الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات مدرسة

احسان السباعي

2013 / 3 / 14
الادب والفن


يوميات مدرسة
تلقيت خبر التعيين بكل البهجة والسرور
فغرد في جوفي انذاك الشحرور وانتابتني العزة بل حتى الغرور فقد أصبحت مدرسة لغة عربية .ركبت قطار الوظيفة بدون تكلفة أو عناء في حين تجاهل غيري وعن محطاتهم لم يتوقف.ولا لوجودهم كان يدري ,ترك أحلامهم ينخرها الانتظار وفي أيديهم ملفات مكدسة بالوتائق والشواهد .يقذفهم شبح البطالة من محطة الى محطة دون أمل مطاع....
في يوم سفري الكل يراه مأتما يكفنون فيه جهلي وما تطويه سداجتي وأنا لوحدي أراه عرسا ..سأنتقل فيه على هودج الاستمرار لأستقل بذاتي وأمارس بالحب مهنتي سيصبح لي راتبي الشهري ولن أتوسل لأمي كي أجد في الصباح 20درهما تحت وسادتي .
أنهيت سنتي التكوين الخاص بالمعلمات وسأمتطي صهوة العمل وأجاهد وأناضل ....ورفضت أن يسافر معي أحد من عائلتي أو أسرتي
حل الصباح عانقت دفء الشمس ورميت السلام على غرفتي وحملت حقيبتي وكراستي وكل وثائقي وشواهدي ,سلمت على أمي وقبلت يدها وجبينها وارتميت في حضنها واغتسلت بدموعها وابتلعت كم حنانها حتى التهمه في وحدتي حينما أجوع سلمت على اخوتي وكل عائلتي ورافقني أبي الى المحطة وقال لي ~احمدي ربك فأنت أكتر حظا لم يقذف بك في الفيافي الجرداء ولا حتى في الصحراء القاحلة ...اعهدك من اليوم رجلا يسكنك وبتحدى كل الصعاب ,ودعته وعيوني دامعة وقلبي يعصره الحزن والأنين الا أن عزمي تجاوز وجعي ولما ركبت الحافلة صرت طول الرحلة عقلي شارد في المستقبل الجميل الذي سأبدأ عهده الجديد
وصلت الى مدينة شفشاون اشتممت فيها عبق التاريخ ,البيوت تتلاصق مع بعضها وترتدي الثوب الأبيض توحي برحلة كلها سلام
(فإنها انشأت عام 1471 ميلادية من قبل مؤسسها مولاي علي بن راشد العلمي، لتكون قلعة للمجاهدين الذين وجدوا موقعها الاستراتيجي مكانا حصينا تتجمع فيه قوافلهم التي كانت تنطلق منها الى الثغور المغربية الشمالية لمقاومة الاحتلال الاجنبي للمغرب، وهكذا فقد اختير موقع المدينة لتكون مركزا لتخطيط العمليات الحربية للدفاع والهجوم، في مأمن من غارات المعتدين، وبذلك اصبحت شفشاون بعد تأسيسها دار امارة ومركز قيادة وملتقى تجمع المجاهدين ومقر سكن أسرهم.)

ونسائم الريح البارد بدأ تلاطم خدي كي أستفيق وأنا بخجل أستجيب ركبت سيارة الأجرة في اتجاه النيابة لما وصلت منحت موظف شؤون الموظفين وهو رجل نحيف جدا ويحمل نظارة ويجلس في مكتب بسيط متقل بالملفات والاوراق جنب مكتبين يبدو ان صاحبهما في استراحة او في حالة غياب الله اعلم ...فالادارة دوما في حالة فوضى واستغفال على الوقت وعلى العمل في غياب المدير والموظف يعوض الاخر في قضاء حاجته في الجلوس على المكتب ...منحته ورقة التعيين قام من مقعده وصار يتأملني .كنت رشيقة وقتها وأبدو أصغر من سني وسألني كم عمرك ؟أجبت عشرين سنة وعلى ملامحه الاستغراب وقال بصوت رخيم هل أنت ستشتغلين هناك؟أجبت وكلي تقة وعزة نعم أحسست بنظراته المشفقة ترش أريجها بعبق الحسرة وقال أن مدرسة سبت الملحة ليست هنا بمدينة شفشاون توجد بمنطقة اسمهاغ ابن احمد وتبتعد عنها بساعتين من الزمن ,,,,أجبت بسذاجة كنت أتصورها هنا فابتسم ابتسامة عريضة وخرجت حسب توجيهاته الى محطة الطاكسيات وجدتها في ساحة واسعة وتصطف بالتوالي وترتدي حتى هي اللون الأبيض ترمي بدوها علينا السلام تتحملق حولها أناس بكل الأشكال والألوان أغلبيتهم يرتدون جلاليب قصيرة لغاية الركبة ولهجتهم تؤكد انهم من أهل الجبل ونساء خصرهم ملفوف بمنديل بخطوط حمراء وبيضاء وعلى رؤسهن قبعة كبيرة تسمى الشاشية
والكل يتسابق ويتصايح ويهمهم بكلمات سوقية ويصارع بالأيدي كأنه سيحتجز مكانا للوصول الى الجنة...وكلما اقترب ادفع ويسبقني اخر ولما يكتمل الطاكسي جمع ستة أفراد علينا أن ننتظر من سيذهب الى بني احمد ا:تر من نصف ساعة حتى يأتي التاني .ولأني خجولة بقيت أكتر من ساعتين حتى أستعملت أسلوب القوة كأننا في الغاب القوي يغلب الضعيف وبدأت الرحلة وانطلقت على بركة الله والسائق أطلق العنان العنان لمسجلته التي يبدو اشتراها من الخردة كل مرة يضربها فتشتغل وتطلق صيحات العيطة الجبلية تدندن وتنساب الى مسمعي مع رائحة البنزين الذي اخد يتوغل داخل مسام صدري واستقر بي الحال بجوار السائق ......يتبع
ما زالت لها تكملة واتمنى أن تعيشوا معي الوضع الذي حاولت ما أمكن أن أترجمه باحساسي وبعين أكتر واقعية فتشجيعاتكم المستمرة وتحياتي لكم مفعمة بكل الخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل