الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أميركا و الأصولية

سلامة كيلة

2005 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


منذ الحادي عشر من أيلول سنة 2001، و الحرب الأميركية في العالم تدور تحت عنوان " الحرب ضد الإرهاب "، الذي تحدَّد في الأصولية الإسلامية. و البديل الأميركي كما هو مطروح هو " الديمقراطية و الحرية ". و في إطار ذلك خاضت الدولة الأميركية حروباً، و إحتلت دولاً، و نشرت جيوشها في مناطق واسعة.
و إذا كانت الحركة الأصولية قد تحالفت منذ البدء مع " الغرب "، تحت مبدأ محاربة الإلحاد الذي يشمل كل الإتجاهات العلمانية و القومية و الإشتراكية. فقد دعمت الدولة الأميركية هذه الحركات، و تفاعلت معها طيلة عقود. و حينما تورّط السوفييت في أفغانستان دفعت لتأسيس " الحركات الجهادية "، و درّبتها بعد أن فرضت على الدول النفطية تغطية تكاليف نشاطها، و مدّها بالمجاهدين. و كان الشعار العام هو " تحالف الإيمان ضد الإلحاد ".
و بعد إنسحاب السوفييت و إنهيار الإتحاد السوفييتي، يقال أنها تخلّت عن المجاهدين، و من ثَمّ صعّدت من التأكيد على خطر " الأصولية الإسلامية ". و كانت سنوات التسعينات هي سنوات الإشارة المضطردة لتنامي " الخطر الأصولي ". و في الوقت الذي ظلّت فيه تدعم الأصولية في الجزائر و الشيشان، كانت تشير إلى خطر بن لادن و تنظيم القاعدة.
و بعد الحادي عشر من أيلول أعلنت " الحرب ضد الإرهاب "، و بدأت بمطاردة المنظمات الأصولية في العديد من دول العالم، من أفغانستان إلى إندونيسيا و الفلبين و اليمن و الصومال. و لم يُشر إلى تنظيمات غير إسلامية إلا بهدف التعمية و اللفلفة.
لهذا يبدو و كأن الدولة الأميركية حاملة لمشروع حداثيٍّ كبير. و أنها باتت تضيق ذرعاً بحليفها الأصولي القديم. و أن عولمتها تفرض أن تتعمّم الديمقراطية و تنتشر الحرية ( أي حرية إقتصاد السوق ). و من ثَمّ أنها تسعى لكنس البنى التقليدية التي باتت عتيقة، من أجل مدنية حديثة.
لكن سنلحظ بأن " الحرب على الإرهاب " التي تخوضها، و التي تقول أنها تسعى لبناء أنظمة ديمقراطية في الدول التي تحتلّها و التي لا تحتلّها عبر الضغط و التخويف. أن هذه الحرب لها هدف أساسيّ هو تمكين ما تسميه: الأغلبية الإسلامية المعتدلة. بمعنى أن الديمقراطية التي تُفهم هنا حكم الأكثرية بالمعنى الديني و ليس بالمعنى السياسي، هي تلك التي تعيد تكريس البنى التقليدية و الحركة الأصولية، و إن بات يُلصق بها تعبير: المعتدلة. لقد كان بن لادن معتدلاً و هو يحارب " الكفر "، و كان الطالبان معتدلون و هم يسعون لترتيب وضع أفغانستان من أجل ضمان مدّ خط أنابيب النفط من بحر قزوين إلى المحيط الهندي.
و الآن يجري التحضير لأشكال أصولية أخرى كي تحكم. في العراق يجب أن تحكم أصولية شيعية. و في سوريا سنية. و هكذا في مصر ودول أخرى. كما يجب أن تتمايز الطوائف و الأديان لتشكّل كل كتلة " إقليماً " يحظى بإستقلالية في إطار بات يقوم على الفدرالية، التي تحوّلت من شكل لتنظيم العلاقات الإدارية داخل الدولة، إلى علاقة بين قبائل و طوائف و أديان و إثنيات. و في كل منها تهيمن " أغلبية " ما، هي في الواقع أصولية.
و بالتالي فإن " الحرب على الإرهاب " هي من أجل إنتصار الأصولية، و ليس من أجل الديمقراطية و الحرية. لأن إنتشار الأصولية، و ربط النشاط السياسي بالطوائف و الأديان و الإثنيات لا يبقي مكاناً للقوى الديمقراطية و القومية و الماركسية. إضافة إلى أنه يلغي أساس الديمقراطية الذي هو مبدأ المواطنة.
المشروع الأميركي ، الذي يُقاد من أصوليي المحافظين الجدد، يسعى لتعميم الأصولية و ليس إلى إجتثاثها. إنه يطرح إجتثاث البعث لكنه لا يطرح إجتثاث الأصولية، لأنه أصولي و يسعى لتعميمها. خصوصاً أن برنامج الأصولية الإقتصادي لا يتناقض مع رؤية الرأسمال لوضع الأطراف، حيث سيادة الإقتصاد الطفيلي الذي يعتمد على التجارة و ينفتح لنشاط الشركات الإحتكارية، و يلغي أي دور للدولة في التطوير الإقتصادي. و في المستوى السياسي الإجتماعي يكرّس الإستبداد الشامل، أي الذي يكرّس كل الموروث المتخلّف، و يكون سدّاً أمام الأفكار الديمقراطية و العلمانية و الإشتراكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة