الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية ثورة (1)

محمد الشهابى

2013 / 3 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


البداية .. فساد وقهر وظلم وإستهانة بمقدرات شعب عانى طوال تاريخه من تسلط حكامه وجبروت سدنة الحكم التى تسيطر على مفاصل الدولة , مما يضع هذا الشعب دائما فى موقع المفعول به الذى لايملك من أمره شيئا . إلى أن تجرع الذل والهوان حتى الثماله فظن الجميع أن هذا الشعب الخانع قد أدمن العيش ذليلا لا يقوى الا على العويل والصراخ والحسرة على ماضى تليد ويتباهى بحضارات لا يعلم أكثر مثقفيه علما وإطلاعا كيف بنيت هذه الحضارات وعلى أكتاف من قامت وإزدهرت .
حقيقة .. كانت هناك إرهاصات تنذر بشيء سيحدث لم يعتده هذا الشعب طوال تاريخه , فقد قام حكامه فى لحظة من لحظات الصلف والغروربقطع شعرة معاوية التى كانت تفرق بينهم وبين إنفجار شعب مكبوت يعانى جميع مظاهر الظلم والقهر والإستبداد حيث يرى حريته وكرامته تهدر ليل نهار ويرى ثرواته تسلب بواسطة عصابات كونها نظام حكمه الشمولى الرجعى الإستبدادى ليشكل لنفسه غطاءا ممنهجا فى السلب والنهب تحت عين وسمع هذا الشعب الذى خارت قواه من الفقر والجوع .
هذه الإرهاصات كانت تزيد وتتضح شيئا فشيئا إلا ان اكثر المتابعين تفاؤلا لم يكن له أن يتوقعها ثورة شعبية تقتلع النظام إقتلاعا ليتساقط ويتهاوى كما تتهاوى أوراق الشجر فى خريف جاف ومناخ مقفر مٌنع عنه الماء ليسقط غير مأسوف عليه .
إلى هنا وهذا الأمر الجلل الغير متوقع قد أبهر الجميع فى ظل مناخ أكثر من رائع حيث توحد الجميع وتجمعوا حول هدف واحد لا يسعوا لشيء سواه قاموا بإختصاره وعبروا عنه بكل عفوية وبساطة فى نداء وشعار واحد يرددونه بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة ... الشعب .. يريد إسقاط النظام .
وهنا السؤال .. هل تحقق لهم ماأرادوا ؟؟
وهل بخلع رأس الحكم قد سقط بالفعل النظام ؟؟
الإجابة حينها كانت بكل تأكيد ... نعم ــ لأن النظام الشمولى الديكتاتورى يسقط بسقوط الديكتاتور حيث تتهاوى الأركان الهشة لنظامه فى محاولة منهم للهروب من المحاكمات الشعبية الثورية لما إقترفوه فى حق شعبهم .
ومايتبقى من النظام يختفى ويبتعد تماما عن مشهد الأحداث خوفا من التصادم مع الثوار .
ولكن .. هل إكتملت الثورة ؟ وهل يحق لنا أن نطلق عليها ثورة ؟
لعل عدم إقامة المحاكمات الثورية وعدم محاسبة النظام السابق عن كل جرائمه التى إقترفها ضد شعبة بقررات واحكام ثورية قد أتاح لبعض ممن دانت لهم أمور الحكم فى تلك الفترة الفارقة والذين إستفادوا وإشتركوا بطريقة مباشرة او غير مباشرة مع نظام المخلوع فى نهب وقهر هذا الشعب المسكين هو ماأجهض الثورة وحولها من ثورة شعبية أطاحت بنظام ديكتاتورى مستبد إلى إنتفاضة شعبية أزاحت فقط رأس هذا النظام عن الحكم إلا انها لم تسقط النظام بالكامل حيث قام المجلس العسكرى فى أعقاب هذه الإنتفاضة الشعبية بمحاولات مستميتة للإبقاء على أركان الدولة العميقة التى تتغلغل وترتبط إرتباطا وثيقا بكل مؤسسات وهيئات الدولة .
فكانت الصورة من الخارج ثورية مائة بالمائة حيث قاموا بمغازلة الشعب بشعارات رنانة تؤكد وقوفهم دائما فى صف الشعب الثائر ضد الظلم والقهر ومتاجرتهم بتاريخ الجيش الناصع البياض وما لهذا الجيش من رصيد هائل فى عقول وقلوب كل المصريين ومزايدتهم على موقفهم الوطنى بإنحيازهم الكامل للشعب وعدم التعرض للثوار بل وحمايتهم من بلطجية الشرطة والقبضة البوليسية للنظام السابق .
ونحن هنا وللتاريخ نشهد بأن موقف الجيش وقياداته فى هذا التوقيت العصيب قد حمى الثورة من سفك الدماء وصان البلاد من الخراب والدمار وعلى الرغم من تحفظنا الشديد على سياسات المجلس العسكرى فى ذلك الوقت ومحاولاته المستميتة لإستنساخ نظام جديد بمواصفات جديدة قد تلائم تلك المرحلة وبمعاونة أكيدة من رؤس وأركان نظام المخلوع لتجميل وجوهم ومحاولات القفز على الثورة لتحقيق أهداف وأغراض أبعد ماتكون عن أهداف الثوار.
ويبرز هنا توحد كل الشرفاء فى هذا الوطن للتصدى لهذه المحاولات وإنكارهم لأنفسهم وذوبان الجميع فى بوتقة وطنية شريفة ضد عودة نظام المخلوع فى اى صورة وبأى شكل.
ولم ينتظر فلول النظام السابق طويلا فسرعان ماظهرت الانشقاقات وتفتت جبهة الثوار وبدأت تظهر للمرة الأولى منذ إندلاع هذه الإنتفاضة الشعبية بوادر الإنقسام والإختلاف فى أول إستحقاق شعبى لتقرير مصير الأمة وهو الاستفتاء على الإنتخابات البرلمانية أم صياغة دستور جديد للبلاد يحقق طموحات مصر الجديدة .
للحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24