الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عامان من الثورة

سلامة كيلة

2013 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



لقد تغيّر ميزان القوى خلال العام الثاني من الثورة، وأصبح في مصلحة الثورة. في البدء كان التوسع البطيء للثورة أهم ما استفادت منه السلطة لكي تضبط الثورة، وتبقي على تماسكها هي. ولهذا مضى العام الأول والسلطة متماسكة رغم استمرار توسع الثورة. لكن الذكرى الأولى مرت والثورة تعم كل سورية تقريباً. والتظاهر الأسبوعي قد تحوّل إلى تظاهر يومي. لكن الأهم،ربما، كان توسّع العمل العسكري، وتزايد الانشقاق في الجيش، وبدء توتر بنى السلطة.

أيضاً الثورة "السلمية" أخذت تتحوّل إلى استخدام السلاح، لكن شهدنا أنها أصبحت مسلحة خلال هذا العام. فالعنف الدموي الذي مارسته السلطة دون أي رادع أو قيمة أخلاقية دفع إلى ممارسة العنف المضاد. وظهر أن كل ادعاءات السلطة منذ بدء الثورة قد أصبحت واقعاً قائماً: التسليح والعمل المسلح، الأصولية، الفوضى. ولا شك في أن السلطة كانت تريد دفع الثورة في هذا المسار، وربما نقول أنها نجحت، لكن هذا لم يمنع أن يؤدي ذلك إلى اختلال ميزان القوى، واستهلاك قوى السلطة، وزيادة الاحتقان ليس في الشارع فقط بل في كل بنية الدولة. وهو الأمر الذي أوجد "شرخاً" داخل السلطة، رغم أنه لم يظهر للعلن تماماً. فقد أصبح واضحاً أن هناك فئة ضيقة تمسك بالمال والسلطة، وهناك بنى الدولة الأخرى التي هي أصلاً من الشعب رغم الامتيازات التي كان بعضها يحققها. ولهذا لم تعد السلطة قادرة على استخدام الجيش سوى جزء ضئيل هو "العصب الموثوق"، وهو الأمر الذي جعلها عاجزة عن السيطرة على سورية، فأخذت تتراجع عن المناطق منطقة بعد أخرى، وأصبحت محاصرة في دمشق، وتحكمها فقط من خلال التواجد العسكري والأمني الكثيفين.

ولهذا يمكن القول بأن تفكيك هذا العصب سوف يفرض انهيار السلطة. وربما في العجز عن الإجابة على كيفية تحقيق ذلك هو الذي أسس للاستعصاء الذي يجري الحديث عنه. فالسلطة تبدو قوية رغم كل الضعف الذي يعتريها، ورغم فقدانها السيطرة على معظم سورية، ولجوئها إلى استخدام الطيران والصواريخ، حتى بعيدة المدى.

في هذا لا بد من فحص طريقة خوض الصراع، التي تبدو أنها تعتمد السيطرة المتدرجة على المناطق، وبالتالي تعريضها للقصف والتدمير، وتعريض المقاتلين للاستهداف نتيجة تمركزهم في مناطق تكون قد باتت واضحة. ولا شك في أن القصف لا يحسم معركة، لكنه يؤدي إلى زيادة كبيرة في التدمير والقتل. وهو آلية انتقام السلطة بعد أن فقدت توازنها، وأحست أنها تنتهي.

ولا شك في أن الوضع الان يحتاج إلى روية ورؤية لكي يتحدد الطريق الذي يفضي إلى الانتصار. خصوصاً بعد أن أرهق الصراع كل الشعب بعد أن أصبح هناك ملايين المهجرين، وباتت السلع نادرة، والتنقل صعباً، وبالتالي بات الوضع معقداً يفرض التفكير في "حل سريع". والسلطة لعبت وتلعب على هذا الخيار من خلال ارهاق كل الشعب وتوصيله إلى حالة تدفعه لأن يقبل أي حل يطرح (أو أول حل يطرح). يساعد الوضع الدولي الذي بات واضحاً أنه يصبّ في خدمة السلطة نتيجة الشعور بالعجز عن الانتصار.

إن كل سياسات السلطة على الصعيد العسكري والاقتصادي تهدف إلى ذلك: تعميم الشعور بالعجز عن الحسم، والاحساس بصعوبة شديدة في العيش والأمن.

هذا يفرض سياسة عسكرية مختلفة ربما، تهدف إلى ضرب مفاصل السلطة العسكرية والأمنية، وشل نشاط الشبيحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة الأردنية تقر نظاما يحد من مدة الإجازات بدون راتب لمو


.. حرب غزة.. هل يجد ما ورد في خطاب بايدن طريقه إلى التطبيق العم




.. حملة ترامب تجمع 53 مليون دولار من التبرعات عقب قرار إدانته ف


.. علاء #مبارك يهاجم #محمد_صلاح بسبب #غزة #سوشال_سكاي




.. عبر الخريطة التفاعلية.. كيف وقع كمين جباليا؟