الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحرش بالمرأة بمثابة اغتصاب فكري

خيري حمدان

2013 / 3 / 7
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي


خيري حمدان
التحرش بالمرأة في العالم العربي ليس بالظاهرة الجديدة وهي مرتبطة بالتربية والتنشئة التي تضع المرأة في خلفية المجتمع. التحرّش بالنسبة للرجل يعكس فهمه لامتلاكه الحقّ الكامل بالنيل من المادّة أو الشخص الخاضع للتحرّش، وتعتبر هذه العملية في منتهى المهانة للمرأة وتعبّر عن موقعها الهامشي العابر في المجتمع، والذي لا يتعدّى دور الحاضنة لرغبات الرجل ونسله فيما بعد. لكن ماذا سيحدث لو حاول أجنبي في أحد شوارع روما، نيويورك أو غيرها من العواصم الأجنبية التحرّش بامرأة؟ قد يتعرّض للضرب وعلى الأرجح سيتم إلقاء القبض عليه بتهمة الاعتداء الجسدي وخرق حقوق المواطنة وسيجد نفسه مضطرًا لدفع تعويضات مالية كبيرة للمرأة التي تحرّش بها، وقد يجد نفسه نزيل السجن إذا حاول تكرار هذه المحاولة. نحن نتحدث عن قوّة القانون وليس عن قانون القوّة السائد في العالم العربي. التحرّش بالمرأة يعني بأنّها قد أصبحت مجرّد سلعة والنيل من جسدها يعني كذلك "شطارة" غير مبرّرة، الأمر الذي يتناقض مع المفاهيم الأخلاقية والدينية، ولا بدّ من سنّ قوانين رادعة لوقف هذه المحاولات وإعادة الكرامة للمرأة بصفتها أكثر من نصف المجتمع، بصفتها الأم والأخت والزوجة والعشيقة وآية الجمال التي يتغنّى بها الشعراء والفنانون.

يجب أن يكون الثامن من آذار الخطوة المبدئية الأولى للتعامل بجديّة مع هذه الظاهرة، ويمكن للأنظمة التي تدّعي الديمقراطية أن تفرض سلطتها القانونية دون مهادنة. كما لا يجب ألا ننسى شأن جرائم الشرف التي تعتبر كذلك منتهى التفريط بحقوق الإنسان، وتنفيذها عادّة يتمّ ضدّ المرأة دون الطرف الآخر الذي شارك في هذه العملية – الرجل.
لا خير في مجتمع لا يقدّر نساءه باعتبارهنّ قاصرات وغير قادرات على امتلاك قرارهنّ والدفاع عن أنفسهنّ، وليس من الضروريّ في مكان أن تصبح المرأة العربية بطلة في مهارات الدفاع عن النفس لإجهاض محاولات التحرّش بهنّ في الأماكن العامّة والمتنزات وخلال عودتهنّ من أماكن العمل والمدرسة والجامعة.

التحرّش يماثل الاغتصاب الفكري ويدلّ على ضعف شخصية الرجل والقوّة الجسدية تبقى نسبية وليست العامل الحاسم في العلاقة بين الجنسين، وكأنّنا نتحدث عن حالة من الصراع وليس عن علاقة محبّة وتواصل للأسف الشديد!

التحرّش يعني غرق الرجل أو الشاب في عالم من الكبت ويمكنه معالجة ذاته إذا أدرك بأنّ ممارسته خاطئة من خلال الطرق الشرعية كالزواج واللاشرعية "يا عالم"، كلّ يتحمّل تبعات تصرفاته في نهاية المطاف أمام ضميره ووعيه وخالقه ومنهجه وعقيدته! لكنّ أن تتعدّى على عابرة طريق فهذه لصوصية وانحدار غير مسبوق في مستوى الوعي والتفكير.

لا يمكن لرجل اكتملت رجولته أن يتعدّى أو يتحرّش بامرأة، يمكن للمعنيّ أن يهديها وردة، قصيدة، دعوة أو ما شابه. المتحرّش لا يرغب بشيء لأنّه غير قادر على الحصول على أيّ شيء سوى الفتات. وتراه بعد ذلك يتفاخر أمام المرآة أو أمام العجزة من أمثاله بأنّه قد تمكّن من لمس إحداهنّ قبل أن يولّي بالفرار، أو قبل أن يتلقّى شتيمة، صفعة أو دعاء من امرأة عاجزة.

يبقى المجتمع مريضًا إذا لم يتمكن من حماية النساء بقوّة القانون لدرء الأذى عنهنّ خلال تجوالهنّ. من أجل مجتمع حرّ سويّ – أوقفوا التحرّش بالنساء بقوّة القانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص