الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عدو مصر ... الفقر

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 4 / 7
الادارة و الاقتصاد


بالرغم من أننا جميعا نعترف بأن مصر من أغنى البلدان العربية على الصعيد الثقافي, فهي على سبيل المثال أنتجت وتنتج أعمالا فنية - في السينما والمسرح والتلفزيون - لا يستهلكها العرب من الخليج الى المحيط وحسب, وإنما يقلدونها كذلك. ومعلوم أن كبار الفنانين العرب في الموسيقى والطرب يلمعون في مصر, وأن من لديه طموح منهم يذهب لتجريب حظه في القاهرة, ولا شك أن النتاج الثقافي المصري في ميدان الأدب والفكر من أفضل ما يمكن أن نجده على الساحة العربية, وفيما عدا لبنان , لا يوجد حقيقة من ينافس مصر في انتاجها ومطبوعاتها, ومن المؤسف أن نقول ان الضحالة في البلدان العربية الأخرى وليدة القمع البوليسي وقوانين المطبوعات التي تطمع في ان تجعل الكتاب يفكرون برأي الشرطي الصغيرفيما يكتبون قبل التفكير بمواضيعهم, وهذا هو السبب الأساسي في هجرة الأدمغة. ولدى مصر تقاليد ثقافية جيدة وثرية, بيد أنما من ناحية أخرى لا تزال مصابة بعطالة سببها الأساسي الفقر. وقد قرأت حول هذا الموضوع أرقاما تجعل تخفيف حدة الفقر هو أشد التحديات إلحاحا. وبدخل الفرد البالغ 1530 دولار في عام 2000/2001 في المتوسط، هناك اتفاق واسع النطاق على أن الفقر قد خفت حدته في العقد الماضي. غير أنه في غيبة تقييم دقيق ومنظم للفقر، كانت هناك اعتراضات حادة على التقييم الصحيح لمدى حدوث الفقر. وقد تغير هذا في عام 2002، عندما اشتركت الحكومة مع البنك الدولي في استكمال دراسة حول تخفيف حدة الفقر، التي تعتبر أكثر التحليلات المتعمقة لحالة الفقر في البلاد.



وتبين النتائج-التي تبشر بوضع أساس متين لمزيد من الجهود المستهدفة لتخفيف حدة الفقر- أن حدوث الفقر في مصر انخفض من 19.4 في المائة عام 1995/1996 إلى 16.7 في المائة في 1999/2000. وعلى الرغم من انخفاض حالة الفقر في المدن الحضريّة و مصر السّفلى، إلا أنها في ارتفاع في الوجه القبلي. غير أن بطء الاقتصاد منذ 1999/2000 يثير بعض القلق حول احتمال زيادة حدوث الفقر.



كما يمثل الفقر في مصر، كما يقاس بمؤشرات لا تتعلق بالدخل مثل الصحة والتعليم، أيضا تحديا كبيرا. فعلى الرغم من أن معدل الالتحاق الصافي بالمدارس الابتدائية يبلغ 88 في المائة، إلا أن أمية البالغين لا تزال عالية حيث تبلغ حوالي 35 في المائة. وحتى مع إمكانية حصول الشعب بصفة شاملة على الرعاية الصحية، إلا أن عدد الأطفال الذين يموتون قبل بلوغهم من العمر خمس سنوات يبلغ 39 (لكل ألف من المواليد الأحياء)، وهو لا يزال أعلى من الدول التي يمكن المقارنة معها. وفيما تحسنت بعض المؤشرات المتعلقة بالجنس من عام 1993 إلى عام 2002- مثل الإلمام بالقراءة والكتابة بين النساء، الذي زاد من 34 إلى 54 في المائة، ونصيب البنات من الالتحاق بالمدارس الابتدائية، الذي زاد من 46.6 إلى 48.6 في المائة- فإن الصورة الشاملة لا تزال تمثل انعدام مساواة شديد بين الجنسين. وتبين الإحصاءات الرسمية للبطالة أن البطالة بين الإناث تبلغ حوالي ثلاث مرات نسبة البطالة بين الرجال. وعلى الرغم من أن اشتراك المرأة في قوة العمل قد زادت خمس مرات أسرع من الرجل خلال الفترة من 1980 إلى 1996، إلا أن معدل الاشتراك في عام 1996 كان 25 في المائة بالنسبة للنساء بالمقارنة بـ 73 في المائة بين الرجال.



وستظل ندرة المياه تمثل تحديا بالغ الأهمية بالنسبة لتخفيف حدة الفقر. فتبلغ المياه المتاحة لكل فرد نحو 950 متر مكعب في السنة، وهو مقدار يقل حتى عن المتوسط الإقليمي البالغ 1200 متر مكعب سنويا. ومما يعقد مشكلة كمية المياه قضايا ترتبط بنوعيتها نتيجة تشبع الأرض بالمياه، والملوحة وتدهور النوعية بسبب التلوث.

ونمو مصر الاقتصادي حتمي لتخفيف حدة الفقر. كما أن معالجة البطالة عن طريق توفير الوظائف لسكان مصر المتزايدين في سن العمل حيوي بنفس القدر، ليس فقط بالنسبة للنمو، ولكن بالنسبة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي أيضا. وتشير تقديرات المسؤولين إلى أن البطالة تبلغ 9.9 في المائة (على الرغم من أن المعتقد على نطاق واسع أنها أعلى)، ونمو قوة العمل نحو 5.5 - 6 في المائة سنويا، أو نحو 550.000 شخص جديد يدخل قوة العمل كل سنة. وسوف تحتاج مصر إلى تحقيق معدل نمو حقيقي مستدام لإجمالي الناتج المحلي يبلغ على الأقل 7 في المائة سنويا حتى تنخفض البطالة إلى مستويات يمكن التحكم فيها بدرجة أكبر. ومن أجل تحقيق هذه المستويات من النمو الاقتصادي واستدامتها، يجب على البلاد أن تحفز مزيدا من المدخرات المحلية والاستثمار المحلي، وأن ترفع مستوى الكفاءة تزيد من المنافسة. إن من الضروري بالنسبة للبلاد أن تحسن أداء التصدير وأن تعتمد بدرجة أقل على الموارد الخارجية المعرضة للصدمات، ولاسيما السياحة. وكذلك إذا استطاعت مصر أن تجذب مستويات أكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فإن ذلك سيسهل دمج البلاد في نماذج تجارية عالمية ونقل التكنولوجيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاليدونيا الجديدة: كيف ستدفع الدولة فاتورة الخسائر الاقتصادي


.. كيف تؤثر جبهة الإسناد اللبنانية على الإقتصاد الإسرائيلي؟




.. واشنطن تفرض عقوبات اقتصادية على بضائع صينية، ما القطاعات الم


.. وكالة ستاندرد آند بورز تصدر توقعاتها بشأن الاقتصاد المصرى




.. برشلونة يتراجع عن استمرار تشافى ومنافسة بين فليك وكونسيساو ل