد سقطت الجزيرة في حفرة نياتها التي وجدت من أجلها. قناة الجزيرة قناة حمد أجير الصهيونية ولاعق ذنبها . فبركاتها للصور والأحداث وإخراجها بتحيز مفضوح بلا حيادية الصحافة المحترمة كشفها ولم تعد معتمدة لدى المتابع الذي يبحث عن الحقيقة وليس عن الفبركة. وعندما تفقد القناة صدقيتها تنتهي كما ستنتهي قطر وحاكمها المفبرك بعدها


5 - سلطه دينيه اسهل
تيسير عثمان ( 2013 / 3 / 9 - 15:55 )
اصبحت قناة الجزيره انتقائيه في تناولها للاحداث وهي قواده للجماعات الاسلاميه بامتيازتنفذ سياسات امريكيه بدعم الحركات الاسلاميه المتخلفه للوصول الى كراسي السلطه لان السياسه الامريكيه تعتقد ان افضل وسيله للسيطره على هذه الشعوب هو الدول الدينيه الاسلاميه على غرار المملكه السعوديه وهي افضل وسيله للوصول الى الاستقرار وعدم الخروج عن القرار الامريكي


6 - انتحال اسمي من مباحث ال سعود الجبناء؟؟
احمد صالح سلوم ( 2013 / 3 / 15 - 14:39 )
قناة الجزيرة تماما كما قاعدة العيديد والسيلية مقر قيادي للاسطول الامريكي ليس العسكري هذه المرة بل الاعلامي هي قناة الكذب والفبركة الصهيونية وتنفذ اقذر اجندة عرفها التاريخ البشري وقد تفوقت على غوبلز عبر توظيف مهابيل الاسلام من قاعدة واخوانجية
اعتذر من مجدي خليل هذا المنتحل لاسمي يفعلها كما فعلها من قبل بانتحال اسم غسان صابور وهو ينتقل من جبهة الى جبهة كاي اخوانجي ووهابي جبان بلا اخلاق ولا ضمير ليفتن بين الكتاب وكأن الفتنة بين السنة والشيعة لاتكفيهم وكأن رقم غينس العالمي في اعلى نسبة طلاق في التاريخ في مملكة العبودية لاتكفيهم اي انهم حتى فتنوا بين الرجل وزوجته ولديهم مخزون لاينتهي من فتاوي المشعوذ ابن تيميه والقرضاوي وابن باز تفتن حتى بين الرمش والحاجب..احترامي للكاتب نضال نعيست وكما تعرف ومما اكتبه من المستحيل ان تكتب يداي كلاما مما خطه هذا المارق الوهابي الاخوانجي السلفي الذي يعمل في مباحث ال سعود الصهاينة

اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج