الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يرّبي وحشاً في بيته

مجتبى حسن

2005 / 4 / 7
الادب والفن


يربّي وحشاً في بيته
صادف إن ربّى البعض وحوش في بيوتهم فانقلبت عليهم وأكلت أطفالهم، والكل يشاهد ذلك ولم يدركها البعض ممن شاهدوا الحادثة ،وهم اليوم يفتحون بيوتهم لوحوش أخرى ،فتذكرت حكاية حكاها لي أبي في صغري، وفهمت مغزاها،وأحببت التنويه بها، لان الوحش صفة واسم، وليس لقب يكنى به من لا شيء ...

*
يحكى أن مزارع في ضيعة نائية برأس الجبل، يسكن بيت تفرد عن بقية البيوت ، عمله في زراعة الأرض لا يكاد يسد الرمق ، غير أن تربيته لبعض الخراف والنعاج يوفر له شيء من يسر ، فكان يولي ماشيته عناية خاصة ، فيرعيها في الصيف على التلال المجاورة وفي الشتاء يجذ لها الحشائش من الأدغال القريبة ..
وفي احد الأيام والناس نيام خرج المزارع كعادته لجذّ العشب لأغنامه من الغاب ، وبعد توغله في الدغل سمع أنين يتعالى ،اقترب ليشاهد شبل وحش علقت قائمته بفخ احد الصيادين ، رق قلبه لتوجع الوحش الصغير،فخلصه من الفخ ،وحاول أن يداوي جرحه النازف فلم يفلح لعدم توفر المواد اللازمة ،فعاد به إلى البيت ،وبعد أن ضمد جرحه وأطعمه ، خاطبه بان يبقيه في بيته يطعمه ويعتني به ،وبذلك يخلصه من أفخاخ الصيادين وبنادقهم بشرط أن يعاهده على الوفاء ..
مرت الأيام والمزارع لا يكلأ جهداً بالعناية بالوحش الصغير حتى دمل جرحه واخذ الكبر يظهر على شكله والوحش على عهده باقٍ ،لا يخون مضيفه بل على العكس إذ هو يحمي البيت وما حوله من وحوش البرية .. إلى أن جاء يوم مرض الفلاح واشتد عليه عجزه فلم يستطع أن يقوم بواجباته اليومي ،من رش الحبوب للدجاج أو إحضار الحشائش للخراف وطبعاً لم يطعم الوحش ، جاع الوحش وراحت أمعائه تصرخ للطعام ، ولم يكن بيده حيلة فصاحب البيت مريض وسافر للمدينة للعلاج ولا يعرف ما يأكل ، تناول بعض من العشب فلم يتقبلها ...
اشتد صياح معدته، والدجاج أمامه يرعى بلا خوف، خاطبته الغريزة بأن يأكل إحدى الدجاجات، نهرها صوت الوفاء به، إذ هو من يحمي الدجاجات فكيف يأكلها، جوعه يعضه بأنياب الغريزة للأكل، و عهده لا يبرح الذاكرة... فكان إن تخيل مدى وفائه للمزارع وكيف أن المزارع لا يبخل عليه بشيء ومدى حبه له ، فهو من وجده في الغابة بين الموت والحياة ،وخلصه من الفخ واحضره إلى بيته ،عالجه من إصابته ، انه حتماً غاليا على المزارع إلى حد انه لو علم المزارع بمدى جوعه لأطعمه بدل الدجاجة اثنين ،خاصة أن الدجاجات ليست مصدر رزق المزارع بل هي الخراف ،والدجاجات تُربى لتُأكل ، وما إن وصل بخياله إلى هذه الفكرة حتى قفز على احدها القريبة منه ،واخذ يلتهمها بكثيرٍ من الامتنان للمزارع على حبه له .. واستمر على هذه الحالة ، كل يوم دجاجة حتى لم يبقى منها شيء ..
فرجعت أمعائه لتصرخ من الجوع ..ولم يبقى أمامه إلا الخراف ولكنها كما يعلم مصدر رزق المزارع ،وانه مهما أحبه لن يضحي بها لأجله ،هذا شيء مؤكد يقول في نفسه ولكن ما هو الحل أنياب الجوع تُلويه سبغاً ، وقوته تخور فكيف إن هَاجمت الخراف وحوش الغاب ،كيف له الدافع عنها ؟وكيف لن تقع فريستهم وهو عاجز من شدة الجوع ؟ فقال بصوت مسموع الخراف تسع إن أكلت واحداً سيوفر لي الطعام والقوة لمدة أسبوع ،وأكون قد حافظت على الثمانية الباقين وحميتهم إلى حين عودة المزارع ،وما إن استقر على الفكرة حتى كانت رقبة اكبر الخراف بين أنياب فكيه ،وراح يلتهمه بشهية بعد تذوق طعم اللحم الغضيض ،وهكذا إلى أن انتبه إلى نفسه وقد أجهز على الخروف كاملاً في وجبة واحدة ، وما أن عاد صوت الجوع حتى انبرى بفكيه لخروف آخر فالحجة جاهزة وقد اقتنع بها سلفاً وسبعة خراف أفضل من لاشيء ،وهكذا كلما جاع نقصت الخراف واحداً ،حتى لم يبقى سوى خروف واحد ،وعندما صاحت به أمعائه الجائعة ،لم يقفز عليه كالعادة ،فالحجة القديمة بطلت إذ كيف سيبرر للمزارع ،ولما اشتد جوعه ، قال ماذا لو هاجمت وحوش الغاب المزرعة من أول يوم من رحيل المزارع أنها حتماً لما أبقت على شيء من الخراف أو الدجاجات ،وإما هو فحب المزارع له كبير وعندما يأكلهم هو أفضل من أن تأكلهم وحوش الغاب ، وعند عودة المزارع سوف يقول له هاجمتهم وحوش الغاب ولم يستطع التغلب عليها ،فبعد معركة شرسة كان نتيجتها انه طردهم بعدما أكلوا الخراف والدجاجات وبقي محافظاً على البيت من التخريب وها هو يحرسه إلى الآن ،ولا بد للمزارع أن يكافئه على هذه الحراسة والوفاء ،وما أن استقر على هذه الفكرة حتى انقض على آخر الخراف ..
وعندما عاد المزارع من سفره لم يجد الدجاجات ولا الخراف ولا حتى الوحش إذ أن هذا الأخير بقيت المكافأة بفكره حتى جاع..
ورحل ليفتش عن غذائه في مكان آخر بعد أن اعاث البيت فساد من تفتيشه على شيء يؤكل يكون قد خبأه المزارع للمونة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس