الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أجمل ضاحية في الشجرة

نصيف الناصري

2013 / 3 / 9
الادب والفن


أيّام متحوّلة ..
رَنونا الى زمننا في صراعه مع ما يتداعى تحت الأنقاض
المنخفضة للنجوم ، وجدَّدنا الدقَّات على الثمرة الحبلى بموتنا
الوشيك . ليل العالم وعرٌ ولا يطير فيه اليعسوب ، ومجاذيف
فزعنا سخية في تحطميها للأمل . أيّامٌ متحوّلة في المرآة
المعتمة للشجرة المنهوكة . صعودنا بترنح الى الصخرة التي
أخفى تحتها الفقيد وصيته ، يُصعّب علينا تفادي المرور بما
تركه من شرّ وضغائن . حضور محتوم لا يسمح لنا بالمشاركة
في ادراج عقاقير الصيف بكفن ما يتحطَّم في توخيه للحذر .
البرق الغامض لنحلة الساعة الطنَّانة التي ننأى بأنفسنا عن إفزاع
الميت فيها ، يجرّدنا من النزاهة في مصاهرتنا للأشياء التي تنخر
الكينونة ، وظلال سأمنا التي لا تتعاقب فيها الشُعل المتبرمة
للشهب ، ننفثُ فيها تعهداتنا ونفوّض موتنا ، إسنادنا تحت
الأخاديد اللهّابة للفزع . كلّ انسان يغطّي نفسه بروث مستقبله
الهيّن ، وينطمر معانقاً خاتم مصيره .







إسبالنا حلية الذهب ..





نودّع الغرقى الى أرض مستقبلهم المعشبة ، في الفجر
وندفن ذخائرهم في الضفاف التي غاصوا قربها .
احساساتنا ونحتُ نتحرّى في الحجارة المريرة للطبيعة
عن الوهة ما ، تسترخي كظيمة ولا نفثات لها . تعبنا من
الإشارة المعهودة للأسلحة التي تصلصل في تنفّساتنا ،
وصمودنا في تلقّينا للغفرانات التي نشك فيها ، لا يمنحنا
السلوان . إرث غامض من جداجد السنوات اللمّاعة ،
يُضيّق علينا رغباتنا ويفزعنا بمرارة ثماره المدلاة على
أعناقنا ، والدود يتباهى في تمدّده تحت القناديل الإلهية
للكواكب . إسبالنا حلية الذهب على معصم الميت ، فعل
تنقضّ فيه الهاوية على الأريج الشاحب للشمس ، وكلّ
هبوب لعيد من فقدناهم في قيلولة الزمان ، يستلب منّا
الصواري التي ادخرّناها ، وينسينا سهرنا في القيظ . عويل
لا ينتهي ، نفك فيه أغلالنا ونذهب حزانى الى البرّية ،
تنقلب معنا العصافير واللحظة العتيقة .







طائر الساعة العجلان ..






لفحتنا أمطار حاصدة ونحنُ ندفن الأب عند البيلسانة
الضريرة في المقبرة . رايته المتجمَّدة التي رفعناها على
سنبلة الزمن ، رَمَت شُعل فارغة في هوّة العالم ، وباب
اللحظة التي خمَّنا فيها عبوره المفازة ، رجَّحت كفَّته
الأقواس التي أطلقها نحيب النساء . نعناع ندي مغروس
في خصلات شعره ، يطفو فوقه المرح الليلي لنحل
الآبار ، ونحنُ يغبطنا احساس غامض بالتمهَّل في افراغنا
لكلمته الهاذية . جرار كثيرة ملأى بالغضب ، تركها لنا
الفقيد في ظمأ نومه ، نفرد لها أجمل ضاحية في الشجرة ،
ونتنازل لها عن حقَّنا في الاضطجاع تحت وصيته المؤبدة .
المشيّعون الذين تخلّفوا عنّا بين ممالح الطريق الى النهاية ،
اصطدموا بمرايا كبيرة ، يطلق فيها الأب الميت عواصف
سباب ضدّهم . تراجعوا في نعوشهم ، وفلت منهم طائر
الساعة العجلان . أغصان خلاّبة غطّينا فيها النهار وجلسنا
نتسلّى قبالة المركب المليء بالنذور ، لكن إنكارنا لسكن
الفقيد في المحارات ، فضح أسرارنا التي غنيناها بالمعاول .
يلاعب كل امرء لحظته المحجوبة في حسبانه لموته ، ويلوّح
قبل الشيب ، بشراع حياته الذي يفرغه الصيف .








9 / 3 / 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب