الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


8 آذار ورائد المرأة المسلمة الطاهر حداد

صوفيا يحيا

2013 / 3 / 8
ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي


عام 1857م خرجت آلاف النسوة للاحتجاج في مدنية مدينة نيويورك الأميركية على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسئولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية. وفي 8 آذار 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك وبدأ الاحتفال بالثامن من آذار كيوم المرأة الأميركية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909 وقد ساهمت النساء الأميركيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص 8 آذار كيوم للمرأة وقد تبنى اقتراح الوفد الأميركي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة. غير أن تخصيص يوم 8 آذار كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا سنوات طويلة بعد ذلك لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة International Women s Day فقررت غالبية الدول اختيار 8 آذار.

الطاهر حداد (1899- 7 كانون الأول 1935م) رائد تحرير المرأة المسلمة، درس في كتاتيب مدينة تونس ودرس الفقه الإسلامي وتخرج في جامعة الزيتونة، وعمل ماسك دفاتر في أحد دكاكين سوق العطّارين ثم كاتباً بالجمعيّة الخيريّة، بدأ بالسنوات الست الأولى في مدرسة قرآنية، وحصل حداد على رخصة موثق للعقود وفي عام 1920م أصبح مسؤولاً عن الدعاية في حزب الدستور، وضع حداد كتاباً عن حقوق العمال، وأسس أول نقابة مستقلة في البلاد. نشر العديد من المقالات الجريئة في الصحف التونسية كجريدة الأمة و«مرشد الأمة» و«إفريقيا»، وأصدر كتاب «العمّال التونسيون وظهور الحركة النقابية» عام 1927م صادرته إدارة الأمن فور صدوره.

كفّرته الجهات الرجعية والأصولية ردا على نشر كتابه (امرأتنا في الشريعة والمجتمع) في 5 تشرين الأول 1930م، واتهمته بالإلحاد والزندقة وجرَّدته من شهادة الحقوق وطالبت بمنعه من حق الزواج وبإخراجه من الملة ومنعه من العمل. نشر الشيخ محمدالصالح بن مراد كتابا للردّ عليه بعنوان (الحداد على امرأة الحدّاد) والشيخ عمر البرّي المدني ألف كتابا بعنوان (سيف الحق على من لا يرى الحق)، ورغم عزلته، كتب كتابا عن إصلاح التعليم الزيتوني وكتابين آخرين ضمنهما أشعاره وخواطره التي لم تر النور إلا بعد وفاته، فكرم على غير صعيد، كتضمين مجلة (مدونة) الأحوال الشخصية بعد ثلاثة شهور من إعلان الاستقلال، صدرت عام 1956م، الكثير من أفكار واقتراحات الطاهر الحداد. قال عنه عميد الأدب العربي د. طه حسين: (لقد سبق هذا الفتى زمنه بقرنين!). طالب بتكافؤ فرص التعليم للذكور والإناث، وإلغاء تعدد الزوجات، والمساواة بين المرأة والرجل في حق الطلاق.

وإلى النقاب في شكله التونسي الذي يغطي كامل الجسم لأنه يعيق أيضاً التعرف على شريك الحياة، فإذا لم يتمكن الرجل من رؤية المرأة، قبل الزواج قد يؤدي هذا، إلى زواج تعيس”. أكد على أنه “لم يرد في القرآن مايفرض الحجاب الذي يغطي كامل الجسد”. حرية تونس من حرية المرأة. كان على قناعة أن تونس لاتصبح حرة بدون تحرير المرأة.

كتب لإصلاح العائلة والمنزل وطرد من قاعة الامتحان بأمر ملكي وتوج هذا الهجوم بفتوى وقعت من لجنة يرأسها العلامة الطاهر بن عاشور وانتهت إلي تكفير الحداد مطالبة السلطة بحجز كتبه. شنت الصحافة التونسية وبعض الصحف المشرقية حملة شرسة ضده، كصحيفة الزهرة والوزير والنهضة، ومن بين عناوين مقالات ما نشر فيها "حول زندقة الحداد" و"موقف الصحافة العربية حول نازلة الطاهر الحداد" و"خرافة السفور" و"أين يصل غرور الملحدين". وبعد أن نبذ، آثر الانطواء والعزلة على الظهور إلى أن توفي ولم يسر في جنازته سوى نقر قليل من إخوان الصفاء وخلاّن الوفاء. تحولت كلماته إلى قوانين ملزمة للأفراد والجماعات وأقيمت له الذكريات وأطلق اسمه على الشوارع التي شهدت لاحقا الثورة الشرطي الآبق الفار على زين العابدين ودور الثقافة والساحات العمومية وألفت حوله الكتب ونال في عهد التغيير وشاح الاستحقاق الثقافي. أصرّ صديقه الصحفي الجهير الهادي العبيدي أن يكتب على ضريحه: (هذا ضريح شهيد الحق والواجب المصلح الاجتماعي الطاهر الحدّاد). مثله في مصر. انتمى الحداد إلى عديد الجمعيات الثقافية لإيمانه أن للجمعيات الدور الأكبر في النهوض بالأفكار وتكريس النور مكان الظلام فكان نبيّا مجهولا في عصره وأصبح إماماً متبعاً بعد وفاته.

قال عنه عميد الأدب العربي طه حسين بعد الفراغ من قراءة كتابه: لقد سبق هذا الفتى قومه بقرنين. ما دعا إليه كأنه نسخة من كتب (قاسم أمين)، (تحرير المرأة)، و(المرأة الجديدة) وسعد زغلول زوج صفية أم المصريين. في كتابه: الدعوة لتحرر المرأة المسلمة قيود تكبلها داخل مجتمعاتها، والمطالبة بالطلاق المدني وألا يكون من حق الرجل فقط الذي قد يسيء استخدامه ولكن يرجع فيه إلى القضاء، كما عبر عن رفضه لتعدد الزوجات معتبرا أنه سنة سيئة ورثت من أيام الجاهلية، ودعا إلى ممارسة المرأة الألعاب الرياضية وأن تقبل على هذه الألعاب وأن تسعى لمجاراة أختها الأوربية في تقوم به. انتهت هذه الأفكار إلى القانون الوضعي التونسي عام 1957م: أقر بأهلية المرأة لتزويج نفسها مايستحيل معه عضلها عن الزواج أو تزويجها دون رضاها. منع تعدد الزوجات إذعاناً للشرط الإلاهي بوجوب العدل واحتراماً للجزم الإلاهي باستحالته وسعيا لضمان استقرار الأسرة التونسية. أقر الطلاق القضائي حتى لاتطلق يد الرجل في التطليق مع إقرار إجراءات مصالحة قضائية وآجال تفكير في ثلاث حالات: التراضي بين الطرفين..الضرر الواقع على أحدهما.. طلب احدهما التطليق من القاضي، وفي هذه الحالة على طالب التطليق دفع غرامة للطرف الثاني كما أنتهت إلى القوانين المؤطرة للمنظومة التربوية التي أقرت المساواة بين الجنسين في التمتع بحق التعليم المجاني والإجباري منذ عام 1958م، وانتهت إلى القانون الانتخابي الذي أقر حق المرأة في أن تكون ناخبة ومنتخبة منذ السنوات الأولى للاستقلال، وانتهت إلى قانون الشغل والوظيفة العمومية الذين لايقران أي ميز في الاجور أو الامتيازات بين المراة والرجل بل ويقران عديد الامتيازات للمرأة الأم. أما "نزع الحجاب" فلم يرد به أي نص رسمي تونسي حتى عام 1981م، عام 1981م، صدر منشور وزاري يمنع ارتداء "الزي الطائفي" داخل الإدارات العمومية فحسب، والمناشير ليست قوانين تصدرها السلطة التشريعية بل نصوص تهم السير الداخلي للإدارات وتأتي في أسفل مرتبة القواعد القانونية المطبقة في القانون التونسي بعد الدستور والمعاهدات الدولية والقوانين والأوامر الرئاسية والقرارات الوزارية.

وصدرت أحكام قضائية عن المحكمة الإدارية التونسية تعتبر أن غطاء الرأس ليس في حد ذاته زياً طائفياً. أولى قرارات الحبيب بورقيبة بعد أن تولى زمام الأمور في البلاد عقب خروج الاحتلال الفرنسي، قراره بضرورة نزع الحجاب عن المرأة التونسية معتبرا أنه معوق لقيم التطور والتنمية والحداثة. نزل بورقيبة إلى الشارع بعد الاستقلال ونزع بيديه الحجاب عن المرأة التونسية وسن قانونا (المنشور 102 و 108) يمنع ارتداء الحجاب ويعتبره زيا طائفيا يشجع على الانقسام داخل المجتمع ووفر كل السبل وسهل كل الطرق المؤدية إلى اختلاط الشباب بالفتيات كما حرم تعدد الزوجات وأحل التبني وحرم زواج الرجل من مطلقته التي طلقها ثلاثا بعد طلاقها من زوج غيره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة