الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب التحرير الإسلامي ولجنة الدستور.. ماذ يعد المؤتمر الوطني من مؤامرات أخرى؟

احمد ضحية

2013 / 3 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


حزب التحرير الإسلامي الرجعي ولجنة الدستور وتاكتيكات نظام الأبارتهايد في الخرطوم!
إستوقفني مؤخرا خبر صحافي, أوردته عدة وسائط إعلامية في الأيام القليلة الماضية. مفاد الخبر, أن وفدا من حزب التحرير/ ولاية السودان إلتقي بلجنة الدستور, لتعريفها رؤية حزب التحرير في الدستور القادم. حيث أوضح أمير الوفد موقف حزبه من الدستور بما يتمثل في: (إن الأمة اليوم تتوق إلى حكم الإسلام، وكل الحراك في العالم العربي, كانت نتيجته وصول الحركات التي تحمل شعار الإسلام إلى السلطة. ولذلك تسعى السلطات عندنا في السودان للخروج بدستور مضلل حتى يُخدع الناس باسم الإسلام ويخدروا، ويقعدوا عن الحراك تجاه دستور إسلامي حقيقي يطبق في دولة الخلافة. ويساهم في هذا التضليل ثلاث جهات هي:
1/ الدول الاستعمارية الكافرة التي تتخوّف من توجه الناس للإسلام، لذلك يحاولون إظهار الدساتير العلمانية الوضعية المضللة وكأنها إسلامية، عبر الترويج لها والضجيج الإعلامي.
2/ المطبوعون بالثقافة الغربية الرأسمالية الذين سارعوا بفصل الدين عن الحياة على النمط الغربي، مدّعين أنهم بذلك يحفظون الدين من مساوئ السياسة، ونسي هؤلاء أو تناسوا أن السياسة في الإسلام هي رعاية شئون الأمة وفق أحكام الشرع، وأنه لا فرق في الإسلام بين آية: (( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ )) وبين آية: (( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ )).
3/ حركات إسلامية سايرت الغرب الكافر والعلمانيين حتى ترضيهم، وضللت قواعدها بأن ذلك تكتيك وما إلى ذلك من تضليل)..
وهكذا نلاحظ أن حزب التحرير يرى بإختصار أن على الدستور القادم أن يكون دستورا إسلاميا يستمد شرعيته من الوحي, حسب فهم حزب التحرير للوحي وللإسلام. بالتالي لا سيادة للشعب, إلى آخر حيثيات الخبر, الذي يفيد في التحليل النهائي, أن حزب التحرير يقوم مقام النبوة, فالوحي يتنزل للناس عبره؟!
ما أستوقفني في الخبر ليس هو أفكار حزب التحرير المعادية للديموقراطية وكافة أشكال الفكر الإنساني.. وإعتقاده أن إنجاز (دولة الخلافة) هو الحل؟ فمجرد الإعتقاد بأن الخلافة الإسلامية هي الحل, دون أن يتم تفكير في الظروف المخالفة وقتها لما نعيشه اليوم، يعتبر خللا كبيرا في التفكير. على هذا الأساس أن أي دعوة لإقامة الخلافة الإسلامية (في زمان الناس هذا) هو نوع من اللعب على وتر (العواطف والضحك على الذقون)، إذ أن هذا النوع من الدعوات لا يأخذ بعين الاعتبار متطلبات العصر الحالي وظروفه الخاصة.
كما أن نظام الخلافة ليس هو بالنظام الصالح لكل زمان ومكان, فشتان ما بين الإسلام ك(دين) وما بين (النظام السياسي) الذي إختاره المسلمون الأوائل لإدارة دولتهم (الخلافة).مع ذلك لم يكن هذا ما أستوقفني..لا..
فما أستوقفني هو إهنمام نظام المؤتمر الوطني, بأن يكون لحزب التحرير رأي في مثل هذا النوع من القضايا الخلافية (قضية الدستور) بما يعني (على خلفية هذه المناورة) أن ثمة ما يجري خلف الكواليس لصناعة (فزاعة جديدة) تمنح النظام المزيد من الوقت, الذي لن يجده حتى لو إحتمى خلف الضجيج, الذي يحدثه حزب كحزب التحرير, ك(دور رسمه له المؤتمر الوطني) سلفا.
ونظام المؤتمر الوطني ليس هو أول نظام يستعين ب(قوة دينية) لتمرير مخططاته, فمن قبل نميري مع الأخوان الجمهوريون (رغم الفارق الكبير بين التحرير والجمهوريون) فعل الشيء نفسه. فقد إستغل نميري عداء الجمهوريون للطائفية والأخوان المسلمون والشيوعيون وأستثمر هذا العداء, في الحصول على تأييد و مساندة الجمهوريون له, بوجه أعداءهما المشتركين(كتاب لماذا نؤيد سلطة مايو؟) وهكذا تم تقويض مقاومة الجبهة الوطنية لنظام نميري, بالتالي تأخير مسيرة الديموقراطية.
السؤال هنا: ما هو المغزى من خلف هذا الخبر, الذي تصدر الوسائط الإعلامية في الأيام الماضية؟ هل سيعيد التاريخ نفسه من خلال لاعبين مختلفين وتعديلات تبدو شكلية ولكنها في حقيقة الأمر جوهرية؟ لتمرير مخطط خفي بزراعة تنظيم (منبت) عن الحياة السياسية والفكرية, بل وتاريخ السودان نفسه ك(حزب التحرير).
حزب التحرير على الرغم من تسميته لنفسه "حزبا" وفقا للمفهوم المعاصر الذي تعنيه كلمة "حزب" (لأن التحرير يمارس الآن نشاطه كحزب في المشهد السياسي السوداني, الذي يعج بأحزاب وتنظيمات تؤمن بالديموقراطية) إلا أنه شديد العداء للديموقراطية والأفكار الإنسانية ويجاهر بهذا العداء علنا؟ بل ويعتبر الديموقراطية كفرا, بالتالي لا يجوز الإحتكام إليها (راجع كتاب حزب التحرير: الديموقراطية نظام كفر يحرم أخذها أو الدعوة إليها أو تطبيقها) وهو تناقض قانوني وأخلاقي؟! فالجبهة الإسلامية نفسها, التي جاءت بهذا النظام عن طريق إنقلاب عسكري, لم تجرؤ على التصريح علنا أنها ضد الديموقراطية؟ وذلك لإدراكها –على علاتها- أن الديموقراطية هي شكل من أشكال الحكم السياسي, القائم على التداول السلمي للسلطة, وحكم الأغلبية. والديموقراطية بهذا المعنى هي نظام إجتماعي مميز لتصريف حياة المجتمعات, بما يفضي لتفريغها من العنف وتحقيق السلام الإجتماعي والأمن والرخاء والتنمية. وهذا يعني ضمنا القضاء على أعداء الإنسانية الثلاثة: (الفقر والجهل والمرض).
إذا كان الحزب السياسي هو تنظيم يسعى إلى بلوغ السلطة ، عن طريق الحملات الانتخابية. فإن حزب التحرير (بإعتباره حزب لا يؤمن بالديموقراطية) يعتبر تهديدا صريحا للحياة السياسية القادمة. فمفهوم هذا الحزب لمعنى كلمة حزب ينحصر في أن هذه الكلمة كل ما تعنيه هو (الأرض الشديدة الغليظة- وما يعتاده المرء من صلاة وقراءة ودعاء, على حسب المعجم الوسيط).
والقاريء لأدبيات حزب التحرير يجده لا يقدم تحليلات لأوضاع العالم الإسلامي, بل أوهام على خلفية (نظرية المؤامرة) التي يجرم ويكفر من خلالها الشعوب العربية و الإسلامية وأنظمتها, ولا يتورع عن وصف هؤلاء وأولئك بالعمالة للغرب. إنطلاقا من (عداءه المسبق للسامية) ما يجعله حزبا ينطلق من خلفيات عنصرية, إلى جانب آراءه القطعية غير القابلة للنقاش أو الحوار أو السجال. ما يجعله بالنتيجة حزبا كارثيا إذا قدر له الإستيلاء على السلطة.
إن الأفكار المتشددة التي يتبناها حزب التحرير, من شأنها أن تخلق جوا أسوأ بكثير من مناخ الكراهية والعنف, الذي خلقته أفكار الجبهة الإسلامية بمختلف مسمياتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا