الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين حملة « أنا هي» وانتخابات المجلس المحلّي لحلب

حسين عمر

2013 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بين حملة « أنا هي» وانتخابات المجلس المحلّي لحلب

على مدى أكثر من أسبوع، وقبل حلول الثامن من آذار، اليوم الذي يحتفل فيه العالم بعيد المرأة تقديراً لمكانتها وأهمية دورها في النضال البشري في سبيل جعل العالم أكثر سلاماً واستقراراً، نشطت مجموعة من النساء والصبايا السوريات في حملة أطلقن عليها اسم: أنا هي، تركّزت على حشد الدعم لدور المرأة السورية في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وإزالة كافة أشكال الإقصاء والقهر والنظرة الدونية.
ودعت الحملة جميع الداعمين لارتداء الأبيض في يوم المرأة العالمي 2013 للتضامن مع المرأة السورية. كما طالبت القائمات على الحملة جميع داعميها بالتقاط صورة لهم باللباس الأبيض وعليه شعار الحملة «أنا هي» وتحميلها على صفحتها على الشبكة التواصلية الاجتماعية.
ومن أجمل الصور التي أعطتها المجموعة القائمة على الحملة هي صورة التنوّع الذي عكس كلّ ألوان الطيف المجتمعي السوري التي تمازجت وتفاعلت في سبيل العمل من أجل قضية توحّد الهدف ألا وهو السعي إلى ضمان دور فاعلٍ للمرأة السورية في بناء وقيادة وطنها. وقد نجحت القائمات على الحملة والمتواجدات في مدينة غازي عنتاب (تركيا) في التواصل مع العديد من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية وشاركت بعضهنّ في برامج تلفزيونية وإذاعية، بالإضافة إلى النشاط التفاعلي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، واستطعن حشد التأييد والتضامن مع قضيتهنّ من قبل المئات من الشخصيات والرموز الثقافية والسياسية والإعلامية التي تفاعلت بإيجابية مع جهودهنّ. كما أنهنّ التقين بمنظمات نسائية تركية عديدة لإيصال رسالتهنّ وشرح أهداف حملتهنّ.
في الفترة الزمنية ذاتها، وفي المدينة ذاتها (غازي عنتاب) كانت حملةٌ أخرى جارية على قدمٍ وساق في سبيل إنجاز انتخابات مجلسي المدينة والمحافظة لحلب. حيث انتخبت الهيئة الانتخابية التي يُفتَرض أنّها تمثّل مختلف المناطق التابعة إدارياً للمحافظة والمحرّرة والخارجة عن سيطرة النظام وأنّ أعضاءها قادمون من الداخل، خمسة وعشرين عضواً لمجلس المحافظة كمؤسسة حكم محلّية شرعية.
وبغضّ النظر عن الانقسام الحاصل في الرأي بين المتابعين الإعلاميين والناشطين السياسيين والجهات التي سعت إلى لعب دورٍ رقابي والمشاركين في العملية الانتخابية بين من رأى فيها خطوة أساسية على طريق ترسيخ مبدأ اللجوء إلى صناديق الانتخاب والتنافس من خلالها والقبول بنتائجها وبين من سجّل العديد من المآخذ والانتقادات التي سُجّلت عليها سواء لجهة صحّة التمثيل وعدالته على مستوى المناطق أو لجهة تدخّل قادة الكتائب المسلّحة في عملها ومحاولة التأثير عليها أو لجهة الخلل في تمثيل المكوّنات المشكّلة للنسيج المجتمعي الحلبي مدينةً وريفاً وخاصّة غياب المكوّن المسيحي بكلّ طوائفه وضعف التمثيل الكوردي غير المتناسب مع حجم هذا المكوّن، إلا أنّ مناسبة الربط بين هذين الحدثين هي الغياب الكامل للتمثيل النسوي بما يعني تغيب أكثر من نصف المجتمع بمعزل عن انتمائه الاجتماعي والثقافي.
إن التناظر بين هذين المشهدين ( الحملة النسائية وانتخاب المجلس المحلّي) يعكس إلى حدٍّ بعيد الصورة التي ستكون عليها الحالة السياسية والاجتماعية للبلاد في مرحلة ما بعد التغيير. فإذا كانت التضحيات التي تبذلها المرأة السورية والأدوار التي تلعبها في الحراك السوري عامّة وبشكلٍ مباشر ناهيكم عما تعانيه وعما يلحق بها من آثار ونتائج كارثية لا تشفع لها ولا تمنحها حقّ التمثيل في المؤسسات التي تُشيّد بديلاً عن مؤسسات النظام المزالة، كيف يمكن أن يُتاح لها المجال لكي تمارس حقّها الطبيعي والمشروع والضروري في المشاركة في الحياة العامّة وفي بناء وقيادة وطنها؟
إنّ ما جرى في انتخابات المجلس المحلّي لحلب يُظهر ويؤكّد أنّ لا سبيل إلى ضمان حقّ المرأة السورية في المشاركة في الحياة العامّة والمساهمة فيها عبر المجالس والمؤسسات والهيئات المعنية بإدارة شؤون البلاد إلاّ من خلال إقرار هذا الحقّ وضمانه دستورياً، أي بما يعني كفالة الدستور بنصوصٍ واضحة لا لبس فيها لتمثيل نسبي عادل للمرأة في هذه المؤسسات التشريعية منها والتنفيذية.
إنّ الشعارات والكلام المنمّق عن دور المرأة وحقوقها لا يحميها ولا يحصّنها، لا دوراً ولا مسؤوليةً، في مرحلة سيكون التصارع والتنافس بين القوى والأطراف السياسية على أشدّهما. ودون ذلك قد نكون أمام إحدى ثورات الحرية القلائل في التاريخ التي تُجحف بحقّ نصف المشاركين فيها.
حسين عمر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا لم تتراجع شعبية ترامب رغم الإدانة؟| #أميركا_اليوم


.. 10 شهداء بينهم أطفال وعدد من الإصابات في قصف استهدف منطقة رم




.. بن غفير: الصفقة تعني التخلي عن تدمير حماس فإذا ذهب نتنياهو ب


.. تشويه لوحة فرنسية شهيرة بسبب التقاعس بمواجهة التغير المناخي




.. تظاهرة في مدينة بينغول التركية دعماً لفلسطين وغزة