الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة المعارضة

حميد المصباحي

2013 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يعرف المشهد السياسي المغربي الكثير من المفارقات,التي تعيق مساهمة السياسة في لعب دورها التنويري التثقيفي و الإقتصادي,وفق تعاقد الحزب الحائز على الأغلبية في آخر انتخابات مع ناخبيه,الذين بوؤوه الرتبة الأولى,ليكون الوزير الأول منه,,ملزما وفق هذه التعاقدات على تنفيذ برنامجه و السهر على تنزيل الدستور الجديد,و هما عمليتان سياسيتان,غير متعارضتان كما يوحي بذلك خطاب حزب العدالة و التنمية,فما يفشل فيه ينسبه لما يبدو له أنه مهمتان ليشعر باقي الفاعلين بصعوبات التنفيذ أو التنزيل,متحججا بالمعارضة التي لم تمارس بعد فعلها حسب ما جاء به الدستور الجديد,بحيث صار من المفروض استشارتها و عدم اعتبارها صوتا مناقضا لتوجهات الحكومة او الأغلبية داخلها,لكن حزب العدالة و التنمية لم يستوعب بعد هذا الدور,فخلق بذلك لنفسه أدوارا متعارضة في ممارسة سلطاته,بغرابة مثيرة,فمرة من خلال التلميح إلى القوى المناهضة لمشروعه باعتبارها تيارات غير إسلامية,و أخرى بربطها بتوجهات عرقية أو إلحادية اشتراكية,إضافة إلى صور أخرى من قبيل التماسيح و معجمات العلوم الحيوانية,تهربا من الوضوح و المحاسبة,لكنه في نقاشاته الداخلية يفصح أمام أتباعه محددا الأسماء و اصحابها و مختلف الفاعلين سياسيا واقتصاديا و حتى في الحقول الأخرى الفنية و الثقافية,فما هي آليات هذا الخلط و أبعادها السياسية و مرتكزاتها؟؟
1حكم المعارضة
يعتبر حزب العدالة و التنمية نفسه حصيلة لما فرضه الشارع المغربي من خلال حركة 20فبراير,التي اختلف قادته حول المشاركة فيها,و رغم ذلك فهو غالبا ما يهدد بالنزول للشارع بغية حسم فكرة كونه وليد أغلبية مصوتة هي نفسها التي نزلت إلى الشارع مطالبة بالقضاء على الإستبداد و الفساد,و هنا فهو يلجأ للخلط لإيهام الخصوم بأن القوى الإسلامية التي تواجدت في الشارع المغربي يوم 20 فبراير,ما توقفت عن الضغط إلا لأنها تنتظر منه كمعبر عنها مع بعض الإختلافات الوفاء بما يعتبر مشتركا بينه و بينها,أي تحقيق المشروع الإسلامي التنموي,كالعدالة و فضح المفسدين,بعيدا عن الإشارة إلى الملكية البرلمانية,كشعار رفعه اليسار المغربي,إضافة إلى الدولة المدنية التي تتوجس منه التيارات الإسلامية,التي تبحث عن الحكم الإلاهي في مشروع الخلافة الإسلامية كما تبدو لها وفق اجتهاداتها الخاصة و قراءتها للتاريخ الإسلامي,من هنا يبدو حزب العدالة و التنمية و كأنه يمارس المعارضة من خلال وجوده في الحكومة,كحزب أغلبي انضمت إليه أحزاب ديمقراطية و اشتراكية,أضعف وجودها في حكومة دينية قوى اليسار و ربما أحرجها,و عرضها للكثيرمن الفرقة,و السؤال المطروح,من يعارض حزب العدالة و التنمية و هو العنصر الأغلبي في تشكيلتها؟
2معارضة المعارضة
باختصار إنه يعارض المعارضة على عدم التحاقها بحكومته و السماح له بفرض تصوراته الدينية للسياسة من منطلق أنه وصل للحكم الحكومة من خلال قبول الشارع به و عودة الهدوء فقط لأن حزب العدالة و التنمية يباشر إصلاح منظومات فاسدة و هو بذلك يحاول خوض صراعات ضد معارضيه ليفرض عليهم كيفية المعارضة مادام قد فشل في جرهم إلى القبول بالمشاركة أو مباركة وجوده على رأس الحكومة و كأنه حقق معجزة الربيع الأخضر,الذي كان على وشك التحول إلى ربيع أحمر,و بذلك بدت حكومة العدالة و التنمية و كأنها ندمت على المشاركة في الإنتخابات,لأن أطرافا أخرى إسلامية كانت لها القدرة على فرض الإختيار الإسلامي بوسيلة أخرى,و بدت هذه الفكرة بمثابة تهديدات مبطنة و انزلاقات لبعض قياداته التي ما أن يشتد الخناق عليها حتى تهدد بالنزول للشارع الذي لايزال ينتظر عودتها له بعد انسحابها منه و تخليها عن حركة 20فبراير التي تبنتها علانية بعض قوى اليسار.
3سياسة الإنتظار
هي عملية ربح الوقت,و الرهان على الزمن بغية الكشف عن محدودية و فعالية المعارضة,بشق صفوفها من خلال افتعال خصومات ضاغطة,بين الحداثيين و الإشتراكيين,و خصوصا الإتحاد الإشتراكي و حزب الأصالة و المعاصرة و باقي قوى المعارضة النقابية,و ذلك,بخنق كل واجهات النضال المدني و النقابي,كسياسة الإقتطاعات من أجور الموظفين,لثنيهم عن المشاركة في الإضرابات النقابية,التي لم يحدث يوما أن اقتطع فيها من أجور المضربين حتى في أوج الصراعات السياسية التي انخرطت فيها النقابات دعما لهذا الشريك أو ذاك,مما ولد إحباطا في صفوف الفاعلين النقابيين,الذين سوف يجدون صعوبات جمة في إنجاح الإضرابات القطاعية و حتى الوطنية,بحيث سوف تبدو النقابات عاجزة عن حماية المنخرطين فيها و المتعاطفين معها من الموظفين و حتى المأجورين,و هنا تكون الرسالة واضحة,فكلما ضعفت المعارضة أو تخاذلت عن لعب دورها السياسي,ازداد حزب العدالة و التنمية قوة,فنقابته أعضاؤها مرتبطون بالنقابة سياسيا مع استحضار البعد الديني الذي يحول النضالات النقابية و السياسية إلى مجاهدة للأعداء,و لذلك فلن تتأثر بالإقتطاعات إن طالتها,بل ربما تقوت بها عندما تضعف المركزيات النقابية القريبة من الصف الديمقراطي و حتى الإشتراكي.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة ساخنة بين بايدن وترامب؟ | المسائية


.. الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ جليلي يتأهلان للدور الثاني من الا




.. ميقاتي: لبنان سيتجاوز هذه المرحلة والتهديدات التي نتعرض لها


.. حماس تدعو الأردن للتحرك من أجل مواجهة مشروع ضمّ الضفة الغربي




.. أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين في حال أرادوا استبدال