الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قسم البشير بين التنفيذ و إعادة التأويل

نزار جاف

2005 / 4 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


صعب هو الموقف الذي وضع السيد عمر حسن البشير نفسه في إطاره من قرار مجلس الامن الدولي الخاص بمحاکمة من أجرموا بحق المدنيين العزل في دارفور. إلا أنه مع ذلک کان متوقعا منه، إذ أن المواقف الرسمية العربية عندما تصل الامور لمرحلة الحسم فيها، قد باتت دوما تتخذ مسارين هما:
1 ـ مسار الرفض على طريقة ديکتاتور العراق السابق لقرارات الشرعية الدولية و مايعني من مجابهة خاسرة من کل الجوانب.
2 ـ مسار الاذعان الليبي الذي يسميه العرب المتشددون بالمسار" الانبطاحي"، وهو مسار قد يکون من دون أدنى شک أکثر عقلانية من المسار الاول"بالرغم من کل القصور الذي يکتنفه".
وإذا کان العقيد القذافي قد دخل اللعبة مع الاطراف ذات الشأن في المجتمع الدولي و إستطاع "الى حد ما" أن يقي نفسه أولا و شعبه ثانيا من حرب ضروس قد تأتي على الاخضر و اليابس في بلاد الکتاب الاخضر، فإنه قد إستن في نفس الوقت مايشبه العرف لغيره من القادة"في حالة التصادم مع المجتمع الدولي"، وهذا الحالة إصطدم بها الرئيس السوري بشار الاسد و تصرف معها بالطريقة" القذافية" حين قبل بسحب قواته من لبنان وحدد سقفا زمنيا لذلک للسيد لارسن. لکن الرئيس السوداني الذي کان يظن أنه بمجرد الدخول تحت خيمة السلام مع الجنوب " وتحجيم الترابي" سوف يکون ذلک کافيا لنيله البطاقة الخضراء و المرور الى الضفة الاخرى بسلام، إلا أنه فوجئ بالموقف الدولي المتشدد من الوضع في دارفور و الذي لم تشفع مع بشاعة الجرائم التي إرتکبتها ميليشيا الجنجويد"المدعومة من الحکومة السودانية" کل الخطوات السابقة التي خطاها البشير بإتجاه الغرب على وجه التحديد. والواقع أن فظاعة ماأرتکب في دارفور قد وصل حدا کان التلافي عنه سيضع الغرب يوما أمام المسائلة سيما ولو تطوع أحدهم لإثارة الموضوع على طريقة مشابهة لما حدث في فضيحتي (وتر کيت) و (مونيکا لونسکي)، حينئذ کان الامر سيکون في غاية الصعوبة و الحرج، ولذا فقد رأت الدول المعنية "لاسيما أمريکا و فرنسا تحديدا" أنه من المستحسن حسم الامر بالتزامن مع الملف السوري ـ اللبناني. ورغم أن الرئيس السوداني قد حاول "لفترة من الزمن" أن يظهر نفسه بحلة الرجل المحاور و الحضاري و التقبل لمبدأ الديمقراطية و التعددية، بيد أن مطالبته بحفنة من الذين أجرموا في دارفور کان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. وبنظر المراقبين و المحللين السياسيين، فأن قسم الرئيس السوداني" الغليظ " بعدم تسليم مجرمي دارفور لأية محکمة دولية خارج السودان، هو قسم قابل للحنث به أو إعادة تأويله على محامل إخرى غير التي يريدها البشير. مع أن هذا القسم قد أعاد السيد البشير الى وضعه الاعتيادي (الحقيقي)، وأجبره على الخروج من القوقع الذي أحاط نفسه به. غير أن الامور في عصر محاکمة " ميلوسوفيج" و " صدام" و البحث عن قتلة السيد عمر الحريري، لايصلح أبدا لمثل هذا الموقف المتشدد من الرئيس البشير، وأن قسمه في کل الاحوال سوف لن يکون إلا بداية طريق أوله هذا القسم و آخره إما إنقلاب سوداني مضاد أو إجتياح مجاز دوليا!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساع للتوصل إلى توافق في قمة سويسرا بشأن أوكرانيا للضغط على


.. قائد قوات الدعم السريع: بذلنا كل ما في وسعنا للتوصل إلى حل س




.. الناخب الأميركي على موعد مع مناظرتين جديدتين بين بايدن وترام


.. خلافات في إسرائيل إثر إعلان الجيش -هدنة تكتيكية- في بعض مناط




.. إذاعة الجيش الإسرائيلي: غالانت لم يعرف مسبقا بالهدنة التكتيك