الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحرر المرأة، تحرر المجتمع

مهند البراك

2013 / 3 / 8
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي


فيما تتواصل الحراكات و الفورات الاجتماعية في المنطقة التي حطّمت افكار خلود دكتاتوريات على كراسيها و توريثها الى ورثتها، و حققت نجاحات في تصعيد روح المواجهة و نجاحات في مجالات و عجزت عن اخرى . . بسبب شراسة القمع المستقوي بالتخلف و ممثليه و بمن كانوا يوماً مع التطلعات الشعبية من اجل التغيير، القمع الذي لايؤدي الاّ الى حالات متنوعة من الفوضى التي لاتفيد الاّ القوى الظلامية . .
برز دور المرأة في تلك النشاطات الجماهيرية الشجاعة ـ التي اشتهرت و اصطلح عليها بالربيع العربي ـ ، بسبب تزايد مسؤولياتها و اعبائها و تزايد الدور الحضاري و الاجتماعي للمرأة سواء في العائلة او في المجتمع، بعد ان اخذت تتبوّأ مواقع اساسية و قيادية في عمليات الانتاج و الخدمات و النشاطات الاجتماعية، في مجتمعات و دول المنطقة حيث برزت في العلوم والآداب و الثقافة، و وصلت الى فضاءات اكثر تطوراً مما مضى، و صارت جزءاً نشيطاً من نشاطات المجتمع سواء الاجتماعية او السياسية . . حيث قدّمت المرأة و تقدّم بجهودها هي جنباً الى جنب مع الرجل، ما يخدم مجتمعاتها الوطنية على طريق التقدم و التحرر الاجتماعي . .
و اثبتت ان احقاق حقوق المرأة ليست صدقة او رحمة من جهة ما، و انما هي قضية اساسية ـ و ليست مكمّلة او ديكور ـ لتحرر و تمدّن المجتمع بأسره، و انها لاتعود الى ايديولوجيا او احزابٍ بعينها فقط . . و انما هي نتاج قرون طويلة من صراعات انسانية من اجل تحقيق عدالة اجتماعية و من اجل عائلة و طفولة سعيدة تضمن رقي المجتمعات و خيرها و سلمها و رفاهها . . ان ضمنت دور و اسس تحرر المرأة و موقعها.
و فيما يشير سياسيون و اجتماعيون الى ان بروز النساء في مجتمعات الدول الاسلامية، عبر انواع الصراعات و اخطرها و رغم انواع التقاليد التي قيّدت حريّتها، و تحقيقها كتفاً لكتف مع الرجل . . نجاحات لها و لشعوبها و لحركاتها التحررية التقدمية . . يعني بروز طاقة تحررية كبيرة تدفع نحو الحداثة و التطور و التمدّن و الى التفاعل مع تطورات عالم اليوم في جعل بلداننا اكثر تحرراً و من اجل التقدم الاجتماعي لشعوب منطقتنا . . و يضيف آخرون ان تعاظم نضال المرأة من اجل حقوقها و حصولها على مواقع فاعلة في المجتمع، مكسباً و تعزيزاً كبيراً للطاقات الثورية الخلاقة في المجتمع و دفعاً لعجلة تجديد حقيقي لعمومه . .
الأمر الذي صار يرعب احزاب الاسلام السياسي التي وصلت الى الحكم في المنطقة بدفع من الاحتكارات الدولية لتقييد الحراكات و الانتفاضات الشعبية الشبابية و النسائية من اجل الخبز و الحرية . . . بشرط ان تطرح (إسلام ليبرالي جديد) يتناسب مع فكرة الدولة المدنية (؟) . . رغم تواصل سلوك و طغيان شعارات " الدولة الاسلامية الشمولية " و " حكم ولاية الفقيه " الملتقيين . . الذي يرى كثيرون بأنه ان استطاع تحقيق شئ من الحد للطغيان السابق، فإنه بسلوكه العملي صار يدخل المنطقة في متاهات حكم و طغيان جديدين باسم " المقدس " .
وفيما قامت حكومات الاسلام السياسي بقضم و تغييب قوانين حماية حقوق المرأة، كما جرى في تغييب قانون الاحوال المدنية التقدمي العراقي الذي ضمن حقوق المرأة الاجتماعية و السياسية و القانونية و الاقتصادية . . انحازت تلك الحكومات انحيازاً اعمى الى (ذكورية المجتمع) و اعادت مجتمعاتنا الى العهود الحجرية و ازمنة الصيد . .
فاضافة الى التدهور الاخلاقي الذي حصل و يحصل على يد ميليشيات الاسلام السياسي المسلحة السنيّة و الشيعية و عصاباتها، التي مارست و تمارس الاغتصاب الجنسي للمعارضين و خاصة النساء ـ وفق تقارير منظمات العفو الدولية ـ . . فان صيغ و عقود (زواج المتعة) و (المسيار) و (الخلع) و التبشير بها علناً بكثافة متواصلة رصدت لها اموال فلكية، و بصيغ مثيرة لغرائز شباب الجنسين على وجه الخصوص . . لاتعني الاّ التبشير و الدعوة الى (الجنس الحلال) من ارضاع الكبير الى زواجات القاصرات . . و غيرها، و كأن قضية المرأة و حقوقها الانسانية و القانونية كمواطن و بشر تتلخص بتلك القضايا الخطيرة !!
القضايا الخطيرة . . التي لم تؤدّ الاّ الى تزايد ( التحرش الجنسي) من جهة، و من جهة اخرى و هي الاخطر . . تزايد وجود و اعداد الاطفال اللاشرعيين الذي بلغ حدوداً لا يمكن ان تليق بمن يحكم باسم الإعتقاد الديني او المذهبي، و انما تسئ اليهما . . حيث تشير وكالات و وسائل اعلام متنوعة الى المعاناة المؤلمة لعشرات و مئات الالاف من النساء الارامل و اطفالهن بسبب البطالة و الفقر و غياب المعيل، و معاناة آلاف الامهات الشابات من اللواتي اغتصبن او جرى تزويجهن بالتهديد و بقوة السلاح من رجال لم يعرفن حتى جنسية قسم كبير منهم ناهيك عن اسمائهم الحقيقية . .
و ناهيك عن تفسير صيغ و عقود الزواج آنفة الذكر المتنكرة للمرأة . . في بلدان يستمر فيها تشكيل النساء غالبية السكان، بسبب الحروب و الارهاب و صدامات الميليشيات الطائفية و غيرها من الميليشيات المسلحة التي كان ضحاياها من الرجال بشكل عام . . و بسبب الفقر و البطالة التي تسبب عزوف اعداد متزايدة عن الزواج، و تسبب تزايد العنوسة في مجتمعاتنا . . لتكون النتائج الآنفة اسباباً لمضاعفات اجتماعية اخطر من شكل آخر . .
ان مايجري هو سبب الازمات الاخلاقية المتصاعدة . . و ليس نضالات المرأة من اجل حقوقها و من اجل الخبز و الحرية، التي تواجهها حكومات الاسلام السياسي بعصابات التحرش الجنسي و الاغتصاب في الشارع نهاراً جهاراً (بإسم الاسلام) زوراً و نفاقاً . . و التي تنهى عنها الشرائع السياسية و القانونية و الدستورية، بل و الدينية و المذهبية الحقيقية ذاتها . .
ان تطور نضالات المرأة و تصاعدها بتضامن كل قوى الخير و التقدم هو الذي يشد ازرها و يجعلها تواجه و تتحدى كل الاساليب الرخيصة لمحاولة كبحها و تحطيمها . . كما تتواصل نضالاتها و تتصاعد و تصبح المثال الهادي في ساحات دول المنطقة من مصر و العراق و تونس و الى ايران . . و يبقى الموقف من حقوق المرأة، موقفاً سياسياً قانونياً، وانسانياً حضارياً !!

الانتصار للمرأة صانعة المجد في عيدها في الثامن من آذار !

8 / 3 / 2013 ، مهند البراك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟