الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعصب...

بهار رضا
(Bahar Reza)

2013 / 3 / 15
الادب والفن


التعصب...أن تکون أفکارنا مسلمات لیست قابلة للنقاش أو الشك، وننسى أن لا شيء في الدنيا خاطىء تماماً، حتى الساعة المتوقفة تكون صحيحة مرتين في اليوم!! واننا نجني علی أنفسنا بهذه الوحدة الفكرية الشمولية والتي تدفع بدورها لإضمحلال الإنتاج الإبداعي الخلاّق ولنکون في نهاية المطاف مستهلکین لکل ما ینتجه الغیر، الغیر الذي یؤمن بالتجربة وحرية الإختيار.
رنَّ المنبه صباحاً، ذهبت لغرفة "ابنتي الصغرى" کالعادة لأُقبلها من القدم حتی الوجنتین وأُساعدها لتستفیق وتستعد ليومها المدرسي. تذمرتْ وقالت لي" اوه ماما، أَلم أذكرّكِ للمرة العاشرة بأن دوامي أيام الأربعاء يبدأ متأخراً، حيث يذهب أکثر طلاب الصف للکنیسة لکي یشرح لهم القس تعاليم الدين المسیحي حتی یتسنی لهم إختیار الدين لاحقاً في شهر أیار، وما إذا كانوا سيتعمدون أو يختاروا دونه. اعتذرتُ لأني أيقضتها باکراً للمرة العاشرة، لتفاجئني بسؤال منطقي لم یخطر علی بالي یوماً. ماما متی سأذهب عند الشیخ لیشرح لي تعاليم الإسلام لكي أحدّد لاحقاً ما إذا كنتُ سأختار الاسلام دیناً أو سواه؟
عندَ سماعها لجوابي کانت الدهشة التي رُسمت على وجهها أکبر من دهشتي من سؤالها. أجبتها بكل حب:"يا ماما، , نحن نولد بهذا الدین"، ولكنها اجابتني بدهشة أكبر وكأنها تنعتني بنظراتها (يا لك من غبيةٍ مغفلة): "لا أفهم هل أن ديننا هو أحد الموروثات الجینیة، مثلاً؟ فكرتُ برهة قبل أن أسألها وکلي فضول: "حبيبتي، لقد ذهبتِ لزیارة القس عدة مرات مع طلاب الصف من صديقاتك للكنيسة، فهل المسیحیة أنسب لك كدين؟ فاجابت بكل ثقة: کلا لم تكن زيارتي للكنيسة من بواعث سروري، ولذلك لم أذهب من حينها. لا أفهم هذا العنف المتجسد بتمثال المسیح مصلوباً، لقد أرعبني، ولا أُرید أن أُضّحي أو یضحّی من أجلي بهذا الشکل العنیف، فلیس هذا الدین هو ما أرغب به!!! .حاولتُ أن أشرح لصغیرتي، التي كانت تفکر بصوت عالٍ، أن مجتمعاتنا لا تمنح أي حق في الإختیار، ناهيك عن ديننا، وحتی رموزنا القومية والفكرية هم إله علی الأرض، خطوط حمراء یمنع المساس بها . کثرت خطوطنا الحمراء وأصبحنا حبیسین خانات قاتمة اللون تتسع نصف احجامنا، , ولونها الداكن يحجب أشعه الشمس، , ليعكسها بعیداً لأماکن يرتوي الناس فیها من الجداول العذبة وتستنشق الأشجار هواء ،عوضاً عن مياه المستنقعات الراکدة والهواء المتکرر العفن، أماکن یتمنی کل فرد في مجتمعاتنا أن یسکنها! ناسیأً أو متناسیاً أن التطور والتغییر لیس تغییر الجغرافیا والتأریخ بل هو بناء اخلاقي وفکري وثقافي جدید، أماکن تستطیع أن تبحث في غابات معرفتها، , وتکون فردا فعالا ومشارکا لا مستهلکا متطفلاً .
هذا هو الحال یا صغیرتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو