الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعاظ وطغاة من يصنع من ؟

ثائر الربيعي

2013 / 3 / 14
حقوق الانسان


تعد ظاهرة صناعة الطغاة والمستبدين باختلاف انتماءاتهم ودينهم وقومياتهم من أكثر القضايا تعقيداً منذ خلق الله الأرض واستوطن عليها الانسان كما ان الأرض استأنست بوجوده ، وهذا الاستئناس به فرض عليه قيام دولة وحكومة تعمل بقوانين وتعليمات وظوابط ولوائح ،وقد فسر الباحثين صنع الدولة لاربعة نظريات الاولة النظرية اللاهية والتي مفادها ان الدولة تعود نشأتها من الله تعلى وان الإنسان ليس عاملاً اساسياً في نشأتها وان الإله هو الذي اختار حكاماً مسددين مؤيدين منه ليديروا شؤونها،ونظرية القوة وترى هذه النظرية ان الدولة نشات من خلال سيطرة الاقوياء (الطغاة ) على الضعفاء المستضعفين وان كثير من المجموعات الحاكمة اعتمدت القوة في الوصول لسدة الحكم مستغلة بذلك خوف وقلق الجماهير والافراد من الحروب ،وحبهم للامن والاستقرار وهي وسيلة لبناء دولة قوية ، والنظرية الطبيعة والتي أساساها مبني على طبيعة الإنسان الاجتماعية ،حيث ان الإنسان لا يستطيع العيش منعزلاً عن غيره من الأفراد فلابد ان يتعاونا من خلال تفاعلاتهم الاجتماعية المختلفة هنا رغبت الجماعات ان يكون لهم قيادة وسلطة ومن ثم دولة ،ونظرية العقد الاجتماعي وترى ان افراد الشعب اجمعوا على قيام دولة من خلال عقد اتفاقيات مع (الحاكمين) حيث يقبل الشعب حكم الدولة مقابل تلبية حاجات الناس الامنية والاجتماعية .
ان عملية صنع الطغاة ليست طارئة على الواقع الإنساني والاجتماعي وذلك بفعل ان الارض تعيش حالة من الصراع بين قيم العدالة والإنسانية ،وقيم الظلم والجاهلية ،وهذه الحالتين شكلت ظاهرتين في وجود الانسان ،فالاولى تتطلب الإيمان بفكر المصلحين والمخلصين والثبات على الموقف والتضحية بالاموال والانفس وهذا ليس بالامر السهل واليسير لان الإنسان بطبعه ينشد حب الحياة والسلطة ، والثانية ما اكثر من يعمل بها وعلى وجه الخصوص الذين يفتقرون لنصرة الحق ويفضلون العيش بعالم الاستبداد والخضوع حفاظاً على مصالحهم الآنية والمستقبلية ، فالطاغية يضرب على اوتار حساسة وأهمها خلق حالة من القلق النفسي والاجتماعي لشعبه حتى يتمكن من وضعهم بدوامة الفوضى والتفكير المستمر بكيفية الخلاص من هذا الوضع المزري المأساوي ،اما بالسكوت والصمت المطبق لما يجري من حوله وهي نقطة تسجل لصالح الطاغية ، وطرح نظرية العدو الوهمي الذي يريد ان يفترس الامة او المكون في اية لحظة فتنشغل الجماهير كيف تتصدى لهذا الغول المفترس ،وفي طبيعة الحال يبقى المستبد يتصرف بمقدرات المجتمع وبإرادتهم ويسلب حريتهم .
ان من يساعد الطاغية على بقاءه اطول فترة مكنة بالحكم هم الوعاظ (المنافقون) فقد نجدهم رجال دين يشرعون الفقه بما يتناسب مع طبيعة سطوة المتغطرس،وتارة من مثقفين المجتمع ونخبه الذين يقدمون اروع الصور المثمرة في مجتمعهم ،واخرين من رعاع المجتمع الذين ينعقون مع كل ناعقة ويزمرون ويطبلون لكل من ياتي وشعارهم المثل الشعبي الدارج (ال ياخذ أمي يصير عمي ) فتواجدهم في كل زمان ومكان يصورون للناس انه الرجل الزاهد العابد الحافظ لحدود الله ، العامل بتعاليمه وسنته ناصر المظلوم على الظالم وحافظ أعراض الرعية ، كما ان صمت الاخيار هو من يجرئ المردة على افتعال وممارسة الأعمال الوحشية ،فالشواهد كثيرة وحافلة بتاريخنا المليء بالتناقضات وبرجال زينهم الوعاظ وهم لايمتلكون تنظيم أنفسهم فكيف ينظموا حياة الآخرين من مجتمعاتهم ،واكثرها تاثيراً الامام علي (ع) شخصية الشرق الخالدة كما قال عنه الأديب الرائع جورج جرداق ، فعندما استشهد في محرابه ووصل الخبر الى اهل الشام قال الأمويين (أو كان يصلي في المحراب ) وفي هذا دلالة على تغيير الحقيقة ،ووصولاً الى للنظام البائد وكيف صنعوا له صور مغايرة عن الواقع الذي هو عليه ،فهو القائد الاوحد والرمز الاول وفارس الامة العربية وحامي البوابة الشرقية وغيرها من المسميات التي ما انزل الله بها من سلطان ،وقول غوبلز وزير الدعاية الألمانية (اكذب اكذب حتى تصدق) وفعلاً صدقوا الناس ان وجوده جزء مهم من بناء منظومة الامة العربية الى حانت الساعة واقتحم دولة امنة ومستقرة (الكويت ) واستباح كل شيء فيها مثلما فعل اسياده من قبل في واقعة الحرة ، كما ان المجتمع عندما يتعرض الى الاضطهاد الفكري والسياسي والعوز المادي وانتشار الفقر والجوع والتحكم بمصيره ، يصبح من السهل جدا السيطرة عليه ،فالنظرة لصاحب السلطة هي نظرة وقار وهيبة وان كان لا يتحلى بالأخلاق تختلف عن الشخص العادي الفقير الذي لاحول ولاقوة له ،فقول ميكافيلي (الامير قادر على اللعب بعقول الناس بالمكر والخداع ومن يتقن الخداع جيداً سيجد من يتقبل هذا الخداع بسهولة ) نعم هاذ هو ديدن الطغاة نجدهم دائما يطرحون نظريات مغايرة للواقع شكلاً ومضموناً فهم في وادي والجماهير بوادي اخر،لكن قدرة الله بالمرصاد لهم فقوله تبارك وتعالى وكثر فسادهم وإفسادهم حتى صار الإفساد ديدنهم، وصار طبيعة فيهم حتى أنهم لا يشعرون بذلك،ولم يفلح معهم العلاج، حتى الوحي المتنزل من السماء لم يمنعهم من الإفساد، بل كانوا يوغلون في الطغيان حتى فيما بينهم، فصاروا ميؤوساً من صلاحهم واستحقوا أن يكونوا الأمة المغضوب عليها إلى يوم القيامة بسبب فسادهم وإفسادهم. قال تعالى (وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً، وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين) كما إن الصراع الواقع على ظهر الأرض منذ بدأت عليها الحياة البشرية، إنما هو صراع بين المصلحين والمفسدين والعاقبة فيه لأهل الصلاح في الدنيا والآخر وقوله تعلى { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } على المستبدين او الطغاة مهما تنوعت عناوينهم وأسماءهم فهم يتفقون باضطهاد الناس وترويعهم ،وان بنوا القصور الفخمة والبروج المشيدة فرعون مثلاً لهم عليهم ان لا يتناسوا ماحصل وحل به جراء ما اقترفت أيديه من اعمل بحق كرامة الإنسان وإنسانيته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا


.. مجلس الشيوخ الأميركي يرفض مقترح بايدن باستقبال اللاجئين الفل




.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار


.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف




.. أهالي الدقهلية يشاركون في قافلة لإغاثة أهالي فلسطين