الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعيش أمريكا ... تسقط أمريكا !!

حمزة الشمخي

2005 / 4 / 6
الارهاب, الحرب والسلام


بعد عامين على سقوط الدكتاتورية وإنهيارها السريع في التاسع من نيسان عام 2003 ، لا زال الجدل قائما والصراع مستمرا ، حول الموقف من الولايات المتحدة الإمريكية ووجودها الحالي في العراق ، والذي لا يحدده سقف زمني معين ومحدد في الوقت الحاضرلإنسحاب قواتها وخروجها نهائيا مع حلفائها الآخرين .
يسود الشارع العراقي، حالة من الإزدواجية الطبيعية والمشروعة ، عندما يقول البعض من العراقيين،( عاشت أمريكا)، لأنها ساهمت في إسقاط أعتى دكتاتورية عرفها التاريخ الحديث ، والتي قتلت البشر ودمرت الوطن وخربت الحياة ، وفي نفس الوقت ذاته يقول هؤلاء، أن على أمريكا سحب قواتها بأسرع وقت ممكن من العراق، لأنها أدت الواجب والمهمة بإسقاط النظام الدموي ، ولا ضرورة لبقائها الى يومنا هذا على أراضينا ، فلذلك من حقنا أن نقول ( تسقط أمريكا)، إذا لم يفكروا بالإنسحاب جديا في هذه الأيام .
هذه المعادلة الثنائية والصعبة ( تعيش وتسقط أمريكا )، والتي لا يمكن إستيعابها بسهولة ، لأن الولايات المتحدة الأمريكية لها سياساتها وأهدافها ومشاريعها ومصالحها في المنطقة وفي العالم أيضا ، ويمكن أن تلتقي في بعض الأحيان مصالحها مع مصالح وطموحات شعوب المنطقة والعكس صحيح ، في بعض القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية ... ، وفي نفس الوقت يمكن أن تتقاطع معها في هذه القضايا أو غيرها .
ولكن من المعلوم للجميع أن الولايات المتحدة الأمريكية ، تعلن منذ فترة وليست بالقصيرة سياساتها وشعاراتها إتجاه المزيد من الإنفتاح والديمقراطية والإصلاح ومحاربة الإرهاب إنطلاقا من مصالحها أولا، وخصوصا أن خطابها هذا موجه الى منطقتنا التي تعاني من أنظمة الحكم الدكتاتورية الإستبدادية ، ومن هنا يطرح السؤال نفسه ، هل أن السياسة الأمريكية وتوجهاتها هذه ، فعلا من أجل شعوب المنطقة ؟؟ ، أو من أجل تحقيق مصالحها الخاصة والسيطرة على ثرواتنا والتحكم بمصائرنا ومستقبلنا ، وهل هذا هو هدفها الوحيد، وليس عملية الإصلاح والديمقراطية كما تدعي ؟؟ .
علما أن السياسة الأمريكية، وهذا معروف للجميع، هي التي صنعت ودعمت بعض الأنظمة الدكتاتورية في منطقتنا ، ومنهم الدكتاتور صدام ، حيث سكتت عن أعماله الإرهابية وحروبه العدوانية ، وهي التي ساعدت ودعمت زعيم الإرهاب الدولي إسامة بن لادن وقاعدته الإجرامية ، عندما كان يقاتل السوفييت والحكومة الإفغانية بإسم الجهاد المدعوم أمريكيا بالسلاح والمال، وهي التي أيدت الحاكم العسكري برويز مشرف وباركت إنقلابه على الحكومة الباكستانية المنتخبة ، وهي التي ساندت إسرائيل بالضد من الفلسطينيين ... إلخ .
أن المصالح تتداخل بين البلدان والشعوب أحيانا ، فلذا علينا أن نستثمر ونوظف الحراك السياسي الدولي هذا، حتى لو كان جاء من أمريكا أو أوروبا أو غيرهما ، مادام يصب البعض منه في مصالح الشعوب من حيث التوجه السياسي العام ، لأن الديمقراطية والإصلاح والإنفتاح والتغيير ليست صناعة أمريكية أو بريطانية كما يفهمها البعض ، بل هي ملك البشرية جمعاء ووجدت منذ آلآف السنين ، وليست بدعة أمريكية جديدة، فعلينا أن لا نرفضها ونقاطعها لأن أمريكا تتحدث عنها اليوم، وخاصة بعد أحداث سبتمبر .
ومن هنا يمكن التعامل مع هذه السياسات والتوجهات الجديدة بالرغم من عدم وضوح نواياها الحقيقية، وفق مصالحنا الوطنية والإنسانية ، وأن لا نستبدل نظاما دكتاتوريا بسيطرة الآخرين علينا ، بقدر ما أن نتفاعل مع المحيط الإقليمي والدولي، من منطلق إستقلالية البلدان والشعوب وتعاونهما في جميع مجالات الحياة وخير الإنسان .
أن ثنائية الموقف للإنسان العراقي، إتجاه التواجد الأمريكي والأجنبي في العراق من جهة ، وما بين الدور الأمريكي المساهم في عملية إسقاط الدكتاتورية وإستمرار بقائهم من جهة إخرى ، والذي يتفهمه الكثير من الإحزاب والقوى السياسية والمنظمات الديمقراطية والإجتماعية في الوقت الحاضر، بأنه عامل مساعد ومهم لمواجهة الإرهاب ودحر الإرهابيين ، لأن قوات الجيش والشرطة والحرس الوطني العراقية غير قادرة الآن لإدارة البلد أمنيا، ومواجهة الإرهاب بكل أشكاله ، لأنها حديثة التكوين وضعيفة التجهيز والإمكانيات والخبرات .
أن من الطبيعي والمنطقي لأي أنسان على هذا الكون ، أن لا يوافق على إحتلال وطنه وسلب إرادته ونهب ثرواته ، حتى لو كان بإسم الديمقراطية والإصلاح ومن حقه أن يقاومه بالأساليب الكفاحية المناسبة، لأن الإحتلال واحد في كل زمان ومكان حتى لو جاء تحت يافطة الديمقراطية .
أن ما يهمنا اليوم كعراقيين ، هو أعادة الإستقرار والأمن والسيادة للوطن والمواطن ، وتنظيم عملية إنسحاب القوات الأمريكية وحلفائها من خلال التشاور والتنسيق بين الحكومة العراقية المنتخبة والأحزاب والقوى السياسية العراقية ومنظمات المجتمع المدني من جهة ، والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة إخرى، وجدولة ذلك رسميا ، وبرعاية الإمم المتحدة والمجتمع الدولي ، من أجل معالجة الوضع الإستثنائي الذي يمر به العراق ، وأعادة تنظيم العلاقة مع كل دول العالم ومنهم أمريكا ، على أساس التعاون الدولي المشترك والمتكافئ بين الدول والشعوب ، إنطلاقا من المصالح المتبادلة وفق القوانين والمواثيق الدولية المتعارف عليها بين أعضاء الإسرة الدولية .
وبعد ذلك يمكننا أن نتخلص من ثنائية الموقف إتجاه الولايات المتحدة الأمريكية بعد إنسحابها التام من أراضينا ، وأن تسود العلاقات الدبلوماسية المتبادلة بين الدولتين وفق القانون الدولي، وحينها تنتهي ( تعيش أمريكا .. تسقط أمريكا) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تشريعية في فرنسا: اكتمال لوائح المرشّحين وانطلاق ال


.. المستوطنون الإسرائيليون يسيطرون على مزيد من الينابيع في الضف




.. بعد نتائج الانتخابات الأوروبية: قادة الاتحاد الأوروبي يناقشو


.. ماذا تفعل إذا تعرضت لهجوم سمكة قرش؟




.. هوكشتاين في إسرائيل لتجنب زيادة التصعيد على الجبهة الشمالية