الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة مهنة من لا مهنة له

الهيموت عبدالسلام

2013 / 3 / 13
الصحافة والاعلام


الصحافة مهنة من لا مهنة له

البطاقة الأكثر استعمالا في المغرب هي بطاقة الصحافي أو المراسل، فقلما تجد بطاقة مزورة للمحامي
أو الطبيب أو المهندس أو الصيدلي ولكن تجدها بكثرة حين يتعلق الأمر ببطاقة الصحافي ،هي بطاقة
شأنها شأن النفايات المعروضة على أرصفة الشارع العام ، تستعملها "العاهرة" التي تشهرها في وجه
كل شرطي وجدها متلبسة ، يستعملها سماسرة الانتخابات مستخدمين أشخاصا يجيدون النباح في وجوه
خصومهم وكل من يفضحهم، تستعملها "الفنانات" للهجرة لدول الخليج قصد تزويد المغرب بالعملة،
وهناك من يستعملها فقط لحضور المواد الدسمة وشرب كؤوس الخمر بالفنادق والتمسح بتلابيب رجال
السلطة وتلقي الإكراميات مقابل تبييض تاريخ أسود لأحد لصوص المال العام ، وهناك من يستعملها
لابتزاز المواطنين والمقاولين والمنتخبين فتجد الصحافي يركب سيارة فارهة ويتناول طعامه بالفنادق
المصنفة ومتى كانت الصحافة تأتي بكل هدا الخير العميم في ظل انحسار القراءة وهزالة المبيعات ؟
هناك الصحافي الهاوي وهو بالمناسبة لا يستطيع كتابة سطر واحد دون أخطاء نحوية أو تركيبية –ليس
كل همه الاستجداء المادي- ولكن لمركب نفسي أو لتصفية حسابات مهنية أو شخصية يهوى فقط
الولغ في أعراض الناس و النبش في خصوصياتهم وحميميتهم وخاصة إدا كانوا مناضلين
حقيقيين في الأحزاب والجمعيات والنقابات ،الصحافي الهاوي هو كدلك مناضل يناضل ضد المناضلين
ويحرض السلطة عليهم ،ويتقمص دور النيابة في الاتهام ،الصحافي الهاوي يستشعر كل من تغضب عليهم
السلطة فيسارع -كما الكلب للطريدة-إلى تدبيج الافتراءات وكيل التهم ناهيك عن السب والقدف ،لارادع
أخلاقي ولا مهني لهده الطينة من الصحافة مادام تشتغل منكفئة ومحمية تحت عباءة السلطة وقد يطول
لسان هدا الصحافي أي الهاوي على أحد رموز الفساد حتى أنه قد يتوهم القارئ أن هدا الصحافي كدلك يفضح
رموز الفساد ،فكتابته تلك هي بإيعاز من أصحاب الحال لإيهام القارئ المحلي أن هدا الصحافي يكتب بشكل
مستقل أو لإيهام الرأي المحلي أن رمز الفساد هدا هو الفاسد الوحيد والأوحد ب القرية أو المدينة أو الوطن.
ولأن الأجهزة تعمل جاهدة لإبعاد شبهة الفساد عنها ومحاولة إلصاقها فقط بأحد المفسدين المدانين فإنها تستخدم
هدا الصحافي لاختزال الفساد في هدا الشخص في محاولة بائسة لتوجيه الرأي العام وتركيز اهتمامه على
شخص دون غيره ،ومثل هؤلاء مثلا كانوا يتقاسمون مع ادريس البصري كل شيئ وحين توفي طريدا بفرنسا
أطلقت نفس الأسن التي كنت تصفه بالحكمة والإخلاص والنزاهة لتنعته بأبشع النعوت .

لاجديد في القول أن الإعلام المستقل لعب دورا أساسيا في الانتقالات الديمقراطية الكبرى في كل دول
العالم مشرحا لأوضاع هده البلدان وعاكسا لتطلعات شعوبها في الحرية والكرامة والديمقراطية ،وليس جديدا
القول أن تجربة الصحافة المستقلة بالمغرب لوجورنال ،الصحيفة ،المواطن ومواطن اليوم وغيرها ساهمت
في تناول قضايا حساسة لم تكن لتتناولها الأحزاب السياسية المندمجة والمستفيدة من اللعبة برمتها، مع
الصحافة المستقلة المغربية إدن عرف القارىء المغربي كيف تشكلت الأحزاب على المقاس وكيف وزعت
الأراضي الفلاحية والمقالع وأعالي البحار على المؤلفة قلوبهم ،وكيف يندغم الفساد بالسياسة وبالسلطة وغيرها
من القضايا التي فتحت عيون المغاربة على بلد/ضيعة تحولت فيها فئات عريضة إلى مايشبه الجالية.
ولأن الإعلام وسيلة خطيرة في التنوير والكشف عن الحقائق وتقديم المعرفة و حتى قلب الأنظمة فإنها
تعرضت للاختراق مخزني أكثر مما تعرضت له الأحزاب والنقابات في المغرب ،فعلى شاكلة إغراق
الأحزاب المناضلة بالأعيان والوصوليين فقد تم إغراق الصحافة بفئات غريبة على الإعلام ،فئات متعثرة في
مسارها الدراسي وعناصر منحرفة وسماسرة وباعة متجولين ومن لا مهنة لهم ،الهدف هو خلط الأوراق
وتسخيف المهمة النبيلة للصحافة والهدف تنفير المواطن منها كما هو حاصل مع السياسة التي تحولت إلى
مجرد ولوجيات للسلطة والثراء والنفود.
ولعله من بركات نضالات حركة 20 كحركة احتجاجية سرعت الدينامية النضالية للشعب المغرب التي
أطرها المطلب العام إسقاط الفساد والاستبداد من بركاتها ليس فقط فضح رموز الفساد والريع الاقتصادي
وصناع الخرائط السياسية بل وكدلك ساهمت هده الحركة الاحتجاجية في فرز البلطجة الإعلامية التي تشتغل
تحت عباءة السلطة وسماسرة الانتخابات ورموز الفساد المالي والإداري وبين صحافة نزيهة مستقلة لم تنبطح
رغم التهديدات والإغراءات التي لاتخفى على المتتبع اللبيب لواقع الصحافة ،وقد حققت الصحافة المستقلة
انتصارا أخلاقيا وسياسيا وهي تواكب قضايا الشعب المغربي المناضل من أجل حقه في الحرية والكرامة
والعدالة الاجتماعية.
وما عزز الانتصار الأخلاقي لهده الصحافة دخول المنديات الاجتماعية الفايسبوك وتويتر والصحافة
الإلكترونية، صحافة المستقبل ،صحافة التفاعل التي تضمن القراءة ثم التعليق أوالتعقيب ،صحافة الخبر
السريع حيث يمكن من مواجهة وفضح الخرق والانتهاك كما حصل في العديد من القضايا.
وأخيرا ولأن الشرفاء والقابضين على الجمر وزارعي ثقافة الأمل والدين لا يبيعون كلاما مكرورا وتغطيات
بائرة بدريهمات أو مشروبات روحية من النوع الرديء ولو كانت بهم خصاصة ،هؤلاء الشرفاء لازالوا
متواجدين ليس فقط في الأحزاب والنقابات والجمعيات و لكن كدلك في مهنة الصحافة-بكل أصنافها – الشريفة
النزيهة، إنهم رسل الكلمة الصادقة ،محررو الخبرالموضوعي والمتوازن، صحافيون يقتطعون من أرزاق
أسرهم ووقتهم لتنوير الرأي العام بالخبر النزيه والحيادي والمستقل في أفق خدمة مجتمع المعرفة والمعلومة
والديمقراطية الحقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا