الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيداتٌ .. مِن زُحل

عادل سعيد

2013 / 3 / 15
الادب والفن




كيف هبطت ( سيدات زحل ) في قلب قارئ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انها الحربُ .. تلك التي تنام على وسادتي الأخرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بل الحربُ تقاسمنا الوسادة الواحدة ، من يوم ان كان العراقي نياندرتالا ، كانت الحرب تقاسمه
وسادة الحجر .( سيدات زحل ) للروائية المبدعة لطفية الدليمي، عبارة عن قصيدة طويلــــــــة
بخمسة و ثلاثين كراسا ، فمن اول جملة في العمل حتى آخر جملة ، يتخاطفك وميــــــــــــض
الشعر ، وحين تنتهي من قراءة الرواية ، تشعر انك كنت تقرأ حلما مكتوبا ، حلما تتخلله بعـــض
لحظات اليقظة ، وفي هذه اللحظات قد يحدث انفجار ، او يقتل انسان او تغتصب امرأة او يشب
حريق ، او يختطف تاريخ. المكان واحد ، بغداد ، اما الزمان فهو وإن كان زمان بغداد ، الا انـــــــــه
سائل يتحرك بين بغداد حين كانت خارطة على الأرض ، منذ اربعة عشر قرنا ، بغداد التـــــــــي
ابتدأت فكرة خرجت من حلم ( طاغوت )الى طاغوت العصر الحاضر ( صدام ) الذي ارادها مدينة
صدام ، كما برلين ارادها هتلر مدينة بملامح حلمه .والمنصور الذي امر مهندس بغداد ان يشعل
النار في خطوطها وهي خارطة، كذلك صدام امر بأشعال النار في خطوطها كي يموه علــــــــى
طائرات العدو . والرواية عمارة من الحلم مقامة ارض حقيقية( بغداد ) ، وتحت الطابق الأرضـــي
سرداب ، هذا السرداب هو تاريخ المدينة ، ضميرها ، حيث مجلدات الكتب ، و المرايا التي تطل
منها بغداد بملامحها العباسية ، و يطل منها الموتى الذين يريدون ان يتكلموا ، و ما هم فـــــــي
الحقيقة الا عشاقها الذين استشهدوا على مر العصور. واكبر عشاق بغداد، هو الشيخ قيـــدار
الضمير المستتر ، الذي يبقى مستترا، وهو عم راوية العمل حياة البابلي، و التي هي ايضا آسيا
كنعان في جواز السفر المزور الذي حاولت استخدامه للخروج من العراق ، وهي ايضا زبيدة التميمية
التي تعشق ناجي الذي لن يظهر في الرواية الا من خلال احلام حياة .حياة البابلي التي تشهد
الحرب ، وحريق المكتبةالعامة الذي هو حريق تاريخ بغداد الذي حصل تحت سطوة المحتل الأمريكي
كما كان حريقها و حريق كتبها على يد المغول . حول حياة، سيدات تتراوح مصائرهن بين
الإختطاف او الموت على ايدي الملتحين الإرهابيين او الإنتحار او الهجرة . سيدات قالت عنهن
حياة، انهن سيدات زحل المرصودات للفاجعة . زحل الذي تجري الإشارات اليه في مواضع متفرقة
من الرواية على انه رمز النحس و اليباس والموت ثلاثين عاما ، ورمز للخير و السرور في ظروف
فلكية اخرى ، و هذا لايعني ارتكان الروايةالى التنجيم والقدر ، قدر ما هو تفسير حلمي للكوارث
التي حاقت ببغداد و تاريخها ، حتى وان استعارت الروائية لغة النذر ، حين وضعت على لسان حياة
و هي تخاطب عاشقها ( ستعرف مكاني من علامات تظهر لك ، في جفاف الفرات و صعود الخرافة!!
اهو تبنبؤ بعراق الحاضر !؟
اذن هي حياة البابلي ، او بغداد ، و عشاقها ، و طواغيتها ، ودورات تألقها و انحطاطها . بغداد
التي تفر من نفسها الى نفسها ، و المعذبة ابدا بعذاب عشاقها . و عاشق بغداد لن يكون دائما
طروبا بين شواطئها ، بل العاشق المصلوب كالحلاج ، او المعتقل او المخصي او مقطوع اللسان
ما يلفت في الرواية هو الحوارات المقتضبة ، والمقطوعة ، وكأنها حوارات بلغة من هواء ، اليست
لغة حلم !؟
قلنا ان الرواية قصيدة بما ينوف على ثلاثمئة صفحة ، فهل طغت لغة الشعر على جنس الرواية !؟
نحن نعرف ان كبار الشعراء الذين كتبوا الرواية ، كانوا على دراية بخطورة طغيان الشعر على
الرواية ، كجنس ادبي ، كما ادركها كازنتزاكي مثلا في رواياته . ولكن رواية سيدات زحل ، تمتعت
ببناء روائي رصين ، واحدث ما توصل اليه البناء الشكلي للرواية من اساليب التقطيع و التداخل
الزمني والمكاني وتغلغل الحوار في لغة السرد ،مع ان السرد لم يعتمد التدرج الكلاسيكي بين
بداية وعقدة ونهاية ، والكراريس الخمس والثلاثين ، لم يكن لتسلسلها الرقمي اي تأثير على
سير الأحداث ، لأن الأحداث لم تبدأ بحرب احتلال العراق امريكيا ، وان كانت الإشارة قد تمت اليها
اولا ، بل كما في الحلم الذي لا ينتهي لم تكن هناك نهاية للرواية.
وحين قلنا ان العمل بمثابة قصيدة طويلة ، فهذا لا يعني طغيان الشعر على العمل ، بل ان السرد
استعان بلغة الشعر، دون استخدام عوالم و تهويمات وحالات الحلم والرموز الشعرية ، بل ان الرموز
هي رموز روائية ، والحلم هو الحلم الروائي كما هو معروف.
ختاما نقول ، استيحاء من الرواية ، ان الحب الذي مر و يمر بين الرصافة والجسر ، قد مرت و تمر
عليه الحرب بين الرصافة و الجسر . والحب الذي قد يهبط في افئدة البغداديين من النخيل والنوافذ
والجدران و الأعمدة واشجار التوت و الجسور و نصب الحرية ، فإن الحرب ايضا تهبط في افئدة
.البغداديين ، و تطلق الدم من النخيل و النوافذ و اشجار التوت و ..... نصب الحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طارق العريان يكشف كواليس فيلم أولاد رزق .. كان مجرد فكرة


.. سائقات المشاهد الخطيرة يطالبن بالتمثيل العادل بين الجنسين




.. محمد إمام ينتهى من مشاهد فيلم شمس الزناتى في الفيوم


.. محمد صلاح طلع على المسرح يرقص مع محمد هاني وحماقي




.. كل الزوايا - الشركة المتحدة تنعي الكاتب الكبير فاروق صبري رئ