الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة

حيدرعاشور

2013 / 3 / 11
الادب والفن


سلطة الوهم
كل شيء في حياته من صنع الخيال ،دائم الحلم ويعطي لنفسه ألقابا ومسميات ،ويتحدث على لسان القادة والمسؤولين وكأنهم أصدقائه المعتمدين عليه في صنع القرارات .. كل صعاليك المنطقة تعرفه جيدا لأنه يفرغ همومه وجيوبه يوميا على طاولات الشوارع والأرصفة.. تعرفه المكتبات لأنه الوحيد الذي يقتني الكتب والصحف كل يوم ليتحدث عن الملوك والفترة التي حكم فيها الهاشميون يرددها لكل من يرغب في الحديث عن العولمة وعلم اللاهوت ... النهر يجري بتيارات متذبذبة نحو الأمام ليصب في محيطات كبيرة ويمر بأطوار عديدة فمسيرته بناء وزراعة .. وهو يسير عكس التيار بلا حواصل منفعية أو قيمة مستقبلية ،أيامه متشابهات منذ طلاقه وتركه لولد وبنت في حجر من نفرته من كثرة الخيال المصطنع للفوقيات السلطة الوهمية،وسارت الحياة معه دون ان تعطيه غير منطقة واحدة ومحيط بكون واحد يحلق بهما كيفما يشاء ويدور بكل الأزقة تعرفه البواب والمحلات والفنادق وحتى الرصيف ينطق باسمه حين يثمل .. ففي كل ضغطت قدم يطلق صوت من الأرض يعلن اسمه (ماجد ... ماجد ... ماجد ......) وهو يصدق الأصوات ويتحدث معها ويشرح الالمه لها حتى يصل غرفته وهي قصره القديم وعبارة عن متحف لكل شيء أكل الدهر عليه وشرب ... جلس في دائرته يصارع الماضي بالحاضر متذكرا ماقدمه لهذه الأرض من كلام صادق لإنسان واهم بالوطنية .حين كان يمثل بلده مقاتلا على جبهات القتال لمنع الاسرائليين من احتلال لبنان وسوريا ...وكان فتى صغيرا بين مقاومين أشداء .. بقيت هذه الذاكرة الوحيدة وسام شرف يحمله أينما يذهب...وهو في خياله المعمق سمع صوت احدى قريباته من امه تسأل عنه ... تعجبت دائرته لهذا الحدث المهم ..أول مرة منذ عشرين سنه مضت يسأل عن ماجد بهذه ألهفة والود والمعروف عنه يتعاط كل المحرمات من اجل لحظة نسيان ... هم واقفا واخذ يتفرس الموقف فتذكرها واخذ يعانقها بحرارة ويسأل عن أمه واخوته
فهذه الفتاة كانت الوحيدة كحلقة وصل بينه وبين عائلته وهي من أجمل ما أنجبته أخته الكبيرة .. نظرت اليه بعطف وحنان وأغرقت عيونها بالدموع وكادت تصرخ بأعلى صوتها .. وهي تعلن حزنها بابتسامة رقيقة مع احمرار واصفرار وجها الشبيه بوردة عباد الشمس وهي تعانق الشمس وجها لوجه .. خاف كثيرا وبدا يقرا عيونها وهو يقول أمي رحلت :
-لا من قال ذلك.. العمر الطويل لجدتي
- إذن ماذا بك ؟
-عندي هدية لك قاتلت حتى تراك وهي معي الان
- لا تمزحي معي انا تركت الزواج والى الأبد واكره جميع النساء ولولا معزتك لكنت تصرفت معك غير هذا التصرف ... خذيها وارحلي يكفيني أمري لوحدي مع وحدتي القاتلة وان سعيد بها طالما انا بعيد عنكم .
هنا تقدمت فتاة صغيرة بعمر الزهور ترتدي من أجمل الثياب ومعطر بعطر يحبه شخصيا شم العطر وكاد يبكي وهو يقول لبنت أخته اخرجوا رجاءا ... جاءه الصوت الملائكي بثقله وهمه وآلامه وهي تقول له .
-هل عرفتني كي تطردني .
وقف كالتمثال الرخامي الذي تركه نحاته زمنا ولكنه حافظ على نقاوة جماله ودقت فنه ... تفحصها وسيل من الدموع تهطل على وجنتيه واخذ يشهق بالبكاء .. تجمهرت الموظفات حولهما وهن يبتسمن لحاله وينظرن اليها كعشيقة أرسلتها السماء لهذا المنفلت في كل شيء في حياته .. ازداد ألمه الداخلي وانفجر حاضننا للفتاة وهو يصيح رسل ابنتي حبيبتي كم كبرت .. هي صورتك في قلبي لم تبارحيه أبدا وسقط على الأرض مغشيا عليها بعد أن أبكى الجميع وفاق من النوم في حالة يرثى لها من الذعر يلتفت حول نفسه عسى ان يشاهد رسل الى جانبه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال


.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب




.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان