الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أن تكون الامازيغية رصيدا مشتركا لجميع المغاربة

ادريس رابح

2013 / 3 / 8
حقوق الانسان





في سياق التداعيات المباشرة للربيع الديمقراطي في شمال افريقيا و في اطار الاصلاح الدستوري المغربي،ورد التنصيص على الامازيغية في الفصل الخامس كما يلي تعد الامازيغية أيضا لغة رسمية للدولة،باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء وهي عبارة شكلت إلى حد بعيد انبعاث وجه جديد من اوجه التعامل السياسي الرسمي المتقدم مع المكون الامازيغي الثقافي و اللغوي إذا ما قارناه بالسياسات الاقصائية التي كانت منتهجة في الماضي،و شكلت كذلك نتيجة حتمية لتنامي وعي ذاتي امازيغي في شكل نضال مستمر منذ عقود.
شكل أيضا التوصيف الدستوري للامازيغية في تحديد موقعها الفعلي داخل النسق الثقافي و الحضاري و اللغوي المغربي استثمارا رسميا ذكيا لمطلب أساسي من مطالب الفعاليات الامازيغية التي ظلت تنادي به في اطوارها النضالية المتتابعة،و تشبثت به لاقتناعها الراسخ ان الامازيغية ليست شأنا يخص الناطقين بها فقط و ذلك للاعتبارات التالية:
_أن العمق التاريخي و الحضاري للامازيغية في المغرب بالخصوص و شمال افريقيا عامة جعل منها الحاضن للثقافات الاخرى و خاصة العربية،و التفاعل و التثاقف معها في اطار سيرورة تاريخية و حضارية غير خاضعة لتأثير بشري واعي و متعمد و ان كانت هذه العملية في اخر المطاف نتيجة حتمية للإنتاج الانساني في جميع الميادين،هذا الارث الثقافي الذي أكسب الشخصية المغربية خصوصياتها و تميزها يفرض_أي الارث الثقافي_ نفسه واقعيا و غير قابل للدحض و المزايدة سياسيا او ايديولوجيا و بالتالي فهو انعكاس للمشترك يجب استثماره عوض النظر اليه باعتباره شأنا امازيغيا بحتا.
_أن الاستفراد بالامازيغية و جعلها حصريا على الامازيغيين يعد ردة حقيقة و لا يتناغم و الامتداد التاريخي و الحضاري الامازيغي و ارتباطه بالشخصية المغربية ككل،و كون هذا التوجه كذلك لن يجد استجابة شعبية داخل الاطار الذي انتجه التفاعل بين الامازيغية و الثقافات الاخرى و انصهارها في النسق الثقافي المغربي.
حين يعترف الدستور بالمكون الامازيغي بهذه الصيغة _رغم المواخذات طبعا_فذلك يعني ان التأويل يجب ان يتطابق و مضمون المنطوق الدستوري و يفسر بطريقة تستتبعها خطوات اجرائية ناجعة و ممارسة قانونية و مجتمعية تعكس روح التنصيص الدستوري،مما يعني ان توصيف الامازيغية بكونها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء له تبعات تلازمية و منطقية تكون الدولة و جميع شرائح المجتمع مطالبين كل من موقعه في انجاح الورش.و تتجلى كذلك أهمية التنصيص الدستوري للامازيغية في كونه يحدد مسؤولية الدولة بشكل واضح،و يشكل كذلك ارضية قانونية تستند عليه المطالب الامازيغية بالمتعلقة بإخراج القانون التنظيمي المنصف و الاسراع في ادماج اللغة الامازيغية في جميع القطاعات و تبوئ الثقافة الامازيغية مكانتها الطبيعية.
فالدولة تبعا لمنطوق الدستور إذن،تتحمل مسؤولية ترجمته على ارض الواقع بجعل ملف الامازيغية ضمن الاولويات في الاجندة الحكومية بغض النظر عن الخلفيات السياسية و الايدولوجيا لأحزاب الاغلبية،و الانتقال من التنصيص و الاعتراف الدستوري إلى الممارسة والتنفيذ بدل التسويف و التأجيل،في حين أن افراد المجتمع و الفعاليات الجمعوية وباقي مكونات النسيج المجتمعي تتمثل مسؤوليتها القانونية في احترام الدستور من جهة،و العمل في اطار المسؤولية المعنوية الناتجة عن التشبع بالشعور و بالانتماء المشترك_الامازيغية رصيد مشترك_على المساهمة في تلبية الحقوق اللغوية و الثقافية الامازيغية.
اعتبار الامازيغية رصيدا مشتركا لكل المغاربة (إلى جانب خصوصيات مشتركة اخرى) ليس شعارا جافا نلتمسه في الخطب و المؤتمرات و التصريحات لتدعيم مواقف مناسباتية،و ليس سلاحا جاهزا نشهره في وجه المناضلين الامازيغيين كلما طالبوا بالحقوق الثقافية و اللغوية الامازيغية،وليس وسيلة نستعملها لقضاء مآرب أخرى،بل هو احساس و ممارسة تترتب عنه قناعات و اتجاهات تحكم سلوكياتنا تجاه الامازيغية قولا و فعلا،و يعكس وعيا ذاتيا حضاريا ناتجا عن ايمان راسخ بالاختلاف و القطع مع القراءة ذات الخلفية الاحادية للظواهر الثقافية والتي تمارس الوصاية على الامازيغية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية