الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحرش الجنسي ،، أبعاده الاجتماعية والسياسية

لينا جزراوي

2013 / 3 / 8
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي


1- هل تعتبرين التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية ظاهرة اجتماعية ناتجة عن الكبت الجنسي أم إن هناك عوامل أخرى تمارس دورها في تفاقم هذه الظاهرة؟
لقد وصلنا الى أن يصبح التحرش الجنسي ظاهرة في مجتمعاتنا ،، لكن أسباب هذه الظارة ليست الكبت الجنسي وحده ، لأنها ظاهرة مازالت موجودة في المجتمعات الغربية التي لا تعاني من الكبت الجنسي ولو أنها تأخذ صورا واشكالا مختلفة ،، أما العوامل التي تساعِد على انتشار هذه الظاهرة ، هي عدم نشوء الجنسين على ثقافة الاختلاط الطبيعي ، منذ مرحلة الطفولة المُبكّرة ، وهي التي تجعل فكرة وجود الأنثى في حياة الذكر ومُحيطه ، فكرة طبيعيّة ، فينشأ الذكر على أن طبيعة المجتمع هي ذكر وأنثى ،، والسبب الثاني برأيي هو ضعف القوانين التي تَحد من ظاهرة التحرّش ، سواء في أماكن العمل ، أو في الأماكن العامة ، بالاضافة لسبب تختص فيه مُجتمعاتنا العربية ، وهي ثقافة الصّمت وثقافة العيب لأن المرأة تشكّل الحلقة الأضعف في المجتمع ، مما سيعرّضها للانتقاد والنّبذ من مُحيطها في حال قرّرت البوح .

2- هل ترتبط هذه الظاهرة بالتربية العائلية الذكورية التي تحط من دور ومكانة المرأة في الأسرة والمجتمع؟
لها علاقة كبيرة بالتنشئة والتربية ، التي أعطت الذكورة امتيازات القوة والسّلطة والتفوّق الجسدي والذّهني ، على حساب الأنوثة الحليمة والضّعيفة والتابعة ، لأن مسألة المرأة هي في النهاية بيد سُلطة ذكوريّة ، تبيح لنفسها بحُكم الامتيازات المُجتمعيّة والدينيّة والقانونيّة الممنوحة لها ، أن تمارِس هذا التسلّط والانتهاك على الأنوثة ،، فالذّكر في المجتمعات العربية يعتبر أن التحرّش هو بطولة وميزة تقول للمجتمع كم أن رجولته طاغية ، وهو (في كثير من الأحيان) لا يردعه ضابط أخلاقي ، لأن الأخلاق عنده تتعطّل عند الحاح الرغبة الجنسيّة ، التي يٌقدّسها مُجتمعه وتنشِئته ويُترجِمها بلغته على أنها (فحولة) ، بينما تذوي الأنثى خجلاً وتُخفي معالِم أنوثتها الّتي يُعلّمها المُجتمع أيضا والتنشِئة ، أن الأنوثة ضَعف.


3- ألا تشارك النظم السياسية السائدة في الدول العربية , سواء أكانت قومية يمينية أم إسلامية سياسية واستبدادية , في استمرار هذه الظاهرة وتفاقمها الراهن؟
أكيد ،، هذه النظم هي جزء من مكونات النظام الأبوي البترياركي الذكوري ، والعقلية السّائدة لا تفرّق بين نظام سياسي كنسق في المُجتمع ، وبين سلوك فردي يمارسه أفراد ، الأنظمة الدينية تتبجح في الدعوة لوأد الأنثى جسديّا من خلال اخفاء معالِم أنوثتها لأنها مادة للفتنة برأيهم ، ووأد فكرها بحجة مخالفته للأحكام الدينية ، والأحزاب القوميّة واليسارية ، تُبطِن عكس ما تُظهر ، من دعوات لتحرر المرأة ومُشاركتها في الحياة السياسية جنبا الى جنب مع الرجل ، بينما تحمِل في ثنايا عقليّتها ذكوريّة مُبطّنة ،تُتَرجَم كسلوك يرفُض أن يمنح للمرأة مكانا حقيقي الى جانب الرجل ، وتغتال حريتها وفِكرها ، الّا اذا كان تحت جلبابه ، ولو أن الاحزاب الدينية لا تدّعي عكس ما تُؤمن به ، بل هي تُجاهِر بحقيقة رؤيتها تجاه المرأة وقضيّة تحررها ، لذلك لا أعتب عليهم ، بل العتب كل العتب على الأحزاب اليسارية والقومية التي تمارِس على الأرض عكس تماما ما تنطلِق به ثوابت فكرية .

4- ما هو دورنا في حماية المرأة من تلك الانتهاكات التي فاقت جميع التصورات والتي أصبح الرجل وكأنه العدو اللدود للمرأة وكيف يفترض أن تكون ردود افعالنا لمعالجة هذه الظاهرة السلبية؟
الحل في التحوّل لدُول مدنيّة ، قانون مدني ، توعية للمرأة واعادة النظر بمهارات التربية والتنشئة للجيل الجديد ، لتعديل القيم الّتي سادت لسنوات حول الأنوثة والرجولة كمفاهيم مُطلقة ، نحن نحتاج لتضافر جهود بين كل الأنساق التي يستقي منها الفرد قيمه ، وتجريده من كل مظاهرالفكر التي تُكرّس ضعف الأنثى ، وهذا سيكون له تأثير مباشر على تعطيل الثّقافة المُنتهِكة لحقوق الانسان بشكل عام ، وحقوق المرأة بشكل خاص ، يجب أن تتبع المرأة كل الطرق القانونيّة المُتاحة لها للحدّ من ظاهرة التحرّش .

5- هل هناك علاقة جدلية بين الكبت الجنسي ومضامين وأساليب التعليم والثقافة السائدة والمتدنية في الدول العربية, ومنها اعتماد قاعدة الفصل بين الجنسين في مراحل التعليم المختلفة
اعتقد ان الابتعاد عن ثقافة الاختلاط أحد الأسباب الرئيسية التي تنشىء بيئة خصبة للتحرّش ، الأصل أن ينشأ الذكر والأنثى معا ويعتادوا التعامل مع بعضهم البعض بصورة طبيعية بعيدة عن الفروقات البيولوجية بينهما ، هذا السلوك يجب أن يتزامن مع تربية مدرسيّة وثقافة جنسيّة ، تُقدّم للجنسين على أسُس علميّة .

6- هل من علاقة بين اتساع ظاهرة الحجاب و"الصحوة الدينية" وتفاقم ظاهرة التحرش بالنساء, وخاصة بعد وصول التيارات الإسلامية إلى السلطة في عدد من الدول العربية؟
لا أعتقد أنه من الصّواب أن نقول أن الظاهرة قد تفاقمت ، هي موجودة لكن ثورة الاتصالات والميديا ووسائل الاعلام المُجتمعي ، ساعَدت بشكل كبير بالاعلان عن وجودها ورصدها وتقديمها للرأي العام ، مجتمعاتنا كانت دائما تعاني من ظاهرة التحرش الجنسي باعتقادي ، لكن كانت مَخفيّة عن الإعلام ، ولم يكن لدينا تصوّر عن حجم انتشارها ،من ناحية أخرى اتساع ظاهرة الحجاب لها علاقة بالتيار الديني المنتشِر في العالم العربي اليوم ، صحيح ، لكن الحجاب لم يحمِ المرأة من التحرّش ، لأن المشكِلة ليست في المرأة نفسها ، والمشكلة في عقليّة الذّكر وتنشِئته .

7- لا يعبر سكوت أو مشاركة النخب الحاكمة في الدول العربية في الموقف من المرأة وحقوقها عن تدهور فعلي في مستوى الوعي الاجتماعي وهيمنة الفكر اليميني الرجعي والديني المتخلف على أذهان أفراد المجتمع؟
النخب الحاكِمة في الدول العربيّة والفكر الديني الّذي يسود اليوم في العالم العربي ، هما وجهان لعُملة واحدة فيما يتعلّق بقضايا النساء ،، هم ليسوا مُختلفين في هذا النوع من القضايا ، هم خلافهم على السّلطة وقيادة العالم العربي ، والمرأة جزء من المجتمع العربي الّذي تحكمه عقليّة ذكوريّة ،، سكوتهم نابع من عدم أهميّة الموضوع وعدم أولويّته بالنسبة لهم .

8- ألا تمارس السلطات الحاكمة في الدول العربية أساليب بشعة في ابتزاز المرأة واستغلالها وتعريضها لمزيد من الإيذاء النفسي والجسدي؟
السّلطات الحاكمة اليوم لا تختلف عن السلطات الحاكِمة بالأمس ، والأساليب التي تُمارَس ضد المرأة في العالم العربي لطالما كانت مُنتشِرة في مُجتمعاتنا ، يُمارِسها مُجتمع بكامل أنساقه ، بدءأ من رأس الهرم مرورا بالقوانين والتشريعات ، وانتهاءا بالعقليّات الشّعبية السّائدة ، لكن في زمن ما يُسمى بالربيع العربي ، وثورة الشّعوب على أنظمتها والمُطالبة بالحريات والسيادة الديموقراطيّة ، أثبتت هذه الشعوب بأنها لا ترى المرأة ضمن الشريحة الّتي تستحق الحريّة والديموقراطيّة ، وهذا كان واضِحا وجليّا في تونس ومِصر ، المرأة للأسف بقيت رهينة النظرة الناقِصة الّتي تراها تابِع ولا تستحق أن تكون جزء من الثّورة .

9- كيف يتسنى للمرأة حشد طاقاتها وطاقات الرجال المتنورين لصالح الدفاع عن المرأة وحقوقها وحمايتها من اعتداءات "الفحولة" الفاحشة؟
الاعتراف أولا أن هُناك ظاهرة اسمها تحرّش جنسي ، والاعتراف بأن هناك انتهاك لأنوثة المرأة في مجتمعاتنا ، العمل مع المتنورين للتّخفيف من أثر الثقافة السائِدة المعطّلة لارادة المرأة وقوّتها ، الخروج للمجتمع بكل قوّة والتواجد في مختلف الميادين الّتي يحتكرها الذّكور ، والأساس برأيي هو البدء مع الجيل الجديد بالتعوّد على ثقافة الاختلاط الطبيعي بين الجنسين منذ الصّغر ، اجراءات تأديبية ،ونظام قانوني يردَع المتحرشين في الجامعات والأماكِن العامة ، وأماكِن العمل.

10- ما هي الأساليب الناجعة للنضال المرأة في المرحلة الراهنة وكيف يمكن تعبئة قوى المجتمع لصالح العيش المشترك القائم على المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات؟
التوعيّة من خلال اعادة النظر بالأنساق التي يستقي منها المجتمع قِيَمه ،، نشر ثقافة حقوق الانسان المدارس والمناهج التعليمية ،مراقبة المادة الاعلامية وصورة المرأة في الاعلام ، المؤسسات الدينية ، وتوعية الاسرة ، نضال المرأة اليوم لن تحصِد هي نتاجُه ، بل هو مُستقبل الجيل الجديد من الفتيات والفتيان لينشأوا على ثقافة المُساواة بين الجنسين باعتقادي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ