الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى العاشرة لحرب .... ما زالت قائمة ....(2)

علي الأسدي

2013 / 3 / 16
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


للتذكير فقط : " قبل عشر سنوات وفي ليلة التاسع عشر من آذار 2003 بدأت الولايات المتحدة بقصف بغداد ثم تلته بالغزو. وبعد مضي ستة أسابيع على بدء الغزو وقف الرئيس بوش على ظهر احدى حاملات الطائرات ليعلن " أن المهمة قد أنجزت " ، كما أعلن عن انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية في العراق. الآن وبعد عشرة سنوات على ذلك الاعلان الأقرب للكوميديا منه الى خطاب رئيس أقوى دولة في العالم مازلنا نعيش كوابيس تلك المهمة التي أنجزت".

خلال الشهور التي سبقت الحرب أطلق الرئيس بوش وعددا من مساعديه تحذيره من أن التهديد الذي يواجه الولايات المتحدة والعالم من قبل بغداد ليس فقط شنيعا بل وشيك وحقيقي ، وان الولايات المتحدة الأمريكية يجب ان تتحرك بسرعة لقصف وغزو واحتلال العراق.

وفي 28 -9-2002 عاما تقريبا بعد الحادث المروع في 9-11 وسبعة شهور قبل موعد غزوه العراق قال الرئيس بوش الآتي : " الخطر على بلادنا شنيع ويتزايد. النظام العراقي يمتلك أسلحة بايولوجية وكيماوية، وهو يعيد بناء المنشأت لصناعة المزيد. وطبقا لادعاءات الحكومة البريطانية يمكن لصدام أن ينفذ اعتداء كيماويا وبايولوجيا في ظرف 45 دقيقة بعد صدور القرار. هذا النظام يسعى لحيازة قنبلة نووية واذا توفرت له المواد فيمكن أن ينتج واحدة خلال عام.(4)
"The danger to our country is grave and it is growing. The Iraqi regime possesses biological and chemical weapons, is rebuilding the facilities to make more and, according to the British government, could launch a biological or chemical attack in as little as 45 minutes after the order is given... This regime is seeking a nuclear bomb, and with fissile material could build one within a year."
خطابات الرئيس بوش التحذيرية والمبالغة بالخطر الذي يشكله العراق وبرغم ما تصوره من خطر وشيك لم تلقى استجابة أو حماسا من قبل الرأي العام الأمريكي أو البريطاني. وبعكس ما يصرح به الرئيس ووسائل الاعلام على ضفتي الأطلسي فان حملته قد أثارت الشكوك حول أهداف الحرب وتوقيتها وبالدرجة الرئيسية شرعيتها. فالمجتمع الدولي غبر مقتنع بالمسوغات التي ساقتها الولايات المتحدة وبريطانيا ، بل لقيت معارضة واسعة داخل أروقة الأمم المتحدة ، وبالأخص أعضاء مجلس الأمن الدولي والسكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان.

قسما واسعا من الرأي العام الأمريكي والبريطاني لم يعطيا تأييدهما لشن الحرب ، وقد شاركت مئات الآلاف من الجماهير في كلا البلدين احتجاجا على الاستعدادات لها. لكن التحشيد للحرب رغم ذلك استمر ولم يتوقف ، فالقواعد العسكرية الأمريكية في أوربا والشرق الأوسط كانت مستعدة لاستقبال الطائرات والعتاد الحربي والقوات العسكرية من مختلف الأصناف انتظارا لصدور الأوامر بالزحف نحو العراق عبر الكويت والسعودية والبحرين وقطر وتركيا وقبرص والأردن وغيرها من الدول الحليفة.

وكرر الرئيس بوش الادعاءت نفسها في 6-3-2003 اسبوعان قبل بدء هجومه وغزوه لبلادنا. تلك الادعاءات لم تكن صحيحة في تلك الفترة ، فما يعرفه العالم ان العراق لم يعد يملك اسلحة خطرة ذات دمار شامل بعد أن دمرت لجان التفتيش ماعتبرته بنية تحتية لاسلحة كيماوية ونووية ، ولم يعد يشكل أي خطر لا على الولايات المتحدة ولا على جيرانه. لكن الرئيس بوش لم يكتف بترديد تلك الادعاءات فحسب ، بل اتهم العراق بتعاونه مع منظمة القاعدة الارهابية التي ثبت ايضا أن لا أساس لها من الصحة.

لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة التي زارت العراق مرات كثيرة قد أكدت خلو العراق من تلك الأسلحة ، كما أكدت السي آي أيه بتقاريرأعدتها لهذ الغرض وخرجت باستنتاجات مشابهة لتلك التي أكدتها لجان التفتيش. وقيل حينها أن تقارير السي آي أيه حول عدم امتلاك العراق أسلحة كيماوية كانت على مكتب الرئيس بوش عندما اصدر قراره ببدء الهجوم على العراق. فاذا ثبت ان اتهام الرئيس الأمريكي بوش للعراق غير صحيح فلماذا تحارب الولايات المتحدة العراق..؟

في محاولة للبحث عن الاجابة الشافية عن هذا التساؤل سنستعرض آراء عدد من الصحفيين والمحللين السياسيين المتخصصين وأعضاء في مجلسي الكونغرس الأمريكي وجنرالات عسكريين سابقين لنتقاسم والقارئ العزيز المعرفة بالحقيقة الكامنة وراء الحرب على العراق. فللسناتور أيرنست هولينغ الضليع بالسياسة الخارجية الأمريكة رأيا مغايرا قال فيه : (5 )
" أن الولايات المتحدة قد غزت العراق من أجل طمأنة اسرائيل ". وقد سمى السيناتور هولينغ ثلاثة من أكبر المؤثرين اليهود لموالين لاسرائيل الذين لعبوا دورا مهما في دفع الادارة الأمريكية لشن الحرب على العراق. وهم ريجارد بيرل عضو مجلس السياسات الدفاعية في وزارة الدفاع ، وبول ولفوفيتز وكيل وزير الدفاع ، وجارلس كراوثامر كاتب وصحفي."

وقد تحدث الجنرال الأمريكي المتقاعد وأحد القادة العسكريين السابقين للناتو ويسلي كلارك في مقابلة له مع لجنة رفيعة المستوى من أحد عشر عضوا من مجلس الكونغرس تمت قبل أشهر من توقيت شن الحرب على العراق حيث قال: (6) " أولئك المؤيدون لمهاجمة العراق يقولون لك شخصيا انها حقيقة بان صدام لا يشكل تهديدا للولايات المتحدة ، لكنهم يخشون الى حد ما بأنه ربما يهاجم اسرائيل باسلحة نووية."

وعندما وجه السؤال للسيد صاموئيل فرانس الكاتب والصحفي الأمريكي المرموق عن دور المحافظين الجدد في قرارات ادارة الرئيس بوش في شن الحرب على العراق رد قائلا: (7)
" الكذبة بأن التسلح العراقي يشكل خطرا وشيكا على الولايات المتحدة هي فبركة من قبل المحافظين الجدد في الادارة الأمريكية الموالين لاسرائيل. اولئك المحافظون يعتبرون اسرائيل ومصالحها أولوية في سياسة الولايات المتحدة ، وسعوا من اجل قيام الولايات المتحدة بمهاجمة العراق لانه يشكل اعظم تهديد لاسرائيل في المنطقة. وانهم معروفون بسعيهم لشن الحرب منذ عام 1996، لكنهم لم يكونوا قادرين على تسويغ ذلك الا بعد احداث 9-11 - 2001. لقد استخدموا تلك الفاجعة للدفع بالادارة الأمريكية لوضع أجندتهم موضع التنفيذ وقد حصلوا على تأييد الحكومة الاسرائيلية التي قامت بالضغط على البيت الأبيض لمهاجمة العراق."

وفي تقرير لمراسل صحيفة الغارديان البريطانية في اسرائيل جوناثان ستيل كتب فيه قائلا : (8)
" كشفت اسرائيل عن قرارها لتشكيل ضغط عام على الرئيس بوش للسير قدما في مهاجمة العراق ، وهي تعتقد أن صدام حسين ربما يقوم بمهاجمة اسرائيل".

وتعتبر وكالة الاستخبارات الاسرائيلية شريكا لكل من أمريكا وبريطانيا لاصدار والمبالغة في قدرة العراق لشن الحرب. وان الاستخبارات الاسرائيلية زودت ولعبت دورا مهما لدعم قضية أمريكا وبريطانيا بشن الحرب ، وقد قيمت بشكل سيئ ومبالغ فيه التهديد العراقي لاسرائيل ، ودعم المعتقد الامريكي والبريطاني بان الاسلحة العراقية للدمار الشامل حقيقة.(9)

ولعضو الكنيسيت الاسرائيلي لعدة دورات والحائز على عدة جوائز في مجال الصحافة أوري أفنيري رأيه في الحرب على العراق ، واصفا اياها بكونها تعبيرا عن التأثير والقوة لليهود في الولايات المتحدة . وتسائل : من هم الفائزون..؟ ويجيب هو نفسه : (10)

" انهم مجموعة المحافظين الجدد الذين كل أعضائها من اليهود ، يحتلون مواقع مهمة في ادارة الرئيس بوش الذين لعبوا دورا في صياغة سياسة الولايات المتحدة والـتأثير على أهم الصحف فيها. انهم قريبين من اليمين المسيحي المتطرف الذي يسيطر على الحزب الجمهوري الأمريكي. وكما يظهر ، ان كل ذلك جيد بالنسبة لاسرائيل ، أمريكا تسيطر على العالم نحن نسيطر على أمريكا. لم يحصل في السابق أن يحقق اليهود هذا التفوق على مركز القوة في العالم."

لكن لابد من التساؤل ، كيف للدائرة المتطرفة المحيطة ببوش أن تأخذ الولايات المتحدة الى حرب لا أحد غيره يريدها..؟ لعل العامل المهم في هذا هو التحالف الواسع بين اليمين المتطرف الجديد وجزء واسعا من اللوبي الصهيوني ، واليمين المسيحي الصهيوني ، الحركة التي تؤمن بان الكتاب " The Bible " جعلهم يعتقدون بان المسيح سيعود للظهور فقط عندما يتمكن اليهود استعادة كامل الأرض الموعودة ، وان الاسلام دين شرير وهمجي." (14)


الرفض العراقي للحرب أولا ولاحقا للاحتلال ومشاريعه كان واضحا منذ العام الأول لحدوثه ، وبخاصة عندما اكتشفت جماهير شعبنا الأهداف الأمريكية الحقيقية من وراء حرب تحريرالعراق. وكان للسلوك الهمجي للقوات الأمريكية تجاه المواطنين البسطاء العراقيين ، والعقاب الجماعي والاعتقالات العشوائية ، والاذلال اليومي للمعتقلين بدون تمييز قد ألهب مشاعر الغضب ضد القوات العسكرية لقوى التحالف وخاصة الأمريكية منها المصنفة باعتبارها الأكثر عدوانية وقسوة وانتهاكا لحقوق الانسان العراقي.
علي الأسدي - يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة - لبنان بعد اغتيال نصر الله • فرانس 24 / FRANCE


.. عاجل | نتنياهو: مقتل نصر الله سيغير موازين القوى لسنوات في ا




.. بدأت باختراق تردداته.. إسرائيل ترسل رسائل مبطنة باستهداف مطا


.. نتنياهو: تصفية نصر الله هي الشرط الأساسي لعودة مواطنينا إلى




.. موازين | الاحتلال وحق مقاومته