الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية الثورة (8): كل عام والثورة منتصرة

رياض خليل

2013 / 3 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


سورية الثورة:(8): كل عام والثورة منتصرة
احتضار سلطة الأسد
كل عام والثورة منتصرة
إن انتصار الثورة السورية على نظام الأسد هو قضاء وقدر ، إنه انتصار للحياة على الموت . ومن يحاول منع الثورة من الانتصار هو كمن يحاول منع الشمس من الشروق ، أو كمن يحاول إلغاء قوانين الطبيعة والطبيعة الاجتماعية . النظام السوري لايستطيع وقف الزمن والحركة والتغير ، تماما كما أن كل شخص لايستطيع الهروب من الشيخوخة والموت . والنظام السوري ينازع البقاء سدى . وروحه الفاسدة تأبى أن تخرج من جسده المتآكل ، ويخوض معركة الألم والعذاب عبر التشوهات المتنامية بسرعة في كينونته التي لاتفتأ تهترئ وتهترئ وتقترب من النهاية .. من الموت الناجز .
النظام السوري يتآكل ويهترئ ويضعف ويترنح . بينما الثورة تقوى وتتنامى وتتصاعد . النظام يزداد شيخوخة وعجزا ، والثورة تزداد شبابا وقوة وحيوية . وتلك المعادلة المتغيرة لصالح الثورة ، ستنتهي إلى انتصارها المحتم ، مهما طال أمد الصراع وآلامه ، ومهما بلغت تكلفته القاسية .
لقد خسر النظام بشكل متسارع كل ماكان يملكه من دعائم وقوى اجتماعية وسياسية واقتصادية حينما اختار مواجهة مالايمكنه مواجهته : الوطن والشعب بمكوناته كافة . وهو اختيار غبي لأنه فصل أو مابين المجتمع والقوى الاجتماعية التي تشكل ركائز السلطة ورموزها وقياداتها في مؤسسات السلطة والمنظمات والأحزاب ومن أبرزها حزبه : حزب البعث . خسر الأسد حلفاءه وشركاءه التاريخيين والأساسيين في كل مكان من جسم السلطة ، التي اعتمد عليها في حكمه للبلاد . الأسد خسر حزب البعث ولم يبق معه من أعضاء الحزب وقياداته سوى النذر اليسير . خسر جيشه الذي انشطر إلى جيش وطني حر ، وجيش مايزال مرتهنا وأسيرا لقلة من القادة والمجرمين الموالين للأسد ، هؤلاء يسيطرون بالقوة والإرهاب على ماتبقى من قطعات الجيش المؤتمرة بإمرة أزلام الأسد من العسكريين والأمنيين . جيش الأسد بأغلبيته الآن هو رهينة بيد حفنة من القادة العنصريين الطائفيين المجرمين ، الذي يرهبون مرؤوسيهم ويهددونهم بالموت إن لم يقاتلوا مع النظام ، أو إن فكروا بالانشقاق . قادة القطعات العسكرية والأمنية الآن لايثقون بالقوات التي تحت إمرتهم ، وهم يجبرونهم على القتال في صف النظام ، تحت طائلة القتل والإعدام . والنظام يقاتل بقوات لاتؤيده ولاتؤمن أو تثق بالنظام ، ولاتحبه ، ولاتملك إرادة القتال ، أو خوض معركة وحرب يعرفون إنها حرب قذرة ضد الشعب والمدنيين والأبرياء ،حرب لاأخلاقية ولاوطنية ولا إنسانية . والنظام ومن يقف وراءه من الداعمين والمجرمين الدوليين لايستطيعون كسب هذه الحرب ، ولو ملكوا كل أسلحة العالم وأموال العالم . لأنها حرب ضد طبيعة الأمور والحياة . حرب ضد شروط ومقومات أي حكم أو نظام سياسي حتى ولو كان ديكتاتوريا . إذ حتى نظم الحكم الديكتاتورة تتطلب توافر شروط ومقومات اجتماعية وسياسية أبرزها قبول وإذعان المحكومين ، وهم البيئة والحاضنة لأي نفوذ وحكم عبر التاريخ . ومادام الأسد قد قامر وغامر بإعلان الحرب على " رعيته ؟" و" قطيعه" ، فعليه أن يدفع الثمن باهظا ، عليه أن يدفع الثمن رحيلا عن الحكم الذي لم يعد يملك شرطه الاجتماعي والسياسي ، وهو موالاة المجتمع له ، وقبوله أن يظل مطية له أ و غطاء لشرعيته . أو مادة تتشكل منها بنى السلطة ومؤسسات الحكم الأساسية ، المدنية منها والعسكرية .
نادرا مايوجد شخص واحد من القادة والمسؤولين في السلطة والحزب والدولة ، لم يتضرر ويتأذى بذويه وأهله وناسه من الحرب المجنونة التي شنها الأسد ، وهي حرب إذن ضد الجميع : ضد ضباطه وقادته الأمنيين والسياسيين والحزبين ، لأن الأسد يريد منهم قتل أهلهم وتدمير قراهم . تحت طائلة قتلهم وإعدامهم ، ووضع الجميع في خانة الخطر ومواجهة الموت . فلم يجد هؤلاء بدا من الانشقاق والمواجهة وخوض المعركة المصيرية الإجبارية ضد جنون وإجرام العصابات الأسدية ، الذي لامهرب ولامنجاة لأحد منه ، مايفرض إرادة القتال ضده ، من قبل العسكريين والسياسيين جميعا .
هذا ماحصل ، لم يبق مع الأسد إلا القلة القليلة من المجرمين في الجيش والأمن والحزب والسلطة ، كلهم تركوه وتخلوا عنه وانضموا للثورة ، للدفاع عن أنفسهم وحياتهم وعن المجتمع الذي ينتمون له . وعن الوطن الذي يدمره النظام لأنه ينظر إلى الوطن على أنه شرط من شروط حياة المجتمع الثائر ضده .
لقد خسر الأسد الوطن والشعب ، فكيف بمقدوره البقاء والاستمرار في الحكم ، مادام الحكم قد فقد مقومات وجوده وحياته المادية والاجتماعية والسياسية والمعنوية والأخلاقية ؟ كيف لحكم الأسد أن يستمر وهو قد فقد شروط بقائه وقدرته ، وفقد أدوات الحكم البشرية والقانونية ؟ وعلام يعتمد حكمه الآن لسوريا ؟ مادام قد خسر البيئة والحاضنة الاجتماعية ، وما ينبثق ويتولد عنها من أجسام السلطة ومؤسسات الحكم المدنية والعسكرية ؟ لم يعد ثمة نظام في سورية ، ولم يعد ثمة سلطة للأسد على سورية والمجتمع السوري . فمن ومايحكم الآن ، وبأي الأدوات والوسائل ؟
الأسد الآن فقد كل سلطة فعلية ، ومايتوهم أنه سلطة ماهو سوى امتداد للدعم الإسعافي الروسي الإيراني ، المستميت لإنعاش الجسم الديكتاتوري ممثلا ببشار وعائلته وبيادقه وكورسه .
السلطة الفعلية في سوريا تنتقل أكثر فأكثر من يد نظام الأسد ، إلى يد الثوار . واتجاهات الصراع تسير حتمام باتجاه تعزز وتعاظم السلطة الفعلية للثورة ، وبالتزامن باتجاه تضاؤل وتقزم واهتراء سلطة النظام الفعلية في سورية عموما . وباتت المرتكزات العسكرية والأمنية والسياسية الأسدية في مهب رياح وعواصف الثورة السورية . ودخلت تلك المرتكزات طور التقهقر والهزيمة الماحقة ، وهاهي محاصرة ومهددة في وجودها وقواعدها وحركتها ، لأنها تعمل في بيئة وحاضنة معادية ومقاومة لها . وإن أية قوى عسكرية وأمنية تعجز عن البقاء والعمل بدون بيئة موالية لها نسبيا ، وتلك البيئة هي الرئة التي تتنفس عبرها أية قوى عسكرية وأمنية ، أما ماعدا ذلك ، فإن تلك القوى ستكون ضعيفة وعاجزة حتى عن حماية نفسها والدفاع عن وجودها . الآن من تبقى من عسكر النظام وشبيحته يواجهون الموت من كل حدب وصوب ، ولايعرفون كيف يهربون منه ، إن الموت يحاصرهم تماما كيفما تحركوا ، فأين مكمن القوة إذن لدى النظام ومرتكزاته العسكرية والأمنية ؟ هو لايستطيع حماية قواته وشبيحته ، فماذا تبقى له من قوة ونفوذ وسلطة فعلية في الميدان ؟ ماذا تبقى له سوى انتظار لحظة السقوط المريع الوشيكة ؟
إن النظام الأسدي الآن هو في أضعف حالاته ، يواجه ربع الساعة الأخيرة من لعبة الموت التي بدأها ظلما وعدوانا على الحياة والوطن والشعب والإنسانية جمعاء .
إن قوة النظام التي تبدو في الظاهر قوة ، ماهي سوى الضعف بعينه ، وهي دخلت طور الانهيار ، وقوة الثورة هي في حالة تعاظم ، وهي تجتاح وتجرف النظام ، وتنظف سورية من رجسه وإجرامه .
إن القصف والبطش العشوائي برهان على فقدان النظام لوعيه وتركيزه ورباطة جأشه ، برهان على خوفه وانهياره وإحساسه القوي بالهزيمة التي تنتظره ، وأعمال النظام العسكرية لم ولن تحقق له سلطة فعلية على الأرض قطعا . السلطة على الأرض تحتاج إلى مشاركة الناس وقبولهم ، ولايمكن لأي قوة على وجه الأرض إرغامهم على الانصياع لسلطة تقتلهم وتسرقهم وتفتك بهم وبحياتهم ومصالحهم وتهدر كرامتهم وحقوقهم وحرياتهم دون تمييز بين كبير ولاصغير . وإن السيطرة على الأرض والناس لايمكن تحقيقا إلا بقتال شوارع ، وهو غير موجود ، لأن في شوارع سوريا لايوجد غير الثوار يقاتلون ويدافعون عن قراهم ومدنهم وأهليهم ، يدرؤون عنهم الموت ويحمونهم من التدميرا لعشوائي الذي لاطائل منه ولايمكنه فرض سيطرة وسلطة في الميدان . الطرف المعادي في قتال الشوارع ، وهو قوات النظام ، غير موجود في الميدان ، وإن وجد نسبيا ، فهو الخاسر دائما . لذلك لايمكن شن حرب شوارع مع أهل البلد ، وذلك يحتاج لجيوش لاقبل للنظام بحشدها وزجها في المعركة .
وهاهو النظام يعاني من فقدانه للموارد البشرية المغذية لآلته العسكرية ، ويستنجد بالفتاوى وإعلان التعبئة ، لسد العجز الفادح في عديد قواته وجيشه ، ولن ينفعه الدعم الإيراني في شيء ، ولن يرجح كفة النظام عسكريا .
النظام الأسد يفقد موارده ، التي لايمكن تعويضها في تمويل حربه ضد شعبه . ويكاد يعلن إفلاسه الكامل ماليا وبشريا وعسكريا . وهو يقترب سريعا من نهايته السياسية . لأن أية قوة عسكرية لايمكنها أن تصنع سلطة وحاكما ، ولاأن تفرضها على الناس بالقوة ، القوة العسكرية وحدها لايمكن أن تنتج نظاما سياسيا ولو كان ديكتاتوريا . صناعة النظام السياسي تحتاج إلى مقومات وركائز أهم من القوة العسكرية والأمنية ، وهي كلها ماقام بشار الأسد بنسفه من جذوره ، نعم لقد نسف بشار الأسد مقومات نظامه السياسي بيديه ، لأنه اختزل النظام بالقوة العسكرية والأمنية فقط . واخذ منه خطابا وحيدا وأسلوبا وحيدا في التعاطي مع الشؤون السورية كافة . وهذا يدل على الحماقة وقصر النظر السياسي والأخلاقي . أثبت بشار الأسد أنه ليس رجل سياسة ولاحكم ، ولايملك الأهلية ولا الحس الوطني لحكم سورية .
الآن سوريا كلها ودمشق العاصمة توشك أن تلفظ العصابات الأسدية ، التي لم يعد لها ملجأ على الأرض السورية ، وتبحث عن الهواء الذي تتنفسه ، وعن جحر آمن يقيهم من الموت على يد الثوار في الشوارع والأحياء والقرى والمؤسسات والوحدات العسكرية ، لم يعد الشبيح آمنا في حياته حتى داخل بيته وحارته ، أنه بحالة خوف ورعب وترقب ، لايحس بالأمن ولا بالأمان على حياته ، وهو الآن يشرب من ذات الكأس التي أذاقها للسويين على امتداد عقود . عصابات الأسد هي الآن ملاحقة ، تعاني هواجس الموت واليأس والإحباط والحصار ، وتفقد تماسكها ، وتنهار يوما بعد آخر ، وباتجاه المصير الذي تستحقه .
الوضع في غاية السوء بالنسبة للنظام الأسدي . وهو في غاية القوة بالنسبة للثوار ، ولابد والحالة كذلك من فرض سلطة الثورة الفعلية على الأرض ، وطنيا ودوليا ، مادامت الثورة هي التي تملك الآن مفاتيح السلطة الفعلية في عموم سورية تقريبا . وهذا الواقع هو الذي سيفرض على المجتمع الدولي التعاطي مع السلطة الجديدة : سلطة الأمر الواقع ، والتي تمسك فعليا بالأرض والناس ، وتتحكم بالشأن السوري العام ، وتتجه سريعا لتقويض سلطة الأسد نهائيا في العاصمة دمشق ، كما في عموم الوطن السوري .
تركيا – انطاكية ، الجمعة في 15/3/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عبث
شامي ( 2013 / 3 / 16 - 11:12 )
لطالما استمعنا لهده الاسطوانة المشروخة مند بداية ما يسمى بالثورة السورية ولكن عبثا تحاولون يا مرتزقة الناتو واسرائيل وموزة

اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -