الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن المرأة: ربة المنزل

رياض خليل

2013 / 3 / 7
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي



‫ الجهد الشاق الذي تبذله المرأة كربة منزل أكبر من الجهد الذي تبذله في أي عمل آخر خارج المنزل ، وهي لهذا تستحق راتبا من الدولة تحت مسمى وتصنيف " ربة منزل " ويجب أن تتقاضى راتبا تقاعديا عن ذلك في مرحلة متقدمة من العمر . ‬‬
الطبخ والنفخ وتربية الأولاد والغسيل والجلي والتنظيف والترتيب ..الخ ، كل هذخ الأعمال تندرج تحت مسمى العمل الشاق والمرهق ، ويحتاج إلى أكثر من موظف أو عامل لإنجازه ، بينما ربة المنزل تنجزه وحدها ، ولو قامت بما يكافئ ذلك العمل خارج بيتها ، لحققت دخلا مضاعفا . لأنها حينئذ تعمل بأحر ومقابل نقدي . فلماذا تعمل في بيتها مجانا ؟ مادام عملها يدخل في باب الخدمة والرعاية الاجتماعية الأكثر أهمية للمجتمع ككل ، وليس لأفراد أسرتها فقط . لأن أسرتها هي الخلية الأهم في الجسم الاجتماعي ، وعليه تعتمد عملية البناء الاجتماعي الشاملة ، من النواحي كافة . والمرأة كربة منزل تنجز مهمة عامة بالتوازي مع كونها مهمة خاصة ، وهي مهمة تصب في الشأن والصالح العام ، وترفده باللبنات التي منها يتكون البناء الاجتماعي ويتطور ويستمر . أليس هذا إجحافا بحق المرأة وحقوقها . ألا يعتبر دورها كربة منزل نوعا من ممارسة العمل المكثف التي كثيرا ماتقدمه بلا مقابل يذكر لجميع أفراد الأسرة‬‬‬‬‬‬‬‬‬ .؟
إنيي لاأدعو إلى حصر عمل المرأة في المنزل . بل أدعو إلى اعتبار العمل المنزلي للمرأة بحكم العمل في أية وظيفة وخدمة لدى مؤسسة أو شركة في القطاعين العام والخاص . وأدعو إلى اعتبار عمل المرأة كربة منزل بمثابة العمل كموظفة في الدولة والمجتمع ، تتقاضى عنه راتبا مناسبا تستحقه لأنها لاتقوم به لنفسها بل لأولادها وبيتها . وهذا لايناقض فكرة أنها تقوم بواجبها الأسروي الحيوي السيكولوجي المعروف . ولكن قيامها بواجبها المذكور ليس مسؤولية فردية مطلقة ، ولاملزمة بالمطلق . بل نسبيا . إذ لابد من مشاركتها المسؤولية من قبل الرجل رب المنزل هو الآخر . لابد من تقاسم المسؤولية إلى حد ما .. يرضي المرأة والرجل معا ، من خلال اتفاقهما وتفاهمهما على تقاسم " السلطة " المنزلية التي تتوزع بطريقة مركبة مابين خارج وداخل المنزل . وتغدو مثل هذه الحالة ضرورية في كل الحالات ، ولاسيما حين تلعب المرأة الدور الخارجي : العمل خارج المنزل مثلها مثل الرجل زوجها . هكذا تترسخ وتقوى فكرة الشراكة ، كمنطلق لمؤسسة الزوجية الفعالة والناجحة .
المهم ولكي لانخرج عن السياق أقول : يوجد قسم كبير من النساء ، لايملكن الوقت للعمل في الخارج ، إما مؤقتا ، أو على الدوام ، وفي كلتا الحالتين لابد من أخذ هذا الوضع بعين الاعتبار من قبل الحكومات ، إن كانت تلك الحكومات حريصة على المجتمع من جهة ، وعلى ضمان حقوق المرأة التي تمارس عملها كربة منزل من جهة ثانية ، وهذا الالتزام المالي من قبل الدولة لايشكل عبئا على ميزانيتها ، بل سيكون رافعة لتلك الميزانية استراتيجيا ، لأن مثل ذلك الالتزام هو استثمار استراتيجي بالمرأة ودورها ووظيفتها الاجتماعية التربوية الأساسية ، التي لاتقل أهمية وريعية على المدى الطويل عن الاستثمار الاجتماعي بالتعليم والتربية وإعداد النشء والأجيال للمستقبل . إنه استثمار للمستقبل وفي المستقبل . استثمار بالإنسان الكفوء ، باعتبار العنوان الرئيس للدولة والمجتمع والتنمية والتطور الشامل ، والأم : ربة المنزل لها الدور الحاسم في ذلك كله . وقوة المجتمع تستمد من بناء الأسرة القوي المتوازن ، والذي به ننتج الشخصية السوية .. القويمة .. الفاعلة والخلاقة والمتعاونة .
إن دعم المرأة للقيام بدورها كربة منزل هو من أهم المنطلقات لصناعة بيئة تربوية اجتماعية صحية وصحيحة ومنتجة على المديين : المنظر والبعيد . إنه مشروع طويل الأمد واستراتيجي لكل مجتمع يتوخى التقدم والاستقرار والقوة والتنمية . لأن ذلك كله لايتحقق سوى ببناء الإنسان منذ نعومة أظفاره .. الإنسان الذي يعتبر المحرك الأساسي لكل نشاط وإنتاج وتنمية . إنه الهدف والوسيلة والشكل والمضمون في كل تنمية ، والاعتناء به أساس النجاج لأي مشروع خاص اوعام . من هنا يكون دور المرأة هو الأهم في خلق الإنسان وتنشئته وإنتاجه إلى حين تمكينه من لعب الدور الخلاق والمسؤول .
وللحكومات أقول : إن نسبة ربات المنازل إلى تعداد النساء ليست بالكبيرة . لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار : العمر . الزواج والعزوبة ، الشيخوخة ، العاملات خارج المنزل .. ولايبقى حينئذ سوى نسبة محددة يمكن تغطية تكاليف تعويضها عن عملها كربة منزل . إنه مشروع جاد ومهم للغاية ، وعلى الحكومات الحريصات على المصلحة الاجتماعية العامة أن تهتم به كأولوية ، لأنه يحقق الكثير للفرد والأسرة والمجتمع ، ويخفف من الانحرافات والمشاكل ، ويوطد العلاقات الأسروية ، ويحسن الحالة النفسية والسلوكية ، ليس لربة المنزل وحسب ، بل ولأفراد أسرتها أيضا .
أدعو المنظمات النسائية ، ومنظمات المجتمع المدني ، وقوى المجتمع المتنورة ، أن تضغط على الحكومات والسلطات لتحسين وضع المرأة عموما ، وتمكينها من ممارسة ولعب دورها أسوة بالرجل ، وبما يتناسب مع وظيفتها الخاصة التي تفوق وظيفة الرجل في العديد من الجوانب ، ولاسيما من ناحية التربة وبناء الأسرة وإدارة شؤونها كافة . ولابد من تثبت حقوقها كاملة في النصوص القانونية . وحمايتها من كل عسف وظلم وإجحاف أنى كان مصدره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا